19 July 2009

"يا أهل الله ياللي فوق .. نظرة للي تحت"


"شوف يا رحّال. الفن مرآة المجتمع، ولما المجتمع يبقى فيه تشوهات لازم تظهر في الفن" بهذا الرأي للفنان محمد نوح اختتم المخرج الشاب أحمد رحال فيلمه التسجيلي "شعبي" الذي نزلت تتراته مع صوت أحمد عدوية يغني: "يا دي الزمان الردي اللي كترت فيه المغنواتيّة!".
وبسبب ما يوحي به هذ الاختيار اضطر رحال - في كلا الندوتين اللتين ناقشتا الفيلم في مكتبة الإسكندرية ثم في جمعية النقاد - إلى توضيح أن هذه الخاتمة لا تعبر عن وجهه نظره في "الغناء الشعبي" بل إنه بالعكس يحب سماعه ويرى أنه اللون الغنائي الوحيد الذي يمكن القول أنه "خرج من هنا، ومن هنا فقط" على حد تعبيره، ويدعو المشاهدين إلى اعتبار خاتمة الفيلم تضم إلى جانب رأي نوح، ما سبقه من رأي الفنان مودي الإمام المختلف تماما، والذي يذهب إلى أن دور هذا الفن مثل تأثير تزيين السائقين لسياراتهم يابانية المنشأ بالأشياء والكلمات التي تنتمي إلى عالمهم لتبدو في النهاية سيارات مصرية صميمة.
محمد نوح كان ممتعضا من الأشكال الجديدة من الغناء الشعبي يتذكر في حنين "الشعبي القديم" الفلكلوري أو كما عبر عنه سيد درويش، بينما كان مودي الإمام مرحبا ومتفهما لـ"الشعبي الجديد" الذي يعبر عن حياة "الشعب الجديد" وإيقاع شارعه الذي لم يتجمد عند الحالة التي سجلها باحثو الفلكلور أو عبر عنها درويش قبل عقود.
منذ أن تركت الطبقة الوسطى المصرية لما دونها وصف "شعبي" أصبح اصطلاحا يعبر عن كل شيء أقل جودة ومستوى وخارج نطاق الاهتمام والحفاوة. وطريقة تعامل نقاد هذه الطبقة مع " الغناء الشعبي" جماليا يتجاهل سؤال: جميل بالنسبة لمن؟
القليل فقط من النقاد هم من يحاولون النظر من زاوية جمهور هذا الفن: سكان محيطات العشوائيات التي كانت قبل قليل جيوبا ريفية، وحياتهم الخشنة الصعبة الجامحة، مهنهم غير الرسمية غالبا غير المضمونة دائما "حبة فوق وحبة تحت". حياة اللحظة الفانية المقتنصة في لحظة فرح راقصة وغناء يندفع في مرح جامح كما يفعل عماد بعرور أوحزن وألم يصرخ في مرارة كما يفعل عبد الباسط حمودة. أصوات الفنانين مثل أصواتهم قوية وخشنة – لا مكان هنا مثلا لمصطفى قمر - وتنطق بطريقتهم التي تبدو للطبقة الوسطى طريقة سوقية. حتى الأصوات الأنثوية لها طابع مميز فيه دلال ولكن لا يفتقد بعض الخشونة: أمينة صاحبة الحنطور مثلا.
"شيال الحمول يا صغير" أو "من حق الكبير يتدلع"، تعبيرات لا مكان لها في شعبيات الطبقة الوسطى الغارقة وسط طوفان الأنغام المكررة مع مدائح وبكائيات العيون والجفون الرموش. تعبيرات الطبقة الغائبة التي لا مكان لها في الإعلام إلا ليتم السخرية منها أو الضحك عليها مثل "اللمبي"، وغنائها الغائب عن الإذاعات والتليفزيونات إلا في سياق التندر على الغناء الهابط أو "التهييس" قليلا معه. ربما لهذا السبب رفض المنتج خالد عمر التصوير في فيلم رحال ولكنه ساعده على التسجيل مع الليثي وعربي الصغير اللذين ضحك جمهور الندوتين عليهما بينما كانا يشرحان بكل جدية تفاصيل اعتنائهما بالغناء. يبدو أن خالد عمر كان يتوقع ذلك، وبسببه رفض حتى مجرد التصوير الفوتوغرافي قائلا في سخرية العالم ببواطن الأمور:"أتصوّر؟ هو إنت فاكرني اللمبي!".

من : شعبي

شاهد فيلم "شعبي" اليوم في ساقية الصاوي ضمن المهرجان الخامس للأفلام التسجيلية

7 comments:

Unknown said...

يمكن امبارح وأنا واقف جنب مدرس العربى بتاع الثانوى فى فرح شعبى ودار حديث بينا عن التصوير فى الاغانى الشعبية
الحديث دار على خلفية أغنية يانى يانى يانى
استوقفتنا مقطوعة شوفت ديك كان شايل فيل .... وشوفت نمله ديلها طويل
هنا قولتله لو المتنبى ذاته ما كانش عرف يجيب التصوير ده !!!!!! الجملة دى محتاجة كتاب للبلاغة لوحدها .................

قالى............... لكل عصر متنبى يا حودة
ساعتها عرفت بس ان الشعبى ليه مكانه ومكانته

عين فى الجنة said...

اتفق تماما مع محمد نوح ، فعلا تشوهات المجتمع اثرت على الفن بكل اشكاله بطريقة سلبية
وعوضا عن ارتقاء الفن بالحس العام وتذوق الجمال ، هبط ليدغدغ مشاعر المهمشين
وليس فى ذلك اى ادانة للمهمشين ولكنها ادانة لمن يسمون انفسهم فنانين

moe said...

احيلك للمقال الصغير دة عن مفهوم الموسيقي الشعبية في المغرب و مصر,مش كل المعلومات الي فية دقيقة.
http://en.wikipedia.org/wiki/Sha%27abi

بعد خمسين سنة ها يجي ناس زي زكريا ابراهيم دلوقتي و يبقوا "رعاة الفنون الشعبية",ما تنساش ان اغاني الضمة و السمسية مثلا كانت غنا كراخانات و خمارات و محاشش(جمع محششه) مستهجن-او عالاقل مش مستحب من قبل الأفندية,اعتقد الموضوع لة علاقة بصعود طبقة "الافندية" في الستينات.

هل في شعب في الدنيا بيستعر من غنا طبقاتة الدنيا غيرنا احنا و الامريكان؟

عمرو عزت said...

شكرا لاهتمامكم يا أصدقاء
وأعتذر عن تأخري في الرد

محمود/ أطال الله عمره وقرّب منه حلمه

صحيح، في بعض الأغاني الشعبية بلاغة وحكمة وسيريالية مدهشة.

راجي
لنسم ما حدث في المجتمع تغيرات، فهو لم يكن مثاليا ثم تشوه. في كل فترة هناك ما نختلف بشأن صلاحه وفساده وبالتالي جماله أو قبحه.
قد يعتقد واحدأن عملا فنيا ما خالف معاييرا مفضلة عنده ليدغدغ مشاعر المهمشين، ولكن عندما يكون الفنان من هؤلاء المهمشين وهو فنانهم يعبر عن أفكاره ومشاعره- القريبة من مثيلاتها عندهم - يبتغي رضاهم وإعجابهم كأي فنان آخر يواجه جمهورا.. هل يمكن هنا إدانة الفنان ؟
قد لا يعجب البعض منا، ولكن لم الإدانة؟

لونوولف
خطوة عزيزة

لقد كتبت أيضا عن السمسمية من الضمة إلى الشوبش، وتحولاتها كنموذج للفن الشعبي.
http://www.scribd.com/doc/14124247/-

أعتقد الأمر أيضا له علاقة بتقدم وسائل الاتصالات الحديثة والإعلام، مما أدي لنوع من خروح ما على ما يذاع للجمهور من سيطرة "النخب" المختلفة.
قبل ذلك كان ما يحدث في فرح في إمبابة يظل في إمبابة، ولكنه الآن على اليوتيوب !

Egyptian forum said...

مسابقات وجوائز - أخبار التعليم - الاسلام - اخبار مصر - أخبار منوعة - اخبار الفن والفنانين - المنتدى العام - أسئلة وأجوبة - يوتيوب :- YouTube كليبات أغانى عربية - كليبات أغانى اجنبية - فيديو اعلانات افلام - أخبار الرياضة المصرية- مصارعة حرة - " مشجعي النادى الاهلى - مشجعي نادى الزمالك - أفلام - أغانى

Vinny's Digital Emporium said...

Great post!

Unknown said...

I was very happy because I could find this good article
This is one of the best blogs I've found today

Cara Menghilangkan Nyeri Punggung Saat Hamil Cara Menyembuhkan ISK Cara Mengatasi Rasa Nyeri Di Dada Sebelah Kiri Cara Mengatasi Kulit Kering & Bersisik Pada Selangkangan