24 November 2006

ارفعوا الأحذية


... بل و حتي لوحات الوزير الفنان هي تصريحات رسمية بالتأكيد . أليست ألوانها زاهية , و مستعصية علي الفهم . .. هي بعينها !
فما بالكم برأيه في الحجاب ... هي تصريحات رسمية بلا شك .
كما أن ذلك يتسق مع ما تريد أن تراه أحزاب المعارضة في الحكومة بوصفها العدو رقم واحد للشعب . و يتسق مع ما يريد أن يراه الإخوان في الحكومة بوصفها عدوا مناوئا للإسلام و المسلمين و الأئمة الأربعة . و يتسق أيضا مع ما يراه نواب الحزب الوطني في ذلك المفهوم المشبوه الملوث المسمي بالثقافة و التي يتولي وزارتها رجل مشكوك في فحولته .
إذن فقد حانت الآن لحظة الوحدة الوطنية المباركة .
لاخيار لدي سوي أن أنضم لنواب الشعب الموقرين الغاضبين , و إلي جموع المتدينين المنددين خلف نوابهم المنتخبين , و إلي حشود طلاب و طالبات الأزهر المتظاهرين , و إلي كمال الشاذلي و زوجته و ابنته المحجبتين , و إلي كتاب الأعمدة علي حواف أوراق الصحف , و إلي الشيوخ المحاضرين أمام مذابح الكنائس و إلي القساوسة الواعظين من علي منابر المساجد .....
ليس لنا الآن إلا أن نقف صفا كالبنيان المرصوص امام هذه الفتنة العاتية .
أنترك جموع المؤمنات وحدهن في مواجهة المصداقية الدينية و الأخلاقية العالية للسيد الوزير الفنان , و أمام النفوذ العالي لآرائه الدينية , أم نتركهن في مواجهه دوره الكبير في تشكيل عقل و وجدان الجماهير عبر مهرجان المسرح التجريبي و سمبوزيوم النحت و قطاع الفنون التشكيلية و أوركسترا القاهرة السيمفوني و ندوات لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلي للثقافة .
لننتفض الآن لردع هذا المخادع الذي يزعم ان الحجاب خطوة إلي الوراء .. أي وراء يقصد و هو يعلم جيدا أن ظهورنا إلي الحائط , كما أننا لا نخطو أي خطوات في أي اتجاه بعيدا عن ثوابتنا و ما وجدنا عليه آباءنا .
كما أنه كيف لأحد أيا كان أن يكون له رأي في الحجاب و هي مسألة لا خلاف عليها علي الإطلاق . دعكم من ادعاءات المغرضين أن هناك من لهم رأي آخر . فوجود هؤلاء نفسه مشكوك فيه أمام الحقيقة الساطعة أنه لا خلاف .
نحن الحقيقة و هم الأوهام .*
و إذا كان هؤلاء موجودين - لنفرض جدلا - فهم ليسوا من العلماء . فلقد أجمع العلماء و اتفق العلماء أنه لا خلاف . فاختلاف أولئك دليل أنهم ليسوا من العلماء . يسألني متحذلق : و كيف نفرق بين العلماء و بين هؤلاء المدعين المختلفين الذين لا وجود لهم ؟ . فأسأل الله له الهداية و أسأله إن كان مخلصا في طلب الحقيقة فليراسلني لأرسل له عنوان النقابة السرية لعلماء الشرع و هاتف الهيئة الشرعية الموحدة للإجماع و تحديد ثوابت الدين . و هي الهيئة التي تضم كل من يحق لهم أن يتسموا بعلماء الدين من لدن الصحابة و حتي الشيخ سيد حمدي مفسر الأحلام و علام الغيوب علي شاشة قناة المحور .
ما دمنا الآن جميعا , عدا هذا المتحذلق , نقف إلي جانب الحقيقة في مواجهة الأوهام . فلنجعل إذن من وزير الثقافة هذا عبرة , و لنذيقه جزاء سارق أحذية في مسجد جامع يوم جمعة .
ارفعوا أحذيتكم و اتبعوني !

-------------------------------
* " نحن الحقيقة و أنتم الأوهام ".. نقلا عن كلمة النائب سعد الحريري بعد تشييع جثمان الوزير بيير الجميل في بيروت

11 November 2006

رؤيا


رأيت اليوم حلما بانوراميا طويلا هادئا .
رأيتكم كلكم فيه , كل من أعرفهم منكم تقريبا . و حدثت فيه كل الأشياء التي تحدث عادة, و لم تحدث الأشياء التي لا تحدث . فعلت كل ما أقوم به, و لم أفعل ما لا أفعل عادة .
كل شيء سار طبيعيا تماما بلا أدني غرابة ... حتي أنني تعبت و نمت في نهاية الحلم .....
ثم استيقظت !
لست متأكدا الآن إذا كنت استيقظت فعلا أم أنني استيقظت في الحلم ...أم هو حلم آخر داخل الحلم .
هل أنتظر أن تسير الأمور طبيعية ...ذلك الحلم كان طبيعيا أيضا . أم أنتظر ما يثير الدهشة ... الأحلام كانت دوما مدهشة !

06 November 2006

" ساندوا " التعذيب في مصر


تخيل كم هو لطيف أن تحمل المدونة الفائزة هذا العام بجائزة الدويتشه فيلله " البوبز " لفئة " مراسلون بلا حدود " , اسم " التعذيب في مصر " .
أعتقد أن الأمر سيفرح جدا السادة رؤساء تحرير الصحف القومية و سائر أدباء المدرسة البوليسية التي تهتم بالمحسنات البديعية و صورة مصر الشعرية و تتغني بجماليات غسيلها الناصع .
أنا لست مهتما بحال بالغسيل , ما دام الإنسان في حالة رثة .
لذا فليس فقط بدافع التحيز الوطني و لا الشخصي للصديقة نهي أن أدعوكم لمساندة مدونتها " التعذيب في مصر " و التصويت لها .
نهي بالفعل تقوم بعمل رائع من تجميع و توثيق جرائم تعذيب المصريين , بالإضافة للاهتمام بالفعاليات و الأبحاث و التقارير التي تتناول هذا الجانب .
مدونة التعذيب في مصر تخوض الآن منافسة شديدة علي جائزة الجمهور في مواجهة مدونة برازيلية لا أعلم ما ترجمة اسمها , لذا فانه من الطبيعي أن تكون " التعذيب في مصر " هي الأفضل بالتأكيد بالنسبة لي و لكم , اللهم إلا لو كان ثمة من يجيد البرتغالية هنا .

لن أستغل طبعا هذه المناسبة لأذكر من لم يضغط علي الرابط أعلي يمين الصفحة , أني أيضا أخوض منافسة ضمن نفس المسابقة و لكن في فئة أفضل مدونة عربية .
و نتائج التصويت علي جائزة الجمهور هناك حتي الآن , حسب تاريخ هذه التدونية , تشير إلي التقدم الكبير لنوستالجيا هلال شومان و حواديت رحاب بسام بفارق كبير - و أنتم المسئولون عن ذلك - عني و عن مدونة الرفيقة نورا يونس في إثري .
يجدر بي هنا التنويه علي أنه بالرغم من كون نورا عضو مؤسس في " متخلفون من أجل التغيير " التي تحولت الآن لـحركة " 30 فبراير " , إلا أنني المرشح الرسمي لــ 30 فبراير و قد صدر بيان رسمي عن الجناح العسكري للحركة بذلك .أما نورا فتخوض المنافسة بالمخالفة للالتزام الحزبي .
و لكن فيما بيدو لن يجدي دعم 30 فبراير أمام جنيات حواديت رحاب , و أمام ما يحتمل كونه دعما من حزب الله لهلال شومان , و يحتمل أيضا تدخلات سورية و إيرانية بالمخالفة للقانون الدولي .
لذا فأحب أن أنوه بالنسبة للذين لا يشعرون بالولاء لــ30 فبراير, هذه المدونة أيضا تخوض المنافسة بدعم رسمي و صريح من " الإخوان المسلمين " التي نقل أحد كوادرها هذا التأييد في تعليق رسمي هناك في صفحة المسابقة . و نتائح التصويت التي أشرت إليها هي حالة مؤقتة حتي يفرغ الإخوان من معارك الانتخابات الطلابية و العمالية , أو أتمني ذلك .
و بالتأكيد لا يفوتني ذكر دعم القيادات الشعبية و التنفيذية بـإمبابة و ما حولها , و لولا أن الحواسب غير متوفرة هناك بكثرة لاتخذ الأمر منحي مختلفا جدا .

أعاد الله عليكم البوبز بـالخير واليمن و البركات .

03 November 2006

" ربـك يعـدّلها "


" إنها المادة 76 ! "

هكذا سيهتف شيخ هرم لحفيده الصغير مشيرا إلي المجلد الضخم الذي يناهز الألف صفحة ..
سيروي لحفيده قصة تطور الديمقراطية المصرية عبر القرون , و التي عبرت عن نفسها في معارك تعديل المادة 76 . هذه المادة التي حازت - منذ أول تعديل - شرف أن تكون أطول مادة دستورية عرفتها البشرية , ثم استمرت تعدّل علي الدوام و بشكل مزمن ملخصة أشواق و مواجيد مرتادي موالد الوعود الديمقراطية و ضغوط الخارج و شغب المعارضين .

في بدء كل واقعة تعديل , كان السيد الرئيس يعلن نيته في تعديل الدستور فينخرط الكل في جدل حول إهتراء الدستور و الضرورة العاجلة لتعديل المادة 77 التي تقيد الرئاسة بمدتين لا غير , فينتظر الرئيس أياما ثم يلقي في مؤتمر الحزب بقنبلة من نوع النية لبدء مشروع نووي أو ضرورة ارتياد الفضاء أو حتمية تجربة استنساخ البشر ...فينبري الكل للنقاش حول المشروع الجديد و ينسون ما انخرطوا فيه سابقا .. فيعود الرئيس مفاجئا الجميع أنه ينوي فعلا تعديل الدستور .. و بالتحديد إعادة تعديل المادة 76 , بغرض إتاحة الفرصة لمرشحي بعض الأحزاب لكي يتمتعوا لفترة محدودة بمنافسة الرئيس الحالي و القادم في انتخابات مسلية و مجزية , إن لم يكن المرشح متشنجا و ذا أطماع طبقية وقحة تدفعه لمحاولة تجاوز أصل خلقته كمرشح فحسب .
و حدث بالتوازي مع وقائع تعديلات المادة 76 تطورات عديدة فيما يخص قانون الأحزاب للحيلولة دون تطلع الإخوان المسلمين للعرض الخاص . كان أهم هذه التطورات دمج الأحزاب في الحزب الوطني و إعادة تجربة " الاتحاد الاشتراكي " الناصري مع "منابر " الرئيس المؤمن , و لكن تحت مسمي " الاتحاد الوطني " الذي يضم بالإضافة للمنبر الحاكم منبرين آخرين لليمين و اليسار .
و قد حل منبر اليسار في هذا الاتحاد مشكلة " اتحاد اليسار المصري " الذي ظل لبضعة قرون في طور الحوارات التحضيرية الساعية لتعريف مصطلح " اليسار " , و اضطرت معظم فصائله للتوحد قسريا آنذاك . بينما لجأت إحدي الفصائل اليسارية المتمردة للاندماج في كتيبة الإخوان بإمبابة تنديدا باتحاد اليسار المهادن .
الجدير بالذكر أنه تم إلغاء لجنة شؤون الأحزاب و تم نقل تبعية كل المنابر المعارضة إلي وزارة الأوقاف .

و رغم العدد الكبير من التعديلات , ظلت المادة 76 لفترات طويلة في التاريخ المصري يشغل نصها " ثلاث ورقات " فقط من الدستور المصري , كتعبير رمزي عن وظيفة الدستور و القانون في المجتمع .
إلي أن بدأت التعديلات الدستورية تأخذ منحي آخر عندما دون أحد الرؤساء رؤيا رآها في نص المادة معلنا أن سيأتي بعده رئيس اسمه أحمد ,مكتوب بين عينيه : " حاكم " , لا يقرأها إلا أعضاء الحزب الحاكم , و يقطن إحدي قري المنوفية !
من بعده انفتح الفقه الدستوري علي التصوف وعلوم الفلك و التنجيم و الأنساب , فبدأت كتابة الهوامش و الحواشي للمادة 76 , ثم أتبعت بتعريفات للمصطلحات الصعبة و رسوم توضيحية و معادلات كيميائية باللغة الفارسية , و لم يكن هناك بد من إفراد مجلد خاص بالمادة .
و كان من نتائج هذه التطورات نقل تبعية المنابر من وزارة الأوقاف إلي المجلس الأعلي للطرق الصوفية , باعتبار أن مذاهب السياسة ما هي إلا طرق , كما أن السياسة أحيانا يمكن أن تؤدي إلي الله بأسرع الطرق . و هي أولا و آخرا نوع من التصوف الذي يعرض عن المكاسب الدنيوية القريبة الفانية , لانشغاله باهتمامات أخروية مثل ديكتاتورية البروليتاريا و و حدة الأمة العربية و عقد اجتماع موحد لشباب من أجل التغيير.

هذا و قد كان الرؤساء يقومون دائما باستفتاء رأي الشعب المصري في استفتاءات حرة مفتوحة المصدر ... أي يمكن لأي إنسان فيها أن يصوت نيابة عن بعض الآخرين أو كلهم , أوحتي نيابة عن الجن الأزرق , في طريقة تقترب من طريقة التصويت في مسابقة البوبز .
و باستمرار شهد القضاء المصري العلماني بتزوير هذه الاستفتاءات, بينما أعلن كثير من الرؤساء تمسكهم بالشريعة الإسلامية و بتفسيرهم الخاص للسنة النبوية التي تحض الحاكم علي أن يستفتي نفسه و إن أفتاه الناس و أفتوه !