26 June 2007

! عاجل : أربعة منهم لا يؤدون ركعات السنة

كيف كان لمحامي الدفاع أن يرد علي قاضي الدولة عندما يخبره الأخير أن العلة في إلحاق الطفل بدين أبيه المسلم بينما هو في حضانة أمه المسيحية " أن الإسلام أصل الفطرة و خير الديانات ", و المحكمة يجب أن تلحق الطفل بأفضل الدينين ... كيف للمحامي المسيحي أن يدخل في جدل ديني و يناقش تلك الأمور الخاصة و الحساسة بالنسبة لقاض مؤمن غض بصره عن المباديء الدستورية و القوانين المنضبطة طمعا في سماع تتر نهاية مسلسل " القضاء في الإسلام " في ختام الجلسة . ربما كان علي المحامي و هو يحاول الاستغاثة بمباديء المواطنة و مساواة المواطنين أمام القانون و مدنية الدولة, أن يجاري رصانة الحيثيات القضائية المعاصرة, فيصوغ خطابه في نباهة قائلا : " سيدي الرئيس .. حضرات المستشارين ... موسى نبي.. و عيسى نبي.. و محمد نبي ...و كل من له نبي يصلي عليه .. مش كده و لا إيه ؟ "

لست واثقا من نتيجة ذلك, و لكن علي الاقل لنحاول الدخول في المسخرة و السير علي هوى العدالة التي استبدلت العمى بعاهات أخري لتدهشنا بالجديد وغير المتوقع , و إلا فكيف سنحاول أن نفكر في موقف ذلك المحامي الآخر - المسلم هذه المرة - الذي جفل و أخذ يبحث في ما تعلمه في كلية الحقوق , وحتي في معلوماته عن فرائض الدين, عندما وجد نيابة أمن الدولة تسأل موكليه المتهمين بكونهم " قرآنيين" – و العياذ بالله – عما إذا كانوا يصلون السنة .. أي و الله, "ما إذا كانوا يصلون السنة ". ثم أسقط في يده تماما, و أغضى بصره داعيا لهم بالهداية و الرحمة عندما أثبتت النيابة في التحقيقات أن أربعة منهم لا يؤدون ركعات السنة !

23 June 2007

عين البانيو


المرة الأولى التي أغلقت فيها عين البانيو
و ملأته بالماء و البخار و الصابون السائل
و غطست فيه, اكتشفت أن العري علم
إنساني بغير فقه و بغير شريعة, و أسدلت
جفني و جازفت باتجاه الواضح الواضح

عبد المنعم رمضان
من ديوان" غريب علي العائلة "

اللوحة لهنري ماتيس

16 June 2007

أما زلنا رجال الباشا ؟

خالد فهمي في ندوة بالحزب الديمقراطي الاجتماعي

"محمد علي باشا هو مؤسس مصر الحديثة, و هو الذي انتشلها من حالة ترد بالغة ووضعها علي أول طريق نهضة شاملة, كما سعي لأن يحقق لها كيانها الوطني المستقل عن الدولة العثمانية, و أذكي الروح الوطنية للمصريين الذين انخرطوا في الجيش الذي شكله منهم .. "

المقولات السابقة التي تمثل التأريخ الأكثر شيوعا لمحمد علي و مصر في عهده, هي تحديدا التي ينقدها و ينقضها د.خالد فهمي, أستاذ التاريخ بجامعة نيويورك, في كتابه " كل رجال الباشا " .

تحدث خالد فهمي عن كتابه و رؤيته النقدية في ندوة " الحزب الديمقراطي الاجتماعي " السبت الماضي . و ناقش هذه المقولات بالعودة إلي وثائق و مكاتبات هذه الفترة, محاولا تجنب السقوط في شرك إعادة رواية تاريخ السلطة كما ترويه هي عن نفسها . فيكشف سعي محمد علي الدؤوب لإضفاء غموض و أسطورية علي شخصيته, بجانب ما يمكن أن نسميه بالفعل سعيه لكتابة تاريخ شخصي له و لمصر في عهده باعتبارها انتقلت معه من حالة أقرب للصفر إلي نهضة شاملة . يشكك خالد بالتبيعة في التاريخ الذي كتب علي عين محمد علي و أولاده و بمعرفة مؤرخين مقربين منهم , و يشير لاجتهادات مؤرخين معاصرين نقديين يكشفون عن أشكال من الحيوية في مصر العثمانية ما قبل محمد علي . كما يشير هو لما يظهر جليا في خطاب محمد علي نفسه من كون هدفه لم يكن بشكل أساسي الاستقلال عن الدولة العثمانية أو بناء دولة مصرية وطنية, و لكن كون ذلك قد تحقق نسبيا فهو قد كان في إطار سعي محمد علي لاقتطاع مصر كولاية خالصة له و لأولاده من بعده, و هو ما يحقق مجدا شخصيا و أسريا لمحمد علي و أبنائه , و هو مشروعه الأساسي الذي نجح في تحقيقه .

علي جانب آخر يتساءل خالد فهمي عن ثمن هذا الهدف المركب الذي امتزج فيه مشروع مجد الحاكم و أسرته ,بأهداف مثل الاستقلال و بناء دولة وطنية حديثة . و يحاول في كتابه رصد تاريخ الفلاحين المصريين في مؤسسة جيش محمد علي , المؤسسة الأهم لمشروع التحديث و بناء الدولة , و يتابع تفاصيل يومياتهم من خلال وثائق السلطة نفسها و ما تفلت منها من صوت هؤلاء الأنفار المستخدمين كوقود للمشروع .

يرصد يوميات القهر و العسف و الاستعلاء الإثني من جهة السلطة التي قامت علي نخبة تركية , ومن جهة المحكومين يرصد المعاناة و غياب التفهم و من ثم الإحساس بالمشاركة في مشروع قاهرهم الوطني – وصل معدل التهرب من التجنيد لثلث عدد المستهدفين , كما كانت فرق كاملة في الجيش من المشوهين و المعوقين, ممن فعلوا ذلك بأنفسهم عمدا للتهرب من التجنيد الذي كان مفتوح المدة – .. أي روح وطنية إذن ؟
بل إن الكتاب يرصد التضييق الشديد علي الطبقة الوسطى المصرية , و التنكيل بالأعيان و الوجهاء و أرباب البيوت العريقة و العلماء ممن لم ينخرطوا طوعا في خدمة شخص الباشا . الأمر إذن يشير لانحطاط في الروح الوطنية رصده فيما بعد المؤرخون الذين ربطوا بين غياب النخب المصرية الفاعلة و بين غياب أي مقاومة مدنية شعبية تذكر للاحتلال الانجليزي , بينما قبل محمد علي و مشروعه" الوطني" , واجهت الحملة الفرنسية مقاومة مستميته .

يصل الأمر فعلا لنقيضه عندما يشير الكتاب إلي أن ما يمكن أن يكون قد أسس فعلا لشعور وطني مصري هو التوحد تحت قهر الباشا و مشروعه الشخصي و بطانته التركية المتعالية, و هو ما سيكون واضحا فيما بعد في حركة عرابي التي قامت لتحتج علي معاملة المصريين كعبيد و تحديدا حرمانهم من الترقي في الجيش و قصر المراتب العليا علي ذوي الأصول التركية .

الكتاب كما عرضه مؤلفه, و كما يبدو لي بينما لم أنته بعد من قراءته , يثير أسئلة حول مفاهيم مثل " الوطنية " و " الاستقلال" و " التحديث " و ماذا تعني بالنسبة للمقهورين الذين يكتب لهم القادة و السادة دورهم كوقود من أجل تلك المفاهيم العالية المتعالية . و ماذا تعني بالنسبة لمؤرخ يحاول ألا يعيد كتابة صدي صليل السيوف و دوي المدافع و يحاول ألا يكون عمله رسم بورتريهات القادة و الملوك نافذي البصر و البصيرة , أو كتابة ما يملى عليه من قبل " صناع التاريخ " بخط حسن .


05 June 2007

الأهم فالمهم

أفادت مصادر مطلعة أن "مجمع البحوث الإسلامية", نيابة عن الأمة جمعاء, يعتبر نفسه في حالة انعقاد دائم لمواجهة التحديات و المستجدات ...بعد طهارة بول النبي ستتم مناقشة حكم قتل الديناصورات, ثم أحكام تناول لحم عروس البحر و مرقة العنقاء و عجة بيض التنين.

01 June 2007

خارج الخدمة

بعد إجازة مرضية ليوم واحد , و بعد " سلامتك " قال مديري, و عيناه ملؤهما صدق : " مش ناوي بقي تجيب محمول, أنا مش عارف أوصل لك ... و أطمئن عليك "
متجاهلا بالطبع المقطع الأخير, كدت أقول : " لكم يسعدني هذا يا سيدي, صدقني ! "
و لكني سألته بصدق مماثل : " هو مش مع حضرتك تليفون البيت ؟! "
أخذ نفسا من سيجارته و زفره في بطء , رغم أن التدخين ممنوع هنا ...
و لكن لنقل أن الطمع, كما الصدق, ليس في صالح كلينا .