04 February 2010

ذلك الأمر


خططت ليوم مشحون بلقاءات العمل. استيقظت مبكرا ونشيطا، تناولت فطوري على عجل وأنا أسمع موسيقى سريعة وأمرر عيني بخفة على عناوين الصحف كصحفي نابه يفعل كل شيء بسرعة لكي يجد وقتا أطول للكلام عن العالم.
لا شيء أفكر فيه إلا الكلام الكثير الذي سأقوله وأسمعه اليوم وأنا أفكر في الكلام الأقل الذي سأكتبه بعد أن أفكر بتمعن أكثر في بعض الكلام الكثير. لا شيء سأفكر فيه أبعد من هذا. أما ذلك الأمر الذي فكرت فيه كثيرا بالأمس وأتعبني فنمت اثنتي عشرة ساعة، فسأفكر فيه لعشر دقائق. عشر دقائق فقط وأنا منهك القوى في التاكسي آخر الليل، وسيقضى على ما تبقى مني لأضع رأسي أسرع على الوسادة وأنام.

قبل أن أغادر تأجل أول موعد. دقائق وأُلغي الثاني. ووجدت نفسي أمام نصف يوم فارغ. فكرت بسرعة في خطة بديلة، حدقت في الكتب الجديدة المتناثرة في كل مكان. حاولت بسرعة أن أستدعي كل ما يجب عليّ فعله ولا أجد الوقت. لم أجد شيئا ولا وقتا، وجدتني وحدي وذلك الأمر. ذلك الأمر الذي يلغي فجأة كل المواعيد بين اثنين ويتركهما أمام نصف حياة لا يعرفان للحظات ماذا يفعلان بها. يمكنني أن أفعل ذلك بنفسي، نفسي فقط، ولذلك أنا لست شجاعا بما يكفي لمواجهة ذلك الأمر، ولست قاسيا بما يكفي لتحمل ذلك الأمر. سيظل يغلبني البكاء، فأترك عينيّ ورأسي له حتى يأخدني منه تعب مخيف فأهرب إلى النوم.

سرت مع نفسي حتى حجرة النوم وجلست على السرير، أنا أرغب بشدة في أكون وحيدا. أنا لست منزعجا من كوني وحيدا. فقط أنا مرتعب من ذلك الأمر، فقط أنا مذعور من ذلك الأمر. لم أنزعج وأنا أجدني أقول لنفسي بصوت مسموع أنني متعب جدا، وأهز رأسي. أنا فقط أشفقت على نفسي في مواجهة ذلك الأمر،أنا فقط متعب من ذلك الأمر.
خلعت ملابسي على مهل ورميتها بتراخِ أينما اتفق ووضعت نفسي على السرير، ونمت.