30 April 2007

العدالة ترجع إلي الخلف


لو عاش ابراهيم عليه السلام بيننا اليوم علي أرض المحروسة, لم يكن ليفلت من الإلقاء في النار, ففي انتظاره وزارة الداخلية و المحكمة الإدارية العليا .
و ذلك لأن ابراهيم تحير و تفكر , و تنقل في عدد قليل من الآيات من عبادة الكواكب لعبادة القمر ثم الشمس حتي اهتدي إلي عبادة الله . و هو بذلك فضلا عن كونه متلاعب بالأديان, يكون قد اعتنق في رحلته عدة ديانات غير معترف بها , كما أنه كمواطن صالح لا شك سيتوجه لوزارة الداخلية لتسجيل ما انتهي إليه يقينه في خانة الديانة أولا بأول , مما سيثير حنق الوزارة , و لو توجه كمواطن صالح للمحكمة لاختصامها , فسيواجه حنقا آخر, مستقلا بالمناسبة , إن لم يكن آخر ما انتهي إليه هو الدين الرسمي المسجل في دستور الجمهورية . و سيلجيء المحكمة للتتعاون مع وزارة الداخية لتقييد عدد مرات التنقل الديني بمرة واحدة فقط , خاصة لو كان التنقل للإسلام الذي هو في رأي فقهاء مرور القاهرة اتجاه واحد .
القانون و المحكمة و الداخلية لا يعرفون زينب , لأن زينب التي تنصرت من فترة ثم عادت للإسلام في فترة قياسية لم تواجه تهمة اللعب في الدين , لأنها أدلت بخلاصة تجربتها الروحية العميقة في غرف الدردشة لمصطفي بكري ليفرد لها صفحة كاملة في الأسبوع بجوار صفحة هيكل لنشر وقائع التغرير المسيحي بعقول شباب المسلمين علي الإنترنت .
أما ما عدا زينب من المسيحيين المساكين الذين اضطرهم جمود الكنيسة و عنادها , لتغيير الديانة للإسل للحصول علي طلاق بدلا من تبادل تهم الزنا . فهم يواجهون الآن عناد الداخلية و المحكمة الإدارية اللذين يرفضان تغيير ديانتهم مرة أخري إلي المسيحية , لأنها رأتهم متلاعبين بالدين , و يستحقون أن يبقوا مسلمين عقابا لهم !

أفهم عناد الداخلية و صلفها , ليشفهم الله أو لنتشفي فيهم , و لكن ما بال عناد أهل القانون و العدالة العمياء.
أصبحت للعدالة عيون ماكرة و بصيرة تطلع علي خبيئة النفوس لتعاقب علي النوايا , بدلا من الاكتفاء بالظواهر و الأدلة التي يمكن مناقشتها و إثباتها و دحضها . كما أنها - العدالة - أصبحت حانقة علي المصريين و دين آبائهم , و لا تبالي بظلم مواطن يريد تغيير ديانته عن قناعة حقيقية , في سبيل ألا تدع بعض المتلاعببين يفلتون . رحم الله القضاة الذين لا يزالون يذكرون مبدأ غابرا ينص علي أن تبرئة عدد من المذنبين أهون من إدانة بريء واحد .
ثم لو كانت خبيئة كل المسيحيين المتلاعبين مكشوفة بالفعل للمحكمة , و كانت بصيرة المحكمة دليلا دامغا , لذا فهم يستحقون عقابا – دع عنك الآن حرية العقيدة , لا تذكرني - فهل تسجيل الإسلام في يطاقاتهم عقاب ! انا كمسلم يحز في نفسي هذا كثيرا . لم لا يبتدع فتحي سرور أو شهاب, أو أيا من أهل البدع القانونية و الأهواء الرسمية , قانونا ينص علي عقوبة تأديبية للمتلاعبين بالأديان و المتسكعين بينها . بدلا من العناد الأحمق و مواجهة الخطأ بخطأ مقابل . و لولا أن المحكمة سابقة عهد بالاجتهاد في المنطق و بديهيات القانون, لطار عقلي عجبا من العناد العجيب للعدالة الذي يخلف وضعا أحمق شديد الخطورة و مؤهل للانفجار: مسيحيون مسجلون كمسلمين في الأوراق الرسمية!

أذكر من أيام المدرسة ,أن أوقع الحظ العاثر طالبا أحمق ليجلس أمام طالب همجي , فكان الهمجي يتسلي بصفع الأحمق علي قفاه أثناء المحاضرات, فإذا التفت إليه قال له ساخرا : انظر أمامك يا حمار . فيضطر الأحمق لمعاودة النظر أمامه . و هكذا , حتي ثارت نخوة الأحمق وتفتق ذهنه عن حل ذكي ينقذ كرامته... و مع الصفعة التالية , ثم أمر الهمجي إياه بالنظر أمامه .. عاند الأحمق و ظل ملتفتا خلفه ينظر للهمجي بتحد و عزة معلنا أنه لن ينظر أمامه , فأتي المدرس بعد أن تعب من الصياح و صفع الأحمق علي قفاه لينظر أمامه ثم صفعه علي وجهه, ثم أخذه من تلابيبه إلي الخارج , بينما هو – الأحمق - ملتوي العنق مصوب النظر لعيني الهمجي في عناد.

27 April 2007

اتفاقية 3 إبريل 2007

اتفاقية 3 إبريل 2007

نظرا لتزايد مطالبات ذكور الأزواج الصديقة - السابقين منهم و اللاحقين - بإخفاء هذا الأمر, حرصا علي إستقرار ممالكهم الذكورية ... فقد رأيت نشر هذه الاتفاقية, التي بدأ التفاوض بشأنها عقب شهر العسل مباشرة, و تم العمل بها لفترة باعتبارها تفاهما عرفيا, قبل أن يتم توثيقها كاتفاقية رسمية بتاريخ الثالث من إبريل الجاري, و يعلن نصها في ورقة رسمية علي باب الثلاجة .
علي ّ و علي أصحابي!

25 April 2007

كلنا إخوان, و أبونا حاكم عسكري



خبر اعتقال شاب من الإخوان المسلمين في مصر, هو بالضبط ما يضرب له المثال في أدبيات الصحافة التعليمية أن كلبا عض رجلا .. لا جديد, و لا ثمة ما يدهش, و لا ما يستوجب التساؤل.
لا يتعرض جميع أعضاء الإخوان للاعتقال بالطبع, و هذا فقط لأن الجماعة كيان ضخم للغاية بما يفوق قدرة أي نظام علي غمره بالاعتقالات الدورية. و لكن في المعتاد الاعتقالات تصيب الكوادر الأكثر نشاطا و بروزا, و هي مستمرة بشكل شبه منتظم و كثيف.
بعضها نسمع به , تقرأ مثلا في الصحف عن اعتقال 50 من قيادات الإخوان بالغربية, و البعض الآخر روتين حياتي بالنسبة لأمن الدولة و نشطاء الإخوان, اعتقالات قصيرة و استجوابات سريعة و ربما بعض التعذيب ثم إطلاق سراح.
روتين اعتقال الإخوان يبدو لي مثل ضربات إرهاق الخصم في الملاكمة, فإصابته بالقاضية غير ممكن, و لا يمكن لاعتقال فرد أو أفراد أن يؤثر جذريا, فالتنظيم الشديد المؤسسية لا يتوقف علي أي فرد, كما أنه لا وجود لكاريزمات فاعلة و استثنائية , باستثناء عدد من الكاريزمات الإعلامية, و ارتباط جماهير الإخوان بالجماعة ارتباط لا شخصي, و إن وجد فهو موزع علي شخوص الكوادر الوسيطة في دوائرها الصغيرة. الاعتقال الطويل لبعض القادة هو كذلك نوع من محاولة الإرهاق الأعنف لرأس التنظيم الضيق بما ينتاسب مع مكانتهم.
اعتقال عبد المنعم محمود لم يكن إذن ليصبح حدثا استثنائيا أو جديدا أو مثير للعجب. و لكن ليس بعد أن أصبح عبد المنعم مدونا شهيرا, و الأبرز ضمن موجة صاعدة من المدونين الأعضاء في الإخوان المسلمين .
الآن يمكنني أن أتخلي عن مثالي الأثير فيما يتعلق بأخبار اعتقالات شباب الأخوان : مثل موت بيادق الشطرنج. بينما يظهر علي السطح معتلقو التيارات الأخرى لحم و دم , و وجوها ذات ملامح, و أفرادا يملكون تاريخا و مآثر و حكايات و أصدقاء. حتى الخمسين معتقلا من قيادات الأخوان بالغربية – كمثال - لم نكن نعلم شيئا عن ملامح أحدهم أو مأساته الخاصة, لم يكن ليصل إلا وجوه و حكايات البارزين إعلاميا في واجهة الجماعة, و ربما بعض أساتذة الجامعة , و بعضا من أعضاء مكتب الإرشاد و مجلس شورى الجماعة.
إن كان ثمة شيء جيد في ما حدث و يحدث, فهو بالتأكيد أن نرى و نسمع – علي الملأ – وجوه و أصوات الأصدقاء من شباب الإخوان المسلمين, أن تكون المدونات الشخصية وسيطا لرؤية الملامح و سماع النبرات المختلفة, لكشف مآزق الأفراد و معاناتهم الخاصة, بدلا من التقارير الصحفية و البيانات و التصريحات التي تحيل البشر لأرقام أو أجزاء من كتل كبيرة لها شخصياتها الاعتبارية السابغة.
بعد حملة التضامن مع طلاب الأزهر في قضية العرض العسكري , و مدونات أبناء المحالين للمحاكمات العسكرية , ثم حملة التضامن مع عبد المنعم محمود , يدور الآن جدل حميد حول كون الفرد الإخواني في المقام الأول فردا يدون أم إخوانيا يدون. و هل يتبع قناعته الخاصة فيما يتعلق بفاعليات سياسية يدعي إليها الأفراد, أم يلتزم بتعليمات قياديي الجماعة.
إن كان التنظيم هو أول ما يفتقده المجتمع المصري - الفكة حاليا - ففي رأيي أن الإخوان المسلمين كتنظيم يحتاج للجدل السابق, و للتساؤل حول وضع الفرد داخل الجماعة و مساحة الاجتماع المفترضة بين الأفراد ,و حدودها و هل هي رؤية دينية ما أم تتجاوز ذلك , و هل تفترض بالضرورة رؤية سياسية موحدة , و هو السؤال الذي يلخص ما أراه مشكلة الإخوان البنيوية.
و لكن لنجعل هذه اللحظة للوقوف صفا واحدا : الحرية للإخوان فردا فردا, الحرية لعبد المنعم .


21 April 2007

من المنتديات إلي المدونات و المجمعات

بعض المشاغل حالت بيني و بين نصرة أخي محمود – ظالما أو مظلوما – في المشاجرة التي نشبت بينه و بين "معلم" قهوة كتكوت. و لولا أني علمت متأخرا, لتطايرت في القهوة كراس و أشلاء. و لكن الله سلم و لقن محمود " المعلم " درسا.
الدرس الأهم أن المنتديات ذات المشرفين و المعلمين قد عفا عليها الزمن و عفا الله عن الكتاب أن يراقب كتابتهم مشرفون علي الاندثار, مثلما هي المنتديات, منذ أصبح في مقدور كل إنسان يستعمل الكمبيوتر, أن يكون مشرف مدونته الشخصية .
لا مجال للمقارنة بالطبع بين مدونة شخصية , و بين منتدى يراقبه مشرفون و له لائحة ضوابط و محاذير . و إن كانت للمنتديات بعض الميزات, مثل إتاحة عدد كبير من القراءات لكل المشاركات في المنتديات النشطة العريقة, بالإضافة لترتيب الموضوعات بحسب ارتباط المكتوب بمجال أساسي, و ليس بالكاتب, منتديات أو أقسام تهتم بالأدب , أو بالسياسة, أو بالدين .. و لكن يبدو لي أن من التقنيات ما يعوض ذلك بحيث يجمع بين الحرية الكبيرة في المدونات للكاتب الفرد و بين إمكانات التواصل و جمع المكتوب في مجال واحد في المنتديات .
المجامع أو المجمعات, أيا كان اسمها- مثل مجمع المدونات المصرية مثلا - يمكنها أن تكون بديلا عن صفحة المنتدي , تجمع تدوينات مجموعة من المدونين المهتمين بموضوع أو مجال ما , و إن كان الكتاب أو المدونون يكتبون في موضوعات متنوعة يمكن للوسومات أو التصنيفات أن تفيد في المجامع المتخصصة , أو في أقسام متخصصة داخل المجمع الواحد .
المجامع أو المجمعات تكون في هذه الحالة منتدي مفتوح لكل القراء , و يمكن حصر عضوية كتابه أو تركها مفتوحة بحسب اتفاقهم , و الصفحة التي تجمع الموضوعات المكتوبة و ترتبها بالأحدث كتابة أو تعليقا بديلا عن صفحة المنتدي التي تجمع المشاركات , و لكن هنا كل موضوع مكتوب أو تدوينة هي ملك خاص لكاتبها, فهي صفحة من مدونته هو مشرفها الوحيد .و وجود المجمع هو وجود هام و مفيد لكل المدونين و الكتاب و لكنه وجود مكمل لوجود مساحاتهم الخاصة المستقلة, المدونات, التي يمكنها ان تجمع بين عضوية مجامع أو مجمعات متعددة .

ما سبق مقترح انطباعي بدا لي ممكنا بحسب معلوماتي القليلة حول تقنيات مواقع الإنترنت , و بالتأكيد لدى الجناح التقني لتنظيم 30 فبراير و لديكم أفكار أفضل, فلتتفضلوا ...

11 April 2007

مافيش غير كده

محمد عبلة

- ..و إيه أخبار " المريس " ؟

عمر : الموضوع ماشي و صعب يتوقف , أقصي الأماني إن أهالي القرية يرفعوا قضايا و يحصلوا علي تعويضات معقولة , و بس .

- طيب و أهالي القرية , مالهمش رابطة مثلا أو تجمع أو حاجة بتجمعهم , فيقدروا يعملوا حاجة ؟

عمر : لا مافيش , القرية زي بقية مصر .. إحنا بقينا فكة !


اللوحة لــ محمد عبلة

07 April 2007

من الميدان لحارة سد

(1)
رغم كل أغاني كاميليا جبران التي سمعتها , و رغم فيلمي " شكوكو " اللذين وقعت عليهما بالصدفة ليومين متتالين , و تركت ما أفعل و شاهدتهما كاملين .. إلا أن مزاجي لا يزال معتلا .
لا يزال مخيما علي ذلك الشعور المزيج من الكآبة و الهزلية , منذ كنت واقفا في حارة " كريم الدولة " السد بجوار حزب التجمع مع ما تبقي من المظاهرة التي حاولت الوصول لميدان التحرير للاحتجاج علي التعديلات الدستورية . الظلام يحل و لا أضواء بالحارة , طبقات متتالية من الجنود تسد مدخل الحارة لمزيد من التأمين , تصلني أسماء الأصدقاء المعتقلين , بينما يهتف المتظاهرون لكل شيء ما عدا موضوع المظاهرة حتي أن كمال أبو عيطة هتف : " اسمع صوت المكن الداير ..." - ؟ - قبل أن يطالبنا بنصف ساعة من الصمت ,مستجيبا لرغبة رجل حزبي أطل من شرفة " التجمع " ليطلب الهدوء اللازم لأن أصدقاءا حزبيين في وضع حرج بالأعلي في محاولة للم شمل الحزب الناصري , سيخرج رفعت السعيد لاحقا و يختبر الميكروفون جيدا قبل أن يعلن فشل المحاولة . و لكنه متخذا وضع الاستعداد أعلن لاحقا أيضا أنه سيفصل أي عضو في حزبه سيثبت أنه منتم لتنظيم (أمين العالم – رانيا بدوي ) الذي تم اكتشافه علي رأس الصفحة الأولي من " المصري اليوم ", و الذي يمتد من الاسكندرية لأسوان و يحرك كل الاضرابات العمالية و يدعم اليسار في أمريكا اللاتينية , و يرفض التعديلات الدستورية في بيان خطير و سري للغاية , ستفاوض رانيا العالم علي نشره قبل الحصول علي توقيعه شخصيا علي هذا البيان الانتحاري .

(2)
سأقاوم رغبتي في أن أسخر أكثر من اكتشاف المصري اليوم , فالهزلية وحدها هي التي استدعت ذكره . و سأظل مع مزاجي المعتل الذي كلما كاد يتعافي قليلا , يتلقي خبرا جديدا , كئيبا بشكل هزلي :
-المعارضة تدعو الشعب لمقاطعة الاستفتاء بينما يهز الشعب رأسه و يبتسم . ليملأ الموظفون الصناديق الخالية بما تيسر من أصوات الشعب .
-قمع مظاهرة أخري في ميدان التحرير و تواصل برنامج اعتقالات اليوم الواحد الذي تلقي الشرطة في نهايته المعتقلين في الصحراء أملا في أن يضلوا طريقهم إلي القاهرة مجددا .

-مشاركة غير مسبوقة في الاستفتاء من مواطنين مجهولين , ثلاثة أرباعهم يؤيدون التعديلات الدستورية .
عتقالات رموز الإخوان المسلمين و وضع أموالهم و شركاتهم تحت الحراسة , و فصل طلابهم بمعدل يستعصي علي المتابعة .
-القاضي المحترم عبد الفتاح مراد يرفع دعوى ضد الحكومة لحجب مواقع و مدونات تسيء لسمعة مصر , كما أنها نشرت موادا لم يقتبسها هو , لأنه بالإضافة لكونه رجل قانون يعرف جيدا القانون و العيب و الحرام , فإنه يحفظ عن ظهر قلب مواد قانون الملكية الفكرية و حقوق المؤلف , و له عشرات المؤلفات التي تجعل منه مؤلفا أكثر تأليفا من كل المؤلفين , فضلا عن أنه حبا في المؤلف و حقوق المؤلف ,ألف نص قسم يصدر به كتبه , بعد تحية العلم , لكي تحل اللعنة علي ناسخي الكتب و لصوص الكلام و من تبعهم .
-اعتقال ممدوح إسماعيل , المحامي القريب من الجماعات الإسلامية , لأنه يكتب مقالات تضعف صورة مصر في أطلس الدول .
غلاق الأمن لفرع دار الخدمات النقابية و العمالية بنجع حمادي , و هي الدار النشطة في توعية العمال بحقوقهم و تعريفهم بسبل المطالبة بها .
- و أخيرا , منال و علاء و جمال عيد متهمون بإهانة نفس القاضي المحترم , الذي سيحارب الجميع و سيخرج منتصرا , و لن نتمكن من التدوين ثانية إلا بملء استمارة الحصول علي إذن مسبق بالكلام سيضمنها مؤلفه القادم . و سنضطر جميعا لشرائه لكي يمكننا الحصول مع الاستمارة علي عبوة الكلمات المسموح بها , لنعيد ترتيبها و نوّلفها في أشكال مختلفة كالبازل – كما يفعل مؤلفنا في مؤلفاته المؤلفة - و نرصها في مدوناتنا .لكي لا نقع في ورطة تجاوز المسموح مثل كريم عامر و أبي إسلام و ممدوح اسماعيل و منال و علاء و الإخوان المسلمين و طلعت السادات و أيمن نور و نوال السعداوي . و ليحفظ الله تنظيم" المصري اليوم " الشيوعي من مصير ميليشياتها الإخوانية .

(3)
ما الذي تبقي من الأمل في " التغيير " .....باستثناء ما كان في الحارة السد .

(4)
لن أتوقف هنا , لن أعكر مزاجي أكثر بهذه الخاتمة الكئيبة , سأحاول أن أفهم ماذا تعني كلمة " التغيير " التي رصعت نهايات أسماء حركات كثيرة , قامت لكي تكافح اليأس الذي فاح من مؤخرات أسماء أحزاب المعارضة التي تحاول أن تجمع شملها و تشجب ضوضاء التظاهر من شرفات الشرعية , و تفصل أعضاءها المارقين و لا تكلف جماهيرها سوي بلادة مقاطعة كل شيء .
لقد فهمت أنها تعني " الأمل " , سيتغير شيء ما للأفضل , سنخطو خطوة للأمام , سنغير ذلك الإيقاع الرديء الهابط إلي إيقاع صاعد أكثر مرحا و فرحا , سيتغير الأمر , سيكون هناك أمل , سنحاول أن نبتهج لنلم الناس و نلنلم فتات الأمل من هنا و هناك , و لا تهدأ شهوتنا للمزيد من الأمل .
توهمت أن ذلك يعني أن ترسم طريقا ما , أن تكتب مشهدا واحدا تعرفه من سيناريو طويل للتغيير, لا يجب أن تعرفه كله الآن , و لكن عليك أن تغوي الناس للمشاركة لاستكمال الكتابة - نعم , المشاركة - , لا أن تخبرهم نائحا, بعد أن ملأت الدنيا ضجيجا , أن لا طريق , خليكم هنا ... لننتظر الثورة التي ستغسلنا جميعا و ستغير كل شيء , فقط كونوا مستعدين , و لنتظاهر أسبوعيا , حاولوا أن تكونوا جميعا نشطاء متفرغين لكي يمكنكم أن تواكبوا معدلات التظاهر المرتفعة التي تسبق الثورة مباشرة .
و لأننا بذلك سنكون مستعدين للثورة , فلا حاجة بنا أن نشارك في أي ألعاب , كل الألعاب قذرة , لنحافظ علي نظافتنا و لنبق بعيدا عنها , سنمكث هنا مقاطعين , و لتخبروا من خلفكم علي مقاهي الانتظار أن يواصلوا الانتظار , حركة التغيير ستقتل الحكومة كمدا بأن ستهبط بمعدلات التصويت الخرافية إلي الحضيض , و لحسن الحظ أنها لن تحتاج لشيء لتحقق ذلك , فالناس يستخدمون بالفعل هذه الخطة من قديم , و تتراوح معدلات التصويت رغم ذلك بين الخرافية و المعقولة , بالتزوير أو غيره , و لا تموت الحكومة كمدا و لا تأتي الثورة .

(5)
أنا لا أتهكم عندما أتحدث عن " الثورة " , فلقد سمعت بأذني رأسي المتحدث الرسمي لـ" كفاية " يبشر بمظاهرة المائة ألف التي تسقط النظام و تملأ الأرض عدلا . و في النهاية لا تجد مائة شخص يصلون ميدان التحرير .

(6)
أنا أقصي أمانيّ أن أضع ورقة اقتراع في صندوق انتخاب أمين لجنة لنقابة المهندسين الفرعية بالجيزة , و أن ينتخب في المجلس المحلي لإمبابة واحدا أعرفه .

(7)
و فهمت أيضا بالمناسبة , بعد تفكير عميق , أن تضامن كل محبي التغيير مع ثورأبيض غشيم أساء التعبير , ينفع في يوم أسود تقف فيه الحظيرة طابورا أمام المحكمة بتهمة إساءة التعبير و هذا الهراء . و كل من يتلوي تمنعا لأن ثور اليوم تجاوز الحدود و يستحق الذبح , سيجد يوما من الثيران - أو البقر - من يتمني له شواء جيدا و للراعي وجبة شهية .

(8)
و تخيلت أن دور حركات التغيير سيكون دور المنسق لمجموعات عمل , تعمل أي شيء , و أن يعود الاحتجاج و التظاهر إلي حجمهما . استبشرت بالمجموعات التي سبقت حركات التغيير , مثل 9 مارس , و التي تلتها مثل أدباء و فنانون من أجل التغيير , و كفاية الفيوم ,و مركز تضامن إمبابة مصريون ضد التمييز الديني و غيرهم . و لا زلت أري أن تغييرا ما سيحدث ليس إلا نتاج الدأب المتناثر هنا و هناك .
و لكن لا زالت الدائرة تفتقد لمن ينظم هذه الجهود في عقد واحد , أو أكثر , لكي يمكن التأثير في المجال العام , بدلا من أن يهيمن المجال العام بكياناته الكبري عليها . و في المأثور المبتذل أن الاتحاد قوة .

(9)
حتي النضالات العمالية التي تلمع هنا و هناك و تغشي أبصار الكل , كيف سيمكنها أن تتواصل ضد القمع و سطوة المال , و تستقر مكاسبها بدون روابط عمالية حرة ثم اتحادات عمالية ترتبط بتيارات سياسية حقيقية تدعم مشروعا اجتماعيا تنتظم فيه مطالبهم .

(10)
أنا أحب المسيري , أحب انحيازه البسيط . إيمانه بالمشروع الخاص ,بجانب الاشتراك في الكرنفال العام للسياسة المصرية بالانضمام لحزب , و الانخراط في حركة تغيير , بل و تولي مسؤولية منسقها العام . أحب فيه تجاوزه لوهم المفكر المتعالي فوق الأحزاب و الحركات , لأنه ملك للوطن و للدين و للإنسانية .
من يثق في فرديته و جهده و نزاهته, مفكرا أو باحثا أو فنانا أو أديبا , لا يخشي من إعلان الانحياز .
و مناسبة هذا الكلام , أن وجوده في الحارة السد يومها خفف عني كثيرا .

(11 )
هذا ليس كل ما أود قوله , و ربما منه ما لا أود قوله , و لكني لأني ذكرت توا بضعة أشياء ربما تبعث علي الأمل في خروج , فسأتوقف هنا لأنهي هذه السطور الكئيبة الهزلية , التي كتبت في الفترة ما بين النهاية السعيدة لفيلم " عنتر و لبلب "أول أمس ,و النهاية البائسة الرومانسية لفيلم وثائقي عن الشيوعية في تركيا علي الجزيرة منذ قليل .