25 April 2007

كلنا إخوان, و أبونا حاكم عسكري



خبر اعتقال شاب من الإخوان المسلمين في مصر, هو بالضبط ما يضرب له المثال في أدبيات الصحافة التعليمية أن كلبا عض رجلا .. لا جديد, و لا ثمة ما يدهش, و لا ما يستوجب التساؤل.
لا يتعرض جميع أعضاء الإخوان للاعتقال بالطبع, و هذا فقط لأن الجماعة كيان ضخم للغاية بما يفوق قدرة أي نظام علي غمره بالاعتقالات الدورية. و لكن في المعتاد الاعتقالات تصيب الكوادر الأكثر نشاطا و بروزا, و هي مستمرة بشكل شبه منتظم و كثيف.
بعضها نسمع به , تقرأ مثلا في الصحف عن اعتقال 50 من قيادات الإخوان بالغربية, و البعض الآخر روتين حياتي بالنسبة لأمن الدولة و نشطاء الإخوان, اعتقالات قصيرة و استجوابات سريعة و ربما بعض التعذيب ثم إطلاق سراح.
روتين اعتقال الإخوان يبدو لي مثل ضربات إرهاق الخصم في الملاكمة, فإصابته بالقاضية غير ممكن, و لا يمكن لاعتقال فرد أو أفراد أن يؤثر جذريا, فالتنظيم الشديد المؤسسية لا يتوقف علي أي فرد, كما أنه لا وجود لكاريزمات فاعلة و استثنائية , باستثناء عدد من الكاريزمات الإعلامية, و ارتباط جماهير الإخوان بالجماعة ارتباط لا شخصي, و إن وجد فهو موزع علي شخوص الكوادر الوسيطة في دوائرها الصغيرة. الاعتقال الطويل لبعض القادة هو كذلك نوع من محاولة الإرهاق الأعنف لرأس التنظيم الضيق بما ينتاسب مع مكانتهم.
اعتقال عبد المنعم محمود لم يكن إذن ليصبح حدثا استثنائيا أو جديدا أو مثير للعجب. و لكن ليس بعد أن أصبح عبد المنعم مدونا شهيرا, و الأبرز ضمن موجة صاعدة من المدونين الأعضاء في الإخوان المسلمين .
الآن يمكنني أن أتخلي عن مثالي الأثير فيما يتعلق بأخبار اعتقالات شباب الأخوان : مثل موت بيادق الشطرنج. بينما يظهر علي السطح معتلقو التيارات الأخرى لحم و دم , و وجوها ذات ملامح, و أفرادا يملكون تاريخا و مآثر و حكايات و أصدقاء. حتى الخمسين معتقلا من قيادات الأخوان بالغربية – كمثال - لم نكن نعلم شيئا عن ملامح أحدهم أو مأساته الخاصة, لم يكن ليصل إلا وجوه و حكايات البارزين إعلاميا في واجهة الجماعة, و ربما بعض أساتذة الجامعة , و بعضا من أعضاء مكتب الإرشاد و مجلس شورى الجماعة.
إن كان ثمة شيء جيد في ما حدث و يحدث, فهو بالتأكيد أن نرى و نسمع – علي الملأ – وجوه و أصوات الأصدقاء من شباب الإخوان المسلمين, أن تكون المدونات الشخصية وسيطا لرؤية الملامح و سماع النبرات المختلفة, لكشف مآزق الأفراد و معاناتهم الخاصة, بدلا من التقارير الصحفية و البيانات و التصريحات التي تحيل البشر لأرقام أو أجزاء من كتل كبيرة لها شخصياتها الاعتبارية السابغة.
بعد حملة التضامن مع طلاب الأزهر في قضية العرض العسكري , و مدونات أبناء المحالين للمحاكمات العسكرية , ثم حملة التضامن مع عبد المنعم محمود , يدور الآن جدل حميد حول كون الفرد الإخواني في المقام الأول فردا يدون أم إخوانيا يدون. و هل يتبع قناعته الخاصة فيما يتعلق بفاعليات سياسية يدعي إليها الأفراد, أم يلتزم بتعليمات قياديي الجماعة.
إن كان التنظيم هو أول ما يفتقده المجتمع المصري - الفكة حاليا - ففي رأيي أن الإخوان المسلمين كتنظيم يحتاج للجدل السابق, و للتساؤل حول وضع الفرد داخل الجماعة و مساحة الاجتماع المفترضة بين الأفراد ,و حدودها و هل هي رؤية دينية ما أم تتجاوز ذلك , و هل تفترض بالضرورة رؤية سياسية موحدة , و هو السؤال الذي يلخص ما أراه مشكلة الإخوان البنيوية.
و لكن لنجعل هذه اللحظة للوقوف صفا واحدا : الحرية للإخوان فردا فردا, الحرية لعبد المنعم .


15 comments:

AG said...

مهم أيضا أن عبد المنعم و من دون معه من الإخوان هو الذي حول معتقليهم من أرقام إلى أشخاص حتى استطعت التعرف على أولادهم و ذويهم لاحقا. قليل من الفردية في الإخوان تفيدهم أيضا.

Anonymous said...

عودا حميدا للتدوينات الجامدة
(:

كلنا إخوان

محمود سعيد said...

أنا كل ما حد يقول موضوع إخوان مدونون أم مدونون إخوان

ويناقش العلاقة بين التنظيم والجماعة
على طول اطلع واقول لأ
ده تدوين فردى
يعنى فرداً يدون
بس الفرد ده إخوان

بس الصراحة بعد اللى حضرتك قولته أجد أن الموضوع فعلاً محتاج دراسة

بس إحنا مسمعناش رأى حضرتك فى الموضوع ده :-)

African Doctor said...

صارَ للأخوان وجهاً بالفعل، يجعلهم هذا أكثر "شخصانية" في نظر المُراقب أو المُهتَم.
السؤال في رأيي هو هل يجعلهم هذا أكثر شخصانية في نظر قياداتهم؟
أي هل ستتعامل الجماعة على أنها مكوّنة من أشخاص أم سيظل مفهومها عن نفسها أنها "الجماعة" الأكثر تأثيرلً شعبياً بحكم الحجم و قوة الدفع الذاتي؟

Anonymous said...

فردا يدون ام اخوانيا يدون
من وجهة نظري الموضوع محتاج شوية تفكير
الاول فردا يدون يعني فرد عادي جدا بيدون غالبا
اما اخوانيا يدون يعني ايه هي اخوانيا يعني ايه يعني فرد من جماعة الاخوان المسلمين فرد عادي لكن بعضهم عودنا انهم غير عاديين اتعودنا منهم التحدث بصيغة الجماعه المؤثره الصالحه المليئه بالغموض وحولها علامة استفهام كبيره ويمكن في اختلافات كتير لكن اخوانيا يدون انا شايفه انها هي هي فردا يدون يمكن مع وجود شئ واحد ان الاخوان عمرهم ما حاولوا الدخول في منطقة النقاش او اختراق عالم اخر غير عالمهم
يا ريت توضحها اكتر
فردا يدون ام اخوانيا يدون

Azza Moghazy said...
This comment has been removed by the author.
Azza Moghazy said...

اخوان مدونون ومدونون اخوان
اسمحولى انا شايفه ان المناقشة فى الموضوعات اللى على الشاكلة دى مجرد تضييع للوقت
كلنا فى الهم مصريين
وبعدين اعتقد ان المدونات الخاصة ببعض الشباب المنتمين للاخوان كتنظيم سياسى مهياش زى جرائد الاخوان يعنى هى مش واجهة تعبير تنظيمية
الاخوانى زى اليسارى زى الليبرالى مواطن من حقه يعبر عن رايه ويقول كل اللى هو عاوزه حتى لو مش على هوايا
ممكن مسالة مدون اخوانى ولا اخوانى مدون يبقى ليها اهمية كبيرة اه
بس مش فى الظرف اللى احنا فيه ده
دلوقت القضية هى الحرية للكل اخوان او مش اخوان
وتانى كلنا مصريين وكلنا ابونا حاكم عسكرى
سواء كنا اخوان او لا
اعذرونى على الاطالة

belal said...

مساحة الاجتماع قد تكون رؤية دينية..مع بعض التفاهمات الحركية الثابتة ..لكن وحدة الروؤية السياسية..لا توجد طبعا ..يوجد موقف سياسي موحد
.....
من الممكن أن تقول ..أن أكثرمدوني الإخوان ..فرديين ..أفرادا يدونون..
لأنه عندما ترى أسباب بداية التدوين
غالبا ..ستجد ..أسباب كثيرة..غير إنه يوضح رؤية الإخوان للناس
يعني أسباب التدوين العادية ...يريد أن يتكلم عن نفسه ..والإخوان يشكلون مساحة كبيرة من نفسه تلك
...

Aladdin said...

لعل التدوين أفاد الإخوان كوسيط تواصل يتمتع بجمهور متزايد من القراء، قارن مثلاً بين القصص والحكايات "الأسطورية" عن قهر النظام للإخوان في الحقبة الناصرية وما يحدث الآن!! التدوين وانترنت جعل الوصول إلى ما يتعرض له الإخوان من اعتقالات وتعذيب بشكل منهجي أكثر سهولة وعلى نطاق أوسع، هذا من جهة، بالإضافة إلى أنه جعل تلك الوقائع أكثر "وضوحاً"!!

لكن المؤسف أن تأثير التدوين/انترنت كقناة ذات جماهيرية متزايدة لا يزيد عن كونه مؤثراً في "زيادة الوعي" لكنه لن يتعداه - على الأقل في الوقت الحالي - إلى أن يشكل "أداة ضغط" على النظام بأي شكل من الأشكال!!

عمرو عزت said...

الجدل حول ( إخوان مدون أم مدون إخوان ) لا إجابة واحدة له
فهناك مدونون بدأوا ينتقدون مناهج التربية الدينية في الإخوان
مدونون آخرون يبتعدون عن إثارة مثل هذه القضايا الداخلية
أحيانا يتحدثون عن قضايا الجماعة بشكل فيه تعبير جماعي أكثر منه شخصي

الرابط الذي وضعته لنموذج من الجدل كان من مدونة اسمها " شباب الإخوان " رغم انها مدونة شخصية وليست جماعية
و هذا له بعض الدلالة

مساحة الفردية في جماعة الإخوان جديرة بالنقاش لان مساحة الاجتماع في رأيي متضخمة و متغلغلة في حياة الافراد

فانا لو عضو في حزب سياسي فمساحة الاجتماع فيه هي الرؤية السياسية , و ربما يكون لي رؤي ثقافية او فنية او دينية فردية او تجعلني اعبر عنها بعملي ضمن مجموعات او روابط او تجمعات اخري
و هكذا

الاخوان جماعة شاملة
جماعة سياسية و شركة اقتصادية و طريقة صوفية و دعوة سنية و هيئة رياضية .. الي اخر هذه الديباجة من رسائل البنا
اعتقد هذه الشمولية تلقي بظلال علي فردية اعضائها

في مدونتك يا محمود سعيد قرأت عن تكليف الأخ المسؤول لك بحضور مقراة بعد صلاة صبح الجمعة رغم انك أوضحت انك لن تستطيع القيام لصلاة الجمعة وعليك ان تنام
اعتقد ان كون مقراة ما ضمن برنامج ما معد سلفا للتربية يختلف عن هذا التكليف المتعسف باداء شعيرة دينية

هنا خط فاصل بين مساحة الاجتماع و بين مساحة الفردية , ربما تريد الان ان تقرأ القرآن و ربما تريد أن تنام أو تلعب الكرة أو تقرأ أو لا تفعل أي شيء

أعتقد الموضوع أكبر عند الحديث عن مشاركة في عمل ذي طبيعة سياسية
فالجماعة تعمل بالسياسة
و اعتقد انه طبيعي ان توحد تعبيرها السياسي و ان يتفق الاعضاء عليه و يلتزموا به
فليس كل عضو في حركة سياسية حرا ان يرفع راية الحركة باجتهاد فردي
و لكن المشكلة كما بدت لي ان الاذن الذي ياتي من اعلي لاسفل يختلف عن اتخاذ القرار الجماعي في الكيانات الديمقراطية
اعلم انه داخل مجموعات العمل في الجامعات و غيره يتم التشاور و اتخاذ القرار باليات شبه ديمقراطية
و لكن فيما يخص بعض القضايا فالامر يبدو كانه انتظار للاوامر
افهم ذلك في قضايا كبري تهم كل الجماعة بمستوياتها
و للمستويات الاعلي تولي مسؤولية التنسيق و توحيد الموقف
و لكن قضايا مثل التضامن مع شاب اخواني بالتضامن مع المدونين باعتبار هذا الشاب مدون و اعلامي بالاساس و مفيد لقضيته ان يتم ابراز هذا الجانب
انتظار الاذن هنا يبدو لي مبالغا فيه

علي كل , الموضوع معقد و يطول البنية التنظيمية للجماعة التي يعتقد البعض انها تحقق كفاءة عالية بينما يضيق العض بها لحد الخروج من الجماعة كلها

عمرو عزت said...

أعتقد أن التدوين بما إنه نوع من الإعلام الشخصي فإن مجاله الأساسي الضغط الإعلامي
و أعتقد أن هذا تحقق عض الشيء في فرض قضية اعتقال المدونين و حرية التعبير علي الانترنت و في كسر تجاهل الاعلام العادي لحوادث مثل التحرش الجنسي بوسط المدينة

ان يكون التدوين وسيط صالح ليكون اداة ضغط في قضايا علي ارض الواقع فهذا يقتضي اولا ان يكون هناك رأي عام ناضج و متفاعل ليضغط و ان تكون هناك كيانات و روابط و تكتلات فاعلة تضغط
يمكن ساعتها ان تكون الانترنت ساحة للتشبيك و بدء حملات ضغط و حشد و استنفار
و حتي ذلك فدور الانترنت و التدوين في " زيادة الوعي " عبر فتح النقاش و تلاقح الافكار اعتبره خطوة واسعة لا بأس بها علي الإطلاق

ibn_abdel_aziz said...

جميل جدا الكلام ده
وبهدوء قوي

مية مية يا عمور

محمود سعيد said...

والله يا أستاذ عمرو
نقطة إن فى مدونون بدأوا ينتقدون مناهج التربية (والدينية كمان) لأن المنهج ده هو اللى بيفرقنا عن أى حاجة تانية

أظن ده محصلش لكن اللى حصل وبيحصل مواجهة أعراض أو ظواهر أو أو

بس موضوع أنهم يتحدثون فى قضايا الجماعة بتعبير جماعى مش شخصى
انا شايف ده شىء طبيعى فى أى جماعة (أو حزب)
لأنها قضايا الجماعة
مش قضية فرد

وهى مساحة الإجتماع كبيرة جداً صحيح بس فى لها ضوابط وأصول ونظام
يعنى ده إحنا بتوع النظام كله
فلما حضرتك بتقول جماعة سياسية وشركة وطريقة و دعوة وووو
ده كل منهم له وضعه وأسلوبه وفرديته أو جماعيته

حضرتك قرأت فى تعليق لى عند حد تانى
عن الحدث اللى انا قولته ده
أنا وضحت أنه كان غريب من هذا الشخص
وهو أيضاً غريب عندنا

لكنه موجود نوعاً ما
وحله بسيط جداً وهو فى اللى انا عملته
وفى الآخر الأخ اعتذر
يعنى محولنيش للتحقيق مثلاً واتفصلت وأقيم عليا الحد :-)

بس انا سعيد بهذا الحوار جداً

عمرو عزت said...

أنا أسعد يا محمود
أنا أسوق هذه الملاحظات لا لأدلل علي أن هناك مشكلة و الإخوان مستسلمون لها
ولكن لأقول أن هناك جدل حميد يدور
- كما قلت في التدوينة -
و الجدل شيء صحي

أنا في الحقيقة أتحين الفرصة للعودة للأخوان لأكون واحدا من جناح يساري معتدل في الجانب الاجتماعي
, و أيضا ضمن جناح تجديدي ثوريي فيما يتعلق بفهم الإسلام
هذا إذا تحول الإخوان لجمعية ثقافية دعوية إسلامية
و أسس ناشطوها عدة أحزاب و تيارات سياسية بحسب اختلاف رؤاهم الاجتماعية و السياسية

الإسلام يمكن أن يكون حلولا
و ليس حلا واحدا

Anonymous said...

أعجبني طرحكم لهذا الموضوع فغالبا ما ينظر الأخوان أنفسهم لمعتقليهم علي أنها مجرد أرقام وقد فاقم هذا الوضع مشكلة الإعتقال للإخوان وجعل السلطه تتمادي
متضامنون مع عبدالمنعم محمود ومع كل أحرار مصر في معتقلات النظام ولكم التحيه