03 November 2005

(في إمبابة مع كمال خليل (4


( زوايا الرؤية )


لا أخفيكم أني سعدت بما حدث من إزالة لكل لافتات كمال خليل من شوارع إمبابة و مصادرة بعض ملصقاته
اعتبرته رد فعل يدل علي تأثير و فعالية " الفعل " الذي يقوم به كمال خليل في إمبابة
حتي و لو كان هذا الفعل و تأثيره رمزيا او لا يزال كذلك
كما أني اعتقد أن المعارضة في مصر تنشط بشكل أفضل في اجواء القمع و الاضطهاد ..كما انها تحسن استغلال هذه الأجواء لصالحها
لذا فقد اعتبرت ما حدث مؤشرا إلي بداية " الجد " و توقعت أن منحني الأمور ربما يتغير
و بناء عليه قررت أن أكون في مسيرة أمبابة الاثنين الماضي بدلا من وقفة " كفاية " من أجل الوحدة الوطنية بميدان طلعت حرب
و لكن وقفة " كفاية " أثرت علي مسيرة إمبابة و المؤتمر الصحفي الذي سبقها ....
و فضل الشباب الانتظار ساعة كاملة من أجل حضور أكبر عدد ممكن ...
أثناء الانتظار في المقر تدور حوارات مرحة متفائلة أو تحاول أن تتفاءل و تروي مشاهد من هنا و هناك
احد الرفاق - ممن لم أتشرف بمعرفته بعد - كان يروي مشاهد من جولات المرشحين الأخرين
مرشحون يسيرون في جولات محاطين بالبلطجية و الهتيفة المأجورين
و آخرون محاطون بالصعايدة و " النبابيت "
و أخيرا قال أن مسيرات كمال خليل مختلفة جدا ...من يسيرون معه مثقفون ..

فضلت مواصلة الانتظار علي مقهي "رامي " أسفل المقر ..
عندما بدأ الزحام و اصبح الشعور بالجليطة مصاحبا لوجودك علي كرسي وسط من يبحثون عن مكان في الشقة الصغيرة المكتظة
كما أني كنت في حاجة ماسة لكوب شاي
علي المقهي مجموعة من الشباب سبقتني ..و يبدو أنهم كانوا أيضا في حاجة ماسة الي شيشة
تعجبت من القهوجي الذي كان يتعرف سريعا علي الشباب الآتين للمشاركة فيدلهم علي مدخل المبني او يحضر لهم كرسي بجانب مجموعة الشباب
أحاول أن أعرف كيف اكتسب هذه الحاسة ...هل تعرف علي أشكال المترددين سريعا ...بعضهم يبدو انه ياتي لأول مرة
هل يتعرف عليهم من مشيتهم السريعة او الأوراق التي يحملونها ..
لم أصل لشيء واضح و إن كان الزميلات مميزات بشكل ما
غير محجبات و يرتدين أزياء عملية بسيطة في مفارقة للسائد المنقسم بين الحجاب و بين " العياقة" المتكلفة أو مزيج منهما !
( لا ينطوي هذا علي أي انتقاص من أناقة كل الزميلات ...)
بدا لي أيضا ان رواد المقهي يعرفن أيضا أن هؤلاء الفتيات أو السيدات ضمن حملة كمال خليل , عندما تأتي إحداهن و تنضم للشباب
مقاهي إمبابة ليست مثل مقاهي وسط البلد ...هنا من النادر ان تجد امراة علي مقهي

بدأ الشباب التجمع في الشارع لعقد المؤتمر الصحفي و بدء المسيرة
لم أتحرك من مكاني حتي اطمأننت أن اللافتة الكبيرة قد استقرت مع أصحاب النصيب
قمت و انضممت للتجمع و بدأ كمال في الحديث
افتتح حديثه بالهتاف ليجذب أنصار الناس في الشارع
ثم هاجم الحزب الوطني و مرشحه و ندد بالاعتداءات علي مواد حملته الانتخابية
و أعلن تحديه لمرشح الوطني اسماعيل هلال ان يجرؤ علي مناظرته أمام الناس ليسأله عما قدمه في البرلمان لامبابة طوال دورتين
أثناء حديث كمال تجمع عدد من الناس يستمعون ...كانت فرصة مواتية لتوزيع الأوراق
اقترب مني شاب و بعد أن تناول الورقة اقترب أكثر و همس في أذني :
- معلش ممكن أسأل سؤال
( يبدو من لهجته أنه حرفي )
- اتفضل
- يعني ايه اشتراكية ؟
- امممممم.....يعني خير البلد يشترك فيه كل الناس مش الاغنياء بس
- انا مش قصدي الكلام ده
- امال ايه
-شكلكوا لامؤاخذة غريب و مش من هنا ...انتوا منين يعني و تبع مين ؟
- فيه ناس كتير من هنا ..و فيه ناس جايه تأيد كمال لانها زي ما تقول كده من الحزب بتاعه
-شكلكوا أصله خواجاتي شوية
(مشيرا الي الزميلات )
- لا ياعم مصريين و الله ..... انت اللي شكلك صعيدي مش من هنا !
- عرفت ازاي؟ (يضحك )

أثناء المسيرة و بجاور جامع السنية ( السلفيين ) ...أناول أحد الشباب الور قة:
- مهندس كمال خليل ...مرشح كفاية و تحالف المعارضة
( لا يبدو من مظهره انه سلفي ..في يده سيجارة و مع زميله جريدة النبأ)
يرفع الشاب الورقة أمامي بشكل مسرحي و يمزقها أربع أجزاء و يلقيها في الهواء
- أنا مسلم و موحد بالله ( لا أفهم مقصده تحديدا )
- و أنا كمان مسلم بس مش دي القضية
- لا هي دي القضية (بعدوانية )
- زي ما تحب ( اتجاوزه متفاديا أي احتكاك ...يمكن أن يثير مشاكل )

احاول اللحاق بالمسيرة أنا أوزع الأورق
ادركهم عند منطقة يملؤها الباعة من السلفيين المتجمعين بجوار المسجد
أفكر في توفير الأوراق لتجنب حدوث أي مشادات
يفاجئني ترحيب الباعة بالمسيرة , أحدهم (كث اللحية و بجلباب قصير ) يأمر صبيانه بالهتاف
- اهتف يا وله ...يسقط حسني مبارك ....اللي مش هايهتف مش راجل
أمد يدي بالورقة يتلقاها بابتسامة , في يده ورقة أخري وزعها أحدهم قبلي عنوانها "حتى لا يعذب أهالينا فى سلخانات الشرطة "
ابتهج بالتجاوب ..كمال يعانق أحدهم و يسلم عليه بحرارة

رجل جالس علي الرصيف ذو لحية طويلة مصبوغة بالحناء يتناول الورقة مني :
- اسمع يا بني ...الراجل ده اسمه ايه
( يبدو أنه لا يعرف القراءة )
-كمال خليل ..رمز المصباح
( تتناهي الي مسامعنا الهتافات من المسيرة المتقدمة ...كفاية ...كفاية )
- هو ده ...ولد صحيح ...إمبابة عاوزة راجل ...مش عاوزة "خـ........" , قوللهم يقولوا كفاية "خـ.........." بقي !
- ماشي يا عم الشيخ (أضحك )

..............................

في المرة الأولي التي سمعت فيها من صاحب أحد المحال جملة " بالتوفيق ان شاء الله "
تفاءلت جدا و اعتبرت ذلك اطراءا و تأييدا ,بعد أن نظر في الورقة سريعا و بعد أن حدثته قليلا
بمرور الوقت و مزيد من الناس ومزيد من الأوراق بدأت أكتشف أن تلك الاجابة هي " أكلشيه " لأصحاب المحلات
هم دائما في طريق الحملات و الجولات ... و لابد أنه بعدد الانتخابات التي مرت عليهم مر عليهم عشرات أضعافها مرشحون و جولات و أوراق
تبدأ في التعود علي أنماط ردود الفعل الأخري
الجالس في المقهي ....ان كان مشغولا ....يرد عليك باقتضاب و هو يفكر في اللعبة أو في الفيلم
ان كان وحده و يبدو غير مشغول ربما يناوشك قليلا و يتبادل معك كلمتين أو أكثر
السيدات - من يشي مظهرهن انهن ربات بيوت - ينظرن للأمر علي أنه لا علاقة لهن به بتاتا
البائعات في الشوارع هن الأكثر حماسا و تجاوبا و ربما يشاركن في الهتاف و التصفيق

أحاول توزيع الأوراق علي راكبي عربات النصف نقل
(عربات تغطي مؤخرتها بغطاء قماشي و تستعمل لنقل الركاب علي مقعدين متقابلين مثل " بوكس " الشرطة ..و ثلاثة أضعاف عدد الجلوس ركاب واقفون و بعضهم متشبث أو متدلي من السيارة)
أندهش من اهتمامهم بالحصول علي اوراق ..كنت أتوقع العكس
أحدهم ( مواطن متدلٍ بكليته خارج العربة ) يطلب مني عددا من الاوراق لكل الركاب و يسلمهم لمتدلٍ آخر أقل تدليا و هكذا دواليك حتي تنتشر الاوراق بالداخل
تأخذني الحماسة فأرمي ورقة أو اثنتين في الكابينة الأمامية للعربة حيث السائق و معه راكبين
بعضهم تلقاها و بدأ في قراءتها
أحدهم نظر فيها سريعا ثم ألقاها من نافذة السيارة
يتصادف مرور احد الرفاق الذي يحتد قائلا : شعب وسخ !
ارتبك و أتأكد ان أحدا حولنا لم يسمعه ... " الحمد لله "
لا أجد وقتا لأعاتبه وسط الضجيج و فوضي المرور في الشارع الضيق

أواصل توزيع الأوراق امام المسيرة
يسبقني بعض الزملاء يوزعون علي المارة
أقترب من رجل و زوجته ينظران في الورقة التي حصلا عليها للتو
اسمعهما :
- اه ما هو موسم ..كل خمس سنين جولات و ورق و سلامات و عاوزينكم و بعد كده كله يسلك حاله...حاجة وسخة !
أقترب منهما ....يلاحظاني و بيدي الأوراق ...يبتسمان في ارتباك ...و يقول هو في ابتسامة أعرض و هو يتناول مني الورقة : " بالتوفيق ان شاء الله " !


7 comments:

radwa osama said...

تعريف هايل للاشتراكية ..بجد والله مش تريقة

Anonymous said...

I REALLY WANNA ASK U IS REALLY THERE IS LIBERAL PEOPLE IN THE EGYPTIAN STREET ?????????/ THANKS ALOT TO UR EFFORT I ENJOY READING UR BLOG (AND I WILL WAIT FOR THE REPLY OF MY QUESTION I REALLY WANNA KNOW)IAM AFRAID THERE ISNT

عمرو عزت said...

انا ارصد ما أراه
و أعتقد أنه جزء من الصورة
و ليس الصورة كلها
و ليس عندي اجابات تحكل أحكاما علي كل الشارع المصري

تدوينتي التالية أعتقد بها ايضا جزء من الجواب و ليس الجواب كله

ربما يكون الجواب الكامل ان ما تزرعه تحصده
لا تحتفظ ببذور التسامح في جيبك
و تترك بذور التعصب ينشرها الأخرون علي مرأي منك
ثم تأتي لتسأل عن الحصاد

Anonymous said...

u mean by ur answer to tell me: NO IN A PHILOSYPHI WAY?????????

عمرو عزت said...

لا يمكن لرد فلسفي أن يحكم بنعم أو لا علي ملايين من البشر
و لكن اذا كنت تقصد المعني الحرفي لسؤالك ؟
يمكن ان ارد بهذا الشكل المنطقي الرياضي
علي الأقل أنا أعتبر نفسي متسامحا
و بذلك يكون هناك واحد علي الأقل
متسامح
و اذا كنت تعتبر نفسك كذلك و كنت مصريا صرنا اثنين
الجواب اذن: نعم هناك

أما من ناحية التفلسف فانا قلق علي منسوب التسامح الزائد عن الحد في الشارع المصري تجاه من يسومونه سوء الحكم

Anonymous said...

Excellent, love it! Celexa research worldwide time share offers http://www.coldwell-banker-larson-realty.info/real-estate-in-grand-rapids-michigan.html

Anonymous said...

Enjoyed a lot! Buy true cosmetics & skin care http://www.search-engine-optimization-0.info Olive oil for dogs coat Klonopin safe dose straight edge shirt Allegra print 26 imagining holland Smashbox cosmetics Horsetail for hair loss patio furniture How is safety bingo played