10 February 2012

الشعب ما يقعدش !


يعني إن شاء الله إحنا جاهزين علشان نقوم بهذا الكلام .. والمتوفين هانبحث مواقفهم

مخطط 6 أبريل لإسقاط الدولة في 11 فبراير


هناك مخطط شائع تردده وسائل الإعلام ومؤخرا نواب الشعب في البرلمان وهو البدء بإسقاط الشرطة ثم إسقاط الجيش وبذلك تنهار وتسقط الدولة. كأن العمود الفقري للدولة المصرية هو العسكر، داخلية وحربية، وستسقط بسقوط العسكر.

إن كانت هذه حقا هي الدولة فبالفعل أنا شخصيا أتمنى إسقاط دولة الشعسكر أو بمعنى أصح أتمنى قيام الدولة المدنية من تحت بيادة العسكر الذين أسقطوها وجثموا على قلبها. أما مؤسسات الدولة الطيبة الصابرة الفاشلة الرابضة تحتهم فأنا أتمنى دائما إسقاطها كلما اضطررت لاستخراج وثيقة أو قضاء مصلحة، ولكني أعتقد أن عليها أن تتوقف قليلا عن ممارسة أعمالها من وضع الرقود تحت حكم العسكر بداء من يوم 11فبراير. وعلى المواطنين مساعدة مؤسسات الدولة على التوقف والنهوض بالتوقف المماثل عن التعامل معها ما دامت تحت حكم العسكر. وذلك حتى يضطروا لتسليم السلطة لمدنيين فورا وبدون شروط أو مميزات لهم والعودة إلى ثكناتهم ليتركوا لنا الدولة مدنية من غير سوء. هذا هو ببساطة معنى العصيان المدني.

هل أتخيل أن ينجح العصيان المدني؟ لا أعرف،

ولكني لم أكن أعرف إن كانت جمعة الغضب ستسقط دولة الداخلية لتنطلق الثورة، ولم أكن أعرف أن هتاف "يسقط حكم العسكر" سينتقل من شعار لمئات قليلة قبل عام إلى شعار هادر ينطلق في كل أرجاء مصر الآن. ولم أكن أعرف أن الجيش المصري سيتحول من "خط أحمر" إلى "وسيلة إيضاح" لفشل ورداءة إدارة العسكر بهذه السرعة، وأنها لن تكون كارثة وانهيار للوطن كما زعموا. ما أتخيله دائما أن كل ما حدث ويحدث يدعم ثقتنا بأنفسنا وبان هذا المجتمع، على علاته، أكثر تماسكا من أن يكون عموده الفقري هو مؤسسات عسكرية، وأن المجتمع أكثر تماسكا من دولته الفاشلة ومؤسساته المتعثرة. ولكن أتخيل أيضا أن هناك تحت سطح صراعات الثورة صراع محتدم بين الخيال المغامر والخيال المريض. وأتخيل أن هناك أناس لا يثقون إلا في السلطة ويصابون بالذعر ولا يستطيعون النوم عندما تهتز وآخرون يكرهون السلطة ويثقون في معارضة تتحول في لحظة إلى سلطة أخرى، ثم لا يستطيعون النوم أيضا ويتملكهم الغضب عند تهديدها بالاهتزاز - الكلام موجه للإخوة الرفاق في الإخوان المسلمين- ولكن هناك أيضا من يثقون بالأساس في أنفسهم. المشاركون الأكثر أصالة في الثورة هم من النوع الأخير.

يعرف كل من شارك في احتجاجات الشارع منذ 25يناير أو قبلها أن أمامك خياران: أن تشك في كل ما لا تعرفه وساعتها من الأفضل أن تعود إلى بيتك مذعورا من هذه الحشود الكثيرة التي لا تعرفها كلها شخصيا وربما كانت لديها مخططات لا تعرفها. أو أن تثق بنفسك وبذلك الواقف إلى جانبك وذلك الواقف إلى جانبه، وتقدم حسن ظنك بالناس وبحسن نيتهم، وأن تثق في قدرة مبادرتكم الجماعية التي نزلتم من أجلها على الاستمرار في طريقها وفي قدرتها على تصحيح مسارها بل وأن تتقدم في مسارات أخرى تطورها المبادرة ويلوح بها الخيال والأمل. وفي النهاية أنت تثق أنك يمكن ببساطة أن تنسحب إن كانت الحشود أو المبادرة تسير لوجهة أخرى.

الذين شاركوا وجربوا الثقة في أنفسهم وفي الناس وفي خيالهم يضحكون عندما يسمعون عن المخططات، ذلك لأنهم يعرفون أنها ليست إلا حركتهم الحرة، ويعرف المبادرون منهم أن المخططات الحقيقية بسيطة ومعلنة، ولكن ما يحدث على الأرض معقد ومتشابك ومستعصِ فعلا على المواجهة والتحجيم لأن دوائر الواثقين في أنفسهم، الذين ينزلون من بيوتهم اعتدادا بها قد اتسعت بشكل كبير وتشابكت خيوط المبادرة والمشاركة والتضامن وأصبحت لوحة الثورة جدارية كبيرة لمئات الآلاف من الفنانين.

اللوحة المعقدة المرسومة التي لا تنتمي لخطة مسبقة تثير فيّ الحماسة والبهجة، حتى لو تلطخت بالدم أحيانا، أو سكب عليها العسكر طلائهم الكريه موحد اللون ودعوا للانضباط والانتظار في البيوت، أو حتى حاول البرلمان أن يكبتها في حدود “اللائحة”.
مشاهد الحشود التي تتجدد في الشوارع رغم استمرار القتل والكذب، وتحديا لهما، وتشبثا بالحياة وبالرغبة في مستقبل أفضل، تحيل كل خيالاتهم المريضة عن المخططات إلى مساخر، من مخطط "الوقيعة بين الجيش والشعب" إلى مخطط "حرق مصر يوم 25يناير" وأخيرا مخطط "إسقاط الدولة"،

أما عن حركة 6أبريل، فأنا لست عضوا بها، ولم أحادث أصدقائي بها من فترة ولا أعرف شيئا عن خططهم لهذا اليوم، ولكن عنوان المقال هو خديعة وجزء من المخطط الكبير لاستفزاز الخيال المريض المذعور الذي يصدّق البيانات المذعورة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ويعتقد أن كل هؤلاء الواثقين بأنفسهم هم أعضاء حركة 6أبريل. هذا الهذيان الذي يفضح كونهم غير قادرين فعلا على فهم وتحمل اللوحة المعقدة للمشاركين في الثورة.

أدعوكم إلى الثقة بأنفسكم عندما ترون السلطة تهتز مذعورة أمامكم تكذب وتهذي وتتراجع بخطى بطيئة. هذا هو كل اقتراحي لمخطط 11فبراير.


نشر في بوابة "المصري اليوم" الخميس 9 فبراير 2012
كاريكاتير "أنديل"

الديمقراطية الكريهة





أنا مثلا أعطيت صوتي في الانتخابات البرلمانية للدكتور عمرو الشوبكي الذي أصبح نائبا في البرلمان، لكنه الآن من الرافضين لاتخاذ البرلمان موقف ثوري بتسلم السلطة فورا من العسكر وإدارة باقي المرحلة الانتقالية تحت سلطة مدنية منتخبة. بينما أنا أنادي بما سبق. ما الذي يمكن أن أفعله؟ وبأي معنى هو يمثلني فعلا؟

الموقف الذي يعبر عنه الدكتور الشوبكي أختلف معه بشدة الآن، فأنا أرى أنه ما زالت هناك حركة ثورية في الشارع يجب أن تنتزع مطالبها في مواجهة باقي النظام المتمثل في المجلس العسكري.

ولكني أتوقع أن يعبر نائبي عني في مواقف أخرى، ويعبر عني بشكل ما أقل في غيرها، وربما يتخذ مرة أخرى موقفا بعيدا تماما عما أريده. أما نائب العمال عن حزب الحرية والعدالة الذي اعطيته صوتي في الإعادة، لأن منافسه كان عضوا سابقا في الحزب الوطني، فقد افتتح أدائه البرلماني برفض الهجوم السياسي على العسكر، وحسبي الله ونعم الوكيل.

هذه ليست حكاية شخصية. الورقة التي وضعت فيها أنت أيضا العلامة أمام اسم مرشح في ورقة التصويت ثم وضعتها في الصندوق لا تعني أن هذا النائب أصبح «أنت» في ساحة السياسة.

ربما وافقت على الخطوط العامة لبرنامجه أو برنامج تياره السياسي أو اتخذت قرارك لأن ذلك التيار هو «الأقوى والأقدر على قيادة البلد» - كما سمعت - أو لأنه الأقل سوءاً أو أيا كان.

من المحتمل أنك الآن تستعير العبارة العظيمة : «الأمر الذي يثبت كراهيتهم للديمقراطية التي طالما تغنوا بها، وعدم احترامهم لخيار الشعب وإرادته».

العبارة السابقة من بيان الإخوان العظيم الذي صدر قبل ساعات ردا على الاشتباك الذي جرى بين المتظاهرين الذين توجهوا إلى البرلمان مساء الثلاثاء لعرض مطالبهم عليه وبين شباب الإخوان الذين وقفوا حائط صد أمامهم بدعوى حماية البرلمان. وهي طبعا تصف التيارات السياسية الليبرالية واليسارية التي ينتمي إليها هؤلاء المتظاهرين.

وبصفتي منحازاً إلى هؤلاء الذين تظاهروا من أجل مطلبي الذي لا يؤمن به نائبي في البرلمان، أقول أن هناك بالفعل «ديمقراطية كريهة» تلك التي يستخدمها أولئك الذين لا يؤمنون بالحرية أو يضيق صدرهم بها. ويتصورون أن الديمقراطية تقتضي أن يصمت المعارضون دورة برلمانية وأن يصمت الناس جميعا ويلتزمون البيوت انتظارا لفرصة أخرى يضعون فيها أوراقا في صناديق.

الديمقراطية التي أريدها ليست ديمقراطية هاجس أغلبيتها «حماية البرلمان» من المعارضين، بل الديمقراطية التي تحمي الناس من بطش السلطات جميعا واستبدادها.

المطالبة بالديمقراطية التي رفعناها في وجه الديكتاتور مبارك كانت مطالبة بحريات تسمح بأن تكون «مباني ومظاهر الديمقراطية» فعلا أداة في يد الناس لتصحيح النظام وليست أداة لتأكيد سطوته وقوته.

النائب الذي يمثل الناس ليس لسانهم ولا يدهم لأنهم انتخبوه، لكن خشيته من حقهم، في إعادة انتخابه من عدمه، من المفترض أن تجعله يراعي مصالح الأغلبية منهم.

من يحمي مصالح الأقلية؟

يمكن أن تتعرض الأقليات لانتهاك حقها ومصالحها وحرياتها في ظل «ديقراطية كريهة» لا تعرف من الديمقراطية غير التفويض بالسلطة وتقضي على نفسها بالتعفن والتحول إلى تسلط أغلبية لأنها تقمع الحريات وتنزع عن الديمقراطية كل جانبها المضيء.

كل الوجه المضيء في الديمقراطية هو في المحاسبة، الوجه المضيء للعملية الديمقراطية في الانتخابات البرلمانية هو أن الشعب أسقط معظم مرشحي الحزب الوطني والمقربين من النظام وأعطى صوته لغيرهم.

أما غيرهم من النواب الجدد فسيكون الجانب المضيء في الديمقراطية التي أتت بهم هو فيما يلي انتخابهم. في محاسبتهم ومراقبتهم إعلاميا وفي الشارع بالاحتجاجات والمطالبات حتى إعادة انتخابهم أو إسقاطهم.

أما الديمقراطية الكريهة فعلا فهو أن تبدأ الأغلبية في أول أسبوع لها التحريض على الأقلية وتستعير صوت الحزب الوطني وتتهمها بنفس الاتهامات التي وجهها لها النظام السابق ثم المجلس العسكري.فيضيق صدرها بالإعلام وباحتجاجات الشارع كما عبرت الجماعة في بيانها الأخير التي تهاجمها كما ضاق أسلافها من قبل.

الوجه الكريه للديمقراطية أن يمتطي صهوة الأغلبية نواباً للشعب منتخبين، يطالبون مجلسا عسكريا ووزارة داخلية عينها العسكر بالتعامل مع المعارضين والتحقيق معهم باتهامات التمويل والتدريب في الخارج من أجل إشاعة «الفوضى والعدوان والتخريب» كما يقول البيان العظيم.

وذلك بدلا من أن يضع النواب خطة لهيكلة وزارة القمع والبلطجة وتطهيرها من القتلة والمجرمين وبدلا من أن يطالبوا المجلس العسكري بالتوقف فورا عن التدخل في الشؤون السياسية، بل محاسبته ومحاكمته على قتل المتظاهرين وعلى إهدار حقوق الآلاف في المحاكمات العسكرية!

الديمقراطية أداة يمكن أن تكون كريهة طالما سترفعون في وجوه الناس سلطتكم كل لحظة وسترفعون صوت القرآن على أصوات المتظاهرين كما حدث في 28 يناير وسترفعون صورة السيفين في شعار الجماعة على صدر بياناتكم العدوانية ضيقة الصدر التي تصدر من الجماعة لا من الحزب. ربما لانها ستكون مسخرة أن تصدر مثل هذه البيانات من حزب اسمه «الحرية والعدالة».


نشر في بوابة "المصري اليوم" الخميس 1فبراير 2011
كاريكاتير "أنديل"