31 December 2005

! سيدي الرئيس



سيدي الرئيس
شكرا لاهتمامك
كانت ستمسي ليلة سخيفة
لو انهم ظلوا هناك بوجوههم السوداء ..
و رائحتهم التي لا تطاق ..
المخمورون
المصابون بالإيدز
و خمورهم الرديئة
و ثيابهم الرثة !


كل شيء سيدي يهون
حتي لو خمسين قتيلا
.. الا بهجة ليلة رأس السنة !

سيدي الرئيس
نخب الإنسان !
Happy New Year!






23 December 2005

" ماشي الحال "

يري " هانز يوناس " أن الوجود أفضل بما لانهاية من اللا وجود , و يتخذ من ذلك منطلقا لفلسفته الأخلاقية الداعية الي الفعل بما يحفظ الوجود الإنساني الآني و استمراره في المستقبل .
بقدر من التلفيق الفلسفي الشائع في الفكر العربي يمكن أن أبرر لنفسي - وفق يوناس – احتفالي اليوم بذكري ميلادي ( بداية وجودي ) باعتبار ان ذلك كان حدثا نقلني الي حالة افضل بما لا نهاية.
في الجملة الأخيرة تحديدا , يبدو تلفيق يوناس هو الآخر واضحا ...فلا أحد كان موجودا أو سوف يكون في حالة اللا وجود – أو حتي يمكنه تخيل ذلك - ليمكنه ان يحكم علي هذه المقارنة .
و لكن علي كل حال انا موجود الأن و أنتم موجودون , و بغض النظر هل ذلك فعلا أفضل أم لا , أو أفضل من ماذا , فــ " ماشي الحال " بدون " يوناس " أو غيره .

بدا لي الأمر طريفا لو أني كنت قد تناولت فلسفة يوناس و قمت بانتقادها علي هذا النحو في اختبار " فلسفة الأخلاق " أمس . إلا إني لم أفعل و فضلت أن أتناول فلسفة " إيمانويل ليفيناس " لما بها من طرافة و ما تثيره لدي من ذكريات ... فـ" ليفيناس " يري أن تجربة وجه الآخر هي مصدر الشعور الأخلاقي ...فوجه الأخر عند " ليفيناس " هو مظهر وجوده الذي يثير فيك المسئولية عنه و تجاهه .... ربما هذا ما حدث لي قبل أكثر من عام في حديقة معهد جوته .. وجه
رضوي و هي تقرا لي قصيدة الشاعر عبد الحميد عبد الهادي عن ولده آثر , قررت أن تقرأها لي بلا سبب مفهوم سوي أنها تذكرتها , و أمام تعابير وجهها و هي تقرأ القصيدة بانفعال , أدركت أني أمام واحد أخر- غيري - من " أبناء الله المدللين " – سوف أحدثكم عنهم فيما بعد - و تلقائيا شعرت بتلك المسئولية التي يتحدث عنها " ليفيناس " فدعوتها علي آيس كريم ثم خطبتها ثم أوقفت لها تاكسيا و ودعتها ثم رجعت الي البيت و نمت .

هل كان هذا فعلا من أفعال المسئولية ...تبدو أفعال
رضوي مصداقا أكثر لأفكار " ليفيناس " فهي من ساعتها تعتني بي عناية كاملة و تظهر نحوي مسئولية " أمومية " نادرة تجعلني خجلا من أخلاقي الفلسفية " الباردة " .

رضوي أهدتني اليوم السيرة الذاتية لإدوارد سعيد " خارج المكان " , لا تعرف الي اي حد مسني ذلك , فبالاضافة أني كنت أكن ودا عميقا علي البعد للراحل إدوارد سعيد كانسان , فانا متيم بشكل كامل بالنموذج الذي كانه كمثقف .
كم أن هذه العبارة " خارج المكان " – يا الله – ...لا شيء يعبر عن " مكاني " أكثر منها .
يوم أمس في الاختبار.. تلك الدكة في طرقة قسم الفلسفة , بدت لي تحديدا مكاني الذي أريده ...حين امتشقت كل ما لدي من حاسة تحليلية نقدية و أخذت أرصد العلاقة بين فلسفة كانط الأخلاقية و بين مثيلتها عند يورجن هابرماس ...أيه متعة تلك التي جعلتني أتناسي عاقبة من يجرؤ علي الاجتهاد في جامعات مصر المحروسة هذه الأيام ... لا يهم ..تكفي جدا تلك اللحظات التي استمتع فيها بكوني محلا للمسائلة والاستجواب الفلسفي .
هل هذا فعلا مكاني علي الأرض أم أني خارج المكان ...مكتوب بجوار اسمي ذلك التوصيف العجيب ( طالب نظامي / منتسب / مؤهلات عليا ) ..لا تسألني عن ذلك التناقض بين نظامي و منتسب ..اسأل الفلاسفة الذين في شئون الطلبة .
هل مكاني هو مكان اسمي الموجود وحده في ورقة منفصلة تحت هذا التوصيف , و بحذائه رقم جلوسي ...الرقم الأخير في القائمة و الطرقة.
هل مكاني هو مكان اسمي - لم لا - فوق لافتة من تلك اللافتات المعلقة علي يمين و يسار طرقة القسم و التي تحمل - بجانب أسماء لها قدرها - أسماء بعض الموظفين علي درجة أستاذ فلسفة .
أم مكاني هو ذلك الذي يحتله اسمي بعد كلمة مهندس أسفل يمين اللوحات التي تحمل تصميماتي الانشائية .
أم هو ذلك الذي يحتله اسمي أحيانا تحت بعض كلمات تشغل حيزا من صفحات جريدة أو مجلة .
أم هو مكان اسمي تحت كلماتي هذه هنا و حسب !

لم يكفني ربع قرن من التسكع و المراوحة و التجريب ... لذا احتجت " يوناس " لابرر احتفالي بذكري ميلادي مع رضوي التي أصرت علي ذلك ... بينما أري أنا في تلك الذكري معاني النفاذ و الفوت و الانقضاء و الأيام المبعثرة... و أري معهم ذكري طموحات كبيرة معلقة و آلاف الكلمات و الأفكار و الاحلام و الخطط و التوقعات و التحولات و الخيبات و المراوحات ثم معاودة الكرة مرة تلو أخري و..........." ماشي الحال " .


الأكثر تعبيرا عما أشعر به اليوم في إيجاز فلسفي غير مخل – دعك من يوناس و ليفيناس و كانط و هابرماس - هو, في الحقيقة , خالد الذكر" عمرو دياب " الذي فاجأني اليوم بأدائه شديد الايحاء لمقطع من أغنية هزلية
له .. اعتبرت ذلك موجها لي بشكل خاص , حين قال باسما و هو يرفع رأسه قليلا في منتصف جملته :
" كل سنة بقي و انت طيب ! "


-------------------------------------


هوامش :
- " ماشي الحال " : الفلسفة المصرية الأكثر أصالة .
- صورة متفلسفة لي بدون مناسبة ... يمكن أن تفيد في حال اضطر المدونون للتضامن معي لاحقا لأي سبب .
- المقطع المذكورلصاحبه من أغنية
" معاك بجد " من آخر عبوة غنائية له .
" كل سنة و انت طيب " : وجه آخر للفلسفة المصرية الأكثر أصالة
.

10 December 2005

! إلي آبائنا الذين في المباحث



رغم ما يتردد من أن الدولة في مصر أزالت كل الحساسيات الدينية بين المصريين , لانها " طلعت أديانهم " و " كفرت أيمانهم " جميعا .... إلا ان وزارة الداخلية تكذب هذه الأنباء و تري أن ذ لك لم يحدث بعد , لذا فحتي الحين الذي يتم فيه ذلك بشكل كامل , فهي تتبني وجهة النظر القائلة ان الدين علاقة شخصية و خاصة جدا جدا بين الفرد و جهاز أمن الدولة ... و تحديدا ادارتين خاصتين في هذا الجهاز : ادراة لمكافحة الأسلمة و ادارة لمكافحة التنصير...و هذه الأسماء ليست رسمية بالطبع .
هاتان الاداراتان برز دورهما مؤخرا علي خلفية الفتن التي اشتعلت بعد ما جري من محاولات فتيات و سيدات الانتقال ذهابا أو إيابا بين الإسلام و المسيحية ..( لا أدري لماذا كلهن من النساء ؟ )
يمكن الآن أن نفهم علي أية خلفية تم القبض علي الصحفي أبي إسلام أحمد عبد الله . فهو يدير مركزا يسمي " مركز التنوير الاسلامي " , و نشاطه هو دراسة مقارنة الأديان ( بغرض الدعوة للإسلام و الرد علي الأديان الأخري ) علي أيدي متخصصين من رجال الأزهر و أساتذة دار العلوم و بعض المتخصصين الآخرين من ذوي الاتجاهات الإسلامية ....و ربما يستضيف رهبانا أو قساوسة أو مفكرين مسيحيين كمحاضرين زائرين .
نشاط المركز يرجع لثلاثة أعوام ..تخرج خلالها دفعتين من الدارسين و الدفعة الثلاثة توقفت الدراسة بها احتجاجا علي اعتقال أبي اسلام ( بحسب تصريح ابنه ) أو ربما بأمر أمن الدولة و هو الأرجح .
هذا المركز أيضا يقدم أنشطة ثقافية عامة لغير الدراسين .. هذه الأنشطة تتقاطع مع أهداف شبكة بلدي علي الانترنت – التي يديرها أبو إسلام – و هذه الأهداف هي مقاومة " النصرانية و التنصير و الماسونية " و الشبكة تفتح ذراعيها –بحسب ما مذكرو بها - للمنصفين من الأقباط المصريين و تهاجم الكنائس الغربية باعتبارها صنيعة الغرب و الاستعمار.
إسلام – نجل الشيخ المعتقل - أفادنا بهذه المعلومات في زيارتنا ( أنا و مالك و سقراطة و منال و علاء ) له الثلاثاء الماضي ...و زاد أنه حدثت حالات تحول للإسلام بالمنطقة التي يقع بها المركز ,كما أن الشباب من ناشطي المركز نجحوا في ايقاف حالات تنصير في نفس المنطقة .
أظن أن الأمر أصبح واضحا بقدر ما ... ولكن سقراطة كانت مندهشة جدا يومها وهي تردد " طب و إيه المشكلة ؟ " و تحاول الاستزادة من إسلام .. و اندهشت أنا من اندهاش سقراطة ...بينما كنت مندهشا أكثر من شيء آخر ... كيف تسامحوا مع هذا المركز كل هذه المدة, بينما فلسلفتهم أن الباب الذي يأتي منه الريح ...ابن مكانه حائطا خرسانيا.
هل تسامحهم مع " المركز " – الذي أري وجوده حقا لناشطيه رغم كل شيء – يندرج تحت ما يشاع عن توجهات لارخاء الحبل لتحركات تساهم في تحجيم تحركات الأقباط المطلبية هنا و هناك و التي تتوازي مع تصاعد أنشطة الدعوة للمسيحية و الرد علي الإسلام علي الانترنت و الفضائيات .. التعامل الأمني " الرخو " مع بوادر فتنة كنيسة محرم بك –ان لم نتحدث عن أضواء خضراء أو تورط ما - يقوي من هذ التفسير ...الذي - ان صح - يشير إلي أن ألعاب التوازن البلهوانية لا زالت تجري في دماء النظام المصري الذي لم يتعظ من درس انشاء و دعم الجماعات الإسلامية في الجامعات و التي انتهت – مع تفاعلات أخري - بمقتل السادات.
و لكن ما الذي جد مؤخرا لكي يعتقل أبي إسلام ؟
هناك تفسير للأمر يرجع الاعتقال لمقالات ساخنة نشرت مؤخرا علي شبكة بلدي ترد علي زكريا بطرس ( قس الفضائيات الشهير ) بلهجة حادة و عدوانية تجاوزت بطرس لتشمل عموم المسيحيين .
و هناك تفسير آخر أخبرنا به إبنه إسلام أن ذلك حدث لأن أباه كشف أمر بعض المندسين من قبل الأمن في " المركز " و قام بطردهم ...كما رفض أبو إسلام أي تعاون مع إدراة مكافحة التنصير بأمن الدولة حول حالات تنصير تعرض لها شبانا مسلمين و نجح في عرقلتها شباب المركز من الدارسين .
و يمكن أن تقوم تفسيرات أخري بناء علي ما ذكره لنا إسلام عن شعبية أبيه بين الشباب الإسلامي و علي غرف البالتوك و انتظار كثير من الشباب لكلمته بشأن أحداث فتنة محرم بك و التي رفض فيها أبو إسلام أي مشاركة لتلاميذه في الفتنة ....و يمكن أن أضيف من عندي أن مشاركة أعداد من الشباب السلفي – لأول مرة - في تظاهرة الثلاثاء الماضي للمطالبة باطلاق أبي إسلام هو تحول نوعي في اسلوب نشاط السلفيين , المنسحبين تماما من الحياة السياسية العامة .
و هو شيء ربما ينبيء عن بدايات تبلور و ظهور مجموعات سلفية جديدة ذات ميول حركية , كما يمكن ان يكون دالا علي مدي نشاط ونفوذ إبي إسلام إنطلاقا من الانترنت و " المركز " .
بغض النظر عن سبب الاعتقال الذي يري علاء أنه من العبث البحث عنه لاننا نتعامل مع أجهزة دولة شديدة الانطوائية لذا فهي لا تعبر عن أفكارها و مشاعرها فيما يخص عدوانيتها مع المواطنين من رعاياها .. بغض النظر عن ذلك السبب ( أو الأسباب ) فإن مجموعة المدونين المذكروة أعلاه بالإضافة لآخرين .. قرروا التضامن مع أبي إسلام باعتباره ناشطا علي الانترنت , ولأن اعتقاله - بغير سند قانوني - انتهاك لحرية التعبير و لحقوق الإنسان بشكل عام.
كما أن هذه فرصة لكي يثبت المدونون حيادهم الكامل و انحيازهم فقط لحرية التعبير , فكما تضامنوا مع كريم عامر الذي اعتقل بسبب تعبيره الذي رآه الكثيرون تطاولا علي الإسلام و المسلمين ...فهم يتضامنون الآن مع أبي إسلام الذي اعتقل بسبب تعبيره الذي يراه الكثيرون أيضا تطاولا علي المسيحية و المسيحيين .



" يا آباءنا الذين في المباحث " أطلقوا سراح أبي إسلام .. و أخلوا سبيل " أبونا" و " أبو البلد" ...وهي تعمر !


08 December 2005

" ! تلك هي المسألة ... "



(1)
تصورت ان تلك اللحظات من مساء أمس , هي من تلك اللحظات الطيبة التي يجود بها أحيانا قدري السمح , و التي يجب أن تملأ أعماقي فرحا , بعضها كان كذلك بالفعل , الا إن بعضها بدا لي غير ذلك , فالتساؤلات هي التي تدفقت سيالة من روحي .

(2)
في الوقت الذي وقفت فيه في منتصف شارع عبد الخالق ثروت أمام نقابة الصحفيين رافعا لافتتي الخاصة المذيلة باسم هذه المدونة و التي تحمل عنوان
تحيتي التدوينية لنهي الزيني , كان أحد الضابط ينظم المرور قانعا بما تبقي من الطريق خاليا منا , و كلما اختبرته و تقدمت خطوات ليبدو وجه لافتتي أوضح للسيارات القادمة , يتقدم هو الآخر موجها سخطه للسيارات لتسرع في مرورها من أمامنا .
رضوي ترفع لاقتة مكتوب عليها بخطي " ارفعوا أيديكم عنا يا حثالة " تحت خبر الاعتداء علي أسماء حريز صحفية " الكرامة " ...الضباط يقرأونها مبتسمين و أيديهم في جيوبهم أو ممسكة باللاسلكي ...
و عندما اقتربت يد أحدهم مني , في شارع 26 يوليو و نحن نسير في فوضي بين صفوف السيارات السائرة أو الواقفة في الاشارة , كانت لأن ضابطا ربت علي كتفي في حنو ينبهني لأتفادي احدي السيارات معتذرا في أدب معللا ذلك الانتهاك الذي بدر منه تجاه حق التظاهر الحر في الشوارع " معلش علشان سلامتكم " .

(3)
المظاهرة كانت من أجل نهي الزيني و أسماء حريز , تضامنا مع القضاة و الصحفيين ضد انتهاكات الانتخابات ..و لكن تدريجيا تحولت المظاهرة كلها لمجاميع كومبارس خلف أعضاء الغد بلافتاتهم المطالبة بالحرية لأيمن نور الحبيس حتي السبت القادم , و خلف بعض شباب الإسلاميين الرافعين صور
" أبي إسلام أحمد عبد الله " الصحفي المختطف لأجل غير مسمي ...شعارات كفاية الفضفاضة توارت معالمها و تلبستها أرواحا أخري علي خلفية تلك اللافتات التي ترفع صور و اسمي الثنائي الحبيس .. و التي تجاوزت أعدادها أعداد لافتات الدعوة الأساسية للمظاهرة .. لم تفلح الهتافات التي تهتف بالحرية للجميع في تجاوز هذا المازق .....شيء أشبه بأن يعتلي أحدهم كتفك رغما عنك و يهتف....
في شارع رمسيس نحتل نصف الطريق فقط ... جميلة اسماعيل " تنشق " عنا و تأمر شباب الغد باحتلال النصف الآخر بلافتة برتقالية عريضة يتصدرها اسم زوجها , تتجاهل اعتراضات الضباط المهذبة جدا , و نفير السيارات الغاضب المزعج .
يتحول الألف متظاهر - تقريبا - لنثار من السائرين بلافتات أو بدون , يهتفون أو يراقبون في صمت , افراد علي الرصيف و آخرون بين السيارات , بعضهم يثرثر ضاحكا و اخرون يتناقشون بجدية – في خضم هذا الصخب - حول إشكاليات الديمقراطية و التغيير .
بعد جولتين في شوارع وسط البلد ,عودة الي نقابة الصحفيين .
الأمن رافقنا في الجولتين و كان في منتهي الرقة مما استفز بعض الشباب الذين ضخموا من بعض الأمور (اصطدام غير مقصود أو احتكاك طفيف ) محاولين تسخين الجو.
هذا التسامح لا يبدو طبيعيا .

(4)
اللحظات الطيبة بالفعل.
قمة تدوينية مصغرة في النادي اليوناني ...
التقطني
عمرو غربية في نهاية المظاهرة و عرفني علي مالك و جين و توجهنا الي النادي و هناك انضم الينا منال و علاء ثم نورا يونس .
بعد فاصل لذيذ من الدردشة و المزاح , توجهنا – عدا
نورا و عمرو غربية – الي منزل أبي إسلام أحمد عبد الله لمقابلة ابنه إسلام (و هذه قصة أخري )
بعد اللقاء عودة الي مقهي البورصة ...
عمرو غربية و محمود توفيق ينضمان الينا بعد لقاء حضراه حول " تطوير " حركة كفاية.
عمرو – باسما - ينقل لنا اشكالية اللقاء الرئيسية : هل
حركة كفاية " بوتقة " تصهر ناشطيها بمختلف اتجاهاتهم, أم أنها " قفة " – أي و الله – يجتمعون فيها مع حفاظ كل ناشط علي كيانه و اتجاهه الخاص .

(5)
سأحاول أن أدلي بدلوي في الاشكالية السابقة " بوتقة أم قفة ؟ " , علي خلفية تلك اللحظات التي قضيتها متظاهرا و التبست علي ّ , أهي لحظات طيبة ام غير ذلك .
مؤكد أنكم منذ قليل علمتم ما فعل الحثالة في اعادة الجولة الثالثة من الانتخابات .
هم حثالة بالفعل حتي ولو ظللنا نطوف وسط البلد حتي الصباح برفقة زملائهم .
تسامحهم معنا اذن ليس الا سحبا لتنظيمهم المجاني لنا بالكردونات و صفوف الجنود.. ليس الا سحبا لفرص كادرات جذابة تجمع المناضلين مع جنود الطاغية .. يتركوننا في مواجهة فوضانا ... و لم لا ؟ ... نحن نخوض معركة افتراضية في شارع لا يعرفنا جيدا ... بعض قائدي السيارات و المارة يظنون أننا جميعا أنصار أيمن نور ...و آخرون لا يعرفون عما يحدث سوي كلمة" كفاية " ... لا أحد تقريبا يعرف نهي الزيني و لا ما فعلت ... اللافتة التي حملتها كانت بلا معني سوي للزملاء المتظاهرين .
وجوه الحثالة تظهر جيدا هناك حيث المعركة الحقيقية عندما تجاوزالاخوان توقعات أصحاب الفكر الجديد , و تجاوزت مقاعدهم عدد المقاعد المرسومة في الديكور الديمقراطي .
" بوتقة أم قفة ؟ "
فلنخرج من هذه الثنائية و لنفتح أفقا أرحب و أكثر شاعرية للسؤال .
هل كفاية " وردة" في عروة السترة الديمقراطية...التي يعدل النظام من هندامها مخفيا في " الصديري " الطبنجة لوقت الجد ...
أم هي " علم " ننصبه و نتظاهر حوله غاضبين كلما جد جديد , سواء تجمعت حولنا حشود الحثالة أم لم تتجمع ؟
" وردة أم علم ؟ " تبدو الإشكالية الآن أكثر شاعرية !

(6)
ليست أعراضا مرضية أن يطمئنني رد الفعل العنيف و يقلقني التسامح الزائف .
النشوة العابرة و أنت تسير حرا تهتف , يجب أن تتحول لغصة عندما تسمع الآن عن اعداد القتلي أمام لجان الانتخاب .. و أعداد معتقلي الأخوان في الدوائر الساخنة ... و تقرأ عن انتهاكات فاضحة في دائرة حمدين صباحي ...و عن اهانة القضاة غير المنبطحين .
لذا فرغم تعاطفي الشديد و غضبي لما حدث في امبابة الأسبوع الماضي , من طعن شاب بعد خروجه من مركز " تضامن " أهل امبابة ( مقر كمال خليل الانتخابي سابقا ) , و الذي أدي لاصابة بالغة في فخذه التئمت بثماني عشر غرزة ,الا ان تذكري لذلك أعاد لي بعضا من الأمل أن هناك تهديدا ما, يشكله قطاع من حركة التغيير قرر التحرك بشكل مختلف , و تحركه استوجب ردا و ارهابا و سفورا للوجوه القبيحة ..
ربما تكون أجمل اللحظات من مساء أمس علي الإطلاق , عندما التقيت الشاب المصاب في المظاهرة " يزكّ " علي ساقه المصابة .
ذلك الذي ملأ أعماقي فرحا و أملا .


" كــَمَنـْجَة بدَقــْـن "



أخيرا ... و بعد مناوشات بيننا كادت أن تتطور إلي اشتباكات بالأيدي , رضخ شاعري المفضل و الكسول , لأمري , و افتتح مدونته منذ أيام ...
مدونة ( نور ) لصاحبها أخي الأوسط محمود ( قريبا ... يأتيكم الأصغر و الأخير من آل عزت ان شاء الله )
http://nournour.blogspot.com
محمود دون قصائدا عامية في البداية كنوع من السلامات المرحة ...... انتظروا له أيضا كوارث فصحي .
و لمن هو في عجلة من امره, ابحث في مجلة " أفق " الالكترونية أو ملتقي الأدب العربي .
من أعجبه منكم شعره , فعليه بتعليقات شديدة اللهجة أو رسائل تهديد لكي يواصل تدوينه بشكل منتظم .

25 November 2005

! استقيموا " خلفها " يرحمكم الله



في قعر الصفحة الأولي من " المصري اليوم " الخميس 24-11-2005 :
انبري صاحبا الفضيلة شيخ الأزهر و مفتي الديار و آخرون يتجادلون حول جواز تولي المرأة الإمامة العظمي أو رئاسة الدولة ..
ليس لأن الأمر في حد ذاته خطير لا قدر الله , و لكن لأن الأمر يترتب عليه ما هو أخطر و أفدح : جواز تولي المراة " الإمامة الصغري " للرجال في الصلاة !

في قمة نفس الصفحة من نفس العدد :
المستشارة الدكتورة نهي الزيني نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية , تتعدي رقاب الصامتين و تقف وحدها أمام الصفوف , لتدلي بشهادتها عن تزييف إرادة الناخبين في دائرة بندر دمنهور لصالح مرشح الحزب الوطني د.مصطفي الفقي , بأوامر من جهات " عليا " و فوق الانبطاح القضائي الكامل !

في نفس المكان من العدد التالي من " المصري اليوم " الجمعة 25-11-2005 :
137 قاضيا - من مجموع 160 قاضيا من مشرفي لجان نفس الدائرة - يصطفون خلف د.نهي يؤيدون شهادتها و يأتمون بكلمتها .... الكتف في الكتف و القدم في القدم و النظر موضع السجود !

أيها المؤمنون ..
لا يتخلف عن أداء فرض الوقت خلف د.نهي إلا منبطح يلزمه الغسل أو كافر بهذا الوطن .
استقيموا " خلفها " يرحمكم الله !

17 November 2005

! الحزب الوطني في إمبابة : خلافات عائلية و محاولة انتحار



مبكرا جدا صباح يوم الاعادة توجهت الي لجنتي الانتخابية و ملأت كل فراغات ورقة الاقتراع بعبارات احتجاجية متجاهلا أسماء رباعي الحزب الوطني المتنافس علي مقعدي إمبابة
رئيس اللجنة يعاتبني و أنا أضع الورقة في الصندوق " ينفع اللي عملتوه ده في الفرز ؟"
(رغم أنني كنت نائما وقتها )
- " يرضيك انت اللي حصل ؟ "
- "كل شيء كان تمام و الله "
" ما دام كده يبقي ماينفعش صحيح ... سلام "

في صباح اليوم التالي بعد اعلان فوز مرشحا الوطني الرسميين علي الآخرَين المنشقٌين ...تنفجر ابتهاجا ماسورة مياه عمومية في أكبر شوارع أرض الجمعية (محل اقامة مرشح الفئات رجل الخدمات) و يغرق الشارع في المياه التي تركت البيوت حتي المساء و احتفلت بالتدفق في الشوارع
لا أدري هل حدث شيء مماثل في المعتمدية ( معقل مرشح الوطني العمال ) ام لا !

يهاتفني عمرو غربية في العمل و يسألني عن تفاصيل حريق مقر الحزب الوطني بامبابة
لم أعرف بذلك الا منه ...كنت أمس في السينما ثم في عرض مسرحي بالساقية ( استراحة المحارب !) و عدت متأخرا

مساء أمس في مقر كمال خليل يحكي لنا شاب بعض التفاصيل ..
الشاب يسكن في منطقة نفوذ المرشح طارق سعيد حسانين المتحالف مع عبد المنعم عمارة (المنشقين عن الوطني) و تتبع انصارهما الي لجنة الفرز بانتظار اعلان النتائج , و انتظر حتي خرج مندوبون عنهما يزفون نبا فوزهما علي مرشحي الوطني قبل انتهاء فرز آخر صندوق من منطقة الكيت كات (منطقة نفوذ التحالف المنشق بحسب الشاب )
الا ان من بقي بالداخل فؤجيء - بحسب روايتهم للشاب - بابطال أكثر من 2500 صوت من الاصوات المؤيدة لحسانين و عمارة و تسجيل 500 صوتا لاسماعيل هلال ليتصدر النتائج بـ 12000صوت و هو الذي حاز في الجولة الاولي 6500 صوتا فقط
و تبعه وليد المليجي بـ 10000 صوت و هو الذي تصدر الجولة الاولي , ثم الخاسران ب 9000 صوت لكل منهما تقريبا
أنصار حسانين و عمارة تظاهروا احتجاجا و اشتبكوا مع قوات الأمن المركزي و هتفوا ضد مبارك " ** أمك يا حسني " و استعاروا هتافات كمال خليل ضد الحزب الوطني " أحلف بسماها و بترابها ..الحزب الوطني اللي خربها " , " باسم سبعة مليون عاطل ...كل الحزب الوطني باطل "
(هؤلاء الانصار كانوا سيصبحون انصارا للوطني " الباطل و اللي خربها " لو اختار الحزب مرشحيهم لخوض الانتخابات !)
انطلق الغاضبون يتصدرهم - بحسب شهود آخرين - بلطجية و شباب " مبرشم " نصف عار ....و احرقوا مقر شياخة الحزب الوطني في ميدان التروللي (و هو حجرة حقيرة متواضعة لا تزيد مساحتها عن 8 أمتار مربعة و ليست مقرا يعتد به ...اللهم الا من الناحية الرمزية) باستخدام زجاجات المولوتوف


و حطموا لافتات مبايعة اسماعيل هلال لمبارك و لافتات الحزب الوطني المؤيدة لمرشحيه
و هناك أنباء عن خسائر طفيفة في واجهة المقر الرئيسي للحزب الوطني بالكيت كات
أنصار عمارة - الذي يخسر للمرة الرابعة علي التوالي - احتلوا الصدارة في هذه الأحداث ...و عمارة نفسه قدم عدة مشاهد مثيرة نقلها لي صديق
في احداها روي أنه اخرج مسدسه و هدد بالانتحار فهتف انصاره بانهم فداؤه و الموت لاسماعيل هلال ...فاقسم غير حانث انه سينشر رجاله في كل مناطق نفوذه الذين سيكونون علي أهبة الاستعداد لقتل هلال في حالة اقترابه من هذه المناطق
- نقلا عن قيادات بالوطني ان افرادا من المخابرات انتشروا في شوارع امبابة و قوات غفيرة كانت علي استعداد في حال تطورت الامور -
المثير في الامر ان رجال الحزب الوطني في امبابة منفسمون بين مذعور مؤيد لاسماعيل هلال و بين شامت مؤيد للخاسرين أو لآخرين في الحزب خسروا كمستقلين امامه الدورتين الماضيتين .
هلال خرج في حراسة مشددة من مقر لجنة الفرز و طوال مساء يوم الفرز و الصباح التالي انتشرت سيارات انصار عبد المنعم عمارة التي يقودها البلطجية و هتفت " شمال يمين ..** أمك يا اسماعين ! "
هذه السيارت طافت حول محل اقامة هلال وسط ضحك و سخرية افراد الحراسة امام منزل هلال الذي أشك في تواجده به ..في الغالب هو في الاسماعيلية حيث ناخبيه الأوفياء !

ختاما ...أهالي إمبابة يطمئنون الشعب المصري , و يؤكدون ان امبابة هي موطن الأمن و السلام ,و ان ما حدث لا يعدو كونه خلافات عائلية داخل الأسرة الواحدة للحزب الوطني ...و ان الحريق الذي طال مقر هذه الاسرة المتواضع ليس الا فائضا من " الخراب " نتج عن وجود اربعة مرشحين من اعضاء الحزب في دائرة واحدة..
مما اخل بالتوازن الطبيعي و كسر احتكار البلطجة و التزوير .. و أدي للاحداث المؤسفة .
تلك التي استغلتها صحف المعارضة و بعض المحطات الاعلامية و موهت الخبر و وصفت من قاموا بالشغب بـ "متظاهرين غاضبين " , وهو ما قد يوحي أنهم من المعارضين أو أنها انتفاضة شعبية .
أهالي امبابة يستنكرون هذه التغطية الاعلامية المغرضة التي تشوه صورة امبابة في العالم المتحضر ..و يناشدون كبير العائلة التدخل للحد من خلافات عائلته المحترمة ... أوعلي الأقل حصرها داخل حدود مقرات العائلة , لعل حرائقا أكبر تفي بالغرض !

12 November 2005

9/11/2005



(1)
قبل الثامنة صباحا بقليل ...اقف علي باب المدرسة / اللجنة الانتخابية منتظرا الزملاء و التوكيل الخاص بي لاكون مندوبا عن كمال خليل..
معي زجاجة مياه معدنية و قلم و اجندة و مختارات من محمود درويش ..من باب الاحتياط
مقهي يقع مباشرة أمام باب المدرسة ...تيسيرا علي الطلبة و للحد من كثافة الفصول !
علي المقهي رجال يرتدون " قبعات " عليها اسم مرشح الوطني لمقعد الفئات
يبدو ان المقهي محجوز اليوم لـ "فعاليات الانتخابات "
اجد أحد جيراني ( حديث التخرج ) معهم علي المقهي ...بعد السلام يسألني :
-ايه يا عمرو انت بتعمل ايه هنا ؟
- مندوب لكمال خليل
- قريبك و لا ايه ؟
- لا
-امال ايه ؟
- لانه أولا مرشح المعارضة و حركة التغيير و ثانيا لانه رجل محترم و أفكاره محترمة و تاريخه محترم و باحاول اسانده
- طب ايه حكاية البنات اللي معاه دول ...جابهم منين ؟
- دول شباب متطوعين ..ما بيتجابوش ...و انت بتعمل ايه هنا ؟
- انا في الحزب الوطني بقالي فترة
( آخر تحديث علمته لاهتماماته بالاضافة للبنات و ماركات الجينز انه يبحث عن وظيفة )
- (مقررا مناوشته ) و انت بقي تبع الحرس القديم و لا تبع الفكر الجديد
- مين دول يا عم ....انا في الحزب الوطني بس ...و بعدين انا لسه جديد!
-ما عرفش انك مهتم بالسياسة
-يعني شوية ... و كمان أصلي بصراحة بادور علي شغل و امي كلمت اسماعيل هلال(مرشح الوطني) و هيشوفلي حاجة ...فقلت ابقي في الحزب معاه .. و ربنا يسهل

أجد جارا آخر ...و لكنه هذه المرة وكيل عام لمرشح الوطني ..
حوار مشابه و بعد نبش " أصل جدي (كبير العائلة) ظبط مع اسماعيل ....و احنا مع جدي و كله مصلحة في الآخر لما يكسب ان شاء الله "

(2)
في مدخل المدرسة بجوار لجنة الاقتراع ,يجلس علي دكك من الفصول رجال و سيدات ,كلهم يرتدون "قبعات" الوطني و معهم كشوف انتخابية و بطاقات الحزب الوطني الشهيرة المخصصة لتسجيل ارقام قيد الناخبين كنوع من الدعاية
أدخل الي الفصل المخصص كلجنة اقتراع , أسلم علي رئيس اللجنة و اقدم له نفسي و التوكيل
- م /عمرو عزت مندوب المرشح كمال خليل
يرحب بي باحترام محافظا علي لقب "باشمهندس " و يسألني " هاتدلي بصوتك طبعا ؟ "
- طبعا
أسلمه البطاقة الانتخابية و آخذ ورقة الاقتراع ...أذهب نحو الستار
الستار مثبت علي الحائط (لا يوجد له خلف ) و تحته دكة ...من المفترض ان تجلس علي الدكة و وجهك للحائط و تسدل الستار فوق رأسك و تصوت في الظلام الدامس !
أفعل ذلك بشكل جزئي لكي أتكمن من رؤية ما أفعل " تحت " الستار
أعود و أضع الورقة في الصندوق
أحاول ايجاد بديل لوضع الستار ليصبح اعتراضي عمليا ...لا أجد
يعرض علي رئيس اللجنة في ود كرسيا لاجلس عليه ,..آخذه ممتنا
أكتشف و انا اعيد بطاقتي الانتخابية للحافظة أن الرجل لم يتحقق من شخصيتي بأي وسيلة ...لم أخرج البطاقة الشخصية .
كان يمكن لاي انسان ان يكون مكاني الان بالتوكيل و ببطاقتي الانتخابية .
بداية مبشرة

(3)
في اللجنة خمسة من مندوبي المرشحين غيري
مندوب مرشح الوطني فئات و مندوبان عن مرشحين مستقلين (منشقين عن الوطني ) و مندوبان عن مرشحين من مرشحي العائلات (أحدهما مندوب عن أبيه )
حوارات قصيرة و تعارف
أسعدني أنهم جميعا أشادوا بكمال خليل و سألوني مزيدا من المعلومات عنه عندما عرفوا اني مندوب عنه و سألوني عن حركة كفاية ورموزها الأخرين
أحدهم قال ان هذا الرجل يجب ان يفوز و لكن ينقصه الترتيب مع العائلات و ألا يكتفي بمخاطبة الشباب الذين أعجبوا به
آخر قال انه اعجب جدا بكلامه و أوراقه و لكن علي حد تعبيره هذا الكلام " ما بيأكلش " دلوقتي
أحدهم شاب مسرحي يعمل مساعد مخرج و يحاول شق طريقه يخبرني أنه لو كان قابلني قبل دخول اللجنة لكان أعطي صوته لكمال خليل مع المرشح الذي يمثله هنا
و يخبرني أن هذا المرشح قريبه من ناحية أمه ( اخت الشاب مندوبة أيضا عنه في لجنة السيدات )

(4)
رئيس اللجنة في أواخر الثلاثينات بدين ,ريفي ,يبدو خاملا و كسولا و طيبا
عرفت فيما بعد أنه محام لقضايا الدولة و ليس قاضيا ...و يسكن احدي قري الجيزة
من دردشة قصيرة معه أجد ثقافته السياسية مثل ثقافة عم رمضان غفير الجراج مع الاخذ في الاعتبار ان عم رمضان لا يعرف القراءة و لا يجد وقتا للتليفزيون و ثقافته مستمدة من دردشات فترات راحة سائقي التاكسي و خطبة عم حسن يوم الجمعة .
يتقبل من أحد الناخبين ملاحظة حول جلوس مرشح الوطني بالقرب من مكان الاقتراع مما قد يمكنه من رؤية الاختيارات
مندوب احد المستقلين ( وطني منشق ) يبالغ في سذاجة في التأكد من عمل الأمناء في تسجيل التوقيعات
يعترض احد الامناء و يرد المندوب بغطرسة فتحدث مشادة بينه و بين رئيس اللجنة الذي يطرده من اللجنة
يحتد رئيس اللجنة من أي ملاحطة علنية أو بأسلوب آمر
أقرر مراعاة ذلك علي قدر الامكان بدلا من الخروج مبكرا

(5)
أول اعتراض :
احتج - محافظا علي ابتسامة و هدوء و لقب "سيادتك " - علي وجود افراد الوطني و قوائمهم الانتخابية داخل المدرسة
بعد حوار طويل ودي ... يمل و يطلب استدعاء أمين الشرطة ...أتخيل انه سيطردني
و لكن - و يا للمفاجأة- يأمره أن يذهب معي و يفعل ما آمره
أذهب معه و أخبره ان هذا الوضع هو دعاية غير مشروعة داخل اماكن الاقتراع
يامرهم الأمين بالانتقال الي خارج المدرسة
ينقلون دككهم و أوراقهم وهم يرمقونني في دهشة ..بينما أبتسم انا في زهو لا يخلو من سخرية
احداهما تتعثر في نقل دكتها للخارج ...أسرع و أساعدها مغمغا : " عقبال امبابة كلها و مصر كمان "
تستفهم غير واعية لما قلت ..." لا ولا حاجة "
بعد الجلاء ... أشكر أمين الشرطة فلا يرد و يرمقني مستاءا
أعود في خيلاء النصر الي داخل اللجنة و أشكر الرئيس في هدوء الواثق و لكن بابتسامة ممتنة

(6)
بعد هذا الموقف -بالاضافة الي حوارات أخري مع أسماء بالخارج علي باب اللجنة - ينتشر في اللجنة و لدي أفراد الأمن اننا من " حزب " كفاية ..علي حد تعبيرات مندوبي الوطني و المستقلين في همساتهم من خلف ظهري
في لجنة السيدات لا شيء يحدث تقريبا ...لا تصويت - تقريبا - ولا مشكلات و لا اعترضات بالتبعية ..
حتي أتت قيادية بالحزب الوطني و انتابها غضب عارم لان رئيس لجنة السيدات قال لها و هو يعيد لها كارنيه الحزب " زيك زي اي ناخبة عندها 18 سنة "
بدأت في الصراخ و معها مساعدتها و صنعا أزمة و أجريا مكالمات بقيادات حزبية و امنية و توعدا الرجل بالويل و الثبور و تحويله ميكانيكيا و لم ينه هذا الضجيج المثير للغثيان الا توسط رئيس لجنة الرجال الذي أوقف التصويت حتي اقترعتا و رحلتا في ستين داهية


(7)
في الثانية عشرة ظهرا يبدأ الناخبون في التوافد بكثافة أكبر
اتنقل بين داخل اللجنة و باب المدرسة لاكتشف ذلك النمط الجديد من التصويت
" توصيل الناخبين الي الصندوق "
انصار الوطني ياتون بالناخبين ( لا أدري من أين ) يشدونهم من ايديهم و يحتفظون ببطاقاتهم و يسلمونهم الي آخرين علي باب المدرسة الذين يسلمونهم بدورهم الي اخر داخل اللجنة
و لكن - للامانة- يتركه هذا الاخير علي بعد خطوات من الصندوق و هو يودعه هامسا في أذنه " زي ما قلت لك يا فلان ..رقم كذا و كذا "
أحيانا يعود "فلان " ليستوضح ان نسي " رقم كذا و لا كذا "
يبدو ان انصار الوطني يتوزعون علي تنوعات و مشارب ايديو لوجية مختلفة فبعضهم بالاضافة للتصويت لرقم " 1" (مرشح الفئات) يوصي بهذا الرقم أو ذاك
طبعا كل الارقام من مرشحي الوطني الرسميين أو المنشقين ...و لكن يبدو أنهم مجموعة ميليشيات مختلفة داخل الحزب
هذا النمط من التصويت يجمع للأسف بين ناخبين يبدو من هيئتهم أنهم عمال فلان و محاسيب علان بالاضافة لطلبة جامعات و مهنيين
لم أتمكن من رؤية أيه حالة " دفع " مقابل هذا التوصيل المجاني حتي الآن
يبدو أن الجميع أخذ حذره نتيجة لوجودنا و وجود مراقبين من احدي منظمات المجتمع المدني

(8)
أقترب من رئيس اللجنة و أطلب منه وجود مندوب واحد للوطني , فبمرور الوقت و احتدام " توصيل الناخبين " يتواجد أكثر من ستة من " الوطني " داخل اللجنة
" ده سوق الاربعاء مش لجنة انتخاب "
رئيس اللجنة يحتد و يطرد بعضهم
و لكنهم امام تدفق الناخبين يعودون بالتفاهم من القاضي بدعوي تنظيم تدفق الناخبين و البحث عن ارقامهم في الجداول
يشاركهم مندوبي المستقلين و أبقي الوحيد الجالس من المندوبين جميعا
مندوبي المستقلين يحاولون استجداء الناخبين
ذلك المندوب عن أبيه يكاد يتسول من الناخب بعدما يخرج له من الجداول رقمه المسلسل
- رمز التليفون ..هه
ردود محرجة و هازئة يتلقاها " معاييش رصيد و الله " ..." طيب لو كان خارج نظاق الخدمة اعمل ايه ؟" ..." مستنيك انا و الله مش عارف اكتب مين ..تصور " و لا يتراجع
انتظر ان يسمع الرئيس احدي محاولاته و اشير اليه بلا كلام
ينبهه الرئيس :" يا أستاذ ممنوع الكلام مع الناخب ؟"
الرئيس بدأ صبره ينفذ من الجميع

(9)
معظم الناخبين لا يدخلون " تحت الستار " و من موقعي و بمعرفتي ارقام المرشحين و اماكن اسمائهم في الورقة استطيع ان اتابع مسار التصويت
عدد قليل يحتمل تصويته لكمال خليل
تصويت كثيف من " الملقنين و المستقدمين " لمرشح الوطني الفئات و معه المستقلين المنشقين ..أما مرشح الوطني العمال تقريبا لا أحد
(يعتمد الاخير علي منطقة المعتمدية الريفية كثيفة التصويت و لا يقوم بالدعاية في غيرها أصلا ..و يحصل علي أعلي النتائج !)
طبيب جارنا يصوت لمرشحي الوطني في سرعة فوق الصندوق و لا يبالي بتوجيهات رئيس اللجنة و يخرج مسرعا (يبدو أن الزبائن ينتظرون في العيادة)
( فيما بعد أخبرني أن اسماعيل هلال مرشح الوطني افضل لانه جارنا و ابن حتتنا و ينفع في اي خدمة بعد كده في اي وقت )
تتآكل آمالي في نسبة تصويت جيدة لصالح كمال خليل و أتمني فقط نسبة معقولة

(10)
باستتباب الأمر لانصار الوطني يبدأون في فرض سيطرتهم علي المكان
يفتعلون مشاجرة مع مراقب و يطردونه بمواقفة رئيس اللجنة ...احاول الاعتراض .فيحتد علي لاول مرة : " يولعوا فيه بجاز ...جاي يراقب عليا ؟!"
احتد انا الأخر " ده هنا في حمايتك و بيقوم بدوره و دول بلطجية "
يصرخ :" اللي مش عاجبه يروح يشتكيني ...هوه كده "

بعد قليل تدخل أسماء و تتجول في الممر أمام باب اللجنة لتتابع الامور ..يحتج " بلطجية " الوطني المنتشرون بالداخل باسم القانون (!) : "مندوب واحد لكل لجنة "
ارد عليه في حدة : " انتوا سبعة و عشرين واحد جوه بتنظموا المرور ! "
بعد جدل يبدأون في التعلل بالاخلاق و التقاليد : " يرضيك برضه بنت تقف وسط زحمة الرجالة علي باب اللجنة " !

(11)
جلبة بالخارج
اخرج فاري زحاما و اسمع شتائما متبادلة و تهديدات و توعدات
اسأل أسماء فتجيبني ضاحكة : " دول بتوع الوطني بيتخانقوا علي وجبات الغداء " !

(12)
أبي بعد أن أعطي صوته لمرشحي الوطني في لجنة أخري ...جاء ليطمئن علي الأحوال هنا
يرسل لي أبي من يناديني من داخل اللجنة (!) ..أطمئن لوجود أحد الزملاء أمام باب اللجنة ...فأخرج لملاقاته
أبي واقف بالخارج مع الحاج سيد مدير جمعية من كبري الجمعيات الخيرية هنا
يؤكدان علي سريان اتفاقهما مع مرشح الوطني
" خلاص يا حاج سيد زي ما اتفقنا ...الناس بتوعك و حبايبك مع مرشح الوطني فئات و أي واحد عمال و هو علي وعده معانا "
أسلم عليهما
يعرف الحاج سيد أني مندوب بالداخل لكمال خليل , يتحول وجهه لعلامة استفهام كبيرة , و يداري أبي حرجه كإمبابي عريق (مش عارف يلم ولاده ) وسط هذا الجو المحتفي بإيتاء أولي القربي
" تخيل يا سيدي اخواته كمان نازلين ينتخبوا كمال خليل ...شفت بقي الديمقراطية"
أطمئن أبي أن الأمور تسير في هدوء
اسلم عليهما و اعود الي قواعدي

أعرف فيما بعد أن أبي اوصاه بعد رحيلي
" شوف يا حاج سيد ...عمرو جوه و معاه شباب زمايله تبع كمال خليل ...دول شباب محترمين مش زي ولاد "......" بتوع الحزب الوطني ....لو حد داس لهم علي طرف ....انت طبعا و حبايبك هنا علي القهوة ....طلعوا " ....." أم اللي يكلمهم و " ...." أم الانتخابات و الاتفاق و الحزب الوطني كمان ....اتفقنا "
كان علي هوي الحاج سيد أن يحدث مشاكل لكي يشفي غليله من مرشح الوطني الذي يكرهه و الذي جاء و "حبايبه " يساندونه اليوم من أجل الايتام و الأرامل و أسانسير المجمع الخدمي ...!

(13)
باستثناء ضجيج الملقنين و عمال هيئة نقل الناخبين الي اللجنة ...يمر باقي اليوم رتيبا و مملا
مشاغبة صغيرة مع احد الامناء
اجلس في هدوء طوال الوقت ...وحدي ...بينما باقي المندوبين يتحركون و يهمسون في آذان الناخبين بعد أداء خدمة لهم قد تكون مجرد الترحيب باهلا و سهلا ...اكتفي بحوارات قصيرة مع رئيس اللجنة
احد الامناء : " و الله انت احسن واحد هنا ...في حالك كده "
أشم في كلامه رائحة ساخرة
أرد عليه بكلام له رائحة مماثلة :" انا أحب أشوف شغلي من غير ما اتكلم علي الفاضي و المليان "
يجفل و أشعر بالذنب من ذلك...فأواصل محولا عدوانيتي الي الزملاء المندوبين
" و بعدين انا مايشرفنيش و لا يشرف المرشح اللي انا مندوب عنه ..اني اقوم اشحت اصوات جوه اللجنة "
الرد علي هذه الجملة جاء بحرماني من كوب شاي ضمن عزومة من رئيس اللجنة تولي نقلها احد مندوبي الوطني
جاء بفراش المدرسة و اعطي الجميع و تجاهلني
نظر لي بعدها فابتسمت له " هل كان يتوقع مثلا أن تطفر الدموع من عيني "
رئيس اللجنة انزعج جدا و أمر غاضبا بكوب شاي لي فورا
هدأته و شكرته علي اهتمامه

(14)
قبل النهاية يحدث بعض الهرج علي إثر اعلان رئيس اللجنة بانه سيضيف ربع ساعة فقط لوقت التصويت الرسمي لتعويض الايقافات (الوقت الضائع )
موصلو الناخبيبن بالداخل يعدون هنا و هناك لحث الموصلين بالخارج علي سرعة تسليم الانفار
مواطن " لم يتم توصيله " يجد صعوبة في البحث عن اسمه في الجداول ....اخرج و ابحث معه
رئيس اللجنة يلاحظني :" ما تقلقش ...لو تبعك ده هانتظره نصف ساعة "

(15)
في نهاية اليوم اجراءات عادية و حمل الصناديق في ميكروباص
احد الزملاء يذهب ورائهم لجنة الفرز و تنتهي مهمتي
خطوات قليلة و أكون في البيت ..

(16)
استيقظ من النوم بعد منتصف الليل بقليل
علي موقع كفاية انباء عن طرد كمال خليل من لجنة الفرز لمطالبته بفرز كل صندوق علي حدة كما هو مقرر
مظاهرة أمام قسم امبابة احتجاجا علي طرد كمال و البعض يروي قصة صندوقين مفتوحين وصلا الي لجنة الفرز

(17)
الخميس : صباحا يتم اعلان النتيجة ....تقريبا كما رصدتها من موقعي داخل اللجنة ...اعادة بين مربع الوطني (اثنان مرشحا الحزب و اثنان منشقان )
نسبة الاقبال في امبابة حوالي 18 %
نسبة الاقبال في اللجنة التي كنت بها تزيد قليلا عن 10 %
و لكنها لجنة أكثر المناطق حضرية و أقلها من حيث سطوة العائلات و الزعامات
أتوقع نسبة مرتفعة في لجان الريف رفعت من متوسط نسبة التصويت

(18)
مساءا تصلني ورقة بها نتائج كل المرشحين
كمال خليل يتصدر مرشحي المعارضة ب 604 صوتا
رقم هزيل بالمقارنة بعدد اصوات الاول " مرشح الوطني عمال " الذي يعتمد علي انصاره في منطقة واحدة و حصل علي ما يقارب سبعة آلاف صوت

(19)
و لكن أنا متفاءل جدا و سعيد أيضا
الرقم كان اكثر من ذلك لولا أن محسن صديقي انتخب كمال خليل فقط فبطل صوته حسب اللوائح التي تقضي باختيار اثنين !
605 أصوات نتيجة جيدة
605 مواطن صوتوا لشعار حي علي النضال
صوتوا لمن قال لهم انه لا يملك تشغيل اولادهم و لا يملك ان ياتي لهم بتاشيرات الوزراء و لا عطايا المسؤولين
صوتوا لمن وعدهم باضرابات و اعتصامات و نضال حتي انتزاع الحقوق
605 صوتوا لكمال خليل و كلامه في اوراقه لا لانه جارهم او قريبهم
605 ....اعتقد ان هناك اضعافهم ممن تمنوا لو انتخبوه و لكن لا يملكون بطاقات انتخابية بل احيانا و لا شخصية (زوروا سكان بدرومات أرض عزيز عزت )
الأمر يستحق التهنئة في رأيي ...كبداية مشرفة لمشوار طويل و صعب
مبروك لكمال ..مبروك لكل الشباب ....605 صوت " شايل كلمتكم و بتراب الشارع متحني "

(20)
لا أستطيع - طبعا - أن أصدق ان كل شيء تم بنزاهة و شفافية كما يردد التليفزيون و مانشيتات صحف الحكومة
و لكن يبدو أن هذه الانتخابات نتائجها تعبر بشكل ما عن " ارادة " من ذهبوا اليها .... مع استثناءات و بغض النظر عن مدي " حرية و استقلال" هذه الارادة
لا أستطيع ايضا أن أصدق كل ما يقال عن التزوير و التسويد و التلاعب كثير منه مجرد تخمين و توقعات بلا ادلة أو وقائع محددة.
و لكن مؤكد هناك مخالفات جسيمة حدثت قليل منها مؤثر في النتائج , و دوائر بعينها تشم منها رائحة التزوير

ما لا أستسيغه مطلقا ان يخرج نعمان جمعة ,المتحدث الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتغيير , علي صدر الصفحة الاولي من " الوفد " صباح الاربعاء - قبل أي شيء - , و بعرض الصفحة يقول :" لاتوجد انتخابات حقيقية في مصر "
احتراز مسبق لتبرير الفشل ...لماذا اذن سيخرج المواطنون من بيوتهم لتأييد الجبهة التي تتحدث باسمها يا دكتور نعمان ؟
لا أستسيغ أيضا الجهود المحمومة - من جانب المعارضة - لتصوير الأمر كأنه كان مسرحية أو مهزلة معروفة نتائجها سلفا
حتي الانتخابات الشفافة بلا أدني مخالفة لا أعتقد أنها كانت ستأتي بانتصار مؤزر للمعارضة
الا اذا كنا نتحدث عن شعب آخر في بلد آخر له تاريخ آخر .
واجهوا الاسباب الحقيقية بشجاعة...و افضحوا المخالفات و لكن بموضوعية ...و ارصدوا التحسن و عضوا عليه بالنواجذ و امنحوا الناس أملا و ارفعوا من قدر مشاركتهم
والا فلا تدعوا الناس للمشاركة في المهازل و لعب دور الكومبارس في المسرحيات

(21)
ماحدث أن باب القفص أصبح مواربا
و لكن طائر الزينة لا يحسن الطيران
- و علي ذلك يراهنون -
علموه الطيران بدلا من التهويل من قسوة القضبان

08 November 2005

المكان : 13 شارع طلعت حرب - إمبابة



لم أشك و لو للحظة واحدة في دور أمن حكومتنا الذكية في تدعيم نضال الحركة الوطنية
ففي الوقت الذي كانت فيه مظاهرات " كفاية " وقفات صامتة لعشرات ساندتها حجافل الأمن المركزي و حماقات الضباط لتوفير المادة الاعلامية و الصورة الجذابة للكاميرات
و عندما أصبحت مظاهرات كفاية بالآلاف ..تراجع قليلا دور الأمن و صار مشاركا رمزيا باعداد قليلة من المخبرين بملابس مدنية ..و تراجعت الجحافل في انتظار حركات أخري وليدة
في إمبابة تأخر الأمر قليلا و لكن قبل المؤتمر الختامي لكمال خليل أدي رجال الأمن واجبهم الوطني الذي لا يفوتهم ..
فسواءا هم أم بلطجية أخرون من أبناء هذا الوطن هم من
اعتدوا علي سيارة الدعاية و حطموها و قاموا بضرب ابراهيم الصحاري و سعد منير
الا انه من المؤكد ان ابراهيم الصحاري ما زال - حتي كتابة هذه السطور - محتجزا في قسم امبابة مع البلطجية في زنزانة واحدة ...أتعجب من احتجازهم للبلطجية !
أما بالنسبة للمؤتمر فقد
رفض الأمن انعقاده عند " السلم " بأرض الجمعية في شارع الوحدة..
و تغير المكان الي شارع طلعت حرب بجوار المقر الانتخابي ...معطيا فرصة للمدونين من أمثالي لتسجيل المصادفة السعيدة التي وافقت انتقال نشاط حركة التغيير ....من ميدان طلعت حرب و شارعه و ما حولهما في ( وسط البلد) ...إلي شارع طلعت حرب و ميدانه ( المسمي شعبيا حجر الأساس ) في إمبابة ( قلب البلد )
بعد مسيرة قصيرة بدت غاضبة بعض الشيء , كنا في صوان المؤتمر ...تحديدا بجوار السماعة اليسري ( لازالت أذني تطن حتي الآن ) ..و تحديدا كنا " شلة " من المدونين ...أنا و
رضوي و عمرو غربية و علاء و منال و نورا يونس و نذير العاصفة و واحدة مصرية - و الترتيب لا يعكس المقامات المحفوظة لقدامي و مشاهيرالمدونين .
عمرو غربية اختار المكان بجوار السماعة في آخر الصفوف تحت تأثير احدي عاداته الدراسية و استجبنا كمدونين يفضلون مراقبة الوضع كاملا من المقعد الأخير .
كنا تقريبا في المقعد الأخير بالنسبة لشباب الاشتراكيين و اطياف اليسار و بعض شباب " كفاية " ..و لكن الجماهير التي اجتذبها " الكلام " تجمعت في نهاية الصوان ...بعضهم أقدم علي الدخول و الجلوس و الكثيرون فضلوا المشاركة وقوفا من بعيد لكي لا تصيبهم شظية من " الكلام الكبير" الذي يقال بالداخل


نذير العاصفة نبهني لضرورة الاشادة بصاحب الفراشة المناضل الذي وضع اسمه و تليفونه عل يمين و يسار خلفية المنصة
(أعتقد أن شباب الحملة غرروا به و الرجل لم يكن يدري هل يقيم صوانا لمؤتمر سيهتف فيه " ابن امبابه ..الرجل الجد يحب الجد " أم سيهتف فيه " يسقط مبارك " و " ثورة حتي النصر " )
لا أنسي أن أشكر - معتذرا- الكثير ممن دعوتهم و " كبسوني " هذه المرة و حضروا
عزيز صدقي لم يحضر لوعكة صحية بين قوسين و بعدها علامات استفهام ...
جورج اسحق قال كلمتة الموجزة و اختصارها " حانت ساعة التغيير " و رحل
عبد العزيز مخيون عفويا تحدث كثيرا عن قريته " أبو حمص " و ندد بـ"كمال الشريف " و" صفوت الشاذلي" و أزواج أخري من التوائم الملتصقة .... معا و بقعر الطاسة المصرية
جمال فهمي مازح الحضور بخفة ظله المعهودة و تمني لكمال خليل " رفيق سجنه " يوما ما ..التوفيق في الانتخابات و لكن أشفق عليه من التواجد في البرلمان المصري بين تلك الأغلبية من حثالة البشر و المجرمين الموقرين
عبد الغفار شكر و عادل محيي من حزب التجمع , نقلا تأييد التجمع لكمال خليل في كلمات تقليدية
القيادي العمالي ابراهيم صديق تحدث عن العامل كمال خليل المساند لنضالات العمال في كل أنحاء مصر
- كلمة اعتراضية من كمال خليل تتوعد بمسيرة بعد المؤتمر لـ "تحرير ابراهيم الصحاري " من قسم امبابة -
وجدي عبد العزيز ( مركز الجنوب ) تحدث عن الانتهاكات و بشائر التزوير و حاول في النهاية ان يعود في الاتجاه المعاكس ليدفع الاحباط و اليأس و يدعو الجميع للمشاركة و المراقبة
محمد خليل (شقيق كمال ) تحدث عن كمال المناضل ابن الحركة العمالية و حكي جانبا من تاريخ عمل اليسار في امبابة
القطب اليساري أحمد نبيل الهلالي المحامي (قديس الاشتراكية ) الذي أسمعه لاول مرة و ظننت أني ساستمع لمرافعة ...جاء حديثه - الذي قرأه من روقة مكتوبة - بسيطا و بليغا في عاميته مع بعض السجع و الجناس
و ان كان تحول في نهايته لمرافعة دفاعية ردا علي الاتهامات التقليدية التي توجه لليسار
- اعلان عن الافراج عن ابراهيم الصحاري (نعرف فيما بعد أنه تقرر ذلك فقط ) -
علي عبد الحميد - المرشح الناصري في الانتخابات قبل السابقة - تحدث عن دعم كل قوي اليسار بما فيهم الناصريين الاحرار - اسمعي يا جارة - لكمال خليل و وعد بمواصلة النضال و العمل في امبابة
قبل أن يتحدث كمال و بعد الرحلة الطويلة من الكلمات ...بعض الحاضرين - منهم رضوي - كانوا قد رحلوا ...المنصة تقريبا كلها رحلت و لم يبق بجوار كمال الا علي عبد الحميد
كمال خليل تحدث هذه المرة كثيرا و هتف قليلا و ملأ صوته مكان الراحلين بأعداد من المارة الذين اجتذبهم خطابه الساخن و تجمعوا في نهاية الصوان
( القليل منهم دخل و جلس )
فركت عيني و استعدت نشاطي و انتقلت لكرسي أبعد قليلا عن السماعة
فريق المدونين كله كان قد انتقل الي الوقوف بالخلف ... متعبا أفضل مكاني عي الكرسي
كمال خليل صارخا اعلن أن الاشتراكيين الثوريين لم يخوضوا هذه الانتخابات من أجل المقعد ...
فبه و أو بدونه سيتواصل العمل في المقر الانتخابي ليصبح مقرا دائما ...ليصحح ما راه اخطاء حركة التغيير التي تجتذب النخبة و لكنها بعيدة عن الفقراء ..و التي ترفع مطالب الاصلاح السياسي و تنسي المطالب الاجتماعية
كمال خليل دعا سواء بعد الفوز او الخسارة للاعتصام و التضامن مع اهالي بدرومات عزيز عزت حتي الانتقال الي مساكن آدمية.



و اعلن عن تواجده في المقر و في مقهي "رامي " أيا كانت النتيجة ...للتضامن و العمل مع و من أجل أهالي امبابة .
و دعا كل قوي التغيير و بالاخص قوي اليسار للتحالف من أجل العمل في الشوارع بين الكادحين .
و روي متأثرا قصة سائق التاكسي الذي أخبره - دون أن يعرف أنه كمال خليل المرشح - انه يحتفظ بكل بياناته تحت وسادة السرير
ردد كمال كثيرا " نحن الاشتراكيين الثوريين " ...لم يرقني ذلك كثيرا ...الاخوان ظلوا يعملون عقودا تحت مسمي التيار الاسلامي لتجنب المسميات الصادمة مع الاحتفاظ بمسمي جاذب
صحيح انهم الآن عادوا لاسمهم الرسمي ..و لكن بعد عقود من الحشد و ترسيخ الأفكار و المضامين و لم تبق الا اللافتة ... الم تكن تكفي كلمة " الاشتراكيين " ..تكفي معركة تصحيح صورة الاشتراكية و اخراجها من طي تجارب الماضي الفاشلة .
لا أظن ان مسمي " الثوريين " يناسب المزاج العام للمصريين ...سائق التاكسي يضع البيانات تحت وسادته لا علي طاولة في صالة بيته .
الناس علي باب المؤتمر لا علي المقاعد ...

أمام هؤلاء الناس بعد المؤتمر تجمع الشباب و هتفوا و غنوا قليلا ...بدا كاحتفال مسبق يتجاوز التفاؤل و التشاؤم و التوقعات و الحسابات
بعض الشباب اقتربوا و رددوا ...بعض المارة يحملقون فيما يحدث و يبدو عليهم التأثر...
أشعر بمفاجأة تقترب ...لا أدري من دفقة الحماس أم من ونس الرفاق و " لمة " الناس
هذا ايجابي في كل الأحوال
غدا ...في اللجنة مندوبا عن كمال سأقضي يومي ...
أتمني " ونسا " من الشباب كمراقبين ..
لا أحد يدري ما سيحدث غدا علي وجه التحديد ,و لكن أكيدا.. بعد غد سيكون مختلفا
بدءا من بعد غد يبدأ " العمل " في 13 شارع طلعت حرب بامبابة...

07 November 2005

(في إمبابة مع كمال خليل (5



تناغم ....Harmony


أعرف أن كلماتي هذه لن تصلهم , و بالرغم من ذلك سأشكر كل أصدقائي و معارفي في إمبابة الذين قضيت أكثر من ثلاث ساعات في مهاتفتهم أو البحث عن ايميلاتهم لدعوتهم لحضور أحد حفلي العيد اللذين أقامهما كمال خليل ضمن حملته الانتخابية الجمعة و السبت الماضيين.....مضطر أن أشكرهم جميعا و لا أستطيع أن أخص أحدا منهم ....لأنه و لا واحدا منهم حضر ...شكرا لكم جميعا
من جانب آخر انا أقدر الجهد الخارق لكل الزملاء المشاركين في الحملة و الذين يجاهدون ضد كل الظروف و المعوقات و ضعف الامكانات ...
الا اني بدلا من أن أفكر في انتقاد تأخير بدء كلا من الحفلين لأكثر من ساعة و نصف ....
بدا لي أن أشيد بذلك التناغم الكامل بين الشعب و المعارضة .
فالناس يعتبرون هذه الفعاليات أشياءا لا تخصهم و تخص أولئك الناشطين المعارضين وحدهم الذين يوجهون الدعوة .
و كذلك الناشطون لا يتوقعون حضور أحد من " الناس " ممن تلقي الدعوة لاحتفالياتهم , لذلك ما دمنا كلنا معا و هواتفنا المحمولة معنا فلا مانع من أي تأخير أو تغيير للمكان او خلافه
تناغم مدهش ...مَن مِن المفترض أن يبدأ سوء التفاهم ؟

تقاطع شارع البصراوي مع البوهي ( مكان حفل "الطنبورة " مساء السبت) مكان حيوي وسط غابات من العشوائيات المزدحمة , به ميدان صغير تنتصب فيه ساعة كبيرة رديئة التصميم مهداة من أحد اصحاب محلات الصيانة التي يشير الي مكانها سهم كبير فوق الساعة
مقهي كبير عند التقاطع يضع طاولاته و مقاعده في أي مكان في أرجاء الميدان
المقهي يديره احد قيادات الحزب الوطني في إمبابة
فور أن علم أن الحفل سيقام في الحديقة بالقرب من الميدان أسرع بنقل بعض الطاولات و الكراسي داخل الحديقة
و بعد جدل و مفاوضات اتفق و الشباب علي اقامة الحفل في جزء من الحديقة و لكن بعيدا عن الميدان و المقهي

اوزع الاوراق علي المارة و أراقب ردود فعل أصحاب المقهي
يلتفتون بحدة الي مكان الحفل فور سماع هتافات " الحزب الوطني اللي خربها " و كانها صفعة علي أقفيتهم
و لكن تصرفهم كان بمنتهي الوداعة ...واحد يأتي بين الحين و الآخر و يحاول أن يسخر ليستفز الشباب ..يداعبه بعضهم بود (او استخفاف ) أو لا يستجيب اليه أحد , يمل من نفسه و يرحل و بعد قليل يأتي واحد آخر.

احبطني يومها (مثل اليوم السابق) أن أعضاء الحملة و الشباب الأتين للمشاركة من " كفاية " هم تقريبا كل جمهور الحفل
مع استثناءات قليلة و كثير من الأطفال
عدد من البلكونات تراقب و مارة يتوقفون لثوان ثم يواصلون.


بينما أعود من الشارع لأحضر المزيد من الأوراق ..رامي يطلب مني امساط طرف اللافتة الحمراء الكبيرة لثوان ... قال انه سيعود
لا يعود و يمر من بعيد و يتحاشاني
بعد عشر ساعات تقريبا من الجلوس علي المكتب و الكمبيوتر ..عمودي الفقري منهار تماما ..و لا أقوي علي ابقاء ذراعي مرفوعا !
" ماشي يا رامي " ( لكن الحق يقال ..هو مطحون شغل و لابد أنه متعب ايضا)
ما باليد حيلة ...أستغل صداقتي للافتة ..أجلس علي سور الحديقة لاريح القائمة الخشبية علي السور بينما أحتضنها بمرفقي لابقيها منتصبة ...أضع رجلا علي رجل امعانا في ابداء الحميمة و اظهار عدم تضرري اطلاقا
أطلب من تامر وجيه ( من غير أستاذ بناء علي طلبه ) ان يأخذ لي صورة تذكارية مع اللافتة ...طلبت ذلك جادا
يطلب فورا من أحد الزملاء ان يمسك باللافتة بدلا مني ..أشعر بالذنب و لكن انا فعلا متعب

لا يمكنك - حتي ولو كنت متعبا - ان تقاوم السمسمية !
أقترب من الحلقة حول الفرقة ...لا يكتمل سماع فرقة " الطنبورة " الا بمشاهدتم .
رغم أن الموسيقي العربية التقليدية تفتقر الي " الهارموني " ( تناغم و توافق اكثر من خط لحني معا ) الا ان السمسمية ذات الأصل الفرعوني تبدو لي مختلفة
لا داراية لي كبيرة بالموسيقي , و لكن أشعر ان موسيقي السمسمية تفتح طاقة من مزيج من شظايا الالحان و الايقاعات المتراكبة التي تثير فيك الرغبة العارمة في الغناء و التصفيق و الرقص
ربما لهذا السبب لا يرتدي أعضاء فرقة " الطنبورة " زيا خاصا مثل باقي فرق الفنون الشعبية ...انهم فقط يستجيبون - كهواة - لداعي أنغام السمسمية لتذكر الاغاني الشعبية البورسعيدية و الرقص عليها بتلقائية و مرح عادي غير متكلف
ان لم تستطع ان ترقص معهم فلا مفر من ان ترددو تصفق ...اساليب مختلفة من التصفيق تتناغم كلها مع السمسمية !

اذا سمحت لنفسي ان ألخص ما يحدث ( من وحي الحفلين ) بشكل قد لا يكون مخلا جدا :
أشياء جميلة تحدث و لكن لا أحد يقترب - تقريبا - ...مرور سريع او مراقبة من بعيد.
هل يمكن ان نراهن علي اصوات المارة و المراقبين من بعيد .
لا يحتاج التصويت خلف الستار ( أتمني وجوده ) لشجاعة كبيرة , مثل تلك التي يحتاجها الاقتراب منا !
هل يمكن أن نراهن علي ذلك ..
تحت تأثير النزق غير العادي لأنغام السمسمية , انا شخصيا أراهن علي كل ما في جيوبي !
و اذا خسرت ساعاود الرهان بعد خمس سنوات بشرط حضور السمسمية !

......................

قبل أيام حدثني أبي - الذي كان مناصرا لاحد المستقلين في الانتخابات السابقة و كان في قلب الأحداث - عن فساد مرشح الوطني و عن ابداعاته في أساليب التزوير و البلطجة .
اليوم أخبرني أنه وعد مرشح الوطني بالتأييد و المساندة ...
( هل يبدو لك ذلك متناقضا ...تفتقر إذن للاحساس بالهارموني ...استمع جيدا)
... تم ذلك بعد لقاء مطول معه و اتفاق علي أن يقوم بنفوذه و سلطاته باسداء خدمات لبعض المشاريع الخيرية و الخدمية و سرعة معالجة بعض مشكلات الأهالي.
- " يا بني دي مش انتخابات و لا موضوع رأي و برامج و خطط و تغيير و جبهات ...ده مستنقع ...صراع تربيطات و مصالح و قبليات و علاقات تحت الترابيزة ... يرضيك الناس الغلابة تطلع منها من غير شوية خدمات حتي ... اللي ييجي منهم أحسن منهم زي ما بيقولوا ..."
- " الكرسي مقابل فتات خدمات ..... و للوطن رب يحميه " !

04 November 2005

مدد يا شيخ سيد درويش

تفسير فنان الشعب لما حدث في إسكندريته



".........
اسمع اسمع مني كلمة
إن كنت صحيح بدّك تخدم ..
مصر أم الدنيا و تتقدم
لا تقول نصراني و لا مسلم
و لا خلافه يا شيخ اتعلم
اللي أوطانهم تجمعهم
عمر الأديان ما تفرقهم " *

من يحسن الإنصات ,يجب أن تتعلم كيف تنصت إليه
الشيخ سيد درويش , فنان الشعب بحق , كان من هؤلاء الذين يجيدون الإنصات إلي موسيقي الناس في الشوارع
استمع فقط للحن " السياس " لتري كيف أنصت الفنان -بغير تعال- الي حداء السياس " العربجي" : " إوعي يمينك ....إوعي شمالك " , و صاغه علي عوده و منه الي مقام العجم ليصنع لحنه البديع الذي ينتهي بالمقطع أعلاه.
ما أود قوله أن سيد درويش انصت أيضا لصوت الناس - ليس فقط موسيقاهم - و لصوت التاريخ و نبض الواقع ...
أنصت لذلك الصوت الذي دعا المصريين للقيام جميعا ,متجاوزين كل ما هو غير انتمائهم لهذا البلد ...لتكون ثورة 1919
" اللي أوطانهم تجمعهم .....عمر الأديان ما تفرقهم "
هذه ليست ديباجة فارغة ضمن إحدي الأوبريتات الوطنية المعاصرة منزوعة الروح
هذا بيت القصيد
لماذا يحتقن "الوطن" من تضخم الانتماءات الدينية
لماذا يتحول الدين من رسالة " إلي" الانسانية , الي انتماء طائفي موجه " ضد " الآخرين
السبب البسيط كما عند شيخنا : " اللي أوطانهم تجمعهم ...عمر الأديان ما تفرقهم "
لان ذلك " الوطن " الذي أضعه بين قوسين لم يعد له معني او وجود عند الناس اللهم الا تلك المساحة من الارض المحاطة بحدود تحتاج لتأشيرات لتجاوزها
أضف لذلك علم يرفرف أحيانا علي أنغام نشيد في نهاية إرسال التليفزيون أو في طابور المدارس.
حاول في أي مناقشة ان تسوق مبررا لاي شيء ذاكرا " مصلحة الوطن " او لنجعلها " مصلحة البلد "
ستتنوع ردود فعل الطرف الآخر بحسب ثقافته بين تنويعات استنكارية بذيئة أو ساخرة مهذبة ,و بين ابتسامة مستخفة او وجوم مستغرب .
لسان الحال : " بلد مين ؟ "
الوعي بمعني " الوطن " , الاحساس بشعور " المواطنة " , الانتماء لـ" وطن " ليسوا أشياءا غريزية.
الانسان كائن اجتماعي ...نعم .
و لكن ذلك الاطار الذي يعيه كانتماء و جامع هو ذلك الكيان الذي يعيش خبرة " المواطنة " فيه.
لذلك فالانتماء للأطر الصغيرة يبدو تلقائيا - بشكل نسبي - ...الأسرة و العائلة ...القرية أو الحي ...أصحاب نفس الدين ....تلك الأطر التي تشملها الخبرة اليومية لكل إنسان .
مفهوم " الدولة - الأمة " المعاصر يحتاج لفعل سياسي لتدعيمه كإطار للمواطنة و الانتماء .
في غياب هذا الفعل السياسي ...ما الذي يمكن أن يجمع ساكن أقاصي الصعيد مع ساكن شمال الدلتا
و ما الذي يجمع بدو سيناء مع النوبيين
الفعل السياسي الذي تمثله " الدولة " نيابة عن إرداة الناس ..هو الذي بمرور الزمن و الأحداث .. يصنع الخبرة المشتركة و التاريخ المشترك و يقيم العمود الفقري لنسيج ثقافي مشترك يضم كل الأطياف داخله
مصر بلا جدال أول مجتمع مدني , قامت فيه الدولة الواحدة علي أساس المواطنة علي بقعة من الأرض .
كان الانسان المصري "وحدة" هذا المجتمع , و ليس القبائل و العشائر بخلاف مجتمعات أخري .
.....................
في غياب الدولة التي تعبر عن إرادة الأمة و في غياب الفعل السياسي المشترك ...ما هو معني الوطن أو المواطنة .
في ظل هذا الغياب يعود الإنسان للانتماءات الثانوية التلقائية و يحاول أن يبحث داخلها عن الانتماء و التضامن و المنعة
يحاول أن يدافع من خلف قناعها عن مصالحه ...لان ذلك الاطار الكبير لم يعد له وجود يعتد به
هذه الانتماءات الثانوية مشروعة في مجالها الصحيح و لكن إذا تعدت حدودها صارت تعصبا و طائفية و عنصرية و فسادأ
الانتماء للعائلة خارج مجاله الصحيح محسوبية و ساطة.
الانتماء لتجمعات المصالح المشتركة خارج مجاله الصحيح فساد و استبداد.
الانتماء لطائفة دينية أو غيرها خارج مجاله الصحيح عنصرية و تعصب .

ما رأيكم ...الانتماءات السابقة أم الانتماء للوطن ...أيهما يهرع اليه الناس اليوم في قضاء حوائجهم أو الدفاع عن مصالحهم .
هل أنا في حل من أن أذكر حال الدولة في مصر ...
حاكم فرد لا حاكم إلا هو
مؤسسات هشة ينخر فيها الاستبداد و الفساد
لا شرعية سياسية و لا مشروع وطني
ارادة مزورة من انتخابات اتحادات الطلبة الي رئاسة الدولة
هيمنة وجوه كريهة علي مصائر الناس
رشاوي و محسوبيات و وساطات و عمولات من قمة الرأس الي أخمص القدم
حقوق مهدرة و كرامة منتهكة
حريات أمام الكاميرات و جحيم في أقسام الشرطة
آلاف الجنود المرتهنين كأمن مركزي و آلاف المعتقلين في الزنازين
ابحث دائما عن " المعارف " الا و ودع كل حقوقك و مصالحك
سلطة في خدمة المال و مال في خدمة السلطة و شعب بلا سلطة و لا مال
" بئر معطلة و قصر مشيد " **
....................
حال هذه الدولة امتد الي المجتمع
قبضتها القوية و أنفها الأمنية و كردوناتها السياسية و الإعلامية حول الشعب - مع طول الأمد و الاستقرار الآسن - نقلوا جرثومة الخراب و التحلل الي المجتمع
الفساد سلوك يومي يتدفق مع ملايين الكبار و جنيهات الفقراء
الاستبداد و التسلط سمة عامة ( لا أستبعد الأحزاب و التيارات المعارضة و جماعات المثقفين )
قانون غائب و في غيبته قمع متبادل و صراع مرير بين الجميع ..كلُ خلف دروع عائلته او جماعته أو حزبه او " شلته " أو ...أو ...
لم يعد للـ"وطن" معني سوي " الحلبة " .. " الساحة " .."الكعكة " .."الغنيمة" .." الكذبة الرنانة في مقالات الرأي و البرامج الحوارية "
................................
أي وطن إذن يجمعنا سوي ذلك الذي في الأغاني و الأشعار و كتب التاريخ ....و في بعض القلوب التي خبأت جذوة الأمل في المستقبل ,و لم تتركها نهبا لرياح الواقع الهمجية
هل تستكثرون في غياب " الوطن " أن يحدث ما حدث .
أنا غير مندهش علي الإطلاق .
هذه ليست كبوة عارضة ...انها كارثة مقيمة.
عندما لا يجمعنا الوطن ...يمكن لكل ما سواه أن يفرقنا.

آه يا مصر ...... ".. لسه متعلق بديل النون في كلمة وطن " ***


-----------------
* من لحن " السياس " كلمات بديع خيري
** من الآية 45 من سورة الحج
*** من شعر الراحل عمر نجم
الصورة الأخيرة عن الوعي المصري

03 November 2005

(في إمبابة مع كمال خليل (4


( زوايا الرؤية )


لا أخفيكم أني سعدت بما حدث من إزالة لكل لافتات كمال خليل من شوارع إمبابة و مصادرة بعض ملصقاته
اعتبرته رد فعل يدل علي تأثير و فعالية " الفعل " الذي يقوم به كمال خليل في إمبابة
حتي و لو كان هذا الفعل و تأثيره رمزيا او لا يزال كذلك
كما أني اعتقد أن المعارضة في مصر تنشط بشكل أفضل في اجواء القمع و الاضطهاد ..كما انها تحسن استغلال هذه الأجواء لصالحها
لذا فقد اعتبرت ما حدث مؤشرا إلي بداية " الجد " و توقعت أن منحني الأمور ربما يتغير
و بناء عليه قررت أن أكون في مسيرة أمبابة الاثنين الماضي بدلا من وقفة " كفاية " من أجل الوحدة الوطنية بميدان طلعت حرب
و لكن وقفة " كفاية " أثرت علي مسيرة إمبابة و المؤتمر الصحفي الذي سبقها ....
و فضل الشباب الانتظار ساعة كاملة من أجل حضور أكبر عدد ممكن ...
أثناء الانتظار في المقر تدور حوارات مرحة متفائلة أو تحاول أن تتفاءل و تروي مشاهد من هنا و هناك
احد الرفاق - ممن لم أتشرف بمعرفته بعد - كان يروي مشاهد من جولات المرشحين الأخرين
مرشحون يسيرون في جولات محاطين بالبلطجية و الهتيفة المأجورين
و آخرون محاطون بالصعايدة و " النبابيت "
و أخيرا قال أن مسيرات كمال خليل مختلفة جدا ...من يسيرون معه مثقفون ..

فضلت مواصلة الانتظار علي مقهي "رامي " أسفل المقر ..
عندما بدأ الزحام و اصبح الشعور بالجليطة مصاحبا لوجودك علي كرسي وسط من يبحثون عن مكان في الشقة الصغيرة المكتظة
كما أني كنت في حاجة ماسة لكوب شاي
علي المقهي مجموعة من الشباب سبقتني ..و يبدو أنهم كانوا أيضا في حاجة ماسة الي شيشة
تعجبت من القهوجي الذي كان يتعرف سريعا علي الشباب الآتين للمشاركة فيدلهم علي مدخل المبني او يحضر لهم كرسي بجانب مجموعة الشباب
أحاول أن أعرف كيف اكتسب هذه الحاسة ...هل تعرف علي أشكال المترددين سريعا ...بعضهم يبدو انه ياتي لأول مرة
هل يتعرف عليهم من مشيتهم السريعة او الأوراق التي يحملونها ..
لم أصل لشيء واضح و إن كان الزميلات مميزات بشكل ما
غير محجبات و يرتدين أزياء عملية بسيطة في مفارقة للسائد المنقسم بين الحجاب و بين " العياقة" المتكلفة أو مزيج منهما !
( لا ينطوي هذا علي أي انتقاص من أناقة كل الزميلات ...)
بدا لي أيضا ان رواد المقهي يعرفن أيضا أن هؤلاء الفتيات أو السيدات ضمن حملة كمال خليل , عندما تأتي إحداهن و تنضم للشباب
مقاهي إمبابة ليست مثل مقاهي وسط البلد ...هنا من النادر ان تجد امراة علي مقهي

بدأ الشباب التجمع في الشارع لعقد المؤتمر الصحفي و بدء المسيرة
لم أتحرك من مكاني حتي اطمأننت أن اللافتة الكبيرة قد استقرت مع أصحاب النصيب
قمت و انضممت للتجمع و بدأ كمال في الحديث
افتتح حديثه بالهتاف ليجذب أنصار الناس في الشارع
ثم هاجم الحزب الوطني و مرشحه و ندد بالاعتداءات علي مواد حملته الانتخابية
و أعلن تحديه لمرشح الوطني اسماعيل هلال ان يجرؤ علي مناظرته أمام الناس ليسأله عما قدمه في البرلمان لامبابة طوال دورتين
أثناء حديث كمال تجمع عدد من الناس يستمعون ...كانت فرصة مواتية لتوزيع الأوراق
اقترب مني شاب و بعد أن تناول الورقة اقترب أكثر و همس في أذني :
- معلش ممكن أسأل سؤال
( يبدو من لهجته أنه حرفي )
- اتفضل
- يعني ايه اشتراكية ؟
- امممممم.....يعني خير البلد يشترك فيه كل الناس مش الاغنياء بس
- انا مش قصدي الكلام ده
- امال ايه
-شكلكوا لامؤاخذة غريب و مش من هنا ...انتوا منين يعني و تبع مين ؟
- فيه ناس كتير من هنا ..و فيه ناس جايه تأيد كمال لانها زي ما تقول كده من الحزب بتاعه
-شكلكوا أصله خواجاتي شوية
(مشيرا الي الزميلات )
- لا ياعم مصريين و الله ..... انت اللي شكلك صعيدي مش من هنا !
- عرفت ازاي؟ (يضحك )

أثناء المسيرة و بجاور جامع السنية ( السلفيين ) ...أناول أحد الشباب الور قة:
- مهندس كمال خليل ...مرشح كفاية و تحالف المعارضة
( لا يبدو من مظهره انه سلفي ..في يده سيجارة و مع زميله جريدة النبأ)
يرفع الشاب الورقة أمامي بشكل مسرحي و يمزقها أربع أجزاء و يلقيها في الهواء
- أنا مسلم و موحد بالله ( لا أفهم مقصده تحديدا )
- و أنا كمان مسلم بس مش دي القضية
- لا هي دي القضية (بعدوانية )
- زي ما تحب ( اتجاوزه متفاديا أي احتكاك ...يمكن أن يثير مشاكل )

احاول اللحاق بالمسيرة أنا أوزع الأورق
ادركهم عند منطقة يملؤها الباعة من السلفيين المتجمعين بجوار المسجد
أفكر في توفير الأوراق لتجنب حدوث أي مشادات
يفاجئني ترحيب الباعة بالمسيرة , أحدهم (كث اللحية و بجلباب قصير ) يأمر صبيانه بالهتاف
- اهتف يا وله ...يسقط حسني مبارك ....اللي مش هايهتف مش راجل
أمد يدي بالورقة يتلقاها بابتسامة , في يده ورقة أخري وزعها أحدهم قبلي عنوانها "حتى لا يعذب أهالينا فى سلخانات الشرطة "
ابتهج بالتجاوب ..كمال يعانق أحدهم و يسلم عليه بحرارة

رجل جالس علي الرصيف ذو لحية طويلة مصبوغة بالحناء يتناول الورقة مني :
- اسمع يا بني ...الراجل ده اسمه ايه
( يبدو أنه لا يعرف القراءة )
-كمال خليل ..رمز المصباح
( تتناهي الي مسامعنا الهتافات من المسيرة المتقدمة ...كفاية ...كفاية )
- هو ده ...ولد صحيح ...إمبابة عاوزة راجل ...مش عاوزة "خـ........" , قوللهم يقولوا كفاية "خـ.........." بقي !
- ماشي يا عم الشيخ (أضحك )

..............................

في المرة الأولي التي سمعت فيها من صاحب أحد المحال جملة " بالتوفيق ان شاء الله "
تفاءلت جدا و اعتبرت ذلك اطراءا و تأييدا ,بعد أن نظر في الورقة سريعا و بعد أن حدثته قليلا
بمرور الوقت و مزيد من الناس ومزيد من الأوراق بدأت أكتشف أن تلك الاجابة هي " أكلشيه " لأصحاب المحلات
هم دائما في طريق الحملات و الجولات ... و لابد أنه بعدد الانتخابات التي مرت عليهم مر عليهم عشرات أضعافها مرشحون و جولات و أوراق
تبدأ في التعود علي أنماط ردود الفعل الأخري
الجالس في المقهي ....ان كان مشغولا ....يرد عليك باقتضاب و هو يفكر في اللعبة أو في الفيلم
ان كان وحده و يبدو غير مشغول ربما يناوشك قليلا و يتبادل معك كلمتين أو أكثر
السيدات - من يشي مظهرهن انهن ربات بيوت - ينظرن للأمر علي أنه لا علاقة لهن به بتاتا
البائعات في الشوارع هن الأكثر حماسا و تجاوبا و ربما يشاركن في الهتاف و التصفيق

أحاول توزيع الأوراق علي راكبي عربات النصف نقل
(عربات تغطي مؤخرتها بغطاء قماشي و تستعمل لنقل الركاب علي مقعدين متقابلين مثل " بوكس " الشرطة ..و ثلاثة أضعاف عدد الجلوس ركاب واقفون و بعضهم متشبث أو متدلي من السيارة)
أندهش من اهتمامهم بالحصول علي اوراق ..كنت أتوقع العكس
أحدهم ( مواطن متدلٍ بكليته خارج العربة ) يطلب مني عددا من الاوراق لكل الركاب و يسلمهم لمتدلٍ آخر أقل تدليا و هكذا دواليك حتي تنتشر الاوراق بالداخل
تأخذني الحماسة فأرمي ورقة أو اثنتين في الكابينة الأمامية للعربة حيث السائق و معه راكبين
بعضهم تلقاها و بدأ في قراءتها
أحدهم نظر فيها سريعا ثم ألقاها من نافذة السيارة
يتصادف مرور احد الرفاق الذي يحتد قائلا : شعب وسخ !
ارتبك و أتأكد ان أحدا حولنا لم يسمعه ... " الحمد لله "
لا أجد وقتا لأعاتبه وسط الضجيج و فوضي المرور في الشارع الضيق

أواصل توزيع الأوراق امام المسيرة
يسبقني بعض الزملاء يوزعون علي المارة
أقترب من رجل و زوجته ينظران في الورقة التي حصلا عليها للتو
اسمعهما :
- اه ما هو موسم ..كل خمس سنين جولات و ورق و سلامات و عاوزينكم و بعد كده كله يسلك حاله...حاجة وسخة !
أقترب منهما ....يلاحظاني و بيدي الأوراق ...يبتسمان في ارتباك ...و يقول هو في ابتسامة أعرض و هو يتناول مني الورقة : " بالتوفيق ان شاء الله " !


30 October 2005

(في إمبابة مع كمال خليل (3



واقفون علي أول نفق إمبابة عند ميدان التروللي
معنا سيارة و عليها لافتات و ابراهيم الصحاري يقوم بالهتاف من داخلها
تاكسيات كثيرة تتوقف و ينزل منها شباب أتي للمشاركة ..أتبادل معهم ابتسامات الترحيب و السلامات
بعضهم لاني اعرفه
و البعض الآخر يفعل ذلك عندما يري الشارة الدائرية لـ" كفاية " علي قميصي
في مسيرة الخميس الماضي وضع الجميع هذه الشارات علي قمصانهم و علي جوانب اللافتات
في أثناء سيرنا كان تأثير ذلك واضحا ...همسات خافتة أو أصابع تمتد لصدرك كأنك حائط يحمل ملصقا :
" بص ..كفاية أهم " ..." دول كفاية "..... " انتم كفاية ؟"
.........................
كان رأيي أنه من الأفضل لو استثمر مرشحو " كفاية " كل الرصيد الذي جمعته حركتهم الجامعة ...و العمل في الحملات تحت أشكال و شعارات موحدة
كنت أفضل مرأي اللافتات الصفراء و شعارات كفاية علي كل ملصق و منشور ,و بجانب اسم المناضل كمال خليل
.........................
تنطلق المسيرة إلي أرض عزيز عزت متجهة الي مقر حزب التجمع حيث تنضم الينا مجموعة من نشطاء التجمع و معهم لافتات تأييد حزب التجمع لكمال خليل
اللافتة الحمراء قدري هذه المرة أيضا ...بشكل أو آخر سلمها لي أحدهم لي بدون مناقشة
" هل شكلي ملائم لحمل اللافتات لهذا الحد ؟ "
هذا بالاضافة أني أجد صعوبة - و خجلا - في ان آمر أحدا أن يحملها عني ...فتظل معي حتي أطويها في نهاية المسيرة
............................
التفاصيل هذه المرة أيضا تتكرر بشكل ما و لا أريد أن أكون مملا
و لكن بشكل أكبر و بعد كلمة قصيرة لكمال خليل عند تقاطع حارتين , ينفجر الناس بالهتاف جذلا و غضبا
جذلا لانتهاك حرمة الهتاف ضد الرئيس و هو المقدس علي الشاشات و صفحات الجرائد إياها
و غضبا عندما تمس الكلمات جروحهم المفتوحة
أسمع بعضهم وصوته يهتف خارج الجمع , مضيفا للهتافات كلمات موغلة في البذاءة ضد الحكومة و ضد الحزب الوطني و الرئيس ...ثم يكمل طريقه
" علي الذل صابرة
ده صبر الحويط " (من و عن " حارتنا " أيضا لنجم )
من يستطع أن يزيل طبقات ميراث الذل و الاستكانة ..يجد تحتها ثورة !
و لكن عليه أن يواصل الحفر ...لن تجدي مسيرة واحدة عابرة
.......................
أثناء العمل اليومي في توزيع المنشورات و محادثة الناس ..تنتابني هواجس محبطة
هل كل هؤلاء الذين يتناولون من يدي الأوراق او أكلمهم لثوان أو دقائق ...هل عندهم بطاقات انتخابية أصلا
من يعش هنا ..يعرف أن هؤلاء الذين يذهب الواحد منهم كمواطن صالح لاستخراج بطاقة انتخابية , نسبة قليلة
صحيح زادت هذه النسبة خلال فترة الحراك السياسي الماضية و بعضهم ذهب و حاول و لم يستطع استخراجها قبيل انتخابات الرئاسة
و لكنها قطعا أقل من نسبة هؤلاء الذين استخرجت لهم - بشكل استثنائي و خارج المدة المحددة - بطاقات انتخابية من قبل المرشحين , خاصة مرشح الوطني
( علمت مؤخرا أن الإخوان أصبحوا يستطيعون ذلك ... و يقومون به في بعض الدوائر !)
كما أنه من المتواتر هنا أن النائب الحالي "مرشح الحزب الوطني " يقوم بتوظيف بعض الشباب مقابل أن يأتوا اليه بعشرين بطاقة انتخابية لزملائه أو أقاربه
و بعض الشباب ممن ينشطون مع مرشحين مستقلين - ممن لا علاقة لهم بالسياسة - يحدثني عن " كراتين " البطاقات لدي كل مرشح ...بطاقات أهله و عزوته أو عمال مصنعه او محلاته

أدفع الإحباط و أذكر نفسي أن وصول صوتنا و أفكارنا هنا - و استمرارها في الوصول - أهم من الفوز بكثير
......................
أثناء طي لافتة ..يقترب شاب و يسألنا بلهجة العالم ببواطن الأمور مشيرا لجملة "المناضل الاشتراكي " : " عارفين يعني ايه اشتراكية ؟"
- يعني ايه ؟
- يعني الاتحاد السوفييتي ! .......(و يمضي الشاب في طريقه مسرعا)
- متشكرين قوي يا سيدي !

يجد بعض الشباب المشاركين - من غير الاشتراكيين - نفسه في موضع دفاع عن الاشتراكية
هؤلاء البعض ليسوا كثيرا في ظل غلبة اليسار بتنويعاته علي انتماءات الشباب
و في الغالب يوجهون الحوار نحو حديث عام عن العدالة الاجتماعية و حقوق الفقراء و البسطاء.
استكمالا لما قلته عن رايي في أفضلية توحيد شعارات مرشحي كفاية ...أري أيضا أفضلية تصدير برامجهم بمطالب " كفاية " و البرنامج السياسي للجبهة الوطنية للتغيير
و لتتراجع الأيديولوجيات الخاصة لكل مرشح الي المرتبة الثانية
لا أستطيع أن أنكر علي تيار الاشتراكيين حقهم في بدء العمل في امبابة و رفع شعاراتهم الخاصة خلف مرشحهم الوحيد
و لكن ربما أري أن الدعوة للمطالب السياسية و الاجتماعية التي تطالب بها قوي التغيير لا تبتعد كثيرا عن سقف خطابهم الحالي الذين لا يستطيعون تجاوزه " الآن " الي أقصي الأفق لظروف يعلمها الجميع
بعضها يتعلق بالاشتراكية و صورتها و أوضاعها الحالية
و بعضها يتعلق بالجمهور المخاطب
فهذا الجمهور تعرض لفترة ليست بالقصيرة بتجاهل من كل فصائل العمل السياسي و ترك نهبا لدعوات الدعاة السلفيين و غيرهم التي يتصدرها " القالب الجاهز " :
" لقد فشلت الرأسمالية و فشلت الاشتراكية و لم يبق الا الاسلام...الاسلام هو الحل "
بكل ما في هذه العبارة من اختزال مخل للتاريخ و الواقع , و من مقارنة بين دين و نظريات سياسية انسانية , و من تحويل الاسلام الي أيديولوجيا للخلاص في استغلال لحالة اللاوعي السياسي المسيطرة
و لكن هذا هو الواقع
كثيرون تعطافوا مع كل ما في أوراقنا و لافتاتنا و لكن وقفت في حلوقهم كلمة " الاشتراكية "
.................
في مقر الحملة أقرأ خبر في جريدة " الشرق الأوسط " عن تعاطف إسلاميي إمبابة حتي المنتمين للجماعة الإسلامية مع المرشح " الاشتراكي " كمال خليل
كاتب الخبر من الصحفيين المتابعين للحركات الإسلامية ..أتمني بشدة أن يكون كلامه صحيحا ...و لكن أحتفظ بشكوكي
ربما كان الصحفي مقربا من القيادات الأسيرة في المعتقلات و كتبة البيانات من الزنازين ..
و لكن الجمهور السلفي المنفرط عن قيادته متجها نحو سلفية غير سياسية و متجاهلة لكل ما هو سياسي ...لا أحد يعلم توجهاته لانه غير منظم اساسا
أحاول الحفاظ علي تفاؤل دافع للعمل ....أعيد الجريدة للشباب مرددا : " جميل " .. مذكرا نفسي بعدم تقديم الاخوان لمرشح علي مقعد الفئات
- رغم ضآلة شعبيتهم في إمبابة مقارنة بالتيار السلفي فهذه لفتة جيدة تجاه الجبهة -
أقرأ في جريدة " الوفد " تدوينتي " في حواري إمبابة مع كمال خليل " معدة و مختصرة لتصبح خبرا صغيرا بجوار موضوع كبير عن مرشحي الوفد في إمبابة (أحدهما ضد كمال بالطبع ).
( صباح التحالف يا وفد )
من بين المحذوف من كلامي أذكر جملة " فساد الرئيس و العائلة و الحاشية "
( الأدب فضلوه علي المعارضة )
.................
علي مائدة الإفطار و التليفزيون يذيع اعلانا عن مرشحي الوطني " أمل مصر " ....يصلني خبر عن مرشح الوطني في إمبابة ..
أثناء مروره في جولة .....تجمع حوله بعض الأهالي الساخطين -ربما يكونون من أنصار مرشح آخر - و اختطفوه الي داخل حوش أحد المنازل و انهالوا عليه ضربا !
في مؤتمره التالي قال أنصاره - أمام منظر الكدمات - أنه تعرض لحادث أثناء نزول السلم ...و ضحك العالمون بالخبر !
أقارن ذلك بمسيراتنا ....أقبل كفي ظهرا و بطن .... و أقوم من مائدة الإفطار قائلا : " الحمد لله ..رضا "
و أفكر كيف يمكن إدخال هذه " العلقة الساخنة " من ثقب صندوق الاقتراع ...

28 October 2005

عين الطائفية



ما نقلته الصحف عن تأييد و دعم الإخوان المسلمين لمرشح الحزب الوطني ماهر خلة عن دائرة غبريال (بها محرم بك مسرح الفتنة ) , بزعم تقديم " أنموذج للوحدة الوطنية" ...هو في حقيقة الأمرعين الطائفية .
فاتخاذ الموقف من مرشح لمنصب سياسي باعتبار دينه ,و تجاهل برنامجه السياسي و تاريخه , أوضح صور الطائفية و أحد أشكال تكريسها , حتي و لو أيد الإخوان " المسلمون " ماهر خلة "المسيحي " .
و لا أجد في ذلك تشابها مع مساندة كل أطياف المعارضة المصرية لمنير فخري عبد النور مرشح الوفد ضد مرشح الحزب الوطني في انتخابات الدورة السابقة .
فهذه المساندة جاءت لتقف مع مرشح وطني علي أساس موقفه السياسي , ضد مرشح حزب هيئة المنتفعين و ضد دعاية طائفية شنها ضده هذا المرشح ..
و بدا لي أنه لزم التنويه .

25 October 2005

(في إمبابة مع كمال خليل (2



قلت أجرب شيئا آخر ...
في المسيرة الثالثة لحملة كمال خليل الانتخابية في امبابة , أمس (الاثنين) , فكرت أن أبدأ مع المسيرة بتوزيع الأوراق و الحديث مع الناس .
المسيرة السابقة اكتفيت بحمل عدد من اللافتات و الهتاف مع الجمع و مراقبة ما يحدث
أخذت مجموعة من الأرواق ..." برنامجي للتغيير " .. " مرشحكم كمال خليل "
في شارع طلعت حرب أوزع الأوراق علي المارة و في المحلات و من نوافذ السيارات
- السلام عليكم ...كمال خليل مرشح المعارضة
- كيف الحال يا شباب ...كمال خليل مرشح تحالف المعارضة ( يبدو ذلك أقوي )
- مساء الخير ...كمال خليل مرشح كفاية ( يعطي ذلك تأثيرا أكبر )
وحدت خطابي
- ..... كمال خليل مرشح تحالف المعارضة و حركة كفاية
في شارع زكي مطر ,داخل محل ترزي
- السلام عليكم ...كمال خليل ....إلخ
الترزي : ( مخرجا لي من جانبه صورة مرشح حزب الغد ) معارضة أيضا يا بيه
- التوفيق للجميع
سيدة شابة محجبة تسألني و هي تنقل بصرها بين المسيرة و بين باطن معصمي (!) :
- هو اسمه كمال خليل إيه
- ليه ؟ تفرق ؟
-طبعا
- أعتقد كمال خليل إبراهيم
( لا يشفي ذلك غليلها ...تريد أن تسمع محمد أو جرجس لتحسم أمرها)
- كمال خليل ابراهيم ايه
- لا و الله لسه ما ناسبتوش
- أمال ماشيين معاه إزاي ؟
-...................... !!

دخلنا شارع الأقصر ( ننحدر الي المناطق الأكثر بؤسا و عشوائية )
شباب ينظرون للافتات الحمراء يظنون انها مسيرة للأهلاوية
شرقاوي يندمج و يتألق في الهتاف و ينتشي الناس و يبتسمون أكثر للهتافات ضد مبارك و جمال و سوزان و الحزب الوطني
هتاف لا أذكره بالضبط أعرف منه ان كمال خليل رمز المصباح
ألاحظ أن الهتافات الاحتجاجية تجذب انتباه الناس أكثر و أكيد أنها تميز كمال خليل عن غيره
أفكر لو هتافات تربط هذه الشعارات الاحتجاجية بمهمة كمال خليل في البرلمان
يجاوبني فورا الهتاف :
" قول يا كمال ايه أفكارك ....يسقط يسقط حسني مبارك "
" بره المجلس ايه أفكارك ...يسقط يسقط حسني مبارك "
" جوه المجلس ايه أفكارك ..يسقط يسقط حسني مبارك "
" جوه السجن ايه أفكارك ...يسقط يسقط حسني مبارك " (!)
..............
نفذت الأرواق , و فورا تلحظني رشا عزب و تسلمني طرف اللافتة الحمراء الكبيرة ( قدري )
يتداخل صوتنا مع أصوات من ميكروفونات سيارات الدعاية لمرشحين آخرين
يذهب كمال خليل و يحيي نشوي الديب من ميكروفون سيارة دعايتها
" كمال خليل يحيي الاستاذة الصحفية نشوي الديب و كلنا إخوة و يد واحدة "
يعلق أحد المارة :
- لما حبايب كده ما يقفوا مع بعض و واحد بس ينزل
أجيبه
- معلش يا حاج ...جبهة المعارضة لسه في سنة أولي ...بكره نكبر

في شارع الوحدة يكاد كمال خليل أن يحيي " عبد المنعم عمارة " يهتف بعض الشباب اليه ألا يفعل
" عبد المنعم عمارة" هذا أحد المشتاقين للمجلس من قديم ...تاريخه و سمعته ليسا فوق مستوي الشبهات
عضو في الحزب الوطني ..ينزل الانتخابات ممثلا له أو مستقلا ..المهم أنه مرشح دائم و لم يفز أبدا
حسنا فعلوا

.....للمرة العشرين يخبرنا أحد الرفاق أننا نحمل اللافتة بشكل خاطيء
الشوارع قبل شارع الوحدة ضيقة ..نشدها بالطول ...اذا جعلنا وجهها للداخل تكون الملاحظة اننا نجعل وجهها لداخل المسيرة
اذا جعلناه للخارج تكون الملاحظة اننا نجعل وجهها للحائط لا للناس
بعض الرفاق بدافع من الحماسة لتصحيح الخطأ - من وجهة نظره - كان يشد أطراف اللافتة من أيدينا بدون كلام ثم يعيدها لنا في الوضع الذي يفضله ثم يواصل طريقه في هدوء
...أشعر اني مخبول مثلا عندما بقوم أحدهم بهذا
أبتسم انا و رفيق اللافتة بعد ان استسلمنا تماما لتصحيحات الرفاق
(اقترح عقد مؤتمر حاشد أو دورة تدريبية تحت عنوان .." أين يجب أن تجعل وجه اللافتة " ) !

يسألني شاب : هو كمال خليل منين
- من امبابه
- منين يعني من امبابة
- مش عارف
- أمال ماشيين معاه ازاي
( الفكرة السائدة أن تأييد مرشح مرتبط بمعرفة شخصية وثيقة أو بعصبية ما ...يبدو أن ابن خلدون لا يزال مفكرنا المعاصر )
- لحظة أسال لك
أسأل خالد فيجيب : أرض الجمعية
- أرض الجمعية يا سيدي ...من هنا يعني
كنا ساعتها عند مدخل أرض الجمعية ..عند السلم ( معبر صغير فوق شريط قطار )
فجأة بدأ الاحتفال ...ظهر عود من تحت الأرض و تراص الرفاق علي درجات السلم و أمامه
بدأ أحمد اسماعيل - في الغالب هو - في الغناء
دولا مين ...يا فلسطينية ...شيد قصورك ....اصحي يا مصر
يبدأ عدد من الناس في التجمع و تنفتح نوافذ عديدة و يجلس آخرون في الشرفات يستمعون للحفل و هم يدخنون أو يتناولون كوبا من الشاي
سهرة رمضانية مجانية للمقاهي المجاورة للسلم
أفكر :
لماذا لا يترشح في كل دائرة عضو من كفاية بغض النظر عن الامكانيات و الفرص
فقط لكي يملأوا الدنيا صخبا جميلا و يستمتعوا بالغناء في الشوارع
يا لها من بهجة
لولا فقط أني لم أتمكن من التصفيق لاني ظللت واقفا طوال الحفل حاملا اللافتة الحمراء الكبيرة مع زميلي المسكين الآخر !
مؤكد سأطالب بالاحتفاظ لنفسي بهذه اللافتة الصديقة في نهاية الحملة ...



دعوة للمصارحة و المصالحة



شارك برأيك أو اقتراحك أو توقيعك علي بيان مجموعة من مدوني و مدونات مصر حول أحداث الفتنة في الإسكندرية
http://egyptnow.blogspot.com

24 October 2005

حكايات ديمقراطية علي سلم نقابة المهندسين


سلم نقابة المهندسين ثلاث درجات لا أكثر و ليس مثل أخيه فارع الطول و صاحب الصولات الوطنية سلم نقابة الصحفيين ...
كان السلم الصغير مكان وقفة المهندسين الاحتجاجية أول أمس - السبت - التي دعا اليها تجمع " مهندسون ضد الحراسة " احتجاجا علي مماطلة الحكومة في تنفيذ أحكام القضاء برفع الحراسة القضائية المفروضة علي النقابة منذ أكثر من عشر سنوات , واحتجاجا علي مماطلة لجنة التسيير المعينة في الدعوة لعقد جمعية عمومية للمهندسين تعد لانتخابات مجلس النقابة .
علي السلم و أمامه تجمع أقل من مائة شخص ...يشملون الصحفيين و المصورين و السادة المخبرين و أفراد الأمن و بعض الضباط
انتشرنا بعرض واجهة النقابة في مواجهة الشارع نحمل اللافتات الكرتونية وفي الوسط المتحدثون من قادة التجمع ...و تجمع الباقون في مواجهتنا و ظهرهم للشارع كجمهور للمؤتمر الذي سينعقد

المصورون الجادون يحاولون اختيار زوايا تصوير جيدة لكي نبدو كحشد كبير....
أزعجني أحد عمال النقابة الواقفون خلفنا قائلا : " بقي هم دول كل مهندسين مصر اللي بيطالبوا بنقابة حرة "
التفت خلفي فتوجس ....و لكن قلت : " معاك حق "

...........................
المهندس عمر عبد الله- إخوان مسلمين - افتتح المؤتمر بحمد الله و الصلاة علي رسول الله و حيا الحاضرين الذين يقفون اليوم موقفا يغيظ الكفار - علي حد تعبيره !!!!
المهندس مجدي قرقر - حزب العمل - اعتلي المنبر بعده و قال أنه يتمني أن يكون هذا اليوم في ميزان حسناتنا و كلام من هذا القبيل ......
حتي انفجر أحد المهندسين - حسني عبد الرحيم - صارخا : " دي خطبة جمعة ....عاوزين كلام نقابي "
قرقر - باسما في حرج - : " الكلام النقابي بعد صلاة الجمعة ان شاء الله "
.........................
مهندس آخر - لم ألتقط اسمه -غالبا أخواني - أول ما أمسك الميكروفون قال : " رغم أنف حسني عبد الرحيم ...الحمد لله و الصلاة علي رسول الله ثم أما بعد ....."
........................
بعد كلمات أخري " نقابية " من مهندسين منتمون لتيارات مختلفة في التجمع أنهي المنظمون المؤتمر بعد قراءة بيان يندد و يشجب و يدعو الرئيس للتدخل
طلبت مهندسة الكلمة و رفض المنظمون لان المؤتمر انتهي ....
اعتلت المهندسة الدرجات الثلاث و صرخت :" هاتكلم من غير ميكروفون "
شعروا بالحرج - الصحفيون و الكاميرات لا يزالون هنا - و اعادوا الميكروفون و أعطوها الكلمة ..
سحبت نفسا عميقا ثم صرخت فيهم :" هذه نقابة للمهندسين و المهندسات .....و لا مهندسة واحدة في مؤتمركم !؟ "
بعد أن هدأت قليلا قالت انها درست الحقوق أيضا و سوف تقدم دعوي أمام المحكمة الدستورية ببطلان فرض الحراسة علي أي نقابة مهنية .
وفي نهاية كلمتها رفعت سبابتها و وبختهم قائلة " حسكوا عينكم ألاقي مؤتمر بعد كده ما فيهوش مهندسة ...الديمقراطية مساواة أولا "
.....................
المهندس خالد محمود - الوفد - أنهي المؤتمر بنكتة ظريفة
قال انه في حديثه لمهندس مخضرم " فضفض" قائلا أنه من المؤسف كون النقابة تحت الحراسة ...
رد المهندس المخضرم بحدة قائلا أن هذه افتراءات مغرضة تروجونها أيها السياسيون ...
وأقسم أنه يتررد علي النقابة بشكل شبه يومي لاستخراج ترخيص و شهادات و لم ير و لا حتي فرد أمن واحد امامها أو داخلها !!
..................
" حلوة ؟ "

22 October 2005

في حواري إمبابة مع كمال خليل


في التاسعة بالضبط مساء الخميس الماضي كنت في ميدان الكيت كات ...وقفت أنتظر قدوم الشباب و أنا أحاول أن أتوقع خط سير المسيرة الانتخابية لكمال خليل التي أعلن أنها ستكون من ميدان الكيت كات الي نفق امبابة
هل ستسير بحذاء النيل ام في شارع السودان ثم شارع المحكمة ... و كلاهما طريقان في غاية الضيق و الازدحام
.....................
ما حدث اننا دخلنا الي حواري الكيت كات ...تلك التي ربما شاهدتموها في فيلم " الكيت كات " لداود عبد السيد
" شقوق في البيوت
بيوت في الشقوق "
هذا أفضل تعبير عن هذه المنطقة... لخصه " نجم " في قصيدته " حارتنا "
حواري أضيق من عرض اللافتات التي اضطررنا لطيها أو شدها بالطول في اتجاه سيرنا
مقاهي تكاد تقارب في عددها عدد البيوت / الشقوق التي لا تستطيع أن تمثل في بنيتها العشوائية الصغيرة أي فضاء اجتماعي
فيستقر الرجال علي المقاهي و تتنقل النساء بين الشقق أو أحواش المنازل أو " فسحات " الأدوار
الأطفال طبعا في الشوارع ليل نهار ... بخلاف الوقت المستقطع في المدارس
طبعا هذه الحواري لا يمكن ان تمر بها السيارات ...لذا فان حملات المرشحين الآخرين تدور حولها و لا تدخلها
و من قال ان كمال خليل مثل باقي المرشحين
كمال خليل لا يرتدي بذلة و كرافتة بل قميص و بنطلون و جاكيت و يضطر الشباب الي الاشارة اليه ليعرف الناس انه المرشح
كمال خليل لا يسير في تؤدة محييا الجماهير في كبرياء ...انه يمسك الميكروفون و يقود الهتاف
و بخلافهم لا يتحدث عن الخدمات و المشاريع و الاعانات.. انه يتحدث عن فساد النظام ...فساد عصر مبارك و ولده و العائلة و الحاشية
يتحدث عن مصر أخري جديدة بلا طواريء و بدستور جديد يحترم الانسان ...مصر بلا معتقلين و لا معتقلات ...و بلا حزب للمنتفعين و عصابات الفساد ...مصر للفقراء و للمستقبل
هتافه و حديثه كانا بالنسبة للناس أشبه بصدمة كهربائية
مظاهرات وسط البلد أتت اليهم في حاراتهم الضيقة .... هتاف " كفاية " الذي يسمعونه في الفضائيات يسمعونه من شرفات منازلهم
أحد المناضلين لا يتحدث علي الشاشة و لا عبر صفحات الجرائد ...انه يدخل عليهم المقهي باسما و يصافحهم واحدا واحدا قبل أن يطلق طلقات مدفعه ضد المفسدين و المستبدين
كثيرون ابتسموا ابتسامة الحكمة العاطلة و غمغموا : " و لو .... مفيش فايدة ".... و كثيرون صفقوا و هتفوا بل انطلقوا علي سجيتهم يسبون الشاذلي و سرور و والي , عندما تلفتوا حولهم و لم يجدوا جحافل أمن مركزي و لكن وجدوا شبابا يحملون اللافتات الجريئة و يهتفون الهتافات الأجرأ
الأطفال انتابهم فرح هزلي عندما شاهدوا الكرنفال يدخل حارتهم ..و بعضهم تابع المسيرة لنهايتها
الشباب الهازل يبحثون سريعا و في تلقائية عن " إفيه " و يلوكون السخرية.. الأفيون الأكثر انتشارا بين الشعب المصري ...
الشباب الجاد يتأملون المسيرة من خلف نظارات النضال التعليمي ...طريقهم الوحيد نحو الترقي الطبقي الذي ربما يقضي عليه ضابط أمن الدولة المكلف بقتل الأمل و النخوة في نفوس المصريين
المسيرة نفسها كانت تعبيرا من أصدق التعبيرات عن الواقع الجديد
شباب الاشتراكيين مع شباب من تيارات أخري و مستقلون و منتمون لكفاية و غيرها
صحفية من الدنمارك تجاذبت أطراف الحديث معي
أظن انها اما مهتمة برصد الواقع المصري عن قرب أو انها من بين الناشطين الأجانب الذين يتواجدون في المظاهرات كـ "كارت " تأمين لتجنب البطش الأمني
تسألني عن أفضل ما نتوقعه
أجيب منحدرا من قمة التفاؤل الي سفح الواقعية
نتمني حصول المعارضة علي نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان القادم تتيح صوتا أعلي و تأثيرا أكبر لتحالف المعارضة و حركات التغيير
و ربما نتمني حتي نسبة معقولة تمثل زيادة في ثقل المعارضة عما سبق قبل تحالفها و قبل ميلاد تيار التغيير
و علي الأقل هي فرصة لنشر أفكار التغيير و الاقتراب أكثر من الجماهير من خلال حملات المرشحين و استغلالها لتوسيع رقعة النشاط
........................
من الحواري الي الشوارع الرئيسية ...نستطيع الآن أن نشد اللافتة الكبيرة الحمراء : " المناضل الاشتراكي كمال خليل ...مرشح دائرة امبابة - فئات ....مرشح التغيير "



18 October 2005

! يا باشمهندسين


من حوالي 25000 مهندس أعضاء في نقابة المهندسين الفرعية بالجيزة , شارك الليلة في الجمعية العمومية غير العادية التي دعا اليها مجلس النقابة الفرعي بإذن من الحارس القضائي و أعلن عنها في الصحف الرسمية من فترة .....شارك و لله الحمد 70 مهندسا !
من هؤلاء السبعين مهندسا , يمكن عد المهندسين الذين لا ينتمون للاخوان المسلمين علي أصابع اليد الواحدة !
.......................
هل نلقي باللوم علي جموع المهندسين في مصر المفرطين في حقهم في مجلس نقابة منتخب ؟
أم نلقي باللوم علي النظام المسؤول عن تخريب روح الشعب المصري الي الحد الذي جعل عددا غير قليل من زملائي بالعمل ينظر لي و أنا أدعوه للحضور و كأنني أنوه عن موعد اجتماع الخلية الثورية ؟
أم نلقي باللوم علي التيارت السياسية المختلفة التي تبدي فتورا في التعامل مع قضية خطيرة مثل فرض الحراسة علي نقابة المهندسين لكل هذه الفترة , لانها تعلم قوة و نفوذ الاخوان بين المهندسين و أنهم في النهاية سيحصدون الثمار ؟
هل نلوم الاخوان علي نشاطهم و ايجابيتهم و التزامهم و التي يراهم البعض استيلاءا و احتكارا النقابة ام نلوم الأخرين ( التيارات و الأفراد ) علي التقاعس ؟
.....................
الجمعية العمومية الليلة لم يكتمل نصابها في الموعد المحدد ( السابعة مساءا ) فتأخرت ساعتين و اجتمعت بعد اكتمال النصاب بخمسين عضوا حسب اللائحة
القرارات عادية تطالب برفع التوصيات للحارس القضائي بضرورة احترام أحكام القضاء و الدعوة لجمعية عمومية تمهيدا للانتخابات

الأهم : دعوة لكل المهندسين للمشاركة في وقفة احتجاجية السبت القادم 22 أكتوبر الساعة الواحدة ظهرا أمام مبني النقابة العامة بشارع رمسيس
للمطالبة برفع الحراسة و عقد الجمعية العمومية و إجراء الانتخابات


15 October 2005

رجعوا التلامذة ؟


قضم " شربيني " الجزء الأخير من أغنية "رجعوا التلامذة " و اعتذر بأنه لا توجد الحرية الكافية لأكمالها
هكذا صدمني في حفلته أول أمس- الخميس - في الساقية ..فأنساني ساعتها ذلك الجزء الأخير من أغنية الشيخ إمام الشهيرة
..........
طلعوا التلامذه
ورد الجناين
اسمع يا ميلص
وشوف وعاين
ملعون ابوك ابن كلب خاين
يا صوت اميركا
يا امريكاني
............
هذه هي البقية " المحظورة " و التي تذكرت اني سمعتها من إحدي تسجيلات إمام و هو يقول بدلا من " ميلص " .." هيكل " و لا أدري السبب أو القصة و أتمني بشدة أن أعرف
كما أني سمعتها أيضا بصوت نجم في إحدي جلساته و هو يقول " مبارك " بدلا من " ميلص "
و غالبا ميلص الأساسي هو السادات
و يمكن أن يكون أي شخصية يختارها المزاج العام لحظة القاء القصيدة أو الغناء

.............................

خرجت أنا و " عبده " من الحفل في نصف انتشاء , فنحن نفضل شربيني و فرقة نغم مصري مع التخت الشرقي بعيدا عن الكي بورد و الجيتار و الدرامز
عبده يشجبهم بشدة ... اما أنا فأري توزيعه بهما موفقا في بعض الأغاني... و لكن أغاني أخري روحها تتعكر من صخب الموسيقي و فقرات الارتجال الطويلة للجيتار أو الدرامز
و لكن شربيني علي كل حال يبهرني باختياره الرائع للنصوص التي يغنيها ...كما يبهرني أيضا باعادة تلحينه لأغاني الشيخ إمام و غالبا ما أري أن لحن شربيني يفضل لحن إمام
حاول أن تستمتع مثلا الي " كلمتين لمصر" أو " عبد الودود " أو " أنا رحت القلعة " من كليهما و قارن

....................................

....و بعد طبقين " معتبرين " من الفول علي سبيل السحور
و أمام كوبين من الشاي علي مقهي البورصة ....
أخذ " عبده " يبث شجونه عما يجري في الجامعة الآن ..
نسيت أن أعرفكم بـ" عبده " ... عبده صديق يصغرني ببضعة أعوام و لا يزال طالبا في السنة النهائية بالجامعة
و هو أحد الأفراد المختلفين في تيار " الإخوان المسلمين " و مؤكد انه من المنشقين في المستقبل
وأنا ان كنت أتمني ذلك راحة لأعصابه, فلا اتمناه اذا اخذت في الاعتبار مصلحة الإخوان ..فالاصلاح من الداخل أراه أجدي بالنسبة لجماعة عنيدة مستعصية علي النصح
أخذ عبده يروي لي طرائف من واقع تعامل الإخوة في هيئة التنسيق بين التيارات السياسية في الجامعة " جامعتنا " مع " الأخوات " المناضلات ذوات الجينز و البادي و الكيرلي !
و كيف يفتقد بعض ممثلي الإخوان القدرة علي الالمام بتنوعات هذه التيارات و تمايزاتها مما يصعب من التنسيق و العمل المشترك
كما يفتقد هؤلاء الممثلون الصبر علي التعامل مع تيارات ذات حجم " مجهري " بالنسبة للإخوان - علي حد تعبير عبده - و مع ذلك يملأو ن الدنيا ضجيجا ,و يقضون الليالي قياما - أثناء صياغة البيانات المشتركة - اعتراضا علي حرف جر أو أداة توكيد يرونها تمثل فارقا في التعبير عن أيديولوجيتهم الدقيقة !
و أخذ يروي لي ماذا فعل هذا التيار ذو الخمسة أفراد في جامعتي القاهرة و عين شمس و ذاك الآخر ذو الفرد الواحد في كل جامعات مصر !
خفف عبده من وطأة هذه الحكايات " الاستعلائية " بانتقاده لوعي القواعد من طلاب الاخوان و انها لا تزال اسيرة الخطاب الديني الوعظي و ان ذلك لا يواكب التوجه الجديد للاهتمام بالقضايا الداخلية سواء الوطنية العامة أو تلك التي تتعلق باستقلال الجامعة
و ربما كان التعامل مع هذه التيارات " المجهرية " يفيد - بالنسبة للاخوان - في اثراء وعيهم فيما يتعلق بالقضايا السابقة و كيفية العمل مع التيارات الأخري ,و مفيد للتيارات الأخري من حيث الزخم العددي في أنشطة " جامعتنا " .
علي الجانب الآخر يلمس الناشطون في الجامعة شبه انفراجة في التعامل معهم اذا استثنينا التصعيدات الأخيرة.
و يلمسون من الهيئات الطلابية المحسوبة علي الإدارة- مثل الجمعيات العلمية و الأسر الموالية - نشاطا حقيقا , مما قد يعزز احتمالات اجراء انتخابات حقيقية هذا العام في اتحادات الطلاب
و ان كنت لا أتفاءل كثيرا و لا أتوقع ذلك , فالفلسفة الحالية للنظام براجماتية , ربما تتجه لللعب بنظافة ظاهرة اذا ضمنت أوراق اللعبة مسبقا - مثل حالة انتخابات الرئاسة في شقها الإجرائي - و لكن هذه الفلسفة مارست قبلها ألعابها القديمة فيما يتعلق بالتعديل الدستوري .
و في الغالب الانتخابات عامة يجري هندستها لاخراج مسرحيات تنافسية ظاهريا منزوعة الدسم !

................................

يحق لمن يريد أن نتفاءل ...
فشعار حملة الأخوان الجديدة "معا للإصلاح .. جامعة حرة ...وطن حر " يعبر عن اتجاه جديد يمد يدا للقوي الوطنية و يحاول تأخير شعاراته الاسلامية قليلا
كما أن تأسيس جبهة لكل التيارات السياسية في الجامعة تحت شعار " جامعتنا " هو في حد ذاته شيء ممتاز ان تم تفعيله
تأسيس تجمعات طلابية جديدة في الجامعة مثل ( اللجنة الطلابية لشباب من أجل التغيير) و ( طلاب من أجل التغيير) امتداد هام لحركة التغيير داخل الجامعة

و لكن من جانب آخر بعيد عن التفاؤل ..
اتجاه الاخوان لاستعراض القوة في فعاليات شبه منفردة يواجه صلف بعض القوي في تعاملها مع احتمالات التحالف مع الأخوان ( حزب التجمع مثلا )
كما أن هذه الجامعة الحرة لن تكون حرة للجميع فالاخوان في الجامعة يدخلونها منظمين و معهم قوتهم الضاربة التي حصدوها من العمل في الدعوة الدينية خارج الجامعة بينما التيارات السياسية لا تملك نفس الساحة و ستصطدم بالاتحادات " الإسلامية " المنتخبة
فهل نعود لنشهد معارك التيار الاسلامي مع الطلاب المستقلين و أعضاء التيارات الأخري حول مسرحية تشارك فيها فتيات أو معرض يرونه غير ملائم أو غير ذلك
أو تنتهي المطالبة بالقضايا الوطنية من أجل عيون شهر عسل طلابي بين اتحادات منتخبة تراعي " مصلحة الدعوة " لا صالح الوطن... و بين إدارة سوف تختار أخف الضررين و علي الأقل تصد الحركات الجديدة في الجامعة و الأخوان مهما يكن أمر واقع !
هذه مخاوف لا تنتمي الي تبريرات الاستبداد و لكنها أمنية لجامعة مفتوحة يتاح للجميع فيها العمل بشكل متساو و انتخابات حقيقية تدفع الجميع للمشاركة و وعي حقيقي يعرف ان الديمقراطية ليست تحكم و استبداد و وصاية الأغلبية
و لكنها أولا حد أدني من الحقوق و الحريات للأقلية .
و إهدار هذا الحد الأدني هو قرين لديمقراطية المرة الواحدة ...فهو يقطع الطريق علي الآخرين مما يعزز سيطرة الأغلبية الحالية لتكون أغلبية أبدية
هذا الكلام يمكن توجيهه للحزب الوطني خارج الجامعة كما يمكن توجيهه لبعض الاتحادات الطلابية " الإسلامية " المنتخبة السابقة
كما أن انقسام شباب التغيير في جامعة الي حركتين : واحدة يقودها شباب الكرامة (طلاب من أجل التغيير ) و أخري يقودها الاشتراكيون ( اللجنة الطلابية ) ليس شيئا يثير التفاؤل
و جهود الاتحاد في حركة واحدة حتي الآن مجمدة....و أتمني ان نسمع غير هذا مستقبلا
فلا أعتقد أن حجم الحركتين و قدراتهما منفردتين تحتمل هذا الانقسام
و الاعتداد الشديد بالانتماءات السياسية داخل جبهات التغيير في مجتمع معرض عن السياسة اهدار للجهد , بينما الجهود الجبهوية لدفع المجتمع للتسييس تبقي أكثر عقلانية و عملية ان خلصت النوايا
و فوق كل هذا و ذاك لا تزال الأغلبية الصامتة ملتصقة بحائط الأمان الزائف
و حتي حشود الأخوان الألفية تتحرك كما قال ابن عبد العزيز بالأزرار التي يتحكم فيها مكتب إرشاد له حساباته و معادلاته الخاصة


أخيرا : أنا لا أؤمن كثيرا بالهتاف الذي يقول : " السكة مش طويلة " فأنا أراها طويلة و هذا ضروري لنعرف كيف نقطعها
لا مانع أن نهتف بهذا في المظاهرات لنمني أنفسنا و لكن لا لنخدع أنفسنا
فلا زالت " السكة " فعلا طويلة لكي نقول : " رجعوا التلامذة للجد تاني "
و لعلهم في الطريق


13 October 2005

" مساطيل من أجل التغيير "


مساء الفل !

دشنت حركة " مساطيل من أجل التغيير " نشاطها الليلة و قام مؤسسا الحركة : كاتب هذه السطور و خطيبته , بالتوجه إلي ميدان السيدة زينب في تمام التاسعة , و بحوزتهما فانوسان و بالونتان صفراوان .
و قام العضوان المذكوران بالتظاهر الصامت جيئة و ذهابا في الميدان لمدة نصف ساعة...
و قد أعربت جموع الحركة ممثلة في العضوين المذكورين عن استيائها البالغ من عدم تواجد أية قوات أمن بمكان المظاهرة مما اعتبرته الحركة الوليدة استهانة بها !
ثم تقرر انهاء التظاهرة إثر مكالمة هاتفية مع أحد الشباب الذي أوضح أن موعد مظاهرة " كفاية " الأربعاء القادم و ليس الليلة ....... و بناءا علي ذلك أعلنت الحركة تأجيل ما تبقي من التظاهرة الي الأربعاء القادم 19 أكتوبر دعما لحركة كفاية .
و تعلن الحركة عن استمرار قيامها بالتظاهر العشوائي المزمن في أماكن و أوقات غير محددة و لأسباب غير معلومة..
و ستعلن الحركة عن أنشطتها بعد القيام بها, منعا لتعكير صفو مزاج الحركة الجديدة !