في التاكسي الذي كان ينقلني من مظاهرة صلاح سالم إلى المظاهرة أمام نادي هليوبوليس، بحثا عن أقرب مكان إلى قصر العروبة، سمعت صوتا في الراديو يعلن رحيل مبارك.
كان سائق التاكسي قبل ثوان يحاول إقناعي بأنه لا شيء جديد سيحدث والأفضل أن تتوقف المظاهرات وأن نعود لحياتنا. قلت له أننا في لحظة قوتنا وأنه أصبح مجرد رئيس مثير للشفقة ولا يجب علينا أن نتراجع. كان الجميع يترقبون لحظة النهاية، ولكن رغم ذلك جاء رحيل الرئيس وانهيار النظام الحاكم كله كمفاجأة مدهشة. ضبابية الحلم الطويل الذي نعيشه منذ 25 يناير تتلون الآن بالفانتازيا!
وكأنني لأول مرة أسمع "عيشوا كراما تحت ظل العلم" من أم كلثوم عندما بثتها تلك الإذاعة عقب الخطاب القصير.
وسط الحشود كنت كأنني في لحظة ارتباك بين حلم ويقظة. مذهولا وجذلا، جادا وساخرا، فخورا وخجلا، واثقا ومرتبكا. لم أحتمل الزحام العنيف في ميدان التحرير. اشتريت علما لأول مرة وذهبت إلى مقهى قريب واحتفتت مع رفاق تظاهرنا معا عشرات ومئات لسنوات، وانتشينا عندما كنا آلافا قليلة. ابتهجت بالوجوه التي شاركتها التقلب بين التفاؤل والإحباط ولكننا لم تتوقف عن العناد والحركة بمسئولية ما تجاه أنفسنا وتجاه وجودنا في هذا العالم وأن هذا الإحساس بالمسئولية يعني شيئا ولو كنا أفرادا معدودين ولو لم يحدث شيء.
السنة الماضية كنت أجاهد للنهوض من قاع اكتئاب عنيف منعني من التحرك مع حملة دعم البرادعي أو حملة الاحتجاج ضد تعذيب وقتل خالد سعيد. ولكن كنت أرقب من قريب اتساع نظاق الإحساس بالمسئولية تجاه مصيرنا الجماعي. لم أتوقع أن يكون قد وصل لهذه الدرجة المذهلة، ولكن يبدو أن عطر الياسمين التونسي أنعش خيالنا.
ما حدث أن الخيال سحل كل حسابات الواقع في شوارع القاهرة. كانت كل محاولة للارتفاع ورؤية ما يحدث من أعلى مثيرة للقلق والإحباط. وكانت كل مشاركة على الأرض كنفر من أنفار الثورة مثيرة للبهجة والنشوة والحماسة. وسط تلك الجماعة التي تحركت بمسئولية وتقبلت المغامرة كان الشعور بالألفة والقوة والكرامة.
الأيام الماضية قبلت المغامرة، بلا أدنى رغبة في الموت شهيدا. كنت مستمتعا بكل لحظة ومتشبثا بهذه المتعة والعودة إليها إلى ما لا نهاية. افتقدت الموسيقى والسينما ومقهى الكيت كات وأصدقاء وأحباب لم يجمعني بهم ميدان الثورة.
منذ فارقت الميدان قرب الفجر، لا يزال يغلبني البكاء إلى هذه اللحظة، أعتقد أنه سيتوقف عندما أعود بعد لحظات إلى هناك.
صباح اليوم ابتهجت عندما عثرت على أغنية "مصر التي في خاطري" بصوت دلال أبو آمنة.
"عيشوا كراما تحت ظل العلم!"
كان سائق التاكسي قبل ثوان يحاول إقناعي بأنه لا شيء جديد سيحدث والأفضل أن تتوقف المظاهرات وأن نعود لحياتنا. قلت له أننا في لحظة قوتنا وأنه أصبح مجرد رئيس مثير للشفقة ولا يجب علينا أن نتراجع. كان الجميع يترقبون لحظة النهاية، ولكن رغم ذلك جاء رحيل الرئيس وانهيار النظام الحاكم كله كمفاجأة مدهشة. ضبابية الحلم الطويل الذي نعيشه منذ 25 يناير تتلون الآن بالفانتازيا!
وكأنني لأول مرة أسمع "عيشوا كراما تحت ظل العلم" من أم كلثوم عندما بثتها تلك الإذاعة عقب الخطاب القصير.
وسط الحشود كنت كأنني في لحظة ارتباك بين حلم ويقظة. مذهولا وجذلا، جادا وساخرا، فخورا وخجلا، واثقا ومرتبكا. لم أحتمل الزحام العنيف في ميدان التحرير. اشتريت علما لأول مرة وذهبت إلى مقهى قريب واحتفتت مع رفاق تظاهرنا معا عشرات ومئات لسنوات، وانتشينا عندما كنا آلافا قليلة. ابتهجت بالوجوه التي شاركتها التقلب بين التفاؤل والإحباط ولكننا لم تتوقف عن العناد والحركة بمسئولية ما تجاه أنفسنا وتجاه وجودنا في هذا العالم وأن هذا الإحساس بالمسئولية يعني شيئا ولو كنا أفرادا معدودين ولو لم يحدث شيء.
السنة الماضية كنت أجاهد للنهوض من قاع اكتئاب عنيف منعني من التحرك مع حملة دعم البرادعي أو حملة الاحتجاج ضد تعذيب وقتل خالد سعيد. ولكن كنت أرقب من قريب اتساع نظاق الإحساس بالمسئولية تجاه مصيرنا الجماعي. لم أتوقع أن يكون قد وصل لهذه الدرجة المذهلة، ولكن يبدو أن عطر الياسمين التونسي أنعش خيالنا.
ما حدث أن الخيال سحل كل حسابات الواقع في شوارع القاهرة. كانت كل محاولة للارتفاع ورؤية ما يحدث من أعلى مثيرة للقلق والإحباط. وكانت كل مشاركة على الأرض كنفر من أنفار الثورة مثيرة للبهجة والنشوة والحماسة. وسط تلك الجماعة التي تحركت بمسئولية وتقبلت المغامرة كان الشعور بالألفة والقوة والكرامة.
الأيام الماضية قبلت المغامرة، بلا أدنى رغبة في الموت شهيدا. كنت مستمتعا بكل لحظة ومتشبثا بهذه المتعة والعودة إليها إلى ما لا نهاية. افتقدت الموسيقى والسينما ومقهى الكيت كات وأصدقاء وأحباب لم يجمعني بهم ميدان الثورة.
منذ فارقت الميدان قرب الفجر، لا يزال يغلبني البكاء إلى هذه اللحظة، أعتقد أنه سيتوقف عندما أعود بعد لحظات إلى هناك.
صباح اليوم ابتهجت عندما عثرت على أغنية "مصر التي في خاطري" بصوت دلال أبو آمنة.
"عيشوا كراما تحت ظل العلم!"
5 comments:
كانت لحظة فارقة بكل المقاييس.أجمل ما فيها أن فتحت الأفق على مغامرات جديدة. فمنذ اللحظة الأولى لم أنظر لإسقاط مبارك كهدف كبير جدا، بقدر ما رأيت أن الأهم هو ما بعد مبارك : كيف نبني مصر المدنية الديمقراطية؟ هذه الدينامية التي ستنطلق الآن وشكلها ومسارها هي الذي ستحدد إلى حد بعيد صورة المستقبل الذي نريده مختلفا تماما.
ألف مبروك
على فكره انا وعبد الله النديم كنا امام قصر العروبه لانه اقتراح ان جماعه تفضل فى التحرير بوتوع شرق القاهره يكون ليهم دور وطنى احنا راحنا الساعه 4 والبيان كان الساعه 6 محدش فينا صدق نفسه
alf mabrook ya gama3a alf shokr leek ya 3amro shokran gedan
سيدس الفاضل...
تقبل مروري و تقبل اعجابي الشديد بمدونتك
أرجو منك الزيارة
http://tmamyafandem.blogspot.com/
شكرا
بخصوص موضوع التاكسي، انا كنت جاي من اسكندرية يوم الجمعة، رحت عند قصر العروبة و بعد الخبر و احنا بنهيص، لمحتك نازل من تاكسي ابيض تقريبا بس ماكنتش متأكد ان ده انت لاني ما اعرفكش غير من الصورة اللي على البلوج و اصحابي كانوا بيمشوا بسرعة فمعرفتش اسلم عليك
Post a Comment