02 December 2009

ابقى راضيني


بينما كنت أتمنى أن ينقضي سريعا كابوس وجودي في الشارع في يوم عيد ما، قبل عدة سنوات، وأنا محشور في ميكروباص محشور في إشارة على الكورنيش، استمعت لأول مرة إلى أغنية "دنجا دنجا" أو "سوق بينا يا إسطى على الكورنيش ناكل درة ونشرب مانجه".
بخلاف أن لحنها كان جميلا ببساطة، فالكلمات التي تتغنى بلحظة الفسحة على الكرونيش جعلت من ضوضاء الزحام خلفية متوقعة ومتناغمة. لكن صوت المطرب أو المطربة - لم أستطع أن أحدد- كان غامضا بعض الشيء وكأنه محشور أيضا وسط الأغنية أو هكذا شعرت.




فيما بعد، وبعد أن تكرر إعجابي واستمتاعي بها، وفي الغالب كانت أيام أعياد أو مناسبات نشاط الكورنيش، بحثت عن الأغنية لأعرف أنها كات في ألبوم "هاي كواليتي 7" وأن اسم المطرب أو المطربة هو "روح الفؤاد".
لا يهم، حصلت على الأغنية من موقع ما وأصبحت أستمع إليها أحيانا. وبعد فترة ضاعت الأغنية مني وسط زحام الملفات، ثم جدد عيد ما علاقتي بها فبحثت عنها مرة أخرى فكان أن وقعت على صفحة في منتدى "سماعي" مخصصة للفنانة روح الفؤاد تقول أنها مطربة اسكندرانية وأن لها اسطوانتين سجلتا وطبعتا في ألمانيا إحداهما بعنوان "دنجا دنجا" وقام بتوزيع الأغاني لها الموسيقار هاني مهنا الذي كان منتج الاسطوانتين.
حصلت من "سماعي" على التسجيل الأصلي لأغنية "دنجا دنجا" والذي ظهر فيه بهاء صوت روح الفؤاد، وأمتعني التوزيع الذي جعل الإيقاع أقرب لخطوات مسرعة لخيل الحناطير، لا يمكن أن أتخيل ان الأسطى في الأغنية هو سائق أي شيء آخر إلا حنطور.

قبل هذا العيد تذكرت الأغنية عندما انطلقت من كاسيت التاكسي الذي كان سائقه يقلب في محتويات مشغل أغاني إلكترونية ويبدو أنه ليس ملكه، لأنه بعد انتهاء الموال ضحك ساخرا من أن تقول أغنية "ناكل درة ونشرب مانجه" وقال إنها كانت من أوائل الأغاني الهابطة. سألته عن المشكلة تحديدا في أن نغني للفسحة على الكورنيش وأكل الذرة وشرب المانجو وعما يقصده بالأغنية الهابطة. نظر لي مستغربا وبدأ يشرح أن الأغاني الهابطة هي أغاني الهيصة والأفراح والأعياد والرقص، لكن "الأغاني الحقيقية" هي أغاني أم كلثوم وعبد الحليم. وعندما سألته ماذا يحب أن يسمع في الأفراح والأعياد التفت بسرعة ضاحكا: "الأغاني الهابطة طبعا !".
ضحكت وقلت له أن هناك مقطعا في الأغنية أحب أن يسمعه معظم المصريين الذين يفتقرون الآن للطف والذوق - الخاليين من المصلحة - وأخص بالذكر "المتجاهلين" من سائقي التاكسي. انتظرنا إلى نهاية الأغنية ولكني انتبهت إلى أن بعض كوبليهات الأغنية غير موجودة في نسخة هاي كواليتي وفيها الجزء المفضل عندي الذي أقصده: "لما أندهك ابقى راضيني، وتقول لي حاضر وآديني".
أخبرته بذلك فضحك: "مالكش نصيب بقى تقول حاجة!" ابتسمت قائلا له: "طب مشّي واحدة واحدة.. مشينا دنجا دنجا".