استكمالا لـسلسلة «الحرب على الإسلام» في موسمها الأول والثاني.
كنت أود أن أتابع قائلا إن ارتداء «نظارة الحرب على الإسلام» ورؤية ما
يحدث في العالم باعتباره معركة بين الإسلام وأعدائه ليس خاصا فقط
بالسلطويين الإسلاميين من أصحاب المشروعات السياسية المنسوبة للإسلام،
ولكنه فكرة أصيلة أعمق مبثوثة في كل تعبيرات وأدبيات "التفكير الديني الراكد"الذي
يشمل التيار الرئيسي من الفقه الإسلامي المعاصر الذي يجتر سابقه ويتم
تدريسه في الأزهر ويقتبس منه الإخوان مع إضافة لمسات فاشية جذابة ولمسات
أخرى توافقية عصرية، ويتحمس السلفيون في التعبير عنه بتهور واندفاع.
فبرغم أكوام التنظير النخبوي الإسلامي عن «الدولة الإسلامية
العصرية» و«الفكر السياسي الإسلامي الحديث»، فالخطاب الديني المعاصر
المنتشر بين قطاعات واسعة من المسلمين يقول بوضوح إن التفكير الديني الراكد
متعثر جدا عمليا في تكوين فكرة سياسية ملهمة للناس، بعيدا عن معركة النبي
والصحابة مع الكفار والمشركين، وبالتالي تحتل أفكار الاستضعاف وخداع العدو
ثم التمكين والعهد مع الطوائف ثم الجهاد والغزو والجزية وغيرها محل القلب
من «الرؤية السياسية» التي تنتهي إلى ارتداء «نظارة الحرب على الإسلام»
طوال الوقت.
ولذلك أشكر جدا الشخص النابه الذي وفّر عليّ عناء البحث كثيرا وأنتج مقطع الفيديوالذي اقتبس فيه سخرية باسم يوسف ممن يتحدثون عن معركة بين الإسلام والكفر تجري في ساحة السياسة، وكان موضوعها خطاب رموز الإخوان والسلفيين في جهادهم المقدس من أجل الإعلان الدستوري ومشروع الدستور، ولكنه في موضع مقاطع هؤلاء وضع مقاطع مرئية وصوتية للشيخ الشعراوي والشيخ علي جمعة تردد نفس المضمون.
ولذلك أشكر جدا الشخص النابه الذي وفّر عليّ عناء البحث كثيرا وأنتج مقطع الفيديوالذي اقتبس فيه سخرية باسم يوسف ممن يتحدثون عن معركة بين الإسلام والكفر تجري في ساحة السياسة، وكان موضوعها خطاب رموز الإخوان والسلفيين في جهادهم المقدس من أجل الإعلان الدستوري ومشروع الدستور، ولكنه في موضع مقاطع هؤلاء وضع مقاطع مرئية وصوتية للشيخ الشعراوي والشيخ علي جمعة تردد نفس المضمون.
الملاحظة الأولى أن صانع الفيديو متأثر جدا بسلوك استشرى وسط
التيار السلطوي الإسلامي الفترة الأخيرة وهو «اعرف الحق بالرجال» وهو عكس
وصية الإمام عليّ «اعرف الحق تعرف أهله». والتيار السلطوي الإسلامي استخدم
هذا الأسلوب في النقاش حول الإعلان الدستوري ومشروع الدستور، مؤكدا أن أهم
ما يثبت صحتهما وحلاوتهما أن هناك من يعارضهما من «الفلول» بينما يحظيان
بتأييد العلماء والمشايخ.
ولذلك، فإنه مع صعوبة الدفاع عن الفكرة المسخرة التي يمسح بها باسم يوسف البلاط كل أسبوع، لم يكن هناك طريق إلا محاولة إحراج باسم يوسف بفيديو يقول إن الشيخ الشعراوي ومفتي الجمهورية علي جمعة يرددان نفس الفكرة. ولكن في النهاية تظل الفكرة مسخرة مؤسفة ويظل هذا الفيديو تأكيدا على أن الأزمة تتجاوز التيارات السلطوية الإسلامية لعموم ساحة «التفكير الديني الراكد».
ولذلك، فإنه مع صعوبة الدفاع عن الفكرة المسخرة التي يمسح بها باسم يوسف البلاط كل أسبوع، لم يكن هناك طريق إلا محاولة إحراج باسم يوسف بفيديو يقول إن الشيخ الشعراوي ومفتي الجمهورية علي جمعة يرددان نفس الفكرة. ولكن في النهاية تظل الفكرة مسخرة مؤسفة ويظل هذا الفيديو تأكيدا على أن الأزمة تتجاوز التيارات السلطوية الإسلامية لعموم ساحة «التفكير الديني الراكد».
وربما كان الأكثر مسخرة أن تطال فكرة «الحرب على الإسلام»
الشيخ الشعراوي، فالكثير من الأصدقاء من الإخوان المسلمين والسلفيين رددوا
سابقا كون الشيخ الشعراوي من علماء السلطة الذين تستخدمهم لإلهاء الناس
وصدهم عن الحركة الإسلامية بتكريس شعبيته من خلال التليفزيون الرسمي، خاصة
أنه كان وزيرا سابقا في عهد السادات، وأيضا لأنه كان على علاقة سابقة بالإخوان المسلمين ثم ابتعد عنهم وانتقدهم بعنف. الخطاب السلفي أعنف في مواجهة الشيخ الشعراوي فبعضهم يراه ضالا ومبتدعا، بل ويروج للكفر بالله! ويرون علي جمعة مفتي السلطان الذي عينه مبارك كما أنه يروّج لبدع التصوف.
وربما كانت المسخرة الأعمق أن يكون الموقف الفاصل بين الشعراوي والإخوان –بحسب روايته–
أنه ترك الإخوان لأنهم اختاروا مهادنة صدقي باشا والهجوم العنيف على
النحاس باشا، وعندما استفسر الشعراوي عن السبب عرف أن الأمر لا علاقة له
بالمواقف وتقييمها – اعرف الحق تعرف أهله – ولكن له علاقة بأن النحاس باشا
والوفد وشعبيتهما هم العقبة في طريق صعود الإخوان. فانكشفت له إحدى العورات
السلطوية للإخوان، المختفية تحت الستار الدعوي، فابتعد.
ولكن هذه العورة السلطوية ليست عيبا طارئا، فأن تطلب السلطة حصريا باسم الإسلام يجعل خصومك السياسيين أعداء للإسلام، ولذلك فإن «تحالف السلطوية الإسلامية» في كل زمان لا يرى حرجا في اعتبار خصومه أعداء للإسلام.
ولكن المفارقة أن يتقاطع الشعراوي معهم في هذا الخطاب في زمن لاحق، ولعل هذا يعيدنا مرة أخرى إلى مأزق «نظارة الحرب على الإسلام» باعتباره سمة «التفكير الديني الراكد» وأزمة في تفكير المسلمين المعاصرين بشكل عام وهو ما يحتاج إلى مقال آخر قادم.
ولكن هذه العورة السلطوية ليست عيبا طارئا، فأن تطلب السلطة حصريا باسم الإسلام يجعل خصومك السياسيين أعداء للإسلام، ولذلك فإن «تحالف السلطوية الإسلامية» في كل زمان لا يرى حرجا في اعتبار خصومه أعداء للإسلام.
ولكن المفارقة أن يتقاطع الشعراوي معهم في هذا الخطاب في زمن لاحق، ولعل هذا يعيدنا مرة أخرى إلى مأزق «نظارة الحرب على الإسلام» باعتباره سمة «التفكير الديني الراكد» وأزمة في تفكير المسلمين المعاصرين بشكل عام وهو ما يحتاج إلى مقال آخر قادم.
No comments:
Post a Comment