18 February 2006

المهندسون ضد الحراسة .. و في انتظار الديمقراطية



في الثانية من ظهر الاثنين الماضي , صوت ما يقرب من خمسة آلاف مهندس , في جمعيتهم العمومية غير العادية , علي رفع الحراسة المفروضة علي نقابتهم منذ 1994 .
و دعوا للإعداد لإجراء انتخابات نقابية لاختيار من يمثل المهندسين في مجلس نقابتهم و اختاروا سبعة ممثلين لمتابعة تنفيذ هذه القرارات حتى موعد الجمعية العمومية التالية في شهر مايو من العام الجاري .

بدأ تجمع المهندسين منذ الثامنة صباحا أمام قاعة " خوفو " بمركز المؤتمرات بمدينة نصر , و أغلق الأمن أبواب القاعة في وجوههم لفترات طويلة و سمح بدخولهم علي عدة مرات تخللتها هتافات احتجاج و طرق عنيف علي الأبواب الزجاجية من المهندسين الممنوعين من الدخول .
يبدو أن الأمن اتخذ هذا الإجراء انتظارا لقدوم سيارات هيئات حكومية تقل المهندسين العاملين بها لكي تتوازن مع حشود مهندسي الإخوان المسلمين التي توافدت مبكرا بأعداد كبيرة .
كما حاول الأمن الاكتفاء بالعدد المحدد لسعة القاعة ( أقل من ثلاثة آلاف فرد ) و لكن أمام احتجاج المهندسين بالخارج و تضامن نشطاء تجمع " مهندسون ضد الحراسة " معهم , تم السماح بدخول أعداد إضافية ملأوا الممرات وقوفا , و رفضوا التوجه لقاعة أخري مزودة بأجهزة صوت , حرصا علي التصويت الذي يتم يرفع الأيدي .





بحسب تقديري , أعتقد أن مهندسي الإخوان شكلوا نسبة لا تقل عن60% من إجمالي الحاضرين ,إن لم يكن أكثر .
و لم يكن ممكنا الحفاظ علي الأمن إلا عبر التنسيق معهم , فبينما واجه أفراد جماعة " المهندسون الديمقراطيون " صعوبات في سبيل إدخال أوراقهم , فان لافتات ضخمة حملت شعارات الإخوان : " الإسلام هو الحل " و " إلا رسول الله " (!!) احتلت وحدها كل الأفق أمام مدخل قاعة خوفو , كما اضطر رموز الإخوان " د.محمد علي بشر " الأمين العام السابق للنقابة و " د.محمد مرسي " النائب السابق لتهدئة شباب الأخوان أكثر من مرة , لكي يقبلوا بتواؤمات رآها أهل المنصة ضرورية , أو لكي يدفعوهم للتصويت لأسماء غير إخوانية – من أعضاء تجمع " مهندسون ضد الحراسة " الذي يضم كل القوي المعارضة للحراسة - ضمن لجنة السبعة .

يمكن ان نحدد خريطة حضور الجمعية العمومية , كتلتان كبيرتان : أولاهما مهندسو الإخوان المسلمين , ثانيهما : مهندسون ايجابيون غير مسيسين و موظفو الهيئات الحكومية التي حثتهم للحضور , و بجانبهما عدد قليل من ناشطي جماعتي " المهندسون الديمقراطيون " (يسار) و " المهندسون القوميون " الأعضاء في التجمع الواسع " مهندسون ضد الحراسة " الذي يضمهم و مهندسي الإخوان و أفرادا من باقي القوي و مستقلين .
من المفترض أن يدير اجتماعا ضخما كهذا جهة محددة و إلا تحول الأمر لفوضي , و هو ما حدث بالفعل .
لجنة التسيير - المنوط بها إدارة النقابة في زمن الحراسة – تخلت عن دورها للأمن الذي حشد عددا كبيرا من مفتولي العضلات و علي صدورهم المنتفخة بشكل استفزازي شارات " نقابة المهندسين " ! . كما أنها تخلت عن دورها في التحقق من هويات المهندسين داخل القاعة . مما دعا مهندسو تجمع " ضد الحراسة " للتطوع بجمع توقيعات الحضور علي أوراق أعدوها , و تحقق جامعوا التوقيعات – أحيانا – من هوية الموقعين .
حدث جدل و لغط حول من يدير الجمعية , هل هو الحارس و لجنة التسيير . أم أكبر الحضور سنا باستثناء أعضاء لجنة التسيير (الحراسة) . و انتهت تواؤمات و توازنات المنصة علي إدارة م.أحمد محرم للجمعية بصفته أكبر الأعضاء سنا بالاضافة إلي - أو بالرغم من - كونه الحارس , إلا أنه تم انتزاع الميكروفون منه حين أطال في حديثه الذي حاول تجميل وجه الحراسة و تبريرها , و قام م.عمر عبد الله ( إخوان, ضد الحراسة ) بأخذ التصويت علي قرارات الجمعية في ظل فوضي عارمة اجتاحت المنصة التي تحولت لحلبة توازن قوي .
التصويت أيضا تم في حالة فوضي , حيث كان يطلب من الموافقين رفع أيديهم و لا ينوه بالمثل للمعترضين لرفع أيديهم بالاعتراض في مرة ثانية .
التصويت كان بالإجماع علي رفع الحراسة و الدعوة لانتخابات , و لكن شهد انتخاب لجنة السبعة جدلا و فوضي , فمهندسو الإخوان يبدو انه لم يتم إبلاغهم بشان التنسيق مع القوي الأخرى فكانوا يظنون أن الأسماء غير الاخوانية هي بالضرورة حكومية و من لجنة الحراسة ,و يهتفون برفضها .
انتخاب لجنة السبعة لم يخضع لتصويت الحضور الذي لم يعرف كيف و لماذا ينتخب أو يرفض هذه الأسماء أو كيف يقترح أخري - لم ينوه مقترحوها في خطأ فادح إلى ان هذه الأسماء مقترحة من " مهندسون ضد الحراسة " - و في النهاية خضع الاختيار و اقرار الأسماء لصراع المنصة التي اختفت خلف غابات من المتجمعين , نسبة كبيرة منهم من شباب الإخوان .
في النهاية أسفرت توازنات المنصة عن ضم مهندس محسوب علي السلطة " د.علي صبري " للجنة بل و رئاسته لها , وسط سخط جمهور الاخوان الذي لم يكبحه سوي تنازل محمد علي بشر عن رئاسة اللجنة له لمكانته العلمية .

حسنا , تم رفع الحراسة .. رغم تشكيك الصحف الحكومية , و هلوساتها عن عدم شرعية الجمعية .
فبرغم كل ما شابها من فوضي فانعقاد الجمعية بعد مرور ساعتين من عدم اكتمال النصاب الأول – ربع الأعضاء – يصبح قانونيا بـ 301 مهندسا فقط و هو بالتأكيد ما تحقق , فعلي الأقل هناك 301 مهندسا توقيعاتهم صحيحة من 5000 جمعت توقيعاتهم و صوتوا كلهم لرفع الحراسة و باقي المقترحات .

و لكن المثير للإحباط , هو أن كل الجمهور من المهندسين غير المسيسين ( الكتلة الثانية – راجع تصنيفي ) حضر و لم يع من الاجتماع و توزاناته وتقلباته و لا صراع الأسماء في لجنة السبعة شيئا , أتصور أن يحرص كل من يهمه أمر نقابة المهندسين – و المجتمع المدني في مصر بشكل عام – أن يدرس كيف يمكن أن يشترك الناس في إدارة شؤونهم بشكل أكثر ديمقراطية بعيدا عن حسابات الناشطين و توازنات المنصات و حشود القوي . .. بغير ذلك فلا أظن أن هناك أملا ما .
لا يمكن أيضا أن ألوم علي الإخوان المسلمين إيجابية جماهيرهم الضخمة , و لكن أتصور أن شعاراتهم ثم هتافاتهم في المسألة الدنماركية بعد انتهاء الجمعية ثم ختام الجمعية بقراءة سورة العصر – وهي حتي ليست من المأثورات الاسلامية العامة في ختام المجلس و انما من مأثورات الاخوان الخاصة – ثم أسلوب إدراة ممثلهم للجمعية في بعض أوقاتها الذي لم يراع سوي جماهيرهم التي تحفظ أسماء رموزها عن ظهر قلب أو التي تم تلقينها ,و حتي التلقين كان فاترا فيما يتعلق برفقاء التجمع ضد الحراسة كما ظهر في التصويت للجنة السبعة .. كل ماسبق لا ينبيء عن مستقبل نقابي ديمقراطي مشرق في ظل اكتساح إخواني مرتقب , اللهم إلا إن قررت " الكتلة الثانية " أن تصحو من غفوتها و تقول كلمتها لتصبح الكتلة الأولي و تبدأ " ما كينة " الديمقراطية في العمل بشكل صحيح .

دفعا للإحباط , علي الأقل كانت هناك لحظة واحدة صادقة و حقيقية و ديمقراطية , تلك التي رفع فيها كل المهندسين الحاضرين – علي مختلف " كتلهم " و توجهاتهم - أيديهم و أصواتهم موافقة علي رفع الحراسة , التي انتهكت السلطة بواسطتها طيلة 12 عاما , حقهم في انتخاب ممثليهم و المشاركة في إدارة شئونهم .


4 comments:

bluerose said...

اخيرا يا عمرو حد فهمني اللي حصل , بعد التناقض اللي شفته بين تغطية الفضائيات و كلام الجرائد الحكومية , لدرجة اني افتكرت للحظة ان الحكومة "بتستعبط" و هاتعلن عدم رفع الحراسة

عمرو عزت said...

في الحقيقة كل الاحتمالات مفتوحة
أتوقع تلاعبا ما و لكن ليس لدرجة استمرار الحراسة
المواقفة علي عقد الجمعية العمومية وراءه نية رفع الحراسة
و لكن الشيطان يكمن دائما في التفاصيل

بالنسبة للتغطية الحكومية
فانا شعرت بعد قرءاتها
اما اني حضرت حدثا آخر في مكان آخر
او ان السادة الصحفيين الحكوميين تم جميعهم و قام احد ما بانتهاكهم او التحرش بهم بشكل ما فيه عنف بالغ حتي اجتمعوا علي ترديد مثل هذه الهلاوس السمعية البصرية
- او همه كده خلقة ربنا -
كانت اقوي الهلاوس لدي محرر الاهرام الذي كتب ان الاخوان و الناصريين تبادلوا السباب لمدة 5 ساعات
ربنا يديهم و يديه الصحة

Anonymous said...

انا متفق مع هذا الكلام تماما لانه حقا ما حدث بالفعل.
هذا بالفعل ما شهدناه جميعا , و بالفعل هناك الكثير من الزملاء " غير المسيسين " يشعرون انهم و انا معهم بالطبع قد دخولوا صراع بين تكتلات مختلفة و ليست كتلة واحدة مكونة من 400000 مهندس و . و قد بدا ذلك تماما اثناء التواجد داخل الاتوبيسات و داخل القاعة و اثناء الجمعية و كان كتلة الاخوان قد بدأت حملة انتخابية مبكرة جدا

انا اطلب من الجميع ان نفصل بين الصراع السياسى و الصراع من اجل استرداد الحق فهدف جميع المهندسين الان هو تحرير النقابة و ادارة نقابتنا بانفسنا " نحن المهندسون "

م / محمد عبد القادر
الاسكندرية

Anonymous said...

انا معك في انه هناك نيه لرفع الحراسه
بالموافقه على عقد الجمعيه المهندسين لكن اسفني فعلا ان هناك جهل كبير بمعنى النقابه ودورها
ليس فقط من صغار المهندسين ولكن من بعض كبار السن منهم