29 May 2007

طرق للتكيف


... و لأنه لابد لي أن أعود إلي البيت, فكان التشبث بوضعي الطبقي الدقيق حلا .. بدلا من "امبابة " أهتف " أرض الجمعية " . بل لا أهتف مطلقا و أحاول ألا أنحني و لا أتحرك من مكاني, و إذا لم يهديء السائق من سرعته بشكل مرضِ أتجاهله – ذلك يجعلهم يرجعون أحيانا – و إذا توقف بعيدا لا أذهب إليه .
بالإضافة للمظهر العام و الحقيبة و ملامح الخارجين لتوهم من عمل ذهني مرهق , فذلك يرسم لديهم مع " أرض الجمعية " صورة البرجوازي ساكن ذلك المربع الصغير المهذب المنزوي بين غابتين من العشوائيات - بين امبابة القديمة " المنيرة " و بين الوراق – و له طريقه الخاص من النيل , بعيدا عن الغابات , ليصل إلي شوارعه المتوازية المتعامدة المعبدة معقولة الأبعاد, التي نجت بفضل تخطيط " الجمعية " من عشوائية بناء الفقراء. لتصبح سكن الإمبابيين الجدد أبناء ثورة يوليو الذين لا يمكن أن تناقشهم بشأن " عبد الناصر " . الذي لولاه لم يكونوا ليقتنوا هذه الشقق الآدمية في هذه الشوارع المعقولة, و لا كان يمكنهم أن يكون لديهم تلك السيارات العادية التي لا يمكنها دخول بعض طرقات إمبابة فيضطرون لتركها علي حافتها, ليقضوا العطلات في الحارات, و يفرح الأجداد بأبنائهم الأطباء و المهندسين و المدرسين, و أحفادهم الذين في المدارس الخاصة .
في الغالب سيذكرني السائق الذي سأحظي بمعيته بكل ذلك, عندما يؤكد أنه لا يذهب مطلقا لامبابة إلا لأرض الجمعية . و إذا كان خبيرا سيذكرني أنهم تأخروا في إصلاح أسفلت بعض شوارعها ,و ربما تصبح مثل بقية امبابة و لن يدخلها بعد ذلك .
أسأله وقتها أين يسكن . واحد يسكت , و آخرون يقولون أنه في غياب سياراتهم يركبون الأتوبيس لأن السائقين زملائهم من حقهم " الاسترزاق " من زبائن مرتاحين في شوارع جيدة ترحم سياراتهم التي لم ينتهوا من أقساطها بعد .. و المعيشة صعبة.. مصاريف العيال و الدروس الخصوصية, والشائعة تملأ البلد بأن الجامعات كلها ستصبح مصاريفها مثل الجامعة الأمريكية, و ساعتها لن يترك لأبنائه إلا رخصة التاكسي ليصبحوا سائقي تاكسي أولاد سائق تاكسي " و ماله مش عيب, صحيح الواحد نفسه يشوف أولاده أحسن , لكن العيب علي اللي هايدخلوا ولادهم الجامعات دي من حرام , و حد الله ما بيني و بين الحرام .. بس لو مش هاندخّلهم مدارس و لا جامعة ,مش عيب علشان نأكلهم ندوّر علي القرش مع الزبائن القادرة" .
واحد مرة قال مثل ذلك تقريبا ثم أضاف : " أما بالنسبة لمعنى سؤالك يا بيه .. فأنا فاهم قصدك . أنا ساكن في دار السلام ...طبعا عارفها .. علشان كده وعزة الله , لو لقيت أمي واقفة في عز الظهر ما هاروّحها .. هاها ... ده أنا بيصعب عليّ آخر النهار إني باروّح نفسي و أدخل بالعربية المناطق دي ! .. نازل فين بالضبط في أرض الجمعية سعادتك ؟ ".

28 May 2007

وجوه و تفاصيل

رغم الكثير من المعلومات و التغطيات للإضرابات و الاعتصامات العمالية الأخيرة , كنت متشوقا لرؤية وجوه مفردة خارج الحشود, و سماع تفاصيل المشكلات و القضايا و المعارك, منهم و كما يحكونها .
ربما تبدو التفاصيل غير مهمة للبعض, لكنها كل شيء بالنسبة لمن صنعوا الحدث الأكثر تأثيرا و دويا في الفترة الأخيرة ..
شهادات العمال في ندوة مركز الدراسات الاشتراكية الثلاثاء الماضي تضيف بعض الملامح الصغيرة للصورة لكبيرة للحشود , تكشف حجم المطالب و طبيعة المواجهة و نوع التحديات, بالإضافة لتعبيرها عن اختلاف العمال أنفسهم بين عمال مسّيسين بقدر ما , و بين عفويين يخوضون معركة القوت بلا نظر لما هو أبعد مثل مستقبل " الحركة العمالية ", و علاقتها بـ"حركة التغيير ", و وجودها في مواجهة السلطة .

الشهادات ....
عامل من مصنع الهلباوي




عامل آخر من مصنع الهلباوي




نقابي و ناشط من شركة مطاحن جنوب القاهرة




نقابي من مصنع سكر الفيوم




عامل من شركة مصر للتليفونات




عامل من مصنع غزل شبين الكوم




نقابي من مصنع المنصورة - أسبانيا


22 May 2007

المتجاهلون ستدهسهم شاحنة في مصر الجديدة

طوبى لسائقي التاكسي الذين يردون استغاثة الراكعين أمام نوافذ سياراتهم : "امبابة ؟" ...و لو بالنفي .
المجد لمن يردون بالإيجاب .