30 September 2005

باطل



الثلاثاء : 27-9-2005

كنت في حاجة ماسة الي كوب شاي بعد الوجبة " المحترمة " التي تناولتها في المكتب لتقيم صلبي في هذا اليوم تحسبا لأية مواجهات ربما تتطلب ركضا سريعا اذا تطور الأمر
رضوي أيضا كانت بحاجة لفنجان قهوة سادة ...كان أمامنا خمس دقائق قبل أن تحين السادسة و تبدأ المظاهرة

و لكن البالونات الصفراء التي لاحت لنا و نحن نقطع شارع محمود بسيوني جعلتنا - بعد ان نظرنا في ساعاتنا - نغير الخطط المزاجية و نتوجه الي ميدان طلعت حرب لنبدأ في التجمع مبكرا
منظر البالونات مبهج جدا ..جعلني أنسي النبوءة الساخرة لأحد الأصدقاء : خلاص هايرمي اليمين ..و هايدخلكوا بيت الطاعة النهادرة
لم أكن متأكدا مما سيحدث اليوم ...في هذا البلد تسير الأمور علي غير هدي ...ربنا يستر
و لكن الأمور كانت تبدو علي ما يرام ...البالونات تحلق ...متجمعون في وسط الميدان و ليس علي الرصيف
الأمن يحتفظ بمسافة بيننا و بينه
كمال خليل أعلن أنن سنبدأ في التحرك بالمسيرة في السابعة إلا الربع
نواصل الهتاف ...و يزيد عددنا
أراقب في خجل نزاع الهتيفة علي الامساك بمقاليد الهتاف و محاولات ارتقاء الأعناق
أحب جدا شعار كفاية الدائري ...أفضل رفعه علي الامساك باللافتات الكبيرة
أشاهد مجموعات من الشباب تحمل لافتات في الغالب من تصميمها و تنفيذها
أتذكر
مقالة محمد عن روح الفردية في المظاهرات
يدب المرح في الجمع مع دقات طبول تقترب
تنظم دقات الطبول الهتاف... " باطل " .... وتحد قليلا من صراع الهتيفة





كمال خليل ينبه المتظاهرين الي خط سير المظاهرة و يحثهم علي الاصطفاف بشكل منظم ..في كل صف خمسة أفراد
يحاول عدد من الأفراد تنفيذ ذلك
و لكن تبوء المحالة بالفشل ...الناس غير مؤهلة للانصياع سريعا
روح الفردية فعلا سائدة و التجمعات الثانوية داخل المظاهرة تحول دون ذلك
بمرور الوقت ربما يكتسب المتظاهرون مزيدا من الروح الجماعية و الانضباط و النظام
بدأت المسيرة في التحرك , الناس مندهشة , تبدأ مظاهرة موبايلات علي الرصيف , الناس يسجلون بكاميرات هواتفهم المحمولة ما يجري
- أتساءل : ايه كل ده ...هي كل مصر معاها موبايلات بكاميرات -
الناس تنتقل من الاندهاش الي الابتسام الي الدندنة و هز الرؤوس مع ايقاع الهتاف
"باطل ..حسني ...باطل ....حسني ..باطل"
المظاهرة تسير و تهتف علي ايقاع الطبول و دوي الصفارات
" كفاية ...كفاية "


بعض الناس تبدأ في الترديد بصوت خافت ...فتيات يصفقن و هن يتلفتن حولهن
بعض الناس تشير الي تريد ان تحصل علي بوستر كفاية
بدأت أشعر أن عددنا كبير فعلا - قدره البعض بأكثر من ألفين- لدرجة ان المظاهرة تنقسم احيانا الي جزئين أو ثلاثة و كل فترة ينتظر المتقدمون المتأخرين لتوحيد الصف
من شارع قصر النيل الي ميدان مصطفي كامل ثم وقفنا ردد من كان قريبا من تمثال مصطفي كامل القسم الذي اقترحه عبد العزيز الحسيني و نشره في جريدة الكرامة التي صدر عددها الأول اليوم
أعضاء حركة الكرامة رفع بعضهم الجريدة في المظاهرة - المانشيت الرئيسي يقول : نقسم بالله العظيم ..لن يرثنا جمال مبارك
- يعني حلفان فوق حلفانك يا ريس -
نتوجه الي شارع 26 يوليو ...سحر الموجي أعطت لرضوي لافتة عليها صورة لأحد شهداء محرقة بني سويف " شادي الوسيمي " و طوال الطريق لم تنقطع التعليقات : هوده مرشحكم لرئيس الجمهورية ...مين ده زعيم كفاية ....مات في حرب ايه ده
آخر سؤال : هو ايه اللي حصل في بني سويف ؟
في مصر ناس لم تسمع عن حريق بني سويف !
رضوي تتوقف و تحاول شرح الموضوع عبثا و يحاول الناس ان يربطوا بين ذلك و بين هتافنا " باطل "
رأيت مرة أخري لافتة كفاية بالعريش التي تدعو لإبادة المفسدين !
من 26 يوليو الي طلعت حرب و اقتراح بالجلوس علي الأرض
ينتهي اثر امتناع الكثيرين من محبي فلاش الكاميرات
و ايضا لان نصف المظاهرة واصل تقدمه
رضوي كانت سعيدة جدا لانها تسير في عرض الطريق بالطول دون خوف من السيارات
و هي التي ترتعب من فكرة عبور الطرق المزدحمة بالسيارات
كنت منتشيا أيضا من وحدة الايقاع و كثرة العدد و اهتمام الناس


" فينك يا علي "
علي الطيب كان مغتاظا جدا لان مظاهرة 7 سبتمبر فاتتنا بينما كنا نراقب لجنة ماسبيرو
أحاول أن أبحث عنه لا أجده
أسلم علي كثيرين آخرين ...بعضهم أعرف أسمائهم ..و كثيرون لا أعرف غير وجوههم
توقفت المظاهرة مرتين امام صور لمبارك و هتفوا و هم يشيرون اليها " الصحافة فين ..الحرامي اهو"
بدا لي هتافا مبتذلا ..و لكنني ردتته ضاحكا مرة علي الأقل
بعض المتظاهرين يحاول مداعبة ضباط الأمن و لكنهم يشيحون بوجوههم خجلا ...
هل هؤلاء هم ضباط مصر ..فين يوم الاستفتاء ...فين يوم الترشيح
أحاول أن أفهم ما يحكم تقلبات سلوكهم
يبدو فعلا أن السلطة تحاول اتباع سياسات جديدة فيما يخص المعارضة
وقتية أم دائمة ...الله أعلم
نقف لحظات امام نادي القضاة و نهتف محيين للقضاة و زكريا عبد العزيز
ننتهي عند نقابة الصحفيين ....يمتليء سلم النقابة و يسد الباقون عرض عبد الخالق ثروت
يخلي الشباب حارة للسيارات و يرفعون فوقها لافتة كفاية بالسويس
فكرة طريفة
السيارات تمر من تحت اللافتة ..و شباب كفاية ينظمون المرور
عبد الحليم قنديل يدلي ببيان لوسائل الاعلام لا يسمعه سوي من حوله مباشرة
اعلان عن مواعيد كثيرة للتظاهر و الاعتصام
نردد نشيد الختام و نتفرق ثم أتوجه الي المقهي
وأخيراً أشرب الشاي

24 September 2005

عيد ميلاد " كفاية " الأول


عندما تجد علي منصة واحدة , المفكر الرصين عبد الوهاب المسيري بجانب الشاعر الجامح أحمد فؤاد نجم , و شيخ القضاة يحيي الرفاعي بجوار مجموعة من أعتي معارضي النظام الحاكم ...عبد الحليم قنديل و حمدين صباحي و أحمد بهاء الدين شعبان , عندما يجلس ممثل الاخوان د.سيد عبد الستار مع المنشق عن الاخوان أبو العلا ماضي مؤسس " الوسط " .....فلابد أنها حالة فريدة من التوافق الوطتي الغير مسبوق

Example


حدث ذلك في المؤتمر الأول للحركة المصرية من أجل التغيير " كفاية " ا الذي أقيم بمناسبة مرور عام علي قيام الحركة و استضافته نقابة المحامين مساء الخميس الماضي
في مدخل النقابة البالونات الصفراء تحلق مربوطة بسور النقابة و شاب واقف يحمل علم " كفاية " الأصفر
الأمن تواجد بكثافة بعيدا عن النقابة تحسبا لأي مسيرات مفاجئة و اكتفي بتواجد طفيف حول سور النقابة
داخل قاعة المؤتمرات ملأت اللافتات الصفراء جداران المكان ...لافتات مكتوبة بخط اليد و ببساطة تعلن عن ضيق ذات اليد ( أعلن ذلك علي الباب موزعو النشرات الذين نوهوا أن الحركة تقبل التبرعات )
- انا ايضا أقبل التبرعات في مثل هذا الوقت من الشهر -
و كالعادة ...شباب الاشتراكيين الثوريين يبيعون مجلتهم "آفاق اشتراكية"...أصبح ذلك مشهدا معتادا في كل تجمعات كفاية تقريبا حتي ان "روزاليوسف" اليومية عايرتهم بذلك ...و لا تسأل لماذا
بعض اللافتات تعلن عن لجان كفاية في المحافظات
في أسوان
2
و في الدقهلية
لافتة أخري تقول ان مبارك يحتاج لولاية خامسة لكي " يكون نفسه " ..ا
Example
لافتة العريش تقول ان صناع الفساد و الاستبداد لا ينفع معهم الاصلاح بل " الابادة" ..أتمني من لجنة نظام المؤتمر مراجعة فحوي بعض اللافتات لكي لا تستغل اعلاميا بشكل سيء و تشوه مباديء نضال الحركة
Example
عندما وصلت أنا ورضوي كانت الاماكن الجيدة تم شغلها و عليك ان تختار الاماكن الاقل سوءا حيث أقل عدد من الأعمدة بينك و بين المنصة
رأيت علاء و عمرو غربية - صاحبي مدونتين من أشهر المدونات العريية- يجلسان سويا ويراقبان بعيون المدونين
افتتح الأمن المؤتمر بداية فولكلورية حيث وجد احد المواطنين "الشرفاء"نفسه - أثناء تجواله بوسط المدينة - داخل قاعة المؤتمر و امتعضت نفسه للغاية من اللافتات المعارضة لمبارك ...فوجد هذا المواطن المستقل في نفسه الشجاعة الأدبية ليحاول الاحتجاج و الاعتراض و جر شكل الشباب الذين تصرفوا بحكمة و لم يتجاوبوا معه
و الا لانضمت اليه مجموعة أخري من المواطنين الشرفاء الذين هم في خدمة الشرطة و تطوعوا لوجه الله في افساد المؤتمر
الحمد لله ..مر الأمر سريعا ..و لكن لاحظت أن شبح يوم الاستفتاء لا يزال يراود الفتيات
فبمجرد تلبد الأجواء أثناء تلك المحاولة الفاشلة تراجعت مجموعة من الفتيات ذعرا الي آخر القاعة ...الكاتبة شيرين أبو النجا اكتفت بالالتصاق بحائط مجاور يمكنها من مراقبة المعركة المحتملة
بدأ المؤتمر و ألقي أحمد بهاء الدين شعبان كلمة نيابة عن جورج اسحق منسق الحركة الذي اعتذر عن عدم الحضور لسفره
شعبان أكد علي نية كفاية المساهمة في تحالف المعارضة في الانتخابات البرلمانية القادمة قمت
لاتمكن من التصوير بعيدا عن العامود المنتصب أمامي
انتبهت ساعتها لشعار" حكمك باطل " المكون من ملصقات كفاية الصفراء الدائرية و المشكل علي واجهة المنصة
Example
انتبهت أيضا الي ان كمال خليل لم يكن علي المنصة و انه جالس بين الصفوف
Example
و كان هو الوحيد - مع المسيري - الذان لا يرتديان بذلات رسمية
- المسيري كان يرتدي تي شيرت مصمم بحيث يحاكي الجلباب الفلاحي بفتحة رقبته الواسعة ...و هي من أساليب د. المسيري في مناهضة العولمة بالاحتفاء بالقيم الجمالية المحلية -
Example
دخل الستشار يحيي الرفاعي متاخرا فضجت القاعة بالتصفيق و وقفت المنصة و الحضور لدقائق و التصفيق الحار مستمر
تحدث الدكتور أحمد الأهواني من حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات
ثم تحدث محمد سرحان نائب رئيس حزب الوفد الذي أخذ يتحدث عن تزوير الانتخابات الرئاسية
الغريب غياب ممثلين عن حزبي الناصري و التجمع
الشاعر سمير عبد الباقي ألقي احدي قصائد شمروخ الأراجوز
Example
جاء دور مجدي حسين - امين حزب العمل المجمد - الذي أخذ يتصاعد حماسا و يعلو صوته حتي أصابني بالصداع رغم تجاوب الكثيرون في القاعة معه حتي قاموا من مقاعدهم حماسا
Example
الفنان خالد الصاوي عن حركة أدباء و فنانون من أجل التغيير أكد علي تواصل الاحتجاجات ضد المسؤولين سياسيا عن محرقة بني سويفو أكد ان التقاضي في مصر لا يعيد حقا لأصحابه - اعتذر ساعتها للمستشار الرفاعي - و أكمل أن الضغط و الضغط المتواصل هو الوسيلة لنيل الحقوق و المطالب
Example
حمدين صباحي - وكيل مؤسسي حزب حركة الكرامة - قال كلمته في هدوء كعادته
Example
و كذلك أبو العلا ماضي - وكيل مؤسسي حزب الوسط
و يبدو ان الأحزاب تحت التأسيس تورث مؤسسيها صبرا و هدوءا ...عكس الأحزاب المجمدة التي تورث زعماءها غضبا و نفاذ صبر
Example
د.سيد عبد الستار أكد علي أنه من أقدم أعضاء كفاية محاولا نفي الانطباعات التي تنقل هنا و هناك ان الاخوان لا يثقون بكفاية و أصر علي تأكيد ان انضمامه لكفاية بموافقة بل و تكليف من الاخوان
Example
دبت الحيوية في القاعة فور وصول أحمد فؤاد نجم الذي ألقي قصيدة " هي دي مصر "
و الحضور كان " رايق جدا " و انتشي كثيرا للخاتمة الغزلية للقصيدة
بل و طالبوا نجم بالقاء قصيدة " البتاع " الشهيرة
نجم قال انهم " قلالات الأدب " فكيف يقول هذه القصيدة في حضور شيخ القضاة
و لكنه تحت ضغط هتافات الحضور ألقاها و ضحك له شيخ القضاة محييا
و بين نجم و يحيي الرفاعي استمر فاصل طويل من التصفيق تحية لنجم ثم احتفاءا بالرفاعي
المستشار يحيي الرفاعي حيا كفاية التي اعتبرها أقوي من كل الأحزاب الهزيلة الموجودة علي الساحة
Example
و قال انه شخصيا لا يثق في نتائج الانتخابات الرئاسية فهو لا يتصور ان عقلاء يعطون صوتهم لمن يحكم مصر كل هذه المدة بهذا الشكل لكي يستمر ست سنوات أخري
و ردد كلمة عرابي : لسنا عبيدا لأحد و لن نورث بعد اليوم
و علق علي حفاوة الحضور به مفسرا ذلك أنها تحية للقضاة و طمأن الحضور أن قضاء مصر بخير
- آمين -
و وبخ الرفاعي النظام علي مواجهته العنيفة لبعض تظاهرات كفاية قائلا أنه لا يقف في وجه كفاية إلا خائن
و أبدي أسفه لان لتراجع الدولة عن بطشها جاء بعد توبيخ بوش لها
انهي الرفاعي كلمته وسط تصفيق حاد للمرة الثالثة
ممثل شباب من أجل التغيير ألقي كلمة قصيرة و لكنها حادة أنهاها بالدعوة للاطاحة بالنظام "البغيض" علي حد وصفه
Example
كمال خليل - عن الاشتراكيين الثوريين - كانت كلمته قصيرة و محددة و خالية من الفذلكة تحدث عن اننا لم ننتزع بعد حق التظاهر كاملا - لاننا لم نقم بالتحرك بالمظاهرات الا تحت غطاء اعلامي وفرته ظروف الانتخابات
و دعا لمواصلة انتزاع هذا الحق و دفع الاثمان لذلك و راهن علي ان كفاية بها من يستعد لدفع الثمن لكي نصل الي مظاهرة النصف مليون
- آمين -
Example
المسيري كعادته استشهد بنكتة و باحدي نتائج دراساته عن الصهيونية
_ و أعطي نموذجا للمثقف ذي المشروع الذي يمثل تخصصا عميقا و لكن يمكن من خلاله اثراء الحياة بشكل عام
بخلاف مثقفي المقاهي المنتشرين في مصر الذين يعرفون أشياءا عن كل شيء و لكن لا تظفر منهم بكلمة جديدة أو عميقة عن أي شيء-
و قال ان بعض الدوائر الغربية و الصهيونية راهنت علي ان العربي مواطن اقتصادي طالما اشبعت احتياجاته الاساسية استكان و ذل و لكن كفاية غيرها في رأيه أثبتت أن الانسان العربي - ممثلا في المصري - لا زال يحمل هما سياسيا و توقا للحرية
بعد المسيري تحدث أستاذ بكلية الطب من أسيوط أكمل لتوه عامه الثمانين - لم ألتقط اسمه - و قال انه أتي الي هنا من أسيوط مستقلا سيارته و تاه في شوارع القاهرة فترة
الأستاذ وجه كلامه للمنصة و طالبهم بتصدر المظاهرات - مع الشيوخ من أمثاله - لاحراج الامن
- اللي اختشوا سابوا الخدمة يا دكتور -
و حتي ان لم يحرجوا فهو مستعد لان يضرب" و ايه المشكلة يعني " كما قال
بدأ الحضور يقل و يبدو أن أعضاء كفاية أغلبهم ينام مبكرا
حتي رضوي التي شردت كثيرا - لا يمكنك أن تعرف فيم كانت تفكر ساعتها- ظننتها نامت
Example
و لكنها أفاقت و خرجت و تركتني لأنها تعبت وعاوزة تنام
اختتم عبد الحليم قنديل المتحدث باسم كفاية المؤتمر بكلمة طويلة شن فيها هجوما عنيفا علي مبارك و أطال في ذلك حتي مللت
Example
ثم تحدث عن مستقبل الحركة و حدده في ثلاث محاور
1-تواصل التظاهرات السلمية وصولا حتي مظاهرة المائة ألف
2-التقاضي لكشف عوار اجراءات النظام و عدم شرعيته
3-تواصل التنسيق بين كل القوي و الأحزاب الوطنية
و دعا الجميع لمظاهر الثلاثاء القادم بداية من ميدان طلعت حرب للاحتجاج علي أداء مبارك اليمين الدستورية لمجلس الشعب
انتهي المؤتمر بهتافات للشباب الذين حاولوا البدء في الخروج بمظاهرة و لكن الكبار اعترضوا علي ذلك
مظاهرة ايه الساعة 11 يا شباب... مش كده
الليلة مرت بسلام ... خرجت لأجد الشوارع مزدحمة - مساء الخميس - الناس يشترون ملابس و أحذية و يأكلون سندوتشات و كشري و يدخلون السينما و يشتري المراهقون اسطوانات الافلام الممنوعة من علي الرصيف
الحياة تستمر
و الناس منخرطة في مؤتمر كبير لتجاهل السياسة الي أجل غير مسمي

22 September 2005

متواطيء علي الاشتعال


يبدو أن القلة المندسة " الانتهازية" – التي تضم صفوة مثقفي و فناني مصر- و التي تبنت سلسلة البيانات و الاحتجاجات عقب محرقة المسرحيين في بني سويف , ليست وحدها المتواطئة ضد الوزير الدائم لوزارة الثقافة المحروسة بجاه حرم الرئيس ..الدائم والدائمة أيضا إلي إن يشاء الله
فالجو العام وتحديدا الأكسجين قد تحول من موقفه الثابت فيزيائيا من عنصر لا يشتعل و لكن يساعد علي الاشتعال , إلي عنصر يشتعل عمدا و " يتواطأ " علي الاشتعال
و تحول الاكسجين عن موقفه, ليتسبب بعد حريق بني سويف في حريقي أكاديمية الفنون و المتحف الإسلامي , يثبت أنه ليس فقط متواطيء ضد الوزير و لكن ضد النظام بأكمله ,متضامنا مع باقي العناصر المثيرة و التي تواطأت أيضا علي تأجيج مشاعر أهالي الضحايا لإذكاء نار الفتنة التي لعن الله من أيقظها و أيقظ معها هذا الشعب المسالم من غفوته الطويلة لكي يطالب علي آخر الزمن بتغيير أسياده
هذا التواطوء و اللعب بنار الديمقراطية هو الذي دفع الوزير لمحاولة الاستقالة, ليس حياءا من الرأي العام و إنما حماية لظهر النظام من شماتة و ابتزاز القلة سابقة الذكرو لكن النظام ممثلا في رأسه الكبير رفض هذه الاستقالة في شمم و إباء , معلنا للرأي العام استمرار النظام في سياسته الأزلية الدائرية التي فحواها أن هدف النظام هو استقرار النظام ..وبعد ذلك لا مانع و لا مشكلة أن تولع البلد باللي فيها

مكان علي الأرض

قبل هذا الوقت بقليل من العام الماضي , كنت قد قررت أن أبحث عن مكان آخر يناسبني علي سطح الأرض
تركت المكتب الهندسي الذي أعمل به , ذهبت عن طريق أحد زملائي في المكتب الي قريبه أسامة عفيفي الكاتب الصحفي بمجلة الموقف العربي
قررت – مؤقتا – أن أترك ورق الكلك و الرسومات الي ورق الدشت و الكلمات
كان أستاذ أسامة مندهشا من المهندس الذي يرغب في أن يعمل صحفيا
فاتحني بمقدمة ملخصها أن الواقع أسود في لون قرن الخروب و أن الصحافة تعيش أسوأ أيامها و باختصار : " مفيش فايدة " , و لكن لم يكن لدي ما أخسره – و لو كان فقد خسرته – و قلت اني احب أن أخوض التجربة بنفسي
بدأت في التدريب ....أجلس علي المكتب الذي أجده خاليا , من الجهة التي أجدها غير مشغولة ...و المكتب صغير و الكراسي خشبية تقليدية و غير مريحة علي الاطلاق , خاصة أني كنت أعاني من مشاكل في الظهر من الانكباب علي الكمبيوتر لعدد غير انساني من الساعات , و لكني كنت مرتاحا جدا , بدرجة لا يمكن أن تتصورها فلن أحاول أن أضيع الوقت في وصفها
ربما يكون مصدر الراحة هو تلك الشرنقة التي كنت أشعر بملمسها حولي و أنا أكتب , فأنا أجد نفسي كما أعتقد أنها يجب أن تكون , فأنا و عملي و الكلمات والأوراق والكتب و الأحداث و الأسماء و الأفكار... كلنا -أو كلي – معا هنا و الآن علي جانب من هذا المكتب الصغير و علي سطح ورقة دشت صغيرة
بمرور الوقت يبدو أني قد بدأت أحوز ثقة الأستاذ أسامة فكان أن نقلني من مرحلة التدريب الي فريق العمل , و في مثل هذا الوقت بالضبط من السنة الماضية كنت أشارك في تغطية مهرجان المسرح التجريبي
كنت اتابع قبلها هذا المهرحان سنويا و أتلذذ بمشاهدة جنون الشباب المسرحيين , كنت أري أشد أحلامي و هلوساتي جنونا علي خشبة المسرح , أستطيع أن أتفهم عدم تعاطف مثقفين( كبار) مع هذه الأشكال الفنية , حتي أستاذ أسامة عفيفي لم يكن من أنصار الاحتفاء الكبير بالمهرجان , لذا فانه رفض اقتراح حماسي مني بعمل ملف مستقل للمهرجان, واكتفي بنشر تقريرين جماعيين للافتتاح و الختام- أدمج داخلهما تحليلاتي (الفذة) للعروض - و بعض الاخبار و التعليقات , كانت قد بلغت الحماسة مني مبلغها فقمت بمشاهدة كل العروض في المسابقة الرسمية و كتبت عن بعض العروض تقريرا منفردا و أضفت أيضا توقعاتي للجوائز, و كأنني مثلا عميد المسرح التجريبي
و بما أن ذلك لم ينشر أستطيع أن أقول- بملء فمي - أن المجلة خسرت كثيرا السبق الذي كنت سأحققه لها اذا كانت قد نشرت توقعاتي
ثم ان المجلة قد خسرت كثيرا أيضا لأنني تعرفت علي رضوي التي كانت ضمن فريق العمل ثم بدا لي أني أحب أن تكون معي في مكان واحد علي هذه الأرض – أيا كان - فقررت أن أخطبها و لما كانت رضوي هي ابنة الأستاذ أسامة عفيفي رئيس القسم فان هذا التكتل العائلي قد أدي بنا الي تغيير أماكننا علي الأرض , فتركت انا و رضوي المجلة اتقاء لشبهة التوريث و حكم العائلة, وقانا الله و إياكم شرهما
الآن رضوي تمارس الترحال الصحفي بحثا عن الاستقرار و أنا عدت مهندسا و أكتب كلما بدا لي ذلك حسنا و أنشر كلما بدا ذلك - لي و لهم- صالحا للنشر
الأن انا أبحث أيضا عن مكان علي الأرض , لكي نتزوج فيه أنا و رضوي
و أقوم بتغطية مهرجان أكثر عبثية – و ان كان أقل امتاعا – من التجريبي
مهرجان البحث عن شقة
أذهب الي مكاتب السماسرة الجدد, أصحاب الفكر الجديد و الاسم الجديد " أصحاب مكاتب عقارات " , أجلس في الاستقبال امام السكرتيرة , ادفع رسوم التعاقد – بدون استلام وصل - و أوقع علي ورقة صياغتها مبتذلة تضمن للدكتور السمسار نسبته (سمسرته) ثم أحظي بشرف مقابلة سيادته , يخرج لي ملفا ناصعا , يحكي لي قصصا عن شقق كاملة الأوصاف ومناسبة الأسعار .. أقوم باختيار ما بدا لي ثم انتظر بضعة أيام ليقوم السيد السفير بتحديد موعد مناسب لنري هذه الأحلام
و في الموعد المحدد أري أماكن علي الأرض إما يأنف الآدميون سكناها أو لا يستطيع سوي " أولاد الناس التانيين " علي ثمنها
نقوم بالترحال السريع فيما بين هذه الأماكن – ألهث و أنا أحاسب سائق التاكسي الذي يستغل الفرصة و يستغلني – ألهث و أنا أحاول اللحاق بالسيد السمسار الذي سبقنا عدوا لكي يلقي نظرة علي المكان لانه يراه لاول مرة مثلنا – أعود و أنزل لاهثا علي السلم لألحق به و هو يعدو أمامنا لان (زبونا ) آخر , تم (تثبيته) في المكتب يوقع علي الورقة اياها ليأخذ دوره
بعد التكرار الممل لهذا المشهد علي مسارح مختلفة أبدأ في تصديق مقولة أبي :" طبعا لازم يكونوا كذابين ....أمال ربنا خلقهم سماسرة ليه ؟ "
رؤية جبرية عنصرية . لكن أقسم بالله الذي خلق كل هؤلاء السماسرة الذين رأيتهم ان الأمر كذلك بالفعل
أصبحت فلسفتي في البحث عن شقة هي " أين الخازوق ؟" ...الخازوق هنا استعارة تصريحية للعيب الخطير الذي يخبئه لك القدرداخل الشقة ....لا يمكن ألا تجده في مكان ما هنا أو هناك , خاصة اذا كان ما معك من نقود مثل ما معي ...أذهب لاري الشقة مساءا فيبادرني "زملائي في العمل صباحا :" ها ..كان فين الخازوق ؟
حتي جريدة الوسيط أصبح قسم العقارات فيها ينافس" مايو" و" روزاليوسف" اليومية ...من الصعب ان تجد فيهم جميعا شيئا صادقا ....و لكن مؤكد أنك ستعثر علي الخازوق
هذا المهرجان الهزلي استمر معي طويلا لانني شخص مزاجي أحب أن أسكن في مكان يبدو لي أني سأحبه
كما أن خطيبتي مجنونة أساسا و تريد ان يكون هناك شجرة بجوار البلكونة
و لكن الحمد لله بدات أشعر أن كل الخوازيق قد نفذت من ذخيرة الأقدار و حانت لحظة اسدال الستار , و بدأت أستلطف شقة بدا لي أنها ستكون مكاني علي الأرض لفترة ما... أو للأبد- و هذا أفضل من البحث ثانية – يبقي فقط أن يرضي عنها " عمي " أستاذ أسامة و ألا يرفضها مثل توقعاتي لجوائز التجريبي

20 September 2005

ثانياً



بدا لي في ساعة متأخرة من مساء أمس أني يجب أن أبدأ التدوين !
ربما لأنه بدا لي - أيضا - أنني في لحظة حرجة من تاريخي الشخصي , اقتربت فيها أن أكمل ربع قرن علي قيد الحياة .
وددت في هذه اللحظة لو أنني مدون عتيق , يمكنني الآن أن أقلب في أرشيف مدونتي و أسمع نفسي من سنتين أو ثلاث أو خمس أو عشر سنين أو حتي أكثر .
كم هو مثير أن أستمع الي كل هؤلاء الذين أظن أني أعرفهم حق المعرفة , بينما هم مختلفون جدا مثلما أنا مختلف الأن .
كيف لي أن أتبين ذلك الخيط الرفيع المسمي " أنا " الذي يجمع هؤلاء جميعا .كيف لي أن أتبين ما كنته لكنه ليس " أنا " و إنما تورطت فيه مثلما يتورط الناس .
هل من العبث أن أقول ذلك ...و أنا طول الوقت أظل أفكر أني " كذا " او يجب أن أكون " كذا " أو أريد أن أكون " كذا " أو أنني كنت " كذا " فعلا .
كيف لا يمكن أن تتبين ذاتك بوضوح كاف و أنت تردد ذلك في سرك أو تقوله للعالم في إصرار .
تلك اللحظات التي تجولت بينها , تلك الأدوار التي قمت بها , تلك الأوصاف التي وصفت بها , تلك المآثر التي نسبت إليك , تلك الحماقات التي اقترفتها , تلك الأشياء التي تتحول كل لحظة , كيف لك أن تقول أني كنت هناك في كل ذلك , أو أن كل ذلك كان لي , أو بي ,أو مني .
في هذه المدونة علي الأقل يمكنني أن أعود لأتاكد أني فعلا كنت " هناك " لأن هذا التوقيع الذي يذيل الـ "هناك" لي !



19 September 2005

أولاً




" أعرف أن لا شيء ملكي
و لكن الفكرة تتدفق سيالة من روحي
و كل لحظة طيبة يجود بها قدري السمح ..
تملأ أعماقي فرحا ! "

جــوتــه