قبل هذا الوقت بقليل من العام الماضي , كنت قد قررت أن أبحث عن مكان آخر يناسبني علي سطح الأرض
تركت المكتب الهندسي الذي أعمل به , ذهبت عن طريق أحد زملائي في المكتب الي قريبه أسامة عفيفي الكاتب الصحفي بمجلة الموقف العربي
قررت – مؤقتا – أن أترك ورق الكلك و الرسومات الي ورق الدشت و الكلمات
كان أستاذ أسامة مندهشا من المهندس الذي يرغب في أن يعمل صحفيا
فاتحني بمقدمة ملخصها أن الواقع أسود في لون قرن الخروب و أن الصحافة تعيش أسوأ أيامها و باختصار : " مفيش فايدة " , و لكن لم يكن لدي ما أخسره – و لو كان فقد خسرته – و قلت اني احب أن أخوض التجربة بنفسي
بدأت في التدريب ....أجلس علي المكتب الذي أجده خاليا , من الجهة التي أجدها غير مشغولة ...و المكتب صغير و الكراسي خشبية تقليدية و غير مريحة علي الاطلاق , خاصة أني كنت أعاني من مشاكل في الظهر من الانكباب علي الكمبيوتر لعدد غير انساني من الساعات , و لكني كنت مرتاحا جدا , بدرجة لا يمكن أن تتصورها فلن أحاول أن أضيع الوقت في وصفها
ربما يكون مصدر الراحة هو تلك الشرنقة التي كنت أشعر بملمسها حولي و أنا أكتب , فأنا أجد نفسي كما أعتقد أنها يجب أن تكون , فأنا و عملي و الكلمات والأوراق والكتب و الأحداث و الأسماء و الأفكار... كلنا -أو كلي – معا هنا و الآن علي جانب من هذا المكتب الصغير و علي سطح ورقة دشت صغيرة
بمرور الوقت يبدو أني قد بدأت أحوز ثقة الأستاذ أسامة فكان أن نقلني من مرحلة التدريب الي فريق العمل , و في مثل هذا الوقت بالضبط من السنة الماضية كنت أشارك في تغطية مهرجان المسرح التجريبي
كنت اتابع قبلها هذا المهرحان سنويا و أتلذذ بمشاهدة جنون الشباب المسرحيين , كنت أري أشد أحلامي و هلوساتي جنونا علي خشبة المسرح , أستطيع أن أتفهم عدم تعاطف مثقفين( كبار) مع هذه الأشكال الفنية , حتي أستاذ أسامة عفيفي لم يكن من أنصار الاحتفاء الكبير بالمهرجان , لذا فانه رفض اقتراح حماسي مني بعمل ملف مستقل للمهرجان, واكتفي بنشر تقريرين جماعيين للافتتاح و الختام- أدمج داخلهما تحليلاتي (الفذة) للعروض - و بعض الاخبار و التعليقات , كانت قد بلغت الحماسة مني مبلغها فقمت بمشاهدة كل العروض في المسابقة الرسمية و كتبت عن بعض العروض تقريرا منفردا و أضفت أيضا توقعاتي للجوائز, و كأنني مثلا عميد المسرح التجريبي
و بما أن ذلك لم ينشر أستطيع أن أقول- بملء فمي - أن المجلة خسرت كثيرا السبق الذي كنت سأحققه لها اذا كانت قد نشرت توقعاتي
ثم ان المجلة قد خسرت كثيرا أيضا لأنني تعرفت علي رضوي التي كانت ضمن فريق العمل ثم بدا لي أني أحب أن تكون معي في مكان واحد علي هذه الأرض – أيا كان - فقررت أن أخطبها و لما كانت رضوي هي ابنة الأستاذ أسامة عفيفي رئيس القسم فان هذا التكتل العائلي قد أدي بنا الي تغيير أماكننا علي الأرض , فتركت انا و رضوي المجلة اتقاء لشبهة التوريث و حكم العائلة, وقانا الله و إياكم شرهما
الآن رضوي تمارس الترحال الصحفي بحثا عن الاستقرار و أنا عدت مهندسا و أكتب كلما بدا لي ذلك حسنا و أنشر كلما بدا ذلك - لي و لهم- صالحا للنشر
الأن انا أبحث أيضا عن مكان علي الأرض , لكي نتزوج فيه أنا و رضوي
و أقوم بتغطية مهرجان أكثر عبثية – و ان كان أقل امتاعا – من التجريبي
مهرجان البحث عن شقة
أذهب الي مكاتب السماسرة الجدد, أصحاب الفكر الجديد و الاسم الجديد " أصحاب مكاتب عقارات " , أجلس في الاستقبال امام السكرتيرة , ادفع رسوم التعاقد – بدون استلام وصل - و أوقع علي ورقة صياغتها مبتذلة تضمن للدكتور السمسار نسبته (سمسرته) ثم أحظي بشرف مقابلة سيادته , يخرج لي ملفا ناصعا , يحكي لي قصصا عن شقق كاملة الأوصاف ومناسبة الأسعار .. أقوم باختيار ما بدا لي ثم انتظر بضعة أيام ليقوم السيد السفير بتحديد موعد مناسب لنري هذه الأحلام
و في الموعد المحدد أري أماكن علي الأرض إما يأنف الآدميون سكناها أو لا يستطيع سوي " أولاد الناس التانيين " علي ثمنها
نقوم بالترحال السريع فيما بين هذه الأماكن – ألهث و أنا أحاسب سائق التاكسي الذي يستغل الفرصة و يستغلني – ألهث و أنا أحاول اللحاق بالسيد السمسار الذي سبقنا عدوا لكي يلقي نظرة علي المكان لانه يراه لاول مرة مثلنا – أعود و أنزل لاهثا علي السلم لألحق به و هو يعدو أمامنا لان (زبونا ) آخر , تم (تثبيته) في المكتب يوقع علي الورقة اياها ليأخذ دوره
بعد التكرار الممل لهذا المشهد علي مسارح مختلفة أبدأ في تصديق مقولة أبي :" طبعا لازم يكونوا كذابين ....أمال ربنا خلقهم سماسرة ليه ؟ "
رؤية جبرية عنصرية . لكن أقسم بالله الذي خلق كل هؤلاء السماسرة الذين رأيتهم ان الأمر كذلك بالفعل
أصبحت فلسفتي في البحث عن شقة هي " أين الخازوق ؟" ...الخازوق هنا استعارة تصريحية للعيب الخطير الذي يخبئه لك القدرداخل الشقة ....لا يمكن ألا تجده في مكان ما هنا أو هناك , خاصة اذا كان ما معك من نقود مثل ما معي ...أذهب لاري الشقة مساءا فيبادرني "زملائي في العمل صباحا :" ها ..كان فين الخازوق ؟
حتي جريدة الوسيط أصبح قسم العقارات فيها ينافس" مايو" و" روزاليوسف" اليومية ...من الصعب ان تجد فيهم جميعا شيئا صادقا ....و لكن مؤكد أنك ستعثر علي الخازوق
هذا المهرجان الهزلي استمر معي طويلا لانني شخص مزاجي أحب أن أسكن في مكان يبدو لي أني سأحبه
كما أن خطيبتي مجنونة أساسا و تريد ان يكون هناك شجرة بجوار البلكونة
و لكن الحمد لله بدات أشعر أن كل الخوازيق قد نفذت من ذخيرة الأقدار و حانت لحظة اسدال الستار , و بدأت أستلطف شقة بدا لي أنها ستكون مكاني علي الأرض لفترة ما... أو للأبد- و هذا أفضل من البحث ثانية – يبقي فقط أن يرضي عنها " عمي " أستاذ أسامة و ألا يرفضها مثل توقعاتي لجوائز التجريبي
تركت المكتب الهندسي الذي أعمل به , ذهبت عن طريق أحد زملائي في المكتب الي قريبه أسامة عفيفي الكاتب الصحفي بمجلة الموقف العربي
قررت – مؤقتا – أن أترك ورق الكلك و الرسومات الي ورق الدشت و الكلمات
كان أستاذ أسامة مندهشا من المهندس الذي يرغب في أن يعمل صحفيا
فاتحني بمقدمة ملخصها أن الواقع أسود في لون قرن الخروب و أن الصحافة تعيش أسوأ أيامها و باختصار : " مفيش فايدة " , و لكن لم يكن لدي ما أخسره – و لو كان فقد خسرته – و قلت اني احب أن أخوض التجربة بنفسي
بدأت في التدريب ....أجلس علي المكتب الذي أجده خاليا , من الجهة التي أجدها غير مشغولة ...و المكتب صغير و الكراسي خشبية تقليدية و غير مريحة علي الاطلاق , خاصة أني كنت أعاني من مشاكل في الظهر من الانكباب علي الكمبيوتر لعدد غير انساني من الساعات , و لكني كنت مرتاحا جدا , بدرجة لا يمكن أن تتصورها فلن أحاول أن أضيع الوقت في وصفها
ربما يكون مصدر الراحة هو تلك الشرنقة التي كنت أشعر بملمسها حولي و أنا أكتب , فأنا أجد نفسي كما أعتقد أنها يجب أن تكون , فأنا و عملي و الكلمات والأوراق والكتب و الأحداث و الأسماء و الأفكار... كلنا -أو كلي – معا هنا و الآن علي جانب من هذا المكتب الصغير و علي سطح ورقة دشت صغيرة
بمرور الوقت يبدو أني قد بدأت أحوز ثقة الأستاذ أسامة فكان أن نقلني من مرحلة التدريب الي فريق العمل , و في مثل هذا الوقت بالضبط من السنة الماضية كنت أشارك في تغطية مهرجان المسرح التجريبي
كنت اتابع قبلها هذا المهرحان سنويا و أتلذذ بمشاهدة جنون الشباب المسرحيين , كنت أري أشد أحلامي و هلوساتي جنونا علي خشبة المسرح , أستطيع أن أتفهم عدم تعاطف مثقفين( كبار) مع هذه الأشكال الفنية , حتي أستاذ أسامة عفيفي لم يكن من أنصار الاحتفاء الكبير بالمهرجان , لذا فانه رفض اقتراح حماسي مني بعمل ملف مستقل للمهرجان, واكتفي بنشر تقريرين جماعيين للافتتاح و الختام- أدمج داخلهما تحليلاتي (الفذة) للعروض - و بعض الاخبار و التعليقات , كانت قد بلغت الحماسة مني مبلغها فقمت بمشاهدة كل العروض في المسابقة الرسمية و كتبت عن بعض العروض تقريرا منفردا و أضفت أيضا توقعاتي للجوائز, و كأنني مثلا عميد المسرح التجريبي
و بما أن ذلك لم ينشر أستطيع أن أقول- بملء فمي - أن المجلة خسرت كثيرا السبق الذي كنت سأحققه لها اذا كانت قد نشرت توقعاتي
ثم ان المجلة قد خسرت كثيرا أيضا لأنني تعرفت علي رضوي التي كانت ضمن فريق العمل ثم بدا لي أني أحب أن تكون معي في مكان واحد علي هذه الأرض – أيا كان - فقررت أن أخطبها و لما كانت رضوي هي ابنة الأستاذ أسامة عفيفي رئيس القسم فان هذا التكتل العائلي قد أدي بنا الي تغيير أماكننا علي الأرض , فتركت انا و رضوي المجلة اتقاء لشبهة التوريث و حكم العائلة, وقانا الله و إياكم شرهما
الآن رضوي تمارس الترحال الصحفي بحثا عن الاستقرار و أنا عدت مهندسا و أكتب كلما بدا لي ذلك حسنا و أنشر كلما بدا ذلك - لي و لهم- صالحا للنشر
الأن انا أبحث أيضا عن مكان علي الأرض , لكي نتزوج فيه أنا و رضوي
و أقوم بتغطية مهرجان أكثر عبثية – و ان كان أقل امتاعا – من التجريبي
مهرجان البحث عن شقة
أذهب الي مكاتب السماسرة الجدد, أصحاب الفكر الجديد و الاسم الجديد " أصحاب مكاتب عقارات " , أجلس في الاستقبال امام السكرتيرة , ادفع رسوم التعاقد – بدون استلام وصل - و أوقع علي ورقة صياغتها مبتذلة تضمن للدكتور السمسار نسبته (سمسرته) ثم أحظي بشرف مقابلة سيادته , يخرج لي ملفا ناصعا , يحكي لي قصصا عن شقق كاملة الأوصاف ومناسبة الأسعار .. أقوم باختيار ما بدا لي ثم انتظر بضعة أيام ليقوم السيد السفير بتحديد موعد مناسب لنري هذه الأحلام
و في الموعد المحدد أري أماكن علي الأرض إما يأنف الآدميون سكناها أو لا يستطيع سوي " أولاد الناس التانيين " علي ثمنها
نقوم بالترحال السريع فيما بين هذه الأماكن – ألهث و أنا أحاسب سائق التاكسي الذي يستغل الفرصة و يستغلني – ألهث و أنا أحاول اللحاق بالسيد السمسار الذي سبقنا عدوا لكي يلقي نظرة علي المكان لانه يراه لاول مرة مثلنا – أعود و أنزل لاهثا علي السلم لألحق به و هو يعدو أمامنا لان (زبونا ) آخر , تم (تثبيته) في المكتب يوقع علي الورقة اياها ليأخذ دوره
بعد التكرار الممل لهذا المشهد علي مسارح مختلفة أبدأ في تصديق مقولة أبي :" طبعا لازم يكونوا كذابين ....أمال ربنا خلقهم سماسرة ليه ؟ "
رؤية جبرية عنصرية . لكن أقسم بالله الذي خلق كل هؤلاء السماسرة الذين رأيتهم ان الأمر كذلك بالفعل
أصبحت فلسفتي في البحث عن شقة هي " أين الخازوق ؟" ...الخازوق هنا استعارة تصريحية للعيب الخطير الذي يخبئه لك القدرداخل الشقة ....لا يمكن ألا تجده في مكان ما هنا أو هناك , خاصة اذا كان ما معك من نقود مثل ما معي ...أذهب لاري الشقة مساءا فيبادرني "زملائي في العمل صباحا :" ها ..كان فين الخازوق ؟
حتي جريدة الوسيط أصبح قسم العقارات فيها ينافس" مايو" و" روزاليوسف" اليومية ...من الصعب ان تجد فيهم جميعا شيئا صادقا ....و لكن مؤكد أنك ستعثر علي الخازوق
هذا المهرجان الهزلي استمر معي طويلا لانني شخص مزاجي أحب أن أسكن في مكان يبدو لي أني سأحبه
كما أن خطيبتي مجنونة أساسا و تريد ان يكون هناك شجرة بجوار البلكونة
و لكن الحمد لله بدات أشعر أن كل الخوازيق قد نفذت من ذخيرة الأقدار و حانت لحظة اسدال الستار , و بدأت أستلطف شقة بدا لي أنها ستكون مكاني علي الأرض لفترة ما... أو للأبد- و هذا أفضل من البحث ثانية – يبقي فقط أن يرضي عنها " عمي " أستاذ أسامة و ألا يرفضها مثل توقعاتي لجوائز التجريبي
1 comment:
Keep up the good work valtrex vs acyclovir Acura+mdx acyclovir Long buspar buy zovirax acyclovir Part time jobs at call center
Post a Comment