احتشد مساء أول أمس المئات, و ربما الآلاف, من رجال الشرطة و قوات الأمن المركزي في مساحة واسعة من شارع الهرم يتوسطها قسم العمرانية , مما تسبب في أن يطلب مني سائق التاكسي خمسة عشر جنيها نظير المشوار من الدقي إلي مكان ما بين شارعي فيصل و الهرم , فضلت إنهاء الرحلة عنده توفيرا للمزيد من وقت محاولة الوصول لشارع الهرم في ذلك الوقت .
كانت توقعاتي متعادلة بين نجاح و إخفاق وقفة " مصريون ضد التعذيب " أمام قسم العمرانية . و تأكدت من فشلها أول ما شاهدت التحصينات في شارع الهرم . و أعذر الرفاق المنظمين و المشاركين, فالحشود الأمنية كانت فائقة للتصور .
المارة في شارع الهرم كانوا ينظرون بعجب إلي الصفوف القصيرة من جنود الأمن بملابس عادية, و التي تتكرر بالتبادل مع آخرين بزي الأمن المركزي التقليدي, من محطة " الخزان " و حتي النفق في أول شارع الهرم . مجموعات من البؤساء يرتدون ملابس رثة و في أعينهم دهشة و تيه و يقظة مذعورة , يبحثون في وجوه المارة عن عدو لا يعرفون ملامحه.
هذا الجزء من شارع الهرم تحول مسرحا هزليا, المارة يسألون الجنود عن سبب وجودهم, و الجنود يردون بلهجتهم الريفية, و بغُلب صبور يقسمون أنهم لا يعرفون أي شيء . الضباط الممسكون باللاسلكي المتناثرين بطول الشارع , بينما لا أحد يري حتى فلول الوقفة التي تجمعت في شارع جانبي بعيدا عن الشارع. رجال الشرطة السريون المنتظرون على المحطة بملابس عادية و يحاولون أن يبدوا كمواطنين عاديين , و لكنهم لا يستطيعون نسيان سلطاتهم و مهماتهم المقدسة, فيبدأون في توجيه الأوامر لسائقي السيارات بسرعة المرور أو سؤال بعض الشباب عن سبب تجمعهم ,و يبدأ الباقون على المحطة في التلفت حولهم و يكاد يسأل الواقف منهم نفسه إن كان هو نفسه "مخبرا" !
الأمر اكتسي ببعض المنطق, بعيدا عن خشبة المسرحية الهزلية,للذين لم يتمكنوا من الوصول إليها . فالتأويلات الشعبية لما حدث, و التي مصدر معظمها سائقي التاكسي و من تفاعل معهم من الركاب, لم تصدق حتى بعد أن أخبرها بعض المتوجهين للوقفة أن كل ذلك بسبب وقفة احتجاجية لناشطين , و كانت تفسيرات الأمر بأنه :" عادي , قتيل آخر في قسم العمرانية ! " , أو " هي مظاهرة لسائقي "التوك توك" ضد مصادرة عرباتهم و قرار منعهم من العمل " و هو ما حدث بالفعل و لكنه كان في الليلة السابقة على الوقفة , أو هي - و هذا التفسير لسائق التاكسي الأكثر أصالة و العالم بطبعه ببواطن الأمور - " زيارة مسئول كبير في وزارة الداخلية لقسم العمرانية بعدما فاحت رائحته القذرة, و صار من الواجب وضع حد لما يحدث بداخله , و الدنيا مقلوبة و لن يمر الأمر علي مأمور و ضباط القسم بسلام ".
الوقفات الاحتجاجية لم تدخل بعد في دائرة آليات الخيال الشعبي, أو ربما لأنها تستخدم فقط بحكم العادة في تفسير الأزمات المرورية لوسط البلد حيث يعيش المثققون و الناشطون .
لا يزال التفسير الشعبي يراوح في معظمه بين " لا جديد, إنه الخراء الذي نعيشه ! " أو أن القدر أرسل من عليائه أحد الكبار ليرفع بعضه عنا . و لكن الجديد فعلا و المثير للتفاؤل هو أن احتجاجات المدافعين عن قوتهم اليومي, و لو عرضوا حياتهم و أمنهم للخطر – و ليس العكس, لاحظ ! - أصبحت ضمن دائرة التفسير الشعبي بعد أن دخلت دائرة الفعل بالاحتجاجات الواسعة التي قام بها العمال و الموظفون الفترة الماضية,و بعد سنوات عجاف لم نشهد خلالها إلا حشودا في حالة رثة تزحف مهتاجة و يسقط منها شهداء في مواجهة مستميتة ضد محتويات أوراق لم ترها : روايات و رسوم و تصريحات !
احتجاجات سائقي " التوك توك " تبهجني و تهمني من هذا الجانب, و من جانب آخر شخصي. فأنا الآن أستقل يوميا من العمل إلى المنزل الميكروباص إلي حدود إمبابة ثم أستقل " التوك توك " باقي الطريق, و أغدق عليه في الأجرة لاعنا في سري التاكسي و من والاه .
خمسة عشر جنيها من الدقي للهرم يا ناس !
كانت توقعاتي متعادلة بين نجاح و إخفاق وقفة " مصريون ضد التعذيب " أمام قسم العمرانية . و تأكدت من فشلها أول ما شاهدت التحصينات في شارع الهرم . و أعذر الرفاق المنظمين و المشاركين, فالحشود الأمنية كانت فائقة للتصور .
المارة في شارع الهرم كانوا ينظرون بعجب إلي الصفوف القصيرة من جنود الأمن بملابس عادية, و التي تتكرر بالتبادل مع آخرين بزي الأمن المركزي التقليدي, من محطة " الخزان " و حتي النفق في أول شارع الهرم . مجموعات من البؤساء يرتدون ملابس رثة و في أعينهم دهشة و تيه و يقظة مذعورة , يبحثون في وجوه المارة عن عدو لا يعرفون ملامحه.
هذا الجزء من شارع الهرم تحول مسرحا هزليا, المارة يسألون الجنود عن سبب وجودهم, و الجنود يردون بلهجتهم الريفية, و بغُلب صبور يقسمون أنهم لا يعرفون أي شيء . الضباط الممسكون باللاسلكي المتناثرين بطول الشارع , بينما لا أحد يري حتى فلول الوقفة التي تجمعت في شارع جانبي بعيدا عن الشارع. رجال الشرطة السريون المنتظرون على المحطة بملابس عادية و يحاولون أن يبدوا كمواطنين عاديين , و لكنهم لا يستطيعون نسيان سلطاتهم و مهماتهم المقدسة, فيبدأون في توجيه الأوامر لسائقي السيارات بسرعة المرور أو سؤال بعض الشباب عن سبب تجمعهم ,و يبدأ الباقون على المحطة في التلفت حولهم و يكاد يسأل الواقف منهم نفسه إن كان هو نفسه "مخبرا" !
الأمر اكتسي ببعض المنطق, بعيدا عن خشبة المسرحية الهزلية,للذين لم يتمكنوا من الوصول إليها . فالتأويلات الشعبية لما حدث, و التي مصدر معظمها سائقي التاكسي و من تفاعل معهم من الركاب, لم تصدق حتى بعد أن أخبرها بعض المتوجهين للوقفة أن كل ذلك بسبب وقفة احتجاجية لناشطين , و كانت تفسيرات الأمر بأنه :" عادي , قتيل آخر في قسم العمرانية ! " , أو " هي مظاهرة لسائقي "التوك توك" ضد مصادرة عرباتهم و قرار منعهم من العمل " و هو ما حدث بالفعل و لكنه كان في الليلة السابقة على الوقفة , أو هي - و هذا التفسير لسائق التاكسي الأكثر أصالة و العالم بطبعه ببواطن الأمور - " زيارة مسئول كبير في وزارة الداخلية لقسم العمرانية بعدما فاحت رائحته القذرة, و صار من الواجب وضع حد لما يحدث بداخله , و الدنيا مقلوبة و لن يمر الأمر علي مأمور و ضباط القسم بسلام ".
الوقفات الاحتجاجية لم تدخل بعد في دائرة آليات الخيال الشعبي, أو ربما لأنها تستخدم فقط بحكم العادة في تفسير الأزمات المرورية لوسط البلد حيث يعيش المثققون و الناشطون .
لا يزال التفسير الشعبي يراوح في معظمه بين " لا جديد, إنه الخراء الذي نعيشه ! " أو أن القدر أرسل من عليائه أحد الكبار ليرفع بعضه عنا . و لكن الجديد فعلا و المثير للتفاؤل هو أن احتجاجات المدافعين عن قوتهم اليومي, و لو عرضوا حياتهم و أمنهم للخطر – و ليس العكس, لاحظ ! - أصبحت ضمن دائرة التفسير الشعبي بعد أن دخلت دائرة الفعل بالاحتجاجات الواسعة التي قام بها العمال و الموظفون الفترة الماضية,و بعد سنوات عجاف لم نشهد خلالها إلا حشودا في حالة رثة تزحف مهتاجة و يسقط منها شهداء في مواجهة مستميتة ضد محتويات أوراق لم ترها : روايات و رسوم و تصريحات !
احتجاجات سائقي " التوك توك " تبهجني و تهمني من هذا الجانب, و من جانب آخر شخصي. فأنا الآن أستقل يوميا من العمل إلى المنزل الميكروباص إلي حدود إمبابة ثم أستقل " التوك توك " باقي الطريق, و أغدق عليه في الأجرة لاعنا في سري التاكسي و من والاه .
خمسة عشر جنيها من الدقي للهرم يا ناس !
6 comments:
عشرة جنيه من القصر العيني لقبل النفق.وضياع عزومة كباب في الحسين مع تحلية من المالكي لأجد الفين ضابط وعسكري ورتب اخرى تلتف حوالين القسم الذي لم أرى بابه من كثرة العساكر.عزيزي عمرو لا تقل أن المنظمين للوقفة لا ناقة لهم ولا جمل فيما حدث وفشل الوقفة. ولنا في ذلك كلام كبير. المهم أنه لو انت خسرت 15 جنيه أنا خسرت أكله لحمة في الحسين وتحلية في المالكي وشوف بقى مين فينا الوطني اللي ضحى
عمرو
تضحياتك أجل طبعا يا عمرو
لكن كما رأيت , مهما كان حسن التنظيم فإن تلك التحصينات المبالغ فيها , جعلت من الوقفة أمرا عسيرا جدا .
لا أعلم شيئا عما حدث بخصوص التنسيق و التنظيم , و لكن لا يمكن أن ألوم أحدا . و خيرها في غيرها .
العاقبة عندكم فى الوقفات
بس فعلا 15 جنيه كتير
" على فكرة اللى بتتكلم دى مرة دفعت ستة جنيه من ميدان التحرير لميدان التحرير "
وممكن فى مرة تكون حضرتك عندك وقت اكتبلك المغامرة الشنيعة دى حصلت ازاى
أحب طبعا أسمع حكاية الـ 6 جنيه من التحرير للتحرير .
هل التاكسي أصبح يطبق نظام الحد الأدني للطلبات ؟
انها لمغامرة يشيب لهولها البتاع
بإختصار شديد ، ذات يوم رأت السيدة سوزان مبارك انه من المناسب حقا ان تصنع يومها بزيارة للجامعة الامريكية من اجل تكريم ما او افتتاح مكتبة او قاعة ما ، فى ذات نفس اليوم الذى رأى فيه مسئولوا الشئ المسمى جامعة الدول العربية ان اليوم مناسب جدا لاجتماع لوزراء الخارجية العرب ولما كانت مهمة التامين هنا مضاعفة لحدثين جللين كهذين تم ايقاف المرور فى جميع الشوارع المؤدية الى ميدان التحرير واصدرت الاوامر للسيارات المتواجدة بالميدان الى التراجع لشوارع جانبية بعيد حتى تنتهى زيارة السيدة وينتهى توافد الوفود الى الجامعة ، كل هذا فى التاسعة صباحا وانا فى تاكسى استقللته من امام هارديز للوصول الى مقر اتحاد الكتاب ، وهو التاكسى الذى اجبر على التراجع الى الشارع الخلفى الذى يحوى مسجد عمر مكرم " على الرغم من قربه الشديد من جامعة الدول العربية " وظللت حبيسة التاكسى ل45 دقيقة اضطررت بعدها للنزول علّى اصل راجلة الى مكان يمكننى منه استقلال تاكسى اخر ولم يتنازل السائق عن ستة جنيهات قائلا ، شوفى عطلتينا قد ايه يا انسة
نقدته الستة جنيهات حتى احافظ على القطرة الباقية من الهدوء
شفت بقى يا استاذ عمرو
ادى اخرة الصحافة واللى بيشتغلوها
عزة..
كلاكما كان ضحية لماما سوزان
و من الأصل لا وسيلة لتحديد الأجرة المناسبة لكي يمكن مثلا تقاسم التضحية مع السائق المسكين هو الآخر
عوضك على الله
:)
Post a Comment