17 April 2008

مارسيل خليفة في الأوبرا

القليل من الحماسة .. الكثير من التفاصيل


بكوفية زرقاء سماوية بدلا من الحمراء القديمة، غني مارسيل خليفة قليلا وعزف كثيرا مع فرقته المصغرة في حفله ـ أمس الأول ـ بالمسرح الكبير بالأوبرا احتفالا بالذكري الثلاثين لتأسيس جريدة «الأهالي» .
لم يستجب مارسيل لطلبات الجمهور المتحمس بغناء الكثير
من أغانيه الأولي النضالية والوطنية ذات النفس اليساري . وأكثر من عزف مقطوعات موسيقية من أسطوانته الأخيرة«تقاسيم»، وفي الأغاني القليلة لجأ إلي التنويع اللحني والارتجال الممعن في التفاصيل ليتكيء أكثر علي تعبير الموسيقي ويبتعد مسافة عن الكلام .
الجمهور، الذي كان أغلبه من أطياف
اليسار المصري وما حوله، كان علي موعد مع مارسيل بعد أيام حافلة بالحماس وتفاصيل غائمة، وربما ردته رسالة مارسيل إلي الإمعان في التفاصيل بعض الشيء والحذر من سطوة الحماس و الآمال الكبيرة .
ارتفعت صيحة مستمع
متحمس: "أغنية للمحلة يا مارسيل ! ". لكنه واصل مقطوعاته الموسيقية الصامتة. وفي الختام لم يشأ أن يخيب تماما ظن جمهوره.. فغني علي إيقاع أكفهم التي انتظرت طويلا :" شدوا الهمة .. الهمة قوية "



12 April 2008

آمال صعلوك


افلت زمام آمالك .. بلاك تيما

الأغنية من كلمات الشاعر الصعلوك رامي يحيى المعتقل يوم 6 إبريل من ميدان التحرير. لأنه, كعادته و بشهادة شهود عيان, كان يريد نفخ بالونة !





06 April 2008

صباح الإضراب

الساعة الثامنة و النصف صباحا : موقف ميكروباصات التحرير من شارع الوحدة بإمبابة خال تماما من السيارات و الركاب .
في هذا الوقت يكون هذا المكان عادة خلية نحل و ساحة لصراعات القوة و الخفة للحاق بمكان في الميكروباصات.
الشوارع تبدو كصباح الجمعة أو أكثر هدوءا .
بعض تلاميذ المدارس الحكومية " المزوغين " يمزحون بترديد هتافات مثل : غلوا السكر .. غلوا الزيت ! و هم يلعبون حول سور مجمع المدارس البائس بأرض الجمعية .
يبدو كصباح إضراب حقيقي !




اكتبوا يومياتكم عن الإضراب و شاركوا في تغطية أحداث اليوم .

05 April 2008

شارك في تغطية إضراب 6 إبريل

شارك في تغطية الإضراب و أبلغ بأي أخبار للخط الساخن :
0118361000
أرسل أخبار أو صور أو فيديو أو روابط لأخبار و تدوينات عن الإضراب إلى :
6april08@gmail.com

تابعوا مجمع أخبار الإضراب هناك


03 April 2008

رقصة مختلفة على مسرح مختلف

عن نقد أدب المدونات و المدونات الأدبية


"مدونة الشروق " : كلمتان في مستطيل صغير في أعلى يسار أغلفة الكتب الثلاثة " أرز باللبن لشخصين " لرحاب بسام و " أما هذه فرقصتي أنا " لغادة محمود و" عايزة أتجوز " لغادة عبد العال, استثمرتا ثلاثة أعوام من الجدل حول " التدوين" و " المدونات " و " المدونين ".

بهاتين الكلمتين و بحنكة صانعي الكتب, وضعت " دار الشروق" بين أيدي قطاع أوسع من الجمهور ما أوسعته كل وسائل الإعلام تغطية و تحليلا و جدلا, محاباة أو معاداة .

وقفت التجربة فوق جبل عال من الكلام عن " ظاهرة التدوين ", و في نفس الوقت تجنبت كل ما يمكن أن يثير القلق وهي تنقل مختاراتها من الفضاء المتحرر من كل القيود إلى أيدي جمهور لا يمنعه فضوله نحو ما يتجاوز المحظور من أن يكون أغلبه أكثر محافظة من الرقابة الرسمية أو التي تبتز الرسمية مزايدة ً.

المدونات المختارة بعيدة عن السياسة بمعناها المباشر,و هي أبعد عن جدل تجاوز الخطوط الحمراء موضوعا أو أسلوبا. و لكن أنماط الكتابة في الكتب الثلاثة التي اشتركت في طابع اليوميات الذاتية و تنوعت بين أشكال مقاربة للقصة القصيرة أو المقال الساخر أو السيناريو.. أنعشت جدلا آخر حول جدوى نقل كتابة, ارتبطت بوسيط الإنترنت و فضاء المدونات, إلى وسيط الورق و عالم الكتب.. و حول إطلاق مسمى " الأدب " على هذه الكتابة.

ساحة جديدة

يقول القدماء " لا مشاحة – أي لا مشكلة – في الاصطلاح " , و ما وراء قولهم هذا أن المشاكل لا تنتهي بسبب الاصطلاح . أو تحديدا بسبب التعامل مع المصطلح بدون استحضار عملية " الاصطلاح" نفسها و وظيفتها.

و مصطلح " التدوين " لا يمكن أن يكون صالحا إلا للتعبير عما يجمع أشتاتا متنوعة لا نهائية الأنماط من الكتابة التي يضمها وسيط " مدونات الإنترنت " . ربما كان من صمم القوالب الأشهر المتاحة مجانا على الشبكة قد أعدها لتشبه دفتر يوميات مرتب حسب تاريخ الكتابة . و لكن هذه القوالب و غيرها قد استخدمت في طيف واسع من الاستخدامات يتنوع بين تسجيل اليوميات الشخصية الحميمة, و بين نشر صور و قصص و أشعار و ربما روايات و مقالات و دراسات و لا ينتهي بنشر البيانات السياسية لحركات و تجمعات .

أغلب الحديث عن " التدوين " هو تعميم مخل إلا فيما يتعلق بالوسيط و ما يتعلق به, مثل كونه أداة مجانية و متاحة لمستخدم الإنترنت العادي يمكن له أن ينشر فيها ما يشاء بلا رقابة ,و يمكنه أن يسمح بإمكانية تعليق القراء بالضوابط التي يحددها صاحب المدونة, و لكن عليه أن يتحمل تبعاتها في ظل وجوده داخل شبكة من المدونات التي تشكل مجتمعا من الكتاب و القراء بالتبادل .

و مثلما تم استخدام مصطلح " التدوين " في أحكام تعميمية مخلة فيما يخص السياسة, وكان يمكن أن تقرأ في صحف ذات مصداقية أن " المدونين المصريين " يقولون كذا أو يفعلون كذا ! .. فقد استخدم مصطلح "المدونات الأدبية " لإصدار أحكام ليست أكثر إحكاما و لا أقل تعميمية, و هذه الأحكام كانت في انتظار " المدونات الثلاث " التي أصبحت كتبا.

ملامح مشتركة

لا مجال إذن, و لا هو من الإنصاف, إصدار أحكام تخص ثلاثتهن إلا فيما يتعلق بالسمات التي تخص المدونات جميعها أو السمات المشتركة التي جعلت إصدارها في كتب ممكنا . فمدونات الكاتبات الثلاث تتميز بنوع من وحدة الموضوع و الأسلوب يناسب عمل كتاب من مختارات منها . فضاء المدونات لا يتسم فقط بتنوع موضوع كل مدونة, بل بتنوع موضوعات و أساليب المدونة الواحدة, فلا يجمعها معا إلا ذات المدون . و لكن مدونتي " حدوتة " لرحاب بسام و " مع نفسي " لغادة محمود تتمتعان بوحدة و تقارب في الأسلوب و الموضوع , فكلاهما لا تبتعد عن طابع اليوميات مكتوبة بلغة أدبية أو قطع أدبية تتخذ من اليوميات موضوعها , أما مدونة " عايزة أتجوز" فهي مخصصة بالكامل لموضوع الزواج و ترتيباته و تقاليده بأسلوب الحكي الساخر ليوميات متخيلة أو حقيقية أو مزيج منهما .

رغم الوحدة النسبية للطابع و الأسلوب لكل مدونة , يبدو ظاهرا أيضا تفاوت إحكام و جودة النصوص في المدونة الواحدة ثم في الكتاب الواحد, فنصوص المدونة تكتب و تنشر منفردة, كل منها يظهر فيه روح مختلفة و حساسية جمالية مختلفة, كل منها يصح أن يكون " نصا " مستقلا, و هو ينشر في الأصل كـ" تدوينة " مستقلة عما قبلها و بعدها . كما أن النصوص المنشورة لم تخضع للتحرير قبل نشرها في كتب إلا في نطاق محدود للغاية لا يتجاوز إضافة هوامش توضيحية قليلة .

يمكن أن نلحظ أيضا أن البساطة هي سمة أسلوبهن جميعا, غادة عبد العال لا تستخدم إلا العامية , رحاب بسام و غادة محمود تستخدمان الفصحى البسيطة القريبة و أحيانا العامية . كما أن ما يكتبن عنه هو أقرب للحياة اليومية للعديد من القراء من الطبقة الوسطى بالأساس , من كتابات شابة أخرى تعبر عن حياة هامشية و متمردة ومختلفة و بعيدة .

رقصات مختلفة

و لكن البساطة و القرب لا يعنيان النمطية, و إلا ما كان لكل كاتبة منهن جمهورها على الإنترنت, الذي لاشك وجد شيئا مختلفا .

فـغادة عبد العال تتميز بحس ساخر و خفة ظل و حكي سلس, تناقش بملاحظة ثاقبة مشاكل البنات الاجتماعية و تنقد التقاليد نقدا لاذعا بدون أن تعلو منصة "نسوية", فتشعر قارئاتها خصوصا بالألفة و تكتسب ثقتهن . لا تبارح ذهنك صور نصوصها التي تصلح مادة لسيناريوهات كوميدية رائعة .

غادة محمود تمتلك حسا مرهفا تعيد من خلاله رسم يومياتها كلوحات حالمة, و تتجاوز حواجز الواقع البارد أو القاسي عبر كلماتها المحلقة التي تتشبث بالتفاصيل الحميمة لتصنع عالما أكثر دفئا و حميمية , و لكنها تجعله أكثر تحليقا و غموضا وهي تتحدث عن حبيبها , و لا تفصح أكثر إلا بعد أن يصبح زوجها . ترقص رقصتها الخاصة بينها و بين نفسها و مع شريكها و لا تجد مشكلة في محافظتها بينها و بيننا على غطاء رأسها , و لكنها تعبر - في نص لم ينشر في الكتاب - عن حبها للخصلة التي تشرد و تخرج من إطار الإيشارب و تذكرها أنها لا زالت موجودة !

رحاب بسام تصنع صفقة بين يومياتها و الأدب عبر " الحدوتة ", تمتلك مقدرة سردية و روائية لافتة , تلون من خلالها الأشياء بألوان زاهية و مبهجة , تتأمل حياتها و تتفلسف عبر تفاصيل عالم الأطفال : مراوحة المرجيحة و المقارنة بين الآيس كريم و الحب , أو عبر تفاصيل "بناتي" مثل ما يبدو و كأنه طريقة لتحضير الأرز باللبن لشخصين .

في نصوصها تحيا -أو تحيا شخوصها- حياة بسيطة للغاية و في الوقت نفسه تحافظ على أفكارها حرة و وحشية . لا تتنازل في حواديتها عن طلب كلا من " جمال الدنيا و حقيقة الأشياء ".. هي تريدهما معا و تحتفظ في حقيبتها بملصق ملون عليه وصية من صديقة : " لا تكبري أبدا ".. و تبدو الكتابة بالنسبة لرحاب تمسكا الوصية .

على مسرح مختلف

لا تخفي الكاتبات في حواراتهن نواياهن ومشروعاتهن الأدبية, التي يتحمس لها البعض و يتحفظ البعض الآخر . و لكن لا يمكن بحال محاكمة كتبهن بالاحتكام إلى القوالب الأدبية المعروفة , فكتبهن من نوع مختلف يمكن تشبيهه بالكتب التي تجمع مقالات صحفية, لا يمكن الحكم عليها إلا بتخيلها في وسيطها الأساسي . و لكنها هذه المرة تجمع ما يسميه أكثر المدونين بـ " التدوينات " المفردة, و يكون من غير المناسب محاولة مقارنتها بالنصوص الأدبية التي تم كتابتها لتنشر متجانسة بين دفتي كتاب .

لا يحتاج الأمر فحسب لحساسية مختلفة للتعامل مع هذه النصوص, بل ربما يحتاج لنظرة جديدة و أدوات جديدة و ربما نقاد جدد يتفاعلون مع ما يكتب على المدونات في سياقه و وفق إيقاعه, و يتذوقون كيف يبني صاحب المدونة سياقا يتعلق بشخصه و أفكاره و مشاعره, يشكل خلفية لنصوصه المفردة " التدوينات " لتعطي مذاقا جماليا مختلفا لا يتوفر لقراءة النص منتزعا من هذا السياق.

ربما من هذه الزاوية يمكن التحفظ على بعض ما يخص " الكتب " لا النصوص , و تحديدا عملية النقل نفسها من وسيط لآخر . ففي كتابي رحاب بسام و غادة محمود تم استبعاد النصوص الأكثر تفاعلا مع اليومي من فاعليات و أحداث, أو تفاعلا و تناصا مع وسط المدونات نفسه عبر روابط لمدونات و كتابات آخرين , و هو ما كان كفيلا, بعد تجاوز عوائق الوسيط عبر الهوامش و الإشارات مثلا بإبراز جانب أكبر من جمالية كتابة نوع من المدونات. كما قد يربك القاريء عدم الإشارة لكون نص مثل " عالم صغير " في كتاب رحاب بسام , قد كتب كقصة قصيرة . فالكاتبة قد كتبته بضمير المتكلم و لكنه يعطي انطباعا مختلفا عن باقي النصوص التي تبدو متسقة في دورانها حول حياة الكاتبة . كما يمكن التنبه أن وجود تاريخ النص أو " التدوينة " ضروري أحيانا لنفهم متى تحديدا و لماذا كتبت رحاب أنها وضعت قطعة من علم مصر بدلا من قطعة من الحطة الفلسطينية في محفظتها . كما يمكن أن يكون التاريخ دالا مهما و خلفية لإشارة رحاب عن حادثة تحرش جنسي أو حديثها عن كيف يبايعون الرئيس في شارعها . ربما كان ذلك قريبا للذاكرة الآن و لكن لن يكون كذلك بعد فترة. النص على المدونة هنا يحتفظ بسياقه الذي يفتقده النص في الكتاب .

بخلاف ما سبق, فقد اتخذ بعض النقاد المرموقين مدخلا لنقد الكتب الثلاث من السؤال : هل تمثل هذه النصوص أدبا ؟ هذا يعيدنا لمشكلة الاصطلاح, و لكن إلى مصطلح " الأدب " هذه المرة . سؤال " ما الأدب ؟" الوجودي لا يقدم إجابات باستثناء التي تقدمها محاولة للاقتراب و تأمل جماليات " إبداع أدبي ما " و الوقوف علي وسائلها , و لكن العبث نفسه هو محاولة وضع الحدود و المعايير التي تسعي لتقييم إبداع آخر مغاير.

النزاع حول مفهوم " الأدب " يمثل باستمرار نزاع بين حساسيات و معايير مختلفة . و لا يحدث هذا النزاع إلا في حالة النجاح الجماهيري الكبير لكتابة ما تعتبرها " جماعة الأدب " – أي أكثر الأدباء و الناشرين و النقاد و الصحفيين - مخالفة لمعاييرها , أو بعد انشقاق في " جماعة الأدب " حول موضوع ما , قصيدة النثر مثلا .

المفارقة هنا أن حماس الكثير من المدونين للنشر الورقي, ليس فقط من أجل الوصول لشرائح أوسع أو أكثر تنوعا من القراء . فعدد زوار مدونة من المدونات المشهورة في أسبوع ربما يفوق عدد نسخ طبعة أو طبعتين من رواية أو ديوان , و الزوار متنوعون تنوع مستخدمي الإنترنت, وهم من كل قراء العربية في كل مكان و ليس في مصر وحدها ... المفارقة أن حماسهم في الغالب هو لنيل رضا " جماعة الأدب " و الدخول فيها, فلفظ "مدون " لا زال يحمل ظلالا مراهقة و نزقة و تشي بطابع الهواية لا الاحتراف, بينما يطمع الشاب " المدون "- طمعا مشروعا بالطبع - في أن يتم تقديمه كشاعر أو روائي أو قاص .

الخوف من الارتجال

كم هو محبط إذن, أن يتخذ بعض النقاد و الأدباء من " جماعة الأدب " المرموقين موقفا عنيفا لا من تجربة الكتب الثلاثة وحدها , و لكن مما يسمونه " المدونات الأدبية " أو " الأدب في المدونات " . و ربما كان موقف الناقد د. محمد عبد المطلب هو الأكثر عنفا على الإطلاق, حين يصرح للأهرام العربي – في التحقيق الذي أجراه مصطفى عبادة - بأن " هذه المدونات‏,‏ وما يكتب فيها وعنها‏,‏ هو تزييف لعملية الإبداع الحقيقية " و رغم قوله أن ما قرأه منها قليل إلا إنه يعتقد أن " أصحابها ليسوا موهوبين‏,‏ وإنما لديهم وسيلة سهلة للنشر‏,‏ وهي وسيلة بلا رقابة وبلا متابعة نقدية أو تقديم حقيقي لها‏,‏ ومن ثم فإنها تنطلق إلي آفاق تعرض الإبداع الحقيقي للخطر‏,‏ نتيجة لسهولة الوصول إليها‏,‏ دون تكلفة مالية‏,‏ وتكمن خطورتها في تحولها من الشبكة العنكبوتية إلي الكتاب المطبوع "

بل يصل الحكم إلى المدونات في عمومها فيقول أن " هذه المدونات وراءها وسائل للإنفاق عليها‏,‏ وهي وسائل وأموال مشبوهة إلي حد كبير جدا " ! و الفقرات بين المزدوجتين حرفيا من نص التحقيق . و هي تكشف عن صورة سلبية للغاية لوسيط " المدونات " نفسه, بما يحول دون تفهم الكتابة المختلفة المرتبطة بهذا الوسيط . و التهمة التي من المفترض أن يحتكرها حصرا الإعلام الحكومي و التي تتعلق بالتمويل المشبوه , تنقض نفسها في فقرة أخرى عندما يقول أن هذه الوسيلة "دون تكلفة مالية " , و هذه فعلا هي الحقيقة البسيطة فالمدونات متوفرة مجانا عبر خدمات تستفيد من عدد مستخدميها و زوارها عبر الإعلانات مثل كل وسائل الإعلام .

كما أني أعيذ الناقد الكبير أن ينطلق من هذه الصورة للمدونات, إلي التعميم فيما يخص " موهبة أصحاب المدونات " أو الحديث عن " ما يكتب في هذه المدونات " و هو ما يشبه الحديث عن " ما يكتب في الورق "!

و ربما يغيب عن هذا التعميم أن العديد من الأدباء الشباب و بعض الكبار لهم الآن مدونات ينشرون فيها كتابتهم و يجربون فيها أشكالا مختلفة من الكتابة . كما أن " موهبة أصحاب المدونات " قد نالت حفاوة نقدية في كتب أخرى نشرت في دور مختلفة بعد نشرها على الإنترنت . مثل " شغل كايرو" لمحمود عزت عن "ميريت" , و "روجرز " لأحمد ناجي و " أسباب وجيهة للفرح " لعمر مصطفى عن "ملامح" , و " ديكورات بسيطة " لأحمد الفخراني عن " أكتب " . النماذج السابقة كلها رغم أنها نشرت أولا على الإنترنت و في مدونات إلا إن ما يجمعها أن معظمها كان شعرا, و هو ما يمكن التعامل مع كل نص منه بشكل مستقل و الرواية الوحيدة "روجرز" كانت منشورة بشكل مستقل عن مدونة صاحبها رغم أن كاتبها ضمنها بعضا من "التدوينات" .

في نقد الكتب المذكورة وغيرها, لم يتم التطرق لـ " موهبة أصحاب المدونات " لأن دور النشر لم تشر لهذا بشكل واضح , أو لأن النصوص استقرت في قوالب أدبية قريبة من " جماعة الأدب " أو بعضا منها . و يبدو أن المشكلة هي في الحاجة للتعامل مع الوسيط الجديد وسياقه و نصوصه المرتبطة به . أو أنها في التخوف من تحرر هذا الوسيط الذي يوصف بأنه " بلا رقابة و لا متابعة نقدية و لا تقديم حقيقي " و هذا صحيح . و يحق لمن يخاف من هذا أن يخاف, و يحق لمن يتفاءل أن يتفاءل. فحرية الكاتب في الالتقاء بجمهوره تزداد, و سلطة الناشر و الناقد تخفت. الرقابة تختفي, ولكن التقديم و المتابعة النقدية يمكن أن يستمرا و يصحبا الإبداع في فضائه الحر إن أصبحا أصدقاء للقاريء الحر, لا أذرعا لسلطة النشر أو سلطة إلقاء الأضواء الإعلامية .

قد يبدو المشهد مختلفا بعد سنين. قد لا يروق للبعض , و لكن لا أعتقد أن كثيرين آخرين يضرهم أن تكون عملية الإبداع – أو أشكال منها - كتحضير أرز باللبن لشخصين فقط , كاتب و قاريء , و قد يتبادلان الأدوار- ولكن لا وجود لعاذل أو طرف ثالث متدخل بأي شكل - يقدم أحدهما ما يحب كما يحب هو أو كما يحب الطرف الثاني أو كلاهما . و يتذوقاه معا فيستمتعا لأن المذاق جميل بالنسبة لهما, و على الأرجح لا ينفصل جماله عن نوع ألفة و قرب تنشأ بينهما .



- الصورة من اليمين لغادة محمود و رحاب بسام و غادة عبد العال في حفل توقيع بمعرض القاهرة الكتاب 2008 - تصوير دينا الهواري
- نشر في البديل 03-04-2008