29 April 2006

مالك معتقل



اكتشفت اليوم , فجأة , أني لم ألتق " مالك " إلا مؤخرا .
مالك من الأشخاص الذين تندهش عندما تقارن محبتك لهم , بالوقت الذي قضيته معهم.
لا أشك أنه , كعادته , يملأ الوقت بهجة هناك , و يتركنا هنا للحزن و الحنق .
لن أسامحه علي ذلك !

28 April 2006

لمساندة المعتقلين ... و قائمة شبه نهائية بأسمائهم


تشكلت لجنة إعاشة لتوفير احتياجات المعتقلين من طعام و أغراض شخصية و أدوية للذين يحتاجونها . اللجنة تجتمع في مركز هشام مبارك للقانون ( 1 ش التوفيقية بالقرب من تقاطع شارعي طلعت حرب و 26 يوليو بوسط القاهرة .. الدور الرابع .. هاتف : 5758908 و للاتصال باللجنة م عادل واسيلي 0101013621)
و تقوم اللجنة أيضا , بمساعدة المحامين , بتوصيل ما يحتاجه معتقلون بعينهم, مثل الكتب الدراسية للطلاب.

يمكن التطوع لمساعدة اللجنة , كما أنها في حاجة إلي التبرعات حيث قارب عدد المعتقلين الخمسين .

و هذه قائمة شبة نهائية للمعتقلين. من
موقع كفاية و محاميي مركز هشام مبارك.

الدفعة الأولي (اعتقلوا فجر الاثنين 24 إبريل ) :
1- أحمد ماهر
2- أحمد عبد اللطيف
3- أحمد البدري،
4- عماد فريد
5- حمادة فيصل
6- أحمد الدروبي
7- هيثم عبد السلام
8- محمود عبد اللطيف
9- محمد الشرقاوي
10- محمد مكي
11- محمد رمزي
12- محمد رشدي
13- باسم حسين
14- عادل فوزي
15- أحمد صلاح.

الدفعة الثانية (اعتقلوا مساء الأربعاء 26 إبريل ):
16- كمال خليل .
17- ساهر إبراهيم جاد.
18- جمال عبد الفتاح.
19- سعد عبد الله حمدي.
20- اكرم على حلمي
21- ياسر السيد بدران
22- إبراهيم الصحاري
23- حسين محمد على
24- محمد فوزي أمام
25- محمد عبد الرحمن كامل
26- محمد عادل فهمي
27- مالك مصطفي محمد
28- محمد أحمد الدرديري
29- سامح محمد سعيد
30- سامي محمد حسن دياب
31- بهاء صابر حميده

الدفعة الثالثة ( اعتقلوا يوم الخميس 27إبريل):
32- ابراهيم عبدالعزيزعبدالدايم

33- علي السيد علي
34- اشرف ابراهيم
35- عماد فهيم
36- كريم محمد
37- فتحي عبدالرؤف
38- وائل خليل
39- حمدي قناوي
40- حسن عبداللطيف
41- إبراهيم سيد عطيه
42- هاني لطفي صاوي
43 - علي الفيل
44 - محمد الشريف
45 -
محمد عبدالمنعم
46 - عزيز راجح
47 - أحمد شعيب
48 - علي أنس

و الدفعة الأخيرة تعرض الآن علي نيابة أمن الدولة بمصر الجديدة .و يتوقع لها المسار المعتاد


15 يوماً لكل 15 معارضاً



الدفعة الثانية من المعتقلين تم التحفظ عليهم 15 يوما علي ذمة التحقيق و انتقلوا من نيابة أمن الدولة بمصر الجديدة إلي قسم الخليفة تمهيدا لنقلهم إلي سجن طرة لينضموا إلي الدفعة الأولي , و التهم الموجهة إليهم هي : تجمهر لاكثر من 5 أفراد و سب رئيس الجمهورية و مؤسسات الدولة و الشرطة , و التعدي علي القائمين بالضبط !
الدفعة الثالثة التي اعتقلت اليوم ( تقريبا 15 معتقلا أيضا ) يتوقع عرضها غدا علي نيابة أمن الدولة بمصر الجديدة أيضا ليتم استصدار قرار بالتحفظ عليهم 15 يوما أيضا .. ثم المسار المعتاد .
اصطفوا بنظام , 15 تلو 15 .. و لكلٍ 15 يوما !


27 April 2006

القضاة يتضامنون مع المعتقلين و يطالبون بإقالة العادلي



وسط احتجاجات و مصادمات عنيفة بين الأمن و المتظاهرين , عقدت الجمعية العمومية الطارئة للقضاة في ناديهم بالقاهرة بعد أن تم تأجيل التحقيق مع المستشارين مكي و البسطويسي إلي الحادي عشر من مايو القادم .
شن القضاة هجوما شديدا علي الحكومة ممثلة في وزارة العدل و شجبوا ممارساتها التي تخرج عن إجماع القضاة الملتفين حول مجالس أنديتهم المنتخبة .
و قررت الجمعية مواصلة الاعتصام داخل النادي بأعداد رمزية , و دعوة كل القضاة الاحتشاد في ناديهم صباح 11 مايو للتضامن مع المستشارين أثناء التحقيق معهم .
و أعلن القضاة تضامنهم الكامل مع كل الناشطين الذين اعتقلوا و اعتدي عليهم أثناء فض الاعتصام الموازي الذي ظل ملازما لاعتصام القضاة تضامنا مع مطالبهم من أجل الاستقلال و شجبا لمحاولات المساس برموزهم .
و طالب القضاة بمحاسبة قيادات الشرطة التي اعتدت علي المعتصمين و علي القاضي محمود حمزة و طالبوا بإقالة حبيب العادلي وزير الداخلية .
و أثناء انعقاد الجمعية اعتقلت قوات الأمن عشرات من المتظاهرين المتضامنين مع القضاة , من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحركة كفاية و حركات التغيير و اعضاء النقابات المهنية و لم يتم التعرف إلا علي عدد قليل من أسماء المعتقلين .



الصور من بث الجزيرة مباشر

26 April 2006

اعتقالات جديدة و الأمن يحاصر ناديي القضاة بالقاهرة و الإسكندرية


شنت قوات الأمن مساء اليوم هجمة جديدة علي الاعتصام التضامني أمام نادي القضاة بشارع عبد الخالق ثروت و اعتدت علي المعتصمين و اعتقلت عددا كبيرا منهم قدره البعض بنحو 30 أو 40 معتقلا
و تحاصر قوات الأمن الآن نادي القضاة و نقابتي الصحفيين و المحامين بأعداد ضخمة

من المعتقلين (نقلا عن وائل عباس و علي الطيب و ياسر عبد الله ( عبر الهاتف ) و موقع حزب العمل و موقع كفاية ):

1- الدكتور يحي القزاز أستاذ جامعي/ حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات ( أطلق سراحه )
2- محمد عبد القدوس الاخوان المسلمون و عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين ( أطلق سراحه)
3- كمال خليل القيادي بحركة الاشتراكيين الثوريين
4- مالك مصطفى حزب الوسط
5-إبراهيم الصحاري صحفي / حركة الاشتراكيين الثوريين
6- خالد علي مهندس
7- أكرم الإيراني القيادي بحزب العمل
8- محمد الدريدري القيادي بحزب العمل
9- بهاء صابر شباب من أجل التغيير
10- ياسر بدران
11- ساهر جاد صحفيون من أجل التغيير
12- كريم محمد حزب الغد
13- محمد عادل الإخوان المسلمون/ شباب من أجل التغيير
14- إسلام حنفي حزب الغد
15- سيف عبد الله حركة الكرامة
16- محمد فوزي طلبة اليسار الديمقراطي
17- محمد عبد الرحمن
18 - حسين محمد حزب الغد / شباب من أجل التغيير
19 - كريم محمد شباب من أجل التغيير
20 - سامح محمد سعيد
21- جمال عبد الفتاح
22 - سامي دياب
23 - حسن من أسيوط

و هناك أنباء عن اعتقالات أخري في الإسكندرية و حصار مماثل لنادي القضاة هناك .
التقط وائل عباس فيديو لواقعة الاعتداء و الاعتقالات و هو محاصر الآن في نقابة الصحفيين .
هناك أنباء عن اطلاق سراح د. يحيي القزاز و محمد عبد القدوس .

10:30 م
أخبرني ياسر عبد الله الموجود الآن بمركز هشام مبارك أن ابراهيم الصحاري و ساهر جاد و مالك مصطفي و محمد عادل و أكرم الإيراني محتجزون في معسكر الأمن المركزي بطره , و محمد عادل مصاب في رأسه و في حالة سيئة .

11:30 م
قطع الكهرباء عن نادي القضاة و منع دخول أو خروج القضاة .
و خبر من كنانة عن محاصرة كل نوادي القضاة في الأقاليم .

25 April 2006

طلعت - مرة أخري - يا محلا نورها



ُاثناء تفقدي أمس لموقع الحادث أمام نادي القضاة , كفاي خلف ظهري و خطواتي بطيئة متأملة , حكي لي أيوب ما حدث و هو يلوح بيده هنا و هناك – كما يفعلون عادة - و قال أنهم " طلعوا " عليهم قبيل الفجر من الاتجاهات الأربعة .. جحافل من عمال البلدية لتنفيذ ذلك القرار – الذي أثبت محامو المعتصمين عدم وجوده - بإزالة البشر و الخيام من هناك ... ثم من خلفهم جحافل الشرطة التي تواجدت لكشفها المسبق – كأفضل سلالات الكلاب البوليسية المدربة - عن توافر نية مقاومة تنفيذ القانون لدي المعتصمين .
و قد كان .
قاوم المعتصون و احتموا بنادي القضاة من بطش " القانون " , بل إن واحدا ادعي أنه قاض و رئيس محكمة حاول الذود عنهم و تخليصهم من براثن " القانون " . فاضطرت الشرطة للتدخل و حماية دولة " القانون " , و اعتقلت 12 معتصما منهم ذلك القاضي رئيس المحكمة ,و تم التعامل معه بمنتهي الشفافية و علي قدم المساواة مع أي مواطن عادي .. و لأننا لم نصل بعد لهذه الدرجة من إقرار حكم القانون فتمت إحالة ضابطي أمن دولة للتحقيق لانهم لم يستطيعا التفرقة بين سحنة القاضي و بين سحن " أولاد الكلب " من عامة الشعب .
و رغم ذلك فالقانون في مصر يأخذ مجراه دون تفرقة , لذا فقد تم اتهام القاضي مع المعتصمين بالاعتداء علي " القانون " أثناء تأدية وظيفته , و تم استصدار قرار بالتحفظ علي المعتقلين 15 يوما علي ذمة التحقيق , بينما القاضي في المستشفي يعالج من آثار خروجه علي " القانون " .
لا يحظي القانون في مصر بشعبية جيدة علي ما يبدو , لا بين أوساط الشعب و لا حتي بين القضاة .. تخيل , لذا فان الاعتصام استمر و تصاعد . سواء اعتصام الشعب علي الرصيف أو اعتصام القضاة داخل ناديهم .. و ازداد التلاحم بين الطرفين .. فخرج المستشار أحمد مكي المحال للتحقيق و حيا رفاقه من الخارجين علي القانون المستمرين في الاعتصام و وقف قليلا معهم, و حرصوا علي التقاط الصور معا ..


و قبله رفض المستشار الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية لقاء مندوب رئيس الجمهورية و رئيس المجس الأعلي للقانون- هو نفسه - , حتي تقديم اعتذار رسمي عن انتهاك حرمة نادي القضاة و الاعتداء علي القاضي و المعتصمين ..
بل أن الأمر تطور و أعلن قضاة الأسكندرية اعتصامهم في ناديهم , و نوادي أخري في الأقاليم تنوي الانضمام إلي الاعتصام , كما أن نشطاءا من حركة التغيير في بورسعيد قرروا البدء في اعتصام مفتوح امام فرع نقابة المحامين هناك تضامنا مع القضاة و المعتقلين من المعتصمين .
يا الله ..انظر كيف يؤلف حكم القانون قلوب الناس !

أيضا , بعد وصول أخبار أحداث دهب التي كشفت عن تورط المعتصمين في استهلاك حاسة الشم الاستباقية لدي وزارة الداخلية التي فشلت في تشمم رائحة المتفجرات هناك .. خرج المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة و صفع اثنان من كلاب الداخلية اللذان كان يحاولان عبثا تشمم المزيد من الأخبار في هذه المنطقة التي خرجت تماما عن حكم القانون .. بل أن الأمر انقلب و طارد المعتصمون رجلي الأمن الذين اضطرا للهروب ركضا , في واقعة مثيرة تعكس سيطرة المتمردين بقيادة القضاة علي هذه المنطقة حتي إشعار آخر .
أيها المواطنون .. اخرجوا من بيوتكم و تمردوا علي حكم القانون - القضاة معتصمون - و انضموا و لو لساعات لمعسكر المتمردين في المنطقة المحررة علي رصيف عبد الخالق ثروت أمام نادي القضاة .. الاعتصام مستمر!

23 April 2006

طلعت يا محلا نورها



أول أمس في قاعة الحكمة بساقية الصاوي , في الصف الأول من الجزء العلوي , علي يمينك أول ما تنتهي من السلم الثاني من جهة اليسار و أنت تواجه المسرح .. كنت أجلس هناك و في الصف الثاني خلفي مباشرة جلست مجموعة من الشباب الشوام الذين يحبون مارسيل خليفة أكثر مني قليلا , كان منهم فتاة ذات صوت ناعم و فتي ذو صوت أجش يصفق بعنف و مبكرا قليلا عن باقي الجمهور, حتي أنه أفزعني مرتين .
هؤلاء الأصدقاء لا يحبونه فحسب بل إنهم يحفظون أغانيه عن ظهر قلب , كما أنهم لم يفتهم حفله السابق الليلة الماضية في الأوبرا , لذا فإني بالكاد استمعت إلي صوت
مارسيل خليفة و أميمة الخليل هذه الليلة .
لم يخل الأمر من
لحظات سعيدة , خاصة تلك التي بح فيها صوتهم أو تذكروا أن مارسيل يغني الآن لا إحدي اسطواناته , كما أنهم اضطروا للتوقف أثناء الفواصل الموسيقية الرائعة . خاصة تلك التي شغلتها تنويعات بيانو رامي خليفة علي الألحان .
بدا لي أن مارسيل بقدر ما يمكن أن يسعده هذا , كان أيضا حانقا من ذلك الجمهور الذي أتي لاستعراض حفظه أغانيه عن ظهر قلب , و لا يريد أن يستمع إلي جديده أو موسيقاه في ثوبها الجديد . كما أن البعض أراد أن يحيل الحفل مؤتمرا نضاليا .
وقف د.إيمان يحيي و هتف بالفعل و ردد خلفه القليل و ضحك البعض .
مالك أيضا كان حانقا و استنكر أن تغني أميمة " طلعت يا محلا نورها " بلكنة و زيادات لبنانية , كما لم يعجبه أن " المزيكا كانت ياما " علي حد تعبيره .
هذه الأيام تنتهي السهرات عند نادي القضاة و
الاعتصام المفتوح هناك .
قبل أن نذهب ودعنا رضوى
و التقينا يحيي مجاهد و كان من المخطط أن نأخذ فاصلا من فول سعد الحرامي علي مقهي التكعيبة , و لكن ذلك الأخير لم يعد موجودا بعد ان أجبرت الشرطة كل المقاهي القريبة من الاعتصام علي إدخال مقاعدها و إخلاء الطريق تكديرا لصفو مجتمع وسط البلد . مقهي التكعيبة تقريبا ليس له داخل .

في مطعم اسمه " الفقي " في شارع شمبليون , له داخل ولا يدخله أحد تقريبا , اضطر
يحيي للتفاوض نيابة عنا مع ذلك الرجل هناك ليقنعه أنه من المعتاد أنهم يحضرون سلطات و خبز بجانب الأطباق . و ليته فشل في إقناعه و اضطررنا للرحيل , فلم نزل نعاني من عدم القدرة علي نسيان هذه الوجبة .


تناولنا الشاي جلوسا علي البساط المفروش بطول الرصيف المقابل لنادي القضاة , مسندين ظهورنا إلي علم مصر الكبير .
مالك تجاوز سريعا آثار الوجبة. الاعتصامات تجعله في حالة مزاجية فريدة .


بعد رحيلي و يحيي مجاهد . و بينما كان بعض الزملاء يصلون الصبح داخل نادي القضاة و نقابة الصحفيين , استغل " الكفار " قلة عدد الباقين للحراسة و أغاروا عليهم و سرقوا أمتعة المعتصمين وعدة الاعتصام , و لم ينقذ المعتصمون من أيديهم سوي علم مصر الكبير.
لا تزال الطبلة أيضا موجودة و
الاعتصام مستمر.


من الآن فصاعدا , علي مالك أن يؤم المعتصمين لأداء " صلاة الخوف " في مكان الاعتصام .


22 April 2006

20 April 2006

" المدينة خلفنا متلألئة "






" حين يشتد علي الجوع أخرج إلي حي " عين قطيوط " . أفتش في المزابل عن بقايا ما يؤكل . وجدت طفلا يقتات من المزابل مثلي . في رأسه و أطرافه بثور . حافي القدمين و ثيابه مثقوبة ....
عثرت علي دجاجة ميتة. ضممتها إلي صدري وركضت إلي بيتنا . أبواي في المدينة , أخي في ركن ممدد, نصفه الأعلي مرفوع فوق وسادة . يتنفس بصعوبة . عيناه الكبيرتان ترقبان مدخل الباب . يري الدجاجة . تتيقظ عيناه . يبتسم . يتورد وجهه النحيل .يتحرك كأنه يفيق من إغماء .يسعل فرحا . أعثر علي السكين ....
لماذا لا يفور الدم الآن من من عنق هذه الدجاجة كما رأيته يفور من عنق الكبش ؟ شرعت أريشها .
سمعت صوتها ( الأم ) : ماذا تفعل ؟ من أين سرقتها ؟
- عثرت عليها مريضة .ذبحتها قبل أن تموت .إسألي أخي.
- مجنون ! ( خطفتها مني غاضبة ) . الإنسان لا يأكل الجيفة .
أخي و أنا تبادلنا نظرات حزينة . كلانا أغمض عينيه في انتظار ما سنأكله . "


" أسير أمام أبي . يهش علي الكلاب بالحجارة . حين تقترب منا يستعمل العصا التي التقطها . يسب الكلاب و يسبني .
- إمش أمامي يا هذا الخواف . إمش لتأكل أمك القحبة.
تعثرت و سقطت . هوي علي بالعصا . عويت . شتمته في خيالي .يدفعني برأس العصا إلي الأمام . التقطت عصية لأطرد بها الكلاب . أعفس علي الحجارة الناتئة و نبات القراص . يضربنني و يلعنني جهرا , أضربه و ألعنه في خيالي . لولا الخيال لاتفجرت . "




"جنون الجوع و القيظ يفقدانني رؤية الأشياء في وضوح . التقطت سمكة جافة ومداسة . شممتها . رائحتها مقيئة . سلختها . مضغتها باشمئزاز .طعمها نتن . أمضغها و أمضغها دون أن أقوي علي بلعها . حجارة ناتئة تؤلم أخمص قدمي . أمضغ السمكة كعلكة . تفلتها .رائحتها بقيت في فمي .ألوك فراغ فمي . ألوك و ألوك . أمعائي تبقبق . دخت و تدفق الماء الأصفر من فمي و أنفي . تنفست بعمق . قلبي يخفق بعنف . .. العرق يسيل علي وجهي . يسيل و يسيل . فكرت في الرفيق الذي أنقذني ليلة أمس من دورية حملة القبض علي المتشردين . لماذا لم يوقظني؟ ربما حاول فلم أستيقظ . لم يعرف أحدنا اسم الآخر . "



" – سرقوني !
خففنا سرعتنا . أضاف :
- أنت محظوظ
كنا نلهث
- ماذا تعني ؟
-إنهم يغتصبون إذا لم يجدوا ما يسرقون ."


" كنا نتجه إلي إحدي ضواحي المدينة . إنه حساس ( شاذ ) , هذا لا شك فيه . أوقف السيارة في مكان مظلم . في طريق مشجرة . المدينة خلفنا متلألئة .. أشعل ضوء السيارة . ها هي الجولة القصيرة تتوقف هنا . لامس فتحة سروالي بحركة لطيفة . الجولة الحقيقية تبدأ . يفك زرا تلو زر بمهل . أضاء ضوء السقف و انحني عليه ..
....
زررت فتحة سروالي . شبكت ذراعي حول صدري كأن شيئا لم يحدث . إن النساء كثيرات . لماذا هو الإنسان لوطي ؟ هكذا فكرت .
.....
في طريق عودتنا أعطاني خمسين بسيطة و أنزلني قرب المكان الذي أخذني منه .
حرفة جديدة تضاف إلي الحرفتين الأخريين : التسول و السرقة . أخرجت ورقة الخمسين بسيطة و فصحتها . أعدتها إلي جيبي .. هكذا يقحب الناس إذن . "



" بالمال يستطيع الإنسان أن ينكح العالم . هذا ما قاله حشاش في مقهي الطرانكات "



" ابتسمت و هي تفحصنا . و جهها يلمع بالمساحيق و عيناها مكحلتان . نظر إلي رفيقي . أكدت للمرأة أننا لم نشرب كثيرا . فقط نحن مرحان و نريد أن ننعس معها كما فعل رفاقنا في الحي . هي تفحصنا ينظرات باسمة و نحن نخاف أن ترفضنا . قالت لنا : طيب , من سيبدأ الأول ؟ "



" أحيانا كان ينتصب واقفا و يترك الصحيفة أو المجلة من يده و يتحول شرحه إلي خطبة سياسية , يستعرض فيها ثقافته و ذكاؤه في تحليل الأحداث و يستشهد كثيرا بآيات من القرآن و أحاديث الرسول و أقوال الصحابة . حين يطلب منه أحدهم شرحا أكثر وضوحا لإحدي الأفكار يجد الفرصة ليتعالي علينا , نحن الأميين الجهلاء , فيزداد شرحه غموضا . كان دائما علي صواب في نظرنا . لم يكن بعض الرواد يفرق دائما بين قوله و قول الله . كثيرا ما يقول أحدهم :صدق الله العظيم , فيصحح له :" أستغفر الله العظيم , هذا ليس قول الله , إنما هو قولي .... "



" قال : عمي مات .
- مسكين
- قتل نفسه هو و زوجته و أطفاله الثلاث .
- كيف حدث ذلك ولماذا ؟
-قضوا أياما بدون أكل . لم يرد هو و روجته أن يطلبا من أحد الجيران شيئا من القوت . بنيا, من الداخل , بابا آخر من الحجر و الطين و ماتوا . "



" دخل كمال ( التركي ) يترنح . حول عينه اليسري هالة بنفسجية . قال لي :
- لقد هاجمني اثنان في بورديل بن شرقي ( بيت دعارة مرخص )
- لماذا ؟
- لقد اعتبروني نصرانيا , لم يصدقوا أني مسلم . قالا لي : " كيف تكون مسلما و أنت لا تتكلم العربية " ؟
- لكن لماذا كل هذا ؟
- كنت أريد أن أدخل مع فتاة مغربية أنام معها ! "


" بدأت الجموع تتجه نحو اللافتات العمومية . كان هناك ركامات من الحجارة و طريق محفرة تعمل فيها الأشغال العمومية . أذخوا يحشون جيوبهم و قلنسوات جلابيبهم بها . تفرقوا في أربعة اتجاهات رئيسية . التخريب بدأ في كل مكان عبر السوق .. حجر يهشم ساعة كبيرة ثابتة في أعلي جانب باب متجر هندي . . واجهة متجر الأحذية يكسر . قلت للكبداني : لنأخذ بعض الساعات و آلات التصوير ...(..) انظر الآخرين كيف يأخذون الأشياء . "




"رجال الأمن يطلقون النار علي المغاربة
- لماذا
- بسبب ذكري 30 مارس "



" لقد اخترق الرصاص ظهره و بطنه
- إني أري كل شيء
- لم أر قط إنسانا يموت بهذا الشكل إلا في السينما
- ها أنت تراه الآن
- لا بد أنهم يقتلون الناس بهذا الشكل في أماكن أخري
- و ماذا تظن, هل سيوزعون عليهم الحلوي "



" - و أنت أين قبر أخيك ؟
نظرت نحو السور الذي دفن قربه أخي و قلت له :
- هناك .. لا يمكن العثور عليه . إننا لم نبن له قبرا قبل أن نرحل إلي تطوان .. كنا فقراء "


" - لقد عادت الحالة إلي طبيعتها بعد الحادث المشؤوم
- لكن الحالة السياسية ليست بخير في المغرب كله . لابد أن تحدث حوادث أخري أعنف من حادث 30 مارس "


" من المحتمل أن تظهر جثث أخري "

محمد شكري
" الخبز الحافي "
سيرة ذاتية روائية





18 April 2006

قل كلمتك



" قل كلمتك قبل أن تموت
فإنها حتما ستعرف طريقها جيدا
لا يهم ما ستؤول إليه "


مهداة إلي محمد مرسي , أطال الله عمره و لا أسكت صوته

من مقدمة " الخبز الحافي " لمحمد شكري
تحديدا من نسخة محمد التي علي مكتبي الآن

15 April 2006

! ما بدا لي في " الأهرام " نقلا عن شبكة الإنترنت



Image1



نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر اليوم فقرات معدة من تدونتي السابقة ضمن تحقيق عن صفقة بيع عمرافندي .
و عزا المحرر تساؤلاتي و روايتي للشهادة غير المنشورة إلي محاورات علي شبكة الإنترنت !
لا بأس .. لمصر لا للصحفيين !

06 April 2006

عمرافندي : تساؤلات غير بريئة .. و شهادة غير منشورة





قبل أن أسرد الشهادة غير المنشورة بشأن قضية بيع عمرافندي و التي حصلت عليها " حصريا" , سأحاول في البداية التظاهر بالبراءة و سأضيف بعض التساؤلات غير البريئة , إلي تلك الأخري التي ثارت هنا و هناك من قبل معارضين أنعم الله عليهم بنعمة التساؤل . بينما معارضون آخرون متمترسون خلف عقيدة المعارضة , يمارسونها بيقين مطلق في الضفة المقابلة لما يظنونه موقف الحكومة , أيا كان هذا الموقف وأينما كانت تلك الضفة .

أولي تساؤلاتي هي بشأن بلاغ المهندس يحيي حسين عبد الهادي , رئيس شركة بنزايون , الذي قدمه للنائب العام و اتهم فيه محمود محيي الدين وزير الاستثمار و هادي فهمي رئيس الشركة القابضة للتجارة بتسهيل الاستيلاء علي المال العام و تحديدا ذكر في بلاغه أنهما قاما بضغوط علي لجنة تقييم أصول عمرافندي ,التي كان أحد أعضائها , لكي تقوم هذه اللجنة بتقييم أصول الشركة بأقل من قيمتها الحقيقية لتوافق القيمة التي اعتمدها الوزير و كان قد كلف باعدادها مكتبا استشاريا . كما أنه حدد تلك القيمة من المال العام و التي اتهم وزير الاستثمار و رئيس الشركة القابضة بتسهيل الاستيلاء عليها و قدرها بـ 600 مليون جنيه هي الفارق بين تقييم اللجنة التي كان عضوا بها و تقييم المكتب الاستشاري الذي كلف بذلك من قبل الوزير.

أولي التساؤلات و هو اتهام في الحقيقة , لماذا تجاهلت المعارضة و صحافتها ان الفارق بين الرقمين (الـ 600 مليون جنية ) هو فارق بين تقييمين مختلفين من حيث المبدأ . التقييم الأول الذي جاوز المليار جنيه هو تحديد لقيمة أصول الشركة ( أراض و عقارات و تجهيزاتها و خلافه ) و هذا التقييم صالح بالكلية في حالة تسريح كل العاملين و بيع الشركة كعقارات و أراض , و هذا غير مطروح لأن واحدا من شروط العقد الذي وضعته االشركة القابضة , كما هو معلن, أنه لا تسريح لاي من العاملين . بينما التقييم الثاني هو تقييم اقتصادي يعتمد علي افتراض الدخل الذي قد يحققه عمرافندي كمشروع استشماري في مدة زمنية معينة و عن طريق ذلك يحدد القيمة التي يستحقها عمرافندي كمنشأة اقتصادية بأصولها و عامليها في الوقت الحالي .
الفارق بين أسلوب التقييمين واضح و الغرض منهما مختلف . و تجاهل ذلك و تصوير الفارق بين التقييمين كأنه اهدار مقصود للمال العام , لا أراه إلا ديماجوجية صريحة.

التساؤل الثاني , و هو أنني لو كنت صحفيا لكان السؤال الأول الذي سأوجهه ليحيي حسين هو : " ما هذ هذه الضعوط التي واجهتها أنت و باقي أعضاء اللجنة ؟"
لم أسمع هذا السؤال , ولم أقرأ أو أسمع حتي الآن عن ماهية هذه الضغوط و لم أجد صحفيا واحدا قد اهتم ان يسأل مصدرا آخر من لجنة التقييم عن هذه الضغوط و اذا كانت قد تمت بالفعل أم لا .
ثم اذا كانت هذه الضغوط السرية قد تمت بالفعل , كيف نجح اعضاء اللجنة في التوصل لتقييم يخالف التقييم الاول بهذا الفارق , واذا كان الوزير يريد فعلا تسهيل الاستيلاء علي المال العام فلماذا يشكل لجنة تقييم أخري بعد تكليفه مكتبا استشاريا بذلك , و اذا علمنا أن الوزير هو الذي شكل هذه اللجنة و اختار أعضاءها فلماذا لم يرتب ذلك بشكل ما قبل أن يضطر للضغط عليهم لاحقا .

التساؤل الثالث هو تساؤل منطقي بالأساس : كيف يستقيم أن يقدم المهندس يحيي حسين عبد الهادي بلاغا الي النائب العام يتهم فيه الوزير و رئيس الشركة القابضة بتسهيل الاستيلاء علي المال العام , ثم يظل يردد في أحاديث صحفية لاحقة أنه " لا يشك للحظة في ذمة الدكتور محمود محيي الدين ولا المحاسب هادي فهمي " و الجملة الأخيرة نقلتها نصا من آخر حوارته و الذي نشر في مجلة الشباب (عدد ابريل 2006)

التساؤل قبل الأخير هو: ألم يثر أي مما سبق تساؤل السادة أعضاء حركة صحفيين من أجل التغيير و لجنة الحريات بنقابة الصحفيين و كل الأساتذة الكتاب و الصحفيين الذين كادوا يؤلفون سيرة شعبية جديدة بطلها " يحيي أفندي " كما أطلق عليه كثيرون منهم .

اجابة السؤال السابق لا تشير إلا الي اعتناق عقيدة المعارضة التي تجعل من رجال الحكومة شياطينا علي الأرض , و من يعارضونها ملائكة مجنحين , ما يتعلق بفساد الأولين هو من قبيل المعلوم من السياسة بالضرورة و ما يتعلق ببطولة الأخيرين هو مما لا يحتاج لاثباتات أو تساؤلات .
و رغم أني أحاول بين الحين و الآخر أن أشك في " معارضتي " لكي لا تتحول إلي عقيدة قلا أستطيع الآن ن أبريء نفسي كليا من أعراض اعتناق هذه العقيدة , فلي أسبابي الخاصة التي سأفصح عنها حالا جعلت التساؤلات السابقة أيسر بالنسبة لي .
و لكني أعيذ كل هؤلاء السادة المحترمين , ممن أحسب أن حاستهم النقدية بخير, أعيذهم من عدم التساؤل.

يمكن أن يضاف أيضا للإجابة أن بيع القطاع العام من حيث المبدأ , أمر مستفز لمشاعر الكثيرين لأسباب تاريخية, كما أنه مستفز لآخرين لأسباب أيديولوجية , وما كشف عن الفساد الذي ارتبط بعمليات البيع السابقة - و من المرجح أن يظل كذلك طالما ظل الاستبداد السياسي قائما - قد هيأنا جميعا نفسيا للتسليم فورا بصحة أية أنباء أو إشارات لفساد قادم هنا أو هناك .

التساؤل الأخير لدي هو لماذا لم يثر اهتمام أحد ما أن رئيس شركة عمرافندي لا يتحدث مطلقا بشأن هذا الموضوع علي عكس ما هو متوقع.
لا أدري لماذا لم يثر ذلك الانتباه , و لكني اعلم أن بعض الاعلاميين حاول ان يحصل منه علي تصريحات بشأن الموضوع و لكنه رفض لأكثر من سبب باح لي بهم , كما أنه قد روي لي شهادته كاملة بشان هذا الموضوع ... لا لشيء إلا لأن المهندس عزت محمود رئيس مجلس إدارة عمرافندي حاليا هو أيضا والدي .
و لأنه كذلك فقد استمعت الي شهادته تلك في عدد غير قليل من الساعات التي قضيتها أتحاور معه بشان هذا الموضوع و سأحاول هنا أن أوجز كلامه دون أن أغفل التفاصيل الهامة .
سأبدأ من حيث بدأت الضجة , من لجنة التقييم , هذه اللجنة قد شكلها وزير الاستثمار و رئيس الشركة القابضة المالكة لشركة عمرافندي بهدف اعداد تقييم استرشادي يعتمد في الأساس علي الأصول الثابتة , و تولي رئاستها أحد الخبراء الماليين و ضمت في عضويتها عددا من المستشارين الاقتصاديين بالاضافة لرئيس مجلس ادارة عمرافندي الذي كان رئيسا للجنة الفرعية للجرد وتقييم الأصول و ضمت أيضا رؤساء باقي شركات قطاع الأعمال و منهم رئيس شركة بنزايون المهندس يحيي حسين عبد الهادي .
يقول المهندس عزت محمود أن دور رؤساء الشركات الأخري – و منهم المنهدس يحيي حسين - كان استشاريا إلي حد كبير و في معظمه كان متابعة لعمل اللجنة , في حين أنه بصقته رئيسا للجنة الجرد و تقييم الأصول فهو الذي كان مكلفا باعداد و جمع التقارير التي تتضمن التقييمات لذا فانه يحفظ عن ظهر قلب تقريبا كيف تشكل رقم المليون و مائة مليون جنية التي انتهت اليها اللجنة , كما انه مسؤول عن هذا الرقم تحديدا بصفته رئيسا للشركة التي شاركت قياداتها بالاستعانة بمكاتب استشارية متخصصة في الوصول لهذا التقييم .
و لكنه يعلم أن هذا التقييم للأصول الثابتة ليس مطروحا كرقم للتفاوض لان من شروط البيع انه لن يسمح للمشتري بالتصرف في الاصول الثابتة الا يمقدار 20% كما انه لن يسمح بتسريح اي عدد من العاملين لكي يتسني بيع الاصول كاملة , لذا فان هذا التقييم استرشادي لكي يؤخذ في الاعتبار المكاسب التي يمكن للمشتري ان يجنيها بعد بيع جزء من الأصول مثلا و اعادة توزيع عامليه علي باقي القطاعات .
اذن يمكن اعتبار اي حديث عن ان هذا التقييم قد تم بغرض تحديد سعر للتفاوض عليه تحديدا في عملية البيع هو عدم فهم لطبيعة اللجنة من الأساس .
الأمر الآخر أن المهندس عزت محمود يتساءل بناء علي دوره الكبير في هذا التقييم , لماذا لم يسمع – مجرد السمع – عن هذه الضغوط التي يتحدث عنها المهندس يحيي حسين , و التي من المفترض منطقيا أن تمارس عليه أولا , و يتساءل كيف يمكن أن تمارس ضغوط علي يحيي حسين بينما لم يكن دوره كبيرا في اعداد التقييم ؟
حتي ذلك الاقتراح الذي اقترحه مسئولو الشركة القابضة علي اللجنة بأن توصي بالجمع بين تقييمها و التقييم الاقتصادي ( أقل من نصف مليار ) ...رفضه المهندس عزت و قال ان اللجنة مسئوليتها محدودة بالتوصية بالاستفادة بما قامت به , و انه لا دور لها في تبني تقييم اقتصادي تقديري يتحمل مسئوليته من قام به و أوصي به .
و استجاب مسئولو الشكرة القابضة و حذفوا هذا الاقتراح .

لماذا اذن لم يتحدث المهندس عزت الي الصحافة نافيا وجود تلك الضغوط ؟
عندما تقدم يحيي حسين ببلاغه الي النائب العام , و تلقفت الصحافة هذا البلاغ وبدأت في كتابة دور البطولة , لم يكن أمام المهندس عزت اذا اراد ان يقول الحقيقة التي لن يصدقها أحد إلا ان يكتب دور الشر , من صدق اذن نفي الوزير محمود محيي الدين و نفي رئيس الشركة القابضة .. من احترم قرار النائب العام بحفظ التجقيقات لانه لا شئ هناك .... لا أحد تقريبا, رغم أن هذه هي الحقيقة فيما أعلم , الا لو يسعفنا المهندس يحيي حسين باجابات عن التساؤلات السابقة .
و لان المهندس عزت لم يكن يعلم يقينا ماذا يمكن أن يجري في الخفاء , فانه فضل الصمت حتي لا يخوض معركة بجانب أي من الطرفين , و لان ما يعتقد انها المصلحة العامة لن تجني شيئا من جراء تلك المعركة .
كما أن المهندس عزت التزاما بواجبات منصبه من المفترض ألا يعلن عن تفاصيل عملية التقييم لانه ببساطة يجب أن يظل أي تقييم شأنا سريا, لانك اذا كنت تتفاوض لتحصل علي اعلي سعر , وعلم الطرف الآخر القيمة التي حددتها فلن يزيدها مليما .
( طبعا هذه الارقام الان متداولة , و لذا فاني غير متفق معه في هذا التبرير)

موقف المهندس يحيي حسين غامض إذن , علي ما يبدو هو لا يدري تحديدا الغرض من اللجنة التي كان عضوا بها , يتحدث عن ضغوط مورست علي اللجنة لا وجود لها – بحسب المهندس عزت – كما انه يتهم الوزير و رئيس الشركة بالفساد ثم يعود و يبرئهما من ذلك , كما أنه بالأساس غير معارض لعملية البيع , بل انه يطرح في بعض حواراته الصحفية فكرة بيع كل فرع علي حدة و هو حل غير مطروح الا بنسف شركة عمرافندي التي تعد العلامة التجارية لها احد اهم نقاط التميز في التفاوض علي بيعها , كما ان هذا الحل ينطوي علي ضرورة تسريح عدد كبير من عامليها الذين يعملون في الادارات المركزية و القطاعات المتخصصة و عمال المخازن غير المرتبطة بفروع بعينها .

المهندس عزت يري أن المهندس يحيي حسين رجل نظيف كما عهده و يستبعد كونه يلعب لصالح هذا أو ذاك ,ولكنه يتساءل عن حقيقة ما يقول و لماذا يتهم أشخاصا في ضمائرهم في بلاغ رسمي , ثم يعود مصرحا بعكس ذلك , وهو من حقه أن يختلف معهم سياسيا أو فنيا بشان قراراتهم بلا اتهامات أخلاقية .

بعيدا عن قضية المهندس يحيي حسين , فان المهندس عزت يخشي أن تضيع قضية عمرافندي .
المهندس عزت علي عكس معظم رؤساء الشركات الأخري لم يأت من خارج هذه الشركات – من القوات المسلحة أو من هيئات أخري اقتصادية أو أكاديمية – و لكنه بدأ حياته المهنية مهندسا في عمرافندي و كان عضوا منتخبا بصندوق العاملين بالشركة عن قطاع المشروعات , و لانه عامل في الشركة و ظل كذلك طيلة حياته المهنية و لا يزال , فانه متضامن مع اللجنة النقابية بشان عدم التفريط في حق اي عامل , و يشهد أن وزير الاستثمار تعهد بالالتزام بذلك في عقد البيع .
و لكنه من جانب آخر , يعتقد عن قناعة و خبرة عمر بضرورة بيع الكثير من القطاع العام و لا يعارض البيع من حيث المبدأ , يعترف بالحجم الضخم للفساد الذي ينخر في جسد القطاع العام و الذي لا يمكن لأحد مهما بلغت سلطته ان يقتلعه بضربة واحدة .
و يري ان طبيعة عمل القطاع العام لا تتسق و التجارة التي تقوم علي المغامرة و المخاطرة , التي لا يمكن لموظف في الدولة ان يقوم بها بينما أجهزة رقابية سوف تحاسبه في حال فشلت مغامرته او مخاطرته و تتهمه بتعريض المال العام للتبديد .

و بالنسبة لكيفية البيع , هو يطرح بديلا مغايرا لما يطرحه وزير الاستثمار , فالوزير يري ضرورة البيع الفوري , و لا يريد ان يتحمل مهمة ادارة القطاع العام و لو لعدد قليل من السنوات .
بينما يري المهندس عزت أن اعادة هيكلة للشركة ربما تكون الأنسب لعدة سنوات قادمة قبل طرحها للبيع .
و اعادة الهيكلة في رايه تقضي ببيع بعض الاصول التي يمكن ان تدر سيولة كبيرة ( بنايات في اماكن مميزة او أراض في اماكن مميزة عليها مخازن يمكن نقلها الي اماكن أرخص ) و التي يمكن توزيع عمالها علي الفروع الاخري و بضخ الأموال التي ستدخل خزينة الشركة يمكن القيام بعملية تطوير و تحديث للشركة بعدد اقل من الفروع , و استهداف زيادة ارباحها لكي يمكن طرحها في البورصة كأسهم يشتريها المصريين أو علي الأقل تكون صفقة عمرافندي مغرية لعدد أكبر من المستثمرين المصريين .
المهندس عزت يتبني هذا الحل علي استحياء و يطرحه احيانا كمجرد راي , لانه ليس خبيرا اقتصاديا و هو يترك للاقتصاديين دراسة هذه الحلول و الآراء , و لانه ايضا ملتزم بحدود وظيفته و لانه ليس سياسيا ليطرح رؤي لما لا يقع تحت اختصاصه .
كما أنه من المفترض أن يظن البعض انه منتفع بالبقاء لمدة أطول في منصبه, لذا فانه قد يعارض البيع السريع لاسباب شخضية , و هو يري أن من حقه تجنب مثل هذه الشبهات بالرغم من أن اعلان راتبه من منصبه سوف يبدد هذه الشبهات تماما , و لكن يظل تجنبها واجبا فالراي العام يعرف جيدا ان الراتب هو آخر مصادر تكوين ثروات الكثير من المسؤولين في هذا الأيام و في القطاع العام و الحكومة تحديدا .
و هو يمكن ان يري رؤية مغايرة لرؤية الوزيربشأن أسلوب البيع و لكنه يشهد أنه نظيف اليد و لا يمكن ان يتهمه احد بتسهيل الاستيلاء علي المال العام لانه يطبق سياسات يراها صالحة و هي تمثل توجهات عامة للدولة , و من يريد ان يطرح بديلا سياسيا فليقدمه و يناضل خلفه بدلا من أن يتكيء علي اتهامات بالفساد غير صحيحة و لا دليل عليها.
المهندس عزت شخصيا لا يحب السياسة و لا أكثر أهلها , و يعتقد أن قضيته التي سوف يناضل خلفها من موقعه , هي بيع عادل براع تقييم الاصول الثابتة و امكانية استغلالها من قبل المشتري , و حفظ لكامل حقوق العاملين .
و هو يتمني ممن يؤيدون أو يعارضون البيع ان يساهموا في تقديم البدائل و طرح الحلول التي تستهدف المصلحة العامة بدلا من الانشغال بتكريم أبطال مفترضين أو تجريس فاسدين مفتري عليهم . و يري أن عدم الاشتباك الواقعي الجدي مع صفقة هامة مثل هذه هو الذي يمكن أن يلقي بها في براثن أطراف كثيرة فاسدة تحاول التدخل لمصالحها الخاصة .
إلي هنا انتهت شهادته , و أنهي انا حديثي أني أشهد أني في هذه اللحظة معارضا للنظام القائم و سياساته , و لكني لا أحب أن أتحاز لمعارضة ديماجوجية بلا عقل , و أنا ان كنت لا أعارض الخصخصة من حيث المبدأ, و لكني أري أن الوقوف في طرف المعارضة الناقدة يمكن أن يمثل سندا عمليا للدفاع عن حقوق العمال و محاولة تفادي أيه محاولات لاستغلال البيع لصالح أطراف بعينها بدلا من أن تصب في المصلحة العامة .
كما أني أشهد أني في هذه اللحظة أيضا معارض لوالدي فيما يتعلق يتخوفه من السياسة و أهلها , و معارضته لما أقوم به أحيانا من المشاركة في أنشطة سياسية تنتمي الي جانب المعارضة .
رأيي أنه من الواجب أن ينزل كل المواطنين إلي ساحة الفعل السياسي بأشكال و أقدار مختلفة , دفاعا عن مصالحهم و عن رؤاهم التي يعتقدون أنها لصالح هذا البلد , هذا بجانب أن يناضل كل في موقعه باتقان عمله, و مقاومة و فضح الفساد و الفاسدين .
حاجتنا الي معارضة حقيقة تعرف اين تضع اقدامها ليس أقل ولا أكثر أهمية من حاجتنا الي اصلاح مجتمعي شامل , و لا يغني أحدهما عن الآخر.

و الله علي ما قلت و ما قال أبي و كل ما قيل شهيد !