“على حافة شارع نصر الدين في حي الهرم يسير صاحبي الجهادي بلحيته الكثة، بينما يحاول أحد سوّاقي (التوكتوك)* مضايقته بأن اعترض طريقه. نظر صاحبي الجهادي ناحيته، وقال بهدوء الواثق: ولااااا.. أنا مش إخوان.. أنا جهادي.. يعني آخرك معايا رصاصة في دماغك!
ابتلع سائق (التوكتوك) ريقه، وهو يتمتم: لا مؤاخذة يا شيخ.. كنت (باحسبك) إخوان والله!”.
يحكي عمار مطاوع -الشاب الإخواني الذي يعمل في الجريدة الرسمية لحزب الجماعة-هذه القصة في صفحته على الفيس بوك، يبدو لي أنه يوجهها بالأساس إلى أصدقائه من الإخوان، يرسل إليهم فيها برسالة بخصوص المشهد الجديد الذي يتصاعد في الشارع المصري.
المشهد الجديد هو سلسلة الإهانات والمهانات الموجهة لمن يشي مظهرهم بأنهم منحازون للتيار السلطوي الإسلامي على خلفية الاستقطاب الذي يتصاعد وتشتد حدته منذ وصول الإخوان للسلطة. ولأن الإخوان لا مظهر متميز لهم عادة، إلا في حالة تجمعهم في فاعلية بعينها. فإن اللحى تتسبب في أن يلقى السلفيين -بتنوعاتهم- النصيب الأكبر العشوائي من المهانة المتناثرة يوميَّا.
المشهد الجديد هو سلسلة الإهانات والمهانات الموجهة لمن يشي مظهرهم بأنهم منحازون للتيار السلطوي الإسلامي على خلفية الاستقطاب الذي يتصاعد وتشتد حدته منذ وصول الإخوان للسلطة. ولأن الإخوان لا مظهر متميز لهم عادة، إلا في حالة تجمعهم في فاعلية بعينها. فإن اللحى تتسبب في أن يلقى السلفيين -بتنوعاتهم- النصيب الأكبر العشوائي من المهانة المتناثرة يوميَّا.
فبالرغم من المكانة العريقة التي كان يحظى بها السلفي في الشارع المصري، خاصة في الأحياء الأكثر شعبية، إلا إنه الآن لم يعد “بتاع ربنا” الذي يدهشهم ويشعرهم بالذنب بـ”التزامه الفائق” الذي يمكن لهم أن يحيوه عن بعد.
قسم من الشارع الآن يرى هذا السلفي متحزِّبًا وخصمًا وشريكًا في السلطة الحالية وربما “تاجر دين”. يتكرر وقوف مصلين في خطبة الجمعة والدروس لتوقيفه عندما ينافح عن السلطة، أو يمارس عادته التاريخية في تكفير المعارضين.
قسم من الشارع الآن يرى هذا السلفي متحزِّبًا وخصمًا وشريكًا في السلطة الحالية وربما “تاجر دين”. يتكرر وقوف مصلين في خطبة الجمعة والدروس لتوقيفه عندما ينافح عن السلطة، أو يمارس عادته التاريخية في تكفير المعارضين.
الشيخ عبد الله بدر -أحد أكثر المشايخ السلفيين وقاحة، لدرجة أنهم أقنعوه حاليًّا بعدم الظهور في الإعلام- يتحدث في درس له بمرارة عن رخاوة الرئيس محمد مرسي التي أدت إلى أن يعترض طريق الشيخ “شوية عيال”، ويهددونه ساخرين بنتف لحيته شعرة شعرة.
الشاب عمار مطاوع نشر الحكاية التي تتصدر المقال في أعقاب “اشتباكات المقطم” بين متظاهرين توجهوا للمقر العام لجماعة الإخوان المسلمين، وبين مؤيدين حشدتهم الجماعة من مختلف المحافظات؛ في محاولة لصدهم ووقف سيل الفعاليات المهينة، التي بدأت بدورة كرة قدم أمام المركز العام، ثم تصوير رقصة “هارلم شيك” كان خلفيتها المقر، ثم يوم مفتوح لرسم جرافيتي أمامه انتهى بصدام محدود تضمن صفعة من “بغل” مجاهد على وجه ناشطة، وكان ذلك سبب الحشد للتظاهر مرة أخرى غضبًا.
الشاب عمار مطاوع نشر الحكاية التي تتصدر المقال في أعقاب “اشتباكات المقطم” بين متظاهرين توجهوا للمقر العام لجماعة الإخوان المسلمين، وبين مؤيدين حشدتهم الجماعة من مختلف المحافظات؛ في محاولة لصدهم ووقف سيل الفعاليات المهينة، التي بدأت بدورة كرة قدم أمام المركز العام، ثم تصوير رقصة “هارلم شيك” كان خلفيتها المقر، ثم يوم مفتوح لرسم جرافيتي أمامه انتهى بصدام محدود تضمن صفعة من “بغل” مجاهد على وجه ناشطة، وكان ذلك سبب الحشد للتظاهر مرة أخرى غضبًا.
بعض شباب الإخوان أصبح ينحاز إلى الرؤية “الجهادية” في تأكيده على أن “المشروع الإسلامي” هو مشروع لا يجب في سبيله أن تطلب إلا رضا الإسلاميين وحدهم، أما الآخرون فهم أعداء الدين ليس لهم إلا الخضوع أو القمع.
تصاعد العنف الأهلي وتطوراته بين الإسلاميين ومحتجين منذ “جمعة كشف الحساب” في أكتوبر الماضي -ومرورًا باشتباكات “الاتحادية”، ثم اشتباكات “موقعة المحلاوي” في الإسكندرية، ووصولاً إلى “موقعة المقطم”- دفع منظمات حقوقية -لا تبادل الإخوان والسلفيين أي ود- إلى أن تصدر بيانًا مثيرًا للجدل يدين الإيذاء البدني المتعمد على الهوية بسبب ما شهدته بعض الاشتباكات من تنكيل عنيف ببعض السلفيين بسبب لحاهم أو بسبب من يتم التعرف على انتمائه للإخوان. بينما كان هناك تنكيل متبادل للمحتجزين في طرفي الاشتباك الذي تناثر في شوارع حي المقطم، ولاحقًا أدان مجلس إدارة أحد مساجد المقطم حشود الإخوان والإسلاميين لاحتلالهم المسجد، وتحويله إلى مكان للاحتجاز وتعذيب “الأسرى”.
رغم ذلك يبدو أن وقع المعركة كان قاسيًا هذه المرة أيضًا على شباب الإخوان، وعنيفًا للدرجة التي دفعت منظمات حقوقية لانتقاد تفصيلة صغيرة وسط سياق المعارك للتنبيه على فداحتها.
رغم ذلك يبدو أن وقع المعركة كان قاسيًا هذه المرة أيضًا على شباب الإخوان، وعنيفًا للدرجة التي دفعت منظمات حقوقية لانتقاد تفصيلة صغيرة وسط سياق المعارك للتنبيه على فداحتها.
تعليق الشاب الإخواني عمار على الأحداث القاسية عبر حكايته التي تتصدر المقال، يمثل أحد المواقف الأكثر جماهيرية بين مؤيدي تيارات السلطوية الإسلامية الذين ضاقوا بالتظاهر بقبول الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية التي قيل لهم إنها في النهاية صناديق ستفتح لهم أبواب التمكين، وأمام المقاومة الشرسة لأعداء التمكين لا يملكون أعصابهم ويدعون الرئيس مرسي صراحة لسحق المعارضين.
الشاب عمار رغم عضويته في جماعة الإخوان، وعمله في جريدتها الرسمية، إلا أنه مناصر لحازم صلاح أبو إسماعيل، وهو في ذلك ليس نموذجًا فريدًا للنزيف الداخلي لهيبة الخطاب الإخواني التوافقي لصالح الخطابات الأكثر وضوحًا واتساقًا.
الشاب عمار رغم عضويته في جماعة الإخوان، وعمله في جريدتها الرسمية، إلا أنه مناصر لحازم صلاح أبو إسماعيل، وهو في ذلك ليس نموذجًا فريدًا للنزيف الداخلي لهيبة الخطاب الإخواني التوافقي لصالح الخطابات الأكثر وضوحًا واتساقًا.
في تدوينة سابقة لعمار يشرح كيف أن علاقته بالجهاديين بدأت في حملة حازم أبو إسماعيل من أجل الانتخابات الرئاسية السابقة، قبل استبعاده منها بسبب جنسية أمه الأمريكية. تعرَّف عمار عن قرب لأول مرة على “الجهاديين” الذين يقول عنهم: “وجدتهم أكثر اتساقًا، وأعلى وضوحًا. علمني الجهاديون أن العلمانيين أعداء وخصوم لا نسعى للتوافق معهم، ولا يهمنا رضاهم، هم أعداء فكرتنا ومشروعنا وديننا، وأن الأولى بالسعي للترضي والكسب هم الإسلاميون وحدهم.. الإسلاميون وفقط”.
حكاية عمار سخرية مريرة من كل تراث الإخوان الذي يحاول كبح جماح الفكرة الجهادية من أجل “التمكين” و “إعادة الخلافة”، وازدراء للمحاولة الإخوانية للتوافق مع “الآخر” غير الإسلامي.
حكاية عمار سخرية مريرة من كل تراث الإخوان الذي يحاول كبح جماح الفكرة الجهادية من أجل “التمكين” و “إعادة الخلافة”، وازدراء للمحاولة الإخوانية للتوافق مع “الآخر” غير الإسلامي.
يزدري عمار ذلك، ويفخر بصديقه الجهادي الذي يلوّح -ولو مزاحًا– بالرد على إهانة محتملة بالرصاص. يتحسَّر عمار على فحولة صديقه الجهادي أمام الإهانة البسيطة في مقابل رخاوة الإخواني أمام السيرك الأهلي المنصوب له في مصر الآن.
يروي عمار لرفاقه تلك الحكاية بكل أسى؛ لعلهم يتعلمون مثله من الوضوح والاتساق “الجهادي” في الاعتراف بأن “المشروع الإسلامي” هو مشروع لا يجب في سبيله أن تطلب إلا رضا الإسلاميين وحدهم، أما الآخرون فهم أعداء الدين ليس لهم إلا الخضوع أو القمع.
يروي عمار لرفاقه تلك الحكاية بكل أسى؛ لعلهم يتعلمون مثله من الوضوح والاتساق “الجهادي” في الاعتراف بأن “المشروع الإسلامي” هو مشروع لا يجب في سبيله أن تطلب إلا رضا الإسلاميين وحدهم، أما الآخرون فهم أعداء الدين ليس لهم إلا الخضوع أو القمع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• مركبة نارية ذات ثلاث عجلات، تستخدم كوسيلة للانتقال بالأجرة.
• مركبة نارية ذات ثلاث عجلات، تستخدم كوسيلة للانتقال بالأجرة.
No comments:
Post a Comment