13 January 2012

لحظة القصاص تقترب.. ليس من مبارك.. منك أنت.. أيوه أنت!


لم أعتقد أبدًا في وجود ما يسمى الثورة المضادة، لا تستحق «معافرة» بواقي النظام شرف التسمي بـ«ثورة»، كما لم أحب أبدًا تعبيرات مثل الثورة الثانية أو الثالثة، هي عندي ثورة واحدة مستمرة تتوالى موجاتها، تعلو وتهبط، تتقدم وتتراجع، في مواجهة مقاومة مستمرة من النظام وحلقاته الكثيرة المتعددة في كل مكان وكل لحظة.

بشكل نصف واع كنت أبحث دائمًا في مانشيتات الصحف الحكومية عن الخطة المتجددة لـ«النظام» في مقاومته المستمرة للثورة المستمرة، بداية من مانشيت «الأهرام» يوم 12 فبراير 2011: «الشعب أسقط النظام».. الخطة: «انتهت الثورة بحمد الله، من سقطوا هم النظام أما نحن فمن حمى الثورة، انتظروا ثمار الثورة في هدوء مثلما انتظرتم ثلاثين عامًا! وسنقوم بتوصيل مطالبها وثمارها إلى منازلكم، والله الموفق»، وحتى مانشيت «الأهرام» يوم 5 يناير 2012: «لحظة القصاص تقترب» وتحتها صورة مبارك وجمال والعادلي.. الخطة: «بينما يقترب 25 يناير مرة أخرى، دعونا من شهداء ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، ولنرجع للموضوع: النظام كان مبارك ورجاله، والشهداء هم ضحاياهم، لنترقب الحكم على مبارك ونحتفل به وبالقصاص العادل، وشكرًا والله الموفق».

المفارقة كانت في العناوين الأخرى للصفحة الأولى: «ضباط وجنود أطلقوا الأعيرة النارية على المتظاهرين»، «عمليات دهس مقصودة» و«المتهمون حرضوا واشتركوا وقدموا المساعدات للقتلة». وهي العناوين التي يمكن أن تتصدر الصفحات الأولى عند محاكمة العسكر المسؤولين مباشرة أو سياسيًا عن قتل متظاهرين في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء.

باقي أركان النظام في المجلس العسكري وأشباههم في كل مكان يحاولون إيهام الرأي العام بأن القتل انتهى والثورة انتهت، بينما يحال للمحاكمة نشطاء وسياسيون وتوجه إليهم النيابة تهمة: «إيهام الرأي العام باستمرار الفساد!»، ذلك لأنهم تجرأوا وقالوا للمجلس العسكري: القصاص منك أنت.. أيوه أنت!

المبالغة في شيطنة أشخاص مبارك ورجاله من أهم خطط ما تبقى من النظام لمقاومة الثورة المستمرة، كأن الفساد كان حصريًا لهم وبينهم، مبارك لم يكن شيطانًا ولكنه كان نجم الغلاف لنظام من التسلط يحمي كل أشكال القمع والفساد والبلادة، كان الحلقة الأقوى التي تتكاتف لحمايتها حلقات كثيرة تحت السطح، كما يفعل الآن كل المتكاتفين حول المجلس العسكري، بعد أن يحاولون إيهامنا بأن كل ما كان بين حلقتهم وحلقة مبارك تم بتره أو كان على وشك البتر لولا الثورة الطاهرة التي سبقتهم بثوانٍ معدودة.

ما تبقى من حلقات النظام لايزال يضم متسلطين وفاسدين ومنافقين يمارسون معًا «علاقات كاملة»، ويتمنون استمرار الوصال والاستقرار، ومن المزعج بالطبع بالنسبة لهم أن يحاول البعض «إيهام الرأي العام بأن الفساد لايزال مستمرًا» بينما نقترب من الاحتفال بـ«ذكرى الثورة المجيدة».

الثورة لم تصبح بعد ذكرى، ولا مجرد مناسبة للاحتفال، لأن نظام العدوان والكذب وتبريرهما لايزالان مستمران. خلف كل اللعبة السياسية وتعقيداتها هناك حقيقة صلبة هي الأهم والأكثر جذرية، إن كنا نريد حرية وكرامة حقًا: العمود الفقري للنظام الذي يجب أن يسقط كله هو عبارة عن حلقات ممتدة متصلة: ممن يقتل ويعتدي ويكذب ويبرر، وانتهاءً بمن يقبل القتل ويبتلع الكذب والتبرير.

من أعلى رأس في المجلس العسكري إلى ذلك «المواطن الشريف» الذي انتظر ثلاثين عامًا ومازال ينتظر على مقهى يقرأ مانشيتات الصحف الحكومية، ويتوهم أن الثوار عادوا إلى بيوتهم، ويتساءل مع رفاقه: «إيه اللي نزِّل الناس تاني ميدان التحرير؟ وليه البنت كانت لابسة عباية على اللحم؟».

محبو الحرية يخاطرون دائمًا بأن يكونوا الضحية حتى يتوقف القتل والقمع وتتعطل آلته، ومحبو السلطة يخاطرون دائمًا بأن يكونوا قتلة وقامعين أمام أي حركة شارع، لأن قوة الشارع تتوعدهم بشلّ أداتهم القمعية أو إزالة هيبتها، وساعتها سيصبحون عرايا حقًا بلا حتى عباءة على اللحم، وينتهي بهم الحال في المحكمة خلفًا لمبارك.

من يحاول إيهامنا بأن مبارك هو آخر المجرمين، ليس إلا مبارك الجديد، ومن يحاولون إيهامنا بأن محاسبة المجرمين الجدد تهدد الاستقرار والأمان ليسوا إلا الفلول الجدد.

مر عام على انطلاقة الثورة، ومحاولاتهم إيهامنا بأنها انتهت لاتزال مستمرة، ولكن لسوء حظهم أن كثيرين لايزالون يشكلون بحركتهم حلقات استمرار وتواصل الثورة في كل شارع ومؤسسة وميدان.

اختاروا فريقكم.



نشر في موقع "المصر اليوم" 12 يناير 2012

5 comments:

joyrya said...

المدونه حقيقي تحفه
ومعلومات مفيده اوي
مشكووووووووووووووووور

georgeweyman said...

Amr - I have just discovered your blog thanks to a tip from @Tom_El_Rumi. Really interesting stuff. We are looking for a blogger to live blog #jan25 here: http://liveblog.almasryalyoum.com - interested? Please get in touch - I am @georgeweyman on twitter.

Dolarandgold said...

مشكوووووووووووووووووووووووور

قبيدي said...

العار يلاحقنا
-------------
العار يكاد يقتلنا ...
تذكرت او يلاحقنا
يا ولي امرنا انقذنا
من الكارهين لنهضتنا
العار لكل انسان
ارتمي في احضان خاذلنا
والعار لمن خلع نخوتنا
يا حكماء العصر هذا زمن عارنا
المغرق في ظلامه
المغتر بسيوفه
عارنا سنحمله علي ظهورنا
وتنحني كرامتنا لجبننا

قبيدي said...

سائرون علي الجمر (رسالة شعرية لشعب مصر)
هيا نسير علي الجمر
لنحرق كل مصر
هيا نمسك بالجمر
...لنُصهر العقل
في عصر الشهداء
هيا نُساق كالأنعام
بل نحن أضل
هيا إلي الجمر
لتحترق قلوب كل عصر
اصرخ كما تشاء
فَعَلَي الجمر امرح
وأُرسل النيران كصبي يلعب
ونسير علي الجمر