28 October 2006

! هيّ فوضى


رحم الله تلك الأيام .. أيام كانت الحكومة تعمل بتوجيهات الرئيس , و كان المعارضون يتنازعون فيما بينهم أشياء ذات قيمة ....

(1)
إذا كان لكل وزارة تخصص ما , و كانت هذه التخصصات تغطي كل شؤون و قطاعات الدولة , فما هي مهمة رئيس الوزراء ؟
الإجابة عادة تحتوي عدة كلمات من نوع السياسات العامة و التخطيط و التوجيه و التنسيق و ... وكنت قديما لا أصدق هذا الهراء و أؤمن مع المؤمنين في أرجاء مصر المحروسة أن السيد رئيس الوزراء هو سكرتير أول رئيس الجمهورية و باقي الوزراء هم باقي فرقة السكرتارية .
ذلك لأنهم جميعا لم يكونوا يفقهون حديثا عن الخطط و التوجهات , و لا رئيسهم يتحدث حقا عن تنسيق ما , بل كانوا جميعا كجوقة واحدة يتغنون بتوجيهات الرئيس الحكيمة ,و يتحنثون انتظارا لوحيه الذي لا ينطق عن الهوي .
و لكن يبدو أنني بصدد تغيير معتقدي هذا .. فما حدث مؤخرا بين وزارة الكهرباء و بين محافظة القاهرة لا يشير إلا غياب الوحي الرئاسي في هذه المسالة . مما دفع السادة وزير الكهرباء و محافظ القاهرة و رئيس الوزراء للاجتهاد .. و كانت النتيجة أن السيد وزير الكهرباء أداه اجتهاده للضرورة العاجلة لتحصيل الفواتير المستحقة المتأخرة علي دواوين محافظة القاهرة و بأي ثمن , أما السيد محافظ القاهرة فأداه اجتهاده إلي ضرورة تجاهل وزارة الكهرباء مهما كان الثمن , بينما أدي اجتهاد السيد رئيس الوزراء في التنسيق و التوجيه و التخطيط إلي إصداره أوامر حكيمة لكليهما بأن يغربا عن وجهه و ليذهبا معا إلي الجحيم بمشكلاتهم هذه و ليتدبروها فيما بينهم بأي وسائل و بأي ثمن أيضا.
و كانت المهزلة .. وزارة الكهرباء أوقفت إيصال الكهرباء لكل دواوين و مكاتب محافظة القاهرة مما نتج عنه إيقاف الحواسب و الإضاءة و تعطيل مصالح قاطني القاهرة الملاعين .. و ردت محافظة القاهرة بحزم و أوقفت كافة أعمال وزارة الكهرباء كمد و توصيل خطوط الكهرباء لأي منطقة تدخل ضمن نطاق محافظة القاهرة , و لو عاني أيضا قاطنو القاهرة الملاعين .
دعك من أن هذه المشكلة يمكن أن تحل في " جلسة عرب " بتوسط " كبير القبيلة " لتحديد مهام كلا من الطرفين و وضعه المالي ثم تحديد حل مناسب يراعي أولويات برنامج الحكومة و مصالح المواطنين .
و دعك أيضا من أن كل أطراف هذه المسخرة هم أعضاء في السلطة التنفيذية لحكومة واحدة شكلها رئيس حزب واحد و كلهم أعضاء في نفس الحزب و السيد المحافظ ليس منتخبا مثلا فلا سلطة لرئيس الوزراء عليه , بل هو معين أيضا من قبل رئيس الجمهورية و الحزب , و هناك وزارة اختصاصها الحكم المحلي يتبع وزيرها رئاسة الوزراء ..
دع عنك كل شيء إلا السؤال الحقيقي : أين حقا السيد الرئيس و توجيهاته الحكيمة و هو الذي يختار و يعين فعلا كل أطراف هذه المهزلة ؟
للأمر إذن جانبه الإيجابي , أن التوجيهات أصبحت تتوقف أحيانا . ربما كان ذلك بسبب ضعف لياقة السيد الرئيس الذهنية أو البدنية بفعل السن , أو ربما لازدواجية الحكم بين الرئيس الأب علي رأس السلطة و الوريث الابن علي رأس الحزب فعليا , أو ربما لأسباب أخري .
و مهما كانت الأسباب فالتوجيهات بدأت تغيب أو تتأخر بالفعل و السادة المسؤولون بدأوا يجتهدون . و هذا ظاهره الرحمة و لكن باطنه أن اجتهاد مثل هؤلاء - كما تري - كارثة أو علي الأقل مهزلة .
و لكن المهزلة الكبري -أو الكارثة - لا تتعلق باجتهادهم , و إنما تكمن في " النظام " ...
فالسلطات و الصلاحيات و المنح و الإقطاعات مكدسة في يد رئيس الجمهورية .. و في غيابه و غياب توجيهاته و أوامره المدعومة بسطوته , تصبح السلطة التنفيذية فوضي بلا نظام . ... و السكرتير الأول لا يملك السلطة المناسبة للترغيب و الترهيب و كثير من بقية السكرتارية و المسؤولين لا يملكون حدا أدني من الاجتهاد أو الكفاءة و لا الاحترام لأنفسهم و للمواطنين , لأداء واجبهم بلا ترغيب و ترهيب و توجيهات عليا .
في النظم التي تستند إلي السلطة المركزية القوية المستبدة , يؤذن ضعف هذه السلطة أو تفككها أو تراخيها بالفوضى و الانحلال .
إنها الفوضى التي في ظل الاستبداد , الذي يحفظ " نظاما " وهميا و استقرارا واهيا , ثم ينكشف عندما تخف القبضة قليلا عن عجز حقيقي في إدارة أتفه الأزمات .
لو كان السيد المحافظ منتخبا و كانت الوزارة مشكلة من حزب حقيقي يحوز أغلبية برلمان حقيقي لاختلف الأمر كثيرا , و لحرص كل منهما علي ارضاء الناخبين و مصالحهم و الوصول لحالة من التوازن بين المصالح المتعارضة التي يجب أن ينسق بينها رئيس الحكومة - أيا كانت صفته - حرصا علي إرضاء ناخبيه المواطنين – لا الملاعين - و مصالحهم . و ما سبق لن يكون إلا في ظل نظام يكفل حرية حقيقية لا شكلية .

الـ " نظام " الحقيقي يحتاج لحرية تدفع أصحاب المصالح المختلفة للانضباط وفقه , و السعي لمصالحهم عبر الدخول في تجربة جماعية لإقرار " النظام " و الوصول لتوازن بين هذه المصالح , في تدافع مدني تحكمه أخلاق و خبرة الأحرار .
الحرية بدروها تحتاج لـ "نظام " . الحرية ليست شيئا طبيعيا غريزيا , إنها مفهوم مدني , و وعي مؤسس علي خبرة و تجربة و أخلاق مختلفة .
عندما يصبح النظام بلا حرية , و يصبح مرادفا للاستبداد و التسلط , فإنه يقتل إمكانات الحرية و خبراتها و أخلاقها . فليس بعده إلا "حرية " بلا نظام ... أي " فوضى ".


(2)
أنا لا أعلم حقا , علام يتنازع الشباب في حركة " شباب من أجل التغيير " !
فهذا الزميل العزيز يعلن للصحافة انفصال حركة " شباب من أجل -لا مؤاخذة - التغيير" عن حركة " كفاية" الأم , بينما يرد عليه الزميل الآخر معلنا أن " شباب " لم تنفصل عن " كفاية " لأنها ليست تابعة لها أصلا و العلاقة بينهما لا تتعدي حنان الأم , ثم يردف الزميل الأخير أن الزميل الأول الذي أعلن الانفصال هو نفسه مفصول من حركة " شباب " لمخالفات ارتكبها أوجبت إحالته للتحقيق و فصله !
ما سبق يوهم أصلا أن هناك الآن حركة تسمي " شباب من أجل التغيير " , و أن لها لوائح و عقوبات . بينما يعلم كل مرتادي مقهي " البورصة " أن " الشباب " لم يعودوا يجلسون معا . و أن المجموعات المتناحرة تفرقت علي مقاه أخري من زمن .
و لكن ما تبقي من مرتادي البورصة - و أنا منهم أحيانا - لا يعلمون علام التناحر أصلا .. فلا الحركة حزب مرخص للتنازع علي الشرعية صعبة المنال , و لا هي لديها مقرات أو صحيفة ... و لا حتى يا ربي جماهير من أي نوع ارتبطت بالاسم !
لماذا التنازع إذا , و الله خصنا بلغة غزيرة الاشتقاق و تواريخا و رموزا وطنية عديدة , تمكن كل مجموعة أن تبتكر لنفسها اسما جديدا بلا مشاكل . و لهم في مجموعة 30 فبراير أسوة .
وهل الحل لمشاكل الحركة و حالتها المتردية هو الحديث عن " كفاية " و التبعية لها بينما كان داعي نشأة الحركة بالأساس جمع شباب " كفاية " للعمل بشكل لا مركزي و ديمقراطي بعيدا عن صيغة " كفاية " التوافقية و المتمركزة حول لجنة تنسيقية من " الرموز الوطنية " .
من البداية رفض مؤسسو " شباب " التبعية لكفاية , رغم اهتمامهم بالتنسيق معها . و بالفعل شاركت حركة " شباب " في بعض الأنشطة التي تحفظت " كفاية " عليها . مثل سلسلة مظاهرات الأربعاء في الأحياء الشعبية التي شاركت " شباب " فيها إلي جنب " الحملة الشعبية من أجل التغيير" رغم تحفظ " كفاية " .
الحقيقة أن فكرة تأسيس " شباب من أجل التغيير " واجهت المشكلة و لم تلتف حولها . و حاولت أن تقدم نموذجا للعمل الجماعي الديمقراطي في تجمع علني و مفتوح يضم أفرادا من تيارات عدة و مستقلين .
و كان ذلك متسقا مع مطالبة حركة التغيير بالديمقراطية و الحريات و التعددية الحقيقية و احتجاجها ضد الاستبداد و المركزية و انفراد رئيس الجمهورية بالسلطات.
و لكن كانت النتيجة علي النحو التالي .. فشلت " شباب" في إدارة اجتماعات فعالة باستنثاء الاجتماعات الأولي . الاجتماعان اللذان حاولت حضورهما - بعد ما حاول شباب ناشطون كثر إثنائي عن هذا حفاظا علي صورة " شباب " لدي - أحدهما ضم خمسة زملاء غيري لأن الأهلي كان يلاعب فريقا إفريقيا , بينما الاجتماع الثاني الذي كان حاشدا و منتظرا " للم الشمل " بعد طول غياب , كاد ينتهي إلي " لم الجيران " لفك اشتباك بالأيدي وقع علي إثر اختلاف اثنين من القادة التاريخيين للحركة !
و كانت نتيجة هذه الاجتماعات أن الحركة انقسمت لعدد من الشلل , أعلنت كل مجموعة منها أنها تمثل " الشباب " الرسميين . و بينما أمل البعض في أن الحوار سيسهم في رأب الصدع , انشقت المجموعة البريدية التي تجمع الأعضاء إلي مجموعتين بريديتين , هذه و تلك , و كلا منهما تدعي أنها المجموعة البريدية الرسمية لشباب من اجل التغيير .
هذه النتيجة المؤسفة لتجربة بدأت واعدة , و ضمت بالفعل عددا من الشباب المخلص و الرائع , ليست في رأيي إلا نتاج مواجهة المشكلة الحقيقية : المعارضة تطالب بالديمقراطية و تفتقر إلي قيمها , و تطالب بالتعددية و اللامركزية و تفتقر إلي أخلاقيات العمل الجماعي .تطالب بحق الناس في إدارة شؤونهم بلا تسلط و تفشل في إدارة عدة اجتماعات و مجموعة بريدية .
المعارضة فيما بينها تقدم مبررا لادعاءات السلطة بأن للمجتمع المصري خصوصية لا تجدي معها الديمقراطية و الحريات و أنه لا يزال يحتاج للوصاية و الرعاية الأبوية من نظام مركزي قوي .
يمكنك أن تعترض أن هذه الأخلاقيات هي نتاج الحياة في ظل الاستبداد و ليس العكس , و لكن ماذا عن هؤلاء المتحدثين عن الديمقراطية و الحرية , و أنا منهم , .. أعتقد أن علينا إعادة المحاولة مرة أخري , فما حدث ليس إدانة لأحد بعينه بقدر ما يعني أننا بدأنا نحاول التعلم متأخرا ,و لم نخلص أو نجتهد في المحاولة .
علينا إثبات أننا نتحرك و نتظاهر من أجل " نظام " أفضل و أكثر عدلا و حرية .. لا من أجل فوضي , و لا من أجل استبدال شخوص بأخري فوق الكراسي .
إذا لم نعي و نتعلم و نتمثل في حركتنا القيم التي نتحرك لأجلها , فلا يجب أن نلوم الناس لأنهم لا يتحمسون لنا و لا لها .
لا يجب أن نلومهم لأنهم لا يحبون " الحرية " التي لا نعرفها حقا ... و لا لأنهم يخافون من " الفوضى " .


-------
علي الهامش
* ينوي يوسف شاهين اقتباس هذا العنوان" هيّ فوضي " لاسم فيلمه الجديد الذي يصوره حاليا .

21 October 2006

" زي الموجة "

لو استمروا في العزف , لظللت جالسا هناك للأبد ....
تلك الموسيقي التي عزفتها فرقة " مسار " أو " مزيكا بس " الأربعاء الماضي في مسرح الجنينة .. كأنها كتبت خصيصا لأجلي.
كالموجة غمرتني موسيقاهم التي جمعت في " مسار " ما أحب من أشتات المسارات .
موسيقي التخت الشرقي المصغر مع موسيقي الحجرة الكلاسيكية مع ارتجالات و تنويعات الجاز .

رنات عود سيد درويش علي دقات إيقاع شرقي أو رقرقات رق عابث .. بيانو يراوح بين نزق كلاسيكيات شوبان و بين تسكع بيانو الجاز مع نبضات الكونترباص في خلفية أغنيات نورا جونز و ديانا كرول .


أعضاء فرقة " مسار " : حازم شاهين (عود - و مؤلف معظم المقطوعات ) و هاني بدير ( إيقاع ) و نوار عباسي ( بيانو ) و مايلز دجاي ( كونترباص) هم أيضا أعضاء في فرقة " اسكندريلا " الرائعة , التي لم تقدم فرقة مثلها أغنيات سيد درويش و الشيخ إمام و زياد رحباني .


" مسار " أطلقوا في هذا الحفل إسطوانتهم الأولي " العيش و الملح " ضمن مشروع " أصوات الشرق الجديدة " .
يضم " العيش و الملح " سبع مقطوعات . أربعة من تأليف حازم شاهين - واحدة منهم بالاشتراك مع طارق عبد الله - و مقطوعة من تأليف نوار عباسي و أخري من تأليف مايلز دجاي بالإضافة لتنويعات علي موسيقي " إيه العبارة" لسيد درويش .
غلاف  ألبوم

مشروع " أصوات الشرق الجديدة " يشمل أيضا إطلاق إسطوانات لعدة فرق موسيقية عربية مستقلة , و يهدف لإبراز هذه الأصوات الجديدة و الأصيلة البديلة وسط طوفان الموسيقي المعلبة الرائجة .
في مصر ,
بالإضافة لـ " العيش و الملح " لـ " مسار " , تم إنتاج ثلاثة أسطوانات أخري ضمن هذا المشروع : " قرار إزالة " لفرقة " الدور الأول" و "سلطاني " لفتحي سلامة و " الطرب الأصيل" لرياض عبد الجواد .


اسمع " زي الموجة " لحازم شاهين و طارق عبد الله من " العيش و الملح ".

powered by ODEO

18 October 2006

! " حالة من " الكستور


حالة - كستور

مشكلتي مع فرقة " حالة " أنني أذهب إلي العروض المسرحية ملتزما طقوس المشاهدة.. أجلس بالضبط أمام منتصف خشبة المسرح أو مساحة العرض , و أبتعد مسافة ما عنها كي يمكنني أن أري المشهد المسرحي بكليته و لكي لا تفوتني أي تفاصيل هنا أو هناك ... و لكن معهم أسقط في حيرة , كيف أتابع الممثلين جميعا في وقت واحد .بينما هم يؤدون جميعا و ينسجون تفاصيلا مختلفة هنا و هناك في نفس الوقت !

ذلك لأن فرقة " حالة " ليست فحسب تقدم مسرح الشارع , بل هي فرقة شارع حقيقية . يقدمون عروضا لا هي بالمسرحيات و لا هي بالعروض الغنائية الراقصة . يمزجون الأداء المسرحي بالغناء بالرقص بالارتجال الحر مع بعض الأشعار .. لا يوجد مشهد مسرحي ذو مركز و أطراف يجذب نظر كل المشاهدين إلي أبطال . عروضهم في بيئتها الطبيعية , في الشارع , يحتل الممثلون جميعا فيها مركز دائرة الفرجة , ينسجون تفاصيلا و تنويعات مختلفة داخل المشهد الكبير . للمشهد وجوه عدة بحسب مكانك علي محيط الدائرة . كما أنك بشكل ما جزء من العرض ,و توقع أن يتفاعل معك أحدهم مرتجلا "جر شكل " أو مداعبة .

حالة - كستور

" حالة " تحافظ علي طقوس الفرجة الشعبية فهي تبدو و كأنها تقدم البهجة الخالصة في بعض الأغاني , و كأن دورها فقط " لم الناس " . بعضها كذلك , و بعضها يكون بالاضافة لذلك أحد وجوه العرض الذي تقول فيه الفرقة ما بدا لها أن تقوله عبر كلمات الأغاني الشعبية التي يحبها الناس .
في عرض " غناء بالكستور الشعبي " لا يغنون كلاما جديدا تقريبا , إنهم يغنون غناء " الكستور " . ألحان و كلمات تبدو من نسيج مثل نسيجه , محملة ببهجة قريبة و مرح دافيء و روح بسيطة . يغنون لسيد درويش " القلل القناوي "و " عشان ما نعلا و نعلا " و لشكوكو" حبيبي شغل كايرو " و " مغنواتي بلدي و خفة " .
يسخرون من الأمير الجديد قبل تنصيبه, مع عدوية :" عم يا صاحب الـ" جمال " .. إدي الواد لأبوه - الواد لسه في اللفة و عامل له زيطة و زفة ! " في رائعته السيريالية " السح الدح إمبو " . يسخرون من المعارضين الذين لا يملكون رغبة و لا خيالا لتجاوز حالة المعارضة المزمنة علي طريقة " لا و النبي يا عبده " - أو هكذا أوحت لي هذه الأغنية - و يسخرون مع عدوية أيضا في " سلامتها أم حسن " من أنفسهم و أحلامهم البسيطة التي لا تتحقق هذه الأيام ببساطة !

حالة - كستور

الممثلون أنفسهم " حالة خاصة " , فأنت أمام أداءهم المرح من الصعب أن تتوقف عن الضحك طول فترة العرض . لو شاهدتهم مرة يؤدون هذا العرض ستمتزج لديك صورهم بالكستور و ستتخيلهم به لو قابلتهم في وسط البلد و قد انتهوا من عرض أو بروفة .

" حالة " قدمت عرض كستور في حفل " غني يا بهية " و قدمته أيضا في عدة عروض خلال هذا الشهر . بخلاف عرض " كستور " قدمت "حالة " التي أسسها المخرج محمد عبد الفتاح قبل عامين تقريبا , ثلاثة عروض أخري هي " سلام مربع " و " أوزو لذيذ " و " 76 " التي تناولت التعديل الدستوري الأخير الشهير .

حالة - كستور

إذا بدا لي أن أرتدي نظارة الناقد , ففي عروض " حالة " الأخيرة بدأ عدد الممثلين يزيد بلا إثراء مناسب لتفاصيل العرض و تنوعاته . كما أن نهايات عروضهم الحالمة قليلا , أتخيلها أعمق أثرا لو كانت ساخرة أيضا .

مشكلة " حالة " الحقيقية , بعيدا عن التفاصيل , أنهم يحتاجون للشارع و لناس الشوارع , لكي تكتمل " حالة " العرض .
لن تستطيع أن تشاهدهم إلا في عرض معلن عنه في مسرح ما . لا يمكنك بدون مصادفة سعيدة أن تشاهد عروضهم المفاجئة في الشوارع و أمام المقاهي , إلا إذا كنت مقربا منهم بشكل شخصي .
لست كذلك بالمناسبة و إن كنت أود ذلك . ليس فقط من أجل مواعيد عروض الشارع , و لكن لأنهم بالفعل " حالة " رائعة و صادقة .

07 October 2006

مائدة حقيقية

إفطار مدونين  05-10-2006



من الصعب تخيل أن يجتمع كل هؤلاء " المختلفين جدا " علي مائدة واحدة .
و لكن بعد فترة , ليست بالطويلة , من الصحبة علي المائدة الافتراضية الواحدة , أصبح ذلك ممكنا في العالم الحقيقي . و كان في غاية الروعة.
هذا هو الإبداع الحقيقي لفكرة التدوين .. فكرة ذلك المنتدي الكوني المفتوح بلا حواجز.

استمتعت بصحبة الجميع , و بطبق البطاطس !
شكر عميق لمن ساعدوا في ترتيب اليوم : الأصدقاء علي المجموعة البريدية للمدونين المصريين التي لا علاقة لها بالهيئة الحزبية العليا للمدونين .
و شكر خاص لمريم و زينب لجهدهما في ترتيب ذلك اليوم علي أرض الواقع .

17 September 2006

"ليلى" لن تري الـلـه !


Fatin_hamama
في واجهة إحدى المكتبات , وجدت ذلك الكتاب : " إسبال الكساء علي النساء " من تأليف جلال الدين السيوطي المتوفي سنة 911 هجرية .
لم يثر اهتمامي عنوانه بقدر ما أثار اسم مؤلفه عجبي و دفعني لاقتنائه . فالأمر أن تأليف رسائل الحجاب و الضوابط الشرعية لزي المرأة هو أمر حديث نسبيا . و يندر أن تجد كتبا أفردت لهذا الأمر من الفقهاء القدامي . فالحديث عن هذه المسألة عندهم تجده عارضا في ثنايا كتب الفقه و غالبا ما يكون ذلك في باب الصلاة , في فصل ستر العورة , في مسألة عورة المرأة في الصلاة و تثار هنا مشكلة الفارق بين عورة المرأة في الصلاة و عورتها أمام غير محارمها .
و لم تكن مسألة زي المرأة مطلبا ملحا لإفراد مؤلفات مستقلة ,لأن الأزياء التقليدية للمجتمعات الإسلامية ظلت متماهية تقريبا مع ما تم ترسيمه كضوابط لشرعية زي المرأة و فيما صار يعرف لاحقا بالحجاب .
فيما سبق دلالة لا تخفي و لكن ليس هذا وقتها , فالكتاب لم يكن موضوعه الحجاب / الزي و إنما كان موضوعه إثبات أن النساء " محجوبات " عن رؤية ربهن يوم القيامة لأن هذه الرؤية التي وعد الله المؤمنين بها في آيات القرأن و علي لسان النبي , صلي الله عليه و سلم , كنوع من الثواب , خاصة بالرجال دون غيرهم !

لست مهتما بحال بالمسألة نفسها , فاعتقادي أن مثل هذه الأمور التي تملأ كتب العقيدة الإسلامية هي مسائل لا معني لها . فهي تنتزع آيات قرأنية و أحاديث نبوية من سياقها الأدبي الذي تهدف بلاغياته إلي إثارة الوجدان و الخيال و إضفاء معني النظام علي الكون و التعبير عن العظمة و القدرة الإلهيتين و تأكيد المسؤولية الإنسانية و تدعيم الشعور الأخلاقي ,و يبدو ظاهرا فيها أنها ضرب للمثل ذو غرض تربوي... ثم يتم عبر مماحكات لغوية تحريف هدف هذا الخطاب ليستدل من ألفاظه استدلالات وجودية تتعلق بطبيعة الله أو عالم الغيب أو بالسيناريو التفصيلي ليوم القيامة !
يستوي في ذلك أهل الحديث النصيون و المعتزلة العقلانيون و ما بينهما , في تجاهل لحقيقة أن اللغة التي مردها للخبرة و الاتفاق الإنساني لا يمكن استخدامها إلا مجازا في التعبير عما يقع خارج نطاق هذه الخبرة و هذا الاتفاق !

كما لا يهمني أيضا مناقشة موضوعية استدلال المؤلف علي ما انتهي إليه .
فمنطق المؤلف ليس جديرا بالمناقشة بأية معايير علمية شرعية أو لغوية . فالسيوطي أطاح ابتداءا فيما كتب بقاعدة ثابتة في فقه اللغة العربية , و هي أن الخطاب الموجه لجماعة الذكور و الإناث يأتي عادة بصيغة المذكر , و هو يماري في هذا غير مبال بكون منطقه هذا ينتهي حتما إلي كون معظم النصوص الدينية لا تعني المرأة في شيء لأن الأمر أتي بصيغة المذكر .

ما هو جدير بالاهتمام كما يبدو لي , هو الجانب النفسي و الاجتماعي فيما يخص النظرة للمرأة , و هوما يطل من وراء منطق المؤلف و ثوبه العلمي . و هو في الحقيقة ما لا يخص المؤلف وحده بل مجتمعه كله , و في القلب منه نخبته و سلطاته المختلفة المسيطرة علي البناء الاجتماعي و المنتجة للثقافة , سواء بمعناها الواسع في اليومي المعيش أو بمعناها الضيق المدون علما و أدبا و فنا .
هذا الجانب النفسي و الاجتماعي هو هنا الذي يفرض علي " النص " الإلهي سطوته و يستخدمه لإعادة إنتاج التمييز ضد المرأة متجاوزا مجال الفقه ( القانون ) إلي مجال العقيدة ليظهر بهذا الشكل الفج .
هذا الجانب يظهر في ثنايا نقاشات المؤلف الذي استند إلي مفاهيم تقليدية جري تثبيتها كمحددات أساسية عند النظر للمرأة : مفاهيم الستر و الحجب و الصيانة , دونية المراة عن الرجل بل و عن العبد الذكر , كل ما يختص من أحكام تخص المرأة تفيد معالجة نقصها و أفضلية الرجل عليها .
اما عن مفاهيم الستر و الحجب و الصيانة فقد جري سحبها علي الدار الآخرة أيضا و اعتبر المؤلف أن حجب المرأة عن مشهد رؤية الله يوم القيامة , هو حجب صيانة لها من زحام حشد المؤمنين ,و سترا لها ! و عند هذه النقطة أضاف محقق الكتاب تعليقا لابن تيمية في الهامش مفاده أن الغيرة موجودة أيضا في الجنة ! انتهي كلام ابن تيمية و يحق لنا أن نتسائل هنا وفق هذه المفاهيم إذا كان من المحتمل أيضا ان تقع جرائم اغتصاب أو قتل في الجنة !
أما عن دونية المراة فالمؤلف لم يدخر وسعا في التذكير عقب كل دليل يذكره أن تفضيل الرجل في الإسلام و خصه بمميزات عدة يجعله لا يستبعد تفضيله أيضا بألوان من الثواب و التكريم في الآخرة كرؤية الله تعالي دونا عن المرأة .
و مما ساقه المؤلف من المميزات ساق أيضا تحريم الحلي و الحرير كشكل من أشكال تفضيل الرجال علي النساء !
بل إنه أفرد فصلا في إثبات أن العبد أفضل من المرأة لعدة أسباب سخيفة كان آخرها أن العبد يمكن أن يعتق ليصير أفضل من المرأة كما أن الرق يزول بالموت بينما الأنوثة فلا !
كلما أوغلت في تأمل مبررات المؤلف يظهر علي السطح ذلك الجانب النفسي جليا , بل ستجده أيضا في ألفاظ المؤلف فهو يسرد انتقادا ما لرأيه ثم يرد عليه بعصبية قائلا – أو كاتبا – " يا مسكين ! ذلك من غباوتك . أونسيت .... الخ "
تلك العصبية هي ملمح مميز لرد الطرف الآخر عند الحديث عن المظالم التي تتعرض لها النساء أو انتقاد التمييز ضدهن . و هذه العصبية تفضح السلوك المتسلط الراغب في الحفاظ علي الهيمنة و الذي يستند دائما في تبريره إلي حجتين : حفظ النظام (كما يراه) ,و طبيعة الأمور ( كما يعتقدها ) . و تستوي في ذلك كل خطابات التسلط .
هنا – في مسألتنا - النظام الاجتماعي يقتضي دائما وجود الطرف الأقوي و الأفضل ليحتفظ بالسلطة و يمنع الفوضي . أما لماذا هو الأقوي و الأفضل .. لأنها طبيعة الأمور ...هكذا !

مؤلف السيوطي هذا ليس أمرا عارضا , بل هو نموذج لتفكير التيار التقليدي و الرئيسي في التراث الإسلامي للأسف الشديد ,و إذا كنت لا تظن ذلك فراجع هنا تفسير الرازي لآية " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا ..." ( سورة الروم 21) و تفسير ابن كثير لقوله :" و لا تؤتوا السفهاء أموالكم "(سورة النساء 5) . و غير ذلك كثير .

مشكلة هذا الخطاب ليست فقط في أنه يلبس إفرازات نفسية و اجتماعية لواقع معين ثوب التفسير الديني لنص مقدس , بل في أنه أيضا يمارس شكلا من أشكال المصادرة و التثبيت علي الخطاب الالهي و النبوي للبشر بوصفه نصا نهائيا مغلقا . فهو يعطي للخطاب ( النصوص ) مهمة تحديد النظام ( الكوني و الاجتماعي ) و حفظه مرة واحدة و للأبد ليصير بذلك نظاما ربانيا شرعيا . كما أن هذا الخطاب يصبح منوطا به تحديد طبيعة الأمور – هنا طبيعة المرأة – كأمر جوهري و ثابت الآن و غدا و للأبد .

ما يجعل مهمة هذا الخطاب سهلة أن النصوص الدينية , إن كانت مقدسة من حيث مصدرها المتعالي عن الزمان و المكان , فهي , بوصفها خطابا , لها جوانب أخري تاريخية و مؤقتة تحمل بصمات المخاطبين و ثقافتهم و لغتهم و واقعهم و ترتيب نظامهم الاجتماعي , فكل خطاب لا يحدد سماته فقط مصدره , بل يحدد سمات هذا الخطاب أيضا طبيعة المتلقي و غرض الخطاب و العلاقة بينه و بين الموجه للخطاب بالإضافة لمحددات الخطاب الزمانية و المكانية .

النزاع حول هذه النقطة ليس هينا في الجدل الإسلامي المعاصر . و لكني لا أظن نصا يفصح عن تاريخيته مثلما أفصح القرآن عن ذلك , فهو نزل مجزئا متجاوبا مع حركة الجماعة المؤمنة ,و كان تحديه مرتبطا ببلاغيات العرب و لغتهم , كثير من آياته نزلت إجابة علي أسئلة و مشكلات آنية . يذكر هنا و هناك أسماء بشر من المؤمنين و المشركين راويا أقوالهم و رادا عليها او مؤيدا لها أو مجيبا علي تساؤلاتهم .لا يمكنك أن تتخيل أن نصا كهذا هو غير ذي صلة بالزمان و المكان و أنه كان يمكن أن يتنزل بصورته هذه في مكان و زمان آخرين .
كما أن تبدل أوامر الوحي و نسخ الآيات بتبدل أحوال الجماعة المؤمنة و مرور الزمن القصير يجعل من القول بمفارقة نصوص الوحي للزمان و المكان قولا غريبا .
و إذا كان ذلك ينطبق علي الخطاب الإلهي فهو بحال أولي ينطبق علي الحكمة النبوية .

لم يكن هناك بد من الاستطراد الطويل السابق . فمشكلات المرأة لا يمكن فصلها عن مشكلات أخري تعترض ثقافتنا . فالتمييز ضد المرأة و الهيمنة علي مصيرها باسم ضرورات ما لنظام اجتماعي تضفي علي ترتيباته قداسة أو حتمية , أو باسم طبيعة المرأة الثابتة الجوهرية التي لا علاقة لها بالقالب الذي وضعها فيه مجتمعها و ثقافته السائدة , أو بدعوي الفوارق لصالح الرجل او ما فضل به عليها .. كل ذلك يجد في الدين معينا لا ينضب لتكريس دعاواه . و هو يتخذ نفس الاستراتيجية دائما . تثبيت هيمنة واقع اجتماعي معني و إلباسه ثوب القداسة و الديمومة و الاستعانة بنص ديني للتأكيد علي ذلك . مع تثبيت النص الديني و فصله عن سياقه التاريخي و استخدامه لاضفاء الربانية و الشرعية علي هذا الواقع للدفاع عنه ضد التغيير او لاستعادته كاملا مرة أخري كما يجب ان يكون أو كما كان في اللحظة الذهبية المتخيلة .

لا بد من الاعتراف أن الخطاب الديني بصورته الحالية و الكيفية التي يتعامل بها مع النصوص و مع الواقع لا يدع مهربا من القول بأنه يقف حائلا دون وضع أفضل للنساء في ثقافتنا و مجتمعاتنا . بل لا أعتقد أنه من قبيل المبالغة أن نقول أن كثيرا من محاولات " العودة إلي الإسلام " فيما عرف بالصحوة الإسلامية أو الإحياء الإسلامي قد أدي بنا أيضا إلي عودة بعض المظاهر الاجتماعية و الثقافية للجاهلية الأولي . هذا إذا كنا تخلصنا منها أساسا . و لكن الاكيد أن هذه المحاولات التي تتجاهل جدل الوحي و التاريخ قد ألبست مظاهر الجاهلية هذه – مثل النظرة للمرأة - ثوب الإسلام و أضفت عليها شرعية بل و أثارت نحوها حنينا , في مفارقة كبيرة .

بداية الطريق في رأيي الفصل بين ما هو أساسي من قيم و دعائم أخلاقية لحياة الإنسان و وجوده . باعتبارها الموضوع الأساسي للدين و عمودا فقريا ناظما لما هو متغير من قوانين و أعراف و تقاليد و نظم إنسانية ... و بين ما هو تاريخي من أحكام و تشريعات تمثل تطبيقات لهذه القيم و الدعائم الأخلاقية في لحظة تاريخية معينة . و إذا كانت هذه التطبيقات مثلت خطوة كبيرة نحو التحقق لما تحمله من قيم . فإن معني إستخلاف الإنسان من قبل الله هو قدرته علي تفهم هذه القيم و تمثلها و السير خطوات أخري وفق هداها .

ماء النهر الذي جري منذ سنوات كان آنذاك هو النهر , لكنه الآن ليس هو . و محاولة الاحتفاظ به في مكانه بإعتراض مجري النهر يعني مستنقعا آسنا . و الحياة تتطلب دائما ماءا جديدا جاريا .

13 September 2006

شفيقة حسن فارس

إذا سألتني عم أحب ...
أعني تلك الأشياء و التفاصيل التي قد نتوهم أنها غير ذات معني ..
أنا أحب الشاي . شربته لأول مرة عندها و كانت هي أيضا تحب الشاي .
أحب بشكل خاص الشاي باللبن . ليس أي شاي بلبن . بنسب معينة للشاي و للبن كما كانت تعده لي .
أحب أيضا الترمس . بجوار بيتها كان دكان يعد فيه الترمس , و يأتي أصحاب عربات الترمس يشترون منه . كان الرجل هناك يبتسم عندما أدخل دكانه طالبا منه بربع جنيه ترمس . كان يعطيني كيسا كبيرا يكفيني لأيام .
أحب جدا ملمس الكليم علي الأرض . في بيتها كنت ألعب جالسا عليه . صنعت من علب شرائط الكاسيت بيوتا و ألفت روايات و أخرجتها و مثلتها بمشابكها الخشبية التي لونتها و جعلتها رجالا و نساءا , أخيارا و أشرارا .
أحب الصلاة في مسجد " السادة الخلوتية " بجوار بيتها . كنت أسميه المسجد الأخضر . و تخيلت الرسول يشبه إمامه الصوفي الأسمر ذي اللحية البيضاء و العينين الطيبتين النافذتين اللتان كنت أثبت عليهما عيناي بعد الصلاة . كان لا يتمتم بالتسابيح مثلهم . كان ساكنا يفعل شيئا أهم فيما يبدو . و عندما ينتبه لوجودي يخصني بابتسامة واسعة و هزة رأس .
أحببت تدليلها لي و ذكرها الدائم أنني أول ولد لأكبر أولادها , رغم حرجي أمام أحفادها الآخرين .
توفيت مساء أمس جدتي عن 88 عاما قضت أغلبهم في العناية بكل الآخرين .
كنت أعجب عندما أجدها تسألني عن أشياء مثل علاقتي بصديق فاتني حضور حفل زفافه قبل عام . و كيف هي علاقتنا الآن .
او تسألني عن زميل في الكلية هاتفته من عندها يوما , و انقطعت الآن علاقتنا , تسألني أين يعمل و إن كان تزوج أم لا .
قالت لي آخر مرة زرتها : " لو كنت بصحة جيدة لأتممت بنفسي تأثيث شقتك ثم زوجتك خلال أسبوعين أيها الكسول . لقد أشرفت أنا علي بناء هذا البيت من أول أساساته حتي تمامه . ولو لم أفعل لما بني هذا البيت . كان جدك يحب العزلة و الهدوء مثلك ! "


09 September 2006

القراءة للجميع

آل عزت في المصيف


آل عزت في المصيف .
أعرّفكم , من اليمين : أمي , مصطفي , محمود و أنا .
أبي كان في القاهرة يقرأ المعوذتين في انتظار الحنش !

08 September 2006

شيخي

نجيب محفوظ


جلست إلي شيوخ عديدين . و لا زلت أحرص أن أجلس إلي كل شيخ في أي زاوية و لو قليلا , لعلي أري مشهدا جديدا من العالم من زاويته ..
نجيب محفوظ هو الشيخ الذي جلست إليه بحثا عن لذة نص , فأطلعني من زاويته علي مشهد واسع و معقد من الحياة .
مشهد حي نابض بالجدل , خال من الأبيض و الأسود .
هو واحد من الذين وجدتني أتعلم منهم أن العالم أوسع من مشهد يبدو لي من زاويتي . و لكنها أيضا زاويتي و هذا ما بدا لي منها ..و علي أن أنخرط في اللعبة كيفما بدا لي حسنا , و ألا أشرد كثيرا محدقا فحسب .. فالقاعدة أن من ذاق عرف .
و لكن أيضا , لكي تحظي روحي بالسكينة و ليتلمس عقلي طريقا , فعلي محاولة فهم الآخرين و تخيل زواياهم الخاصة المختلفة و المتعددة, و التي لا يمكنني أن أجلس إلي أحد ليعلمني إياها .
لو أني حقا تعلمت ذلك لكفاني .
رحمه الله .

26 August 2006

مسافات

فتاة - زينب السجيني


وقت طويل مضي منذ آخر مرة رأيتها من الشرفة للشرفة .
كانت طفلة صاخبة . تلعب و تصيح من شرفتها لسماء العالم , و تضحك لي عندما تضبطني أراقبها.
الليلة هي فتاة جميلة . لو أنني لم أزل مراهقا لحلمت بها لفترة . تستند بمرفقها إلي حاجز الشرفة في هدوء , تتأمل شاردة المارة و الأفق ..تاركة غطاء رأس شفيف منسكب علي كتفيها , يلملم نهايات شعرها المنسدل .
لم تعدل من غطاء رأسها عندما رأتني كما توقعتُ - نعم هي " محجبة " - فقط نظرت إلي بفضول ساهم , ثم عادت لتواصل شرودها .
نظرت إليها أفكر أين ذهبت تلك الطفلة الصغيرة , و متي مرت كل هذه السنوات ... و لأري كم هو لطيف وجهها الهاديء و خصلات متطايرة تعبث به ..
تنبهت ثانية إلي و أنا أهم بمغادرة الشرفة . أردت أن أبتسم لها , و لكن لا أبدو لها الآن ,كما كنت من قبل , " كبيرا " بما يكفي لتحسن فهمي ...
سأنتظر عدة أعوام أخري , ربما أعود كذلك !

اللوحة لزينب السجيني

10 August 2006

!" هوامش علي دفتر" الانتصار

lebanon war


(1)
و أنت تخوض في مستنقع لا يمكنك أن تشير إلي مكان الأوحال . ثم إنك لا تدري حقا إن لمحت زهرة ما , أهذه زهرة موحلة أم أوحال علقت بها زهرة .
الكتابة تسحبك و تغويك لكي ترفع إصبعك و تقول هذه أوحال أو هذه زهرة . بينما الأمر ليس كذلك …
محاولة الكتابة عما يجري في لبنان الآن تبدو لي معقدة بعض الشيء , بينما بساطة الانحياز علي الأرض ضد القتلة و مع المقاومين بديهية و بسيطة .
لذا , ليلعن الله القتلة , و ليحفظ البندقية التي تذود … هذا أولا .
ثانيا , إذا كنت مشغولا للغاية و ممسكا ببندقية علي جبهة ما , فالعن أجدادي جميعا و اترك كلماتي هذه لمن ليس امامهم إلا أن يفكروا في أوضاع المستنقع غدا أو بعد غد … و تفرغ انت لواجب الوقت .

(2)
لا تقل لي دعنا من الحديث عن بداية هذه الحرب ! أنت تحدثني الآن عن الانتصار و القضاء علي اسرائيل و مأزقها التاريخي . ألا يستحق إذن في نظرك , من بدأ هذا الأمر, الكثير من الأوسمة والتقدير و الحفاوة و هتاف الجماهير ؟!
لماذا إذن يتدافعون لإثبات تخطيط اسرائيل المسبق و منذ زمن بعيد لكي تهدينا هذا النصر . و لماذا ينكرون مسؤولية حزب الله عن إثارة معركة النصر هذه . و لماذا يتباري محللو النصر في إنكار علاقة إيران و سوريا بهذا الأمر دفاعا عنهم .
لا أخفيك أني لا أعرف حقيقة كثير مما يقال . و لكن اسرائيل دولة عدوانية منذ نعومة أظافرها , و هي كيان عسكري متأهب علي الدوام . خطابها العدواني و تأهبها الدائم يمنحانك الفرصة في المستقبل لأن تخرج قصاصات الصحف و تثبت أن إسرائيل قد خططت علي الدوام للعدوان علي فنزويلا !
و لكن ألا تتفق معي في أنه من الصعب أن نتخيل حربا ماتبدأ بينما يخرج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لكي يعلن أنهم قرروا شن الحرب لأن مزاج إسرائيل سيء هذا الصباح . أو لأن باحثا شابا في جامعة تل أبيب توصل إلي أن اليوم هو موعد مناسب جدا لشن الحروب ... ألا تعتقد أن شيئا كهذا لا يحدث بدون ان تكون هناك ذريعة ما .
نعم .. أنت محق في انه من المهين لنا ان نفكر في تجنب ذرائع إثارة غضب إسرائيل . و لكنها يا سيدي قوانين المستنقع لمن أراد أن يخوضه راكضا قبل أن يفكر في تجفيفه .
هذه العروش و الجيوش من حولنا نعلم أنا و أنت أنها لا علاقة لها بنا . فلا أنا و لا أنت اخترنا قادتها و لا سياستها و لا نملك لا أنا و لا أنت ان نغيرهم و لا أن نغيرها .
لذا فمن المستحسن عندما تكون مهزوما بهذا الشكل ان تتحصن بفلسفة الهزيمة – واقعك – من اجل أن تتجاوزها , لا أن تنتشي بأشعار النصر قبل أن تكتحل عيناك برؤيته .
دعنا لا نصدق كلام هؤلاء الذين يقولون أن حزب الله يتحرك وفقا للمصالح الإيرانية و السورية . دعنا نسمع لحديث السيد حسن نصر الله , هو عندي مثلما هو عندك أصدق من كثيرين .
السيد نصر الله قال أن الجميع في الحكومة اللبنانية و رؤساء التيارات اللبنانية اتفقوا علي تجنب الرد علي الاستفزاز الاسرائيلي سواء بالخروقات الجوية للسماء اللبنانية أو تجاوز خط الهدنة من قبل الجنود الاسرائيليون , و لكنهم – انتبه جيدا – أقروا , بما أن الصمت إقرار , أن يقوم حزب الله بخطف جنود اسرائيليين لمبادلتهم بالأسري اللبنانيين !
لقد تم الاتفاق علي تفادي الرد علي الاستفزاز الاسرائيلي , بينما أقر الجميع بحق حزب الله في البدء باستفزاز اسرائيل بشكل مباشر . هل ابتعلت هذه ؟ أم أن المنطق وقف في حلقك ؟
عندما تقرر تفادي الاستفزاز فهذا اقرار بتبعات كثيرة ليس بوسع اللبنانيين تحملها الأن , كما أنه إقرار بان ما تبقي من معركة التحرير – بعد الانسحاب الاسرائيلي - يمكن السعي اليه بالوسائل القانونية و الدبيلوماسية , و أن المواجهات العسكرية التابعة لأي توتر , كلفتها أكبر من كلفة وجود أسري لبنانيين في السجون الإسرائيلية .
دعنا لا نحمل المسؤولية أحدا , فلا أحد قادر علي حساب أحد حقا . أن نكون قادرين علي محاسبة هؤلاء الذين يتحدثون باسمنا هي معركة أخري يتجاوزها فلاسفة الانتصار .
و لكن دعنا نتأمل قانونا آخر من قوانين المستنقع : عندما يتم الرد عليك بقسوة عليك أن تفكر كثيرا في مكانتك , و كيف وصلت إلي هذه الحال . لماذا يتم تضخيم استفزازك البسيط هكذا, كأنك حشرة في هذا العالم ليس لها إلا أن تقاوم سحقها إلا بأن تكون مرنة و لزجة بما فيه الكفاية .( سامحني علي الايحاء المقزز )
لماذا لا يمكن لجبهة لبنانية مقاومة أن تشارك في الصراع ضد العدو بجانب المقاومة الفلسطينية . لعلك تسأل هذا السؤال . و لكن دعني أذكرك : لا تنس أننا في مستنقع , ربما كان حزب الله كيانا صلبا قادرا علي خمش وجه اسرائيل القاسي , و استنزافها بشكل كبير لفترات طويلة .
و لكن ألا تري أن خلف هذا الحزب أرضا مكشوفة و مستباحة و وطنا هو بالأساس ساحة لصراعات هيمنة , حالت دون أن تكون لديه سيادة حقيقة أو جيش ذا معني يمكن له أن يدافع عن الأرض و الناس .

ألا تري لبنان الذي كان يحفل بتيارات المقاومة و الفدائيين الان جبهته تقتصر علي حزب الله فقط دونا عن كل الآخرين حتي من الاخوة الشيعة في حركة أمل . و الأسباب تمتد من الوضع الطائفي وصولا سياسات حزب الله الإقصائية قبل و بعد الانسحاب .
ألا زلت تري أن الجبهة اللبنانية مؤهلة لدفعنا إلي الأمام فيما يخص معركة الحق الفلسطيني , أم أن الأمر سيفضي إلي مزيد من الأراض المحتلة و الشعوب المنكوبة . و لنعد إلي نقطة الصفر .. إلي ما قبل التحرير .. إلي اللحظة التي لا يمكننا فيها المطالبة بلبنان ديمقراطي لأننا بحاجة إلي حزب الله المسلح المقاوم من أجل التحرير . ثم بحاجة إلي المال الأمريكي و الأوروبي و السعودي –و لا تنس السلاح الإيراني - لإعادة الإعمار.
و كل عملة تصب في خانة طائفة و تكريس وضعها و مكاسبها و لا يجد فقراء الشيعة الا حزب الله و سلاحه لتحسين وضعهم كطائفة .. و ليتراجع لبنان الوطن الواحد ذو السيادة , و هكذا إلي ما لا نهاية ... دوائرا تلو دوائر بلا خطوة واحدة إلي الأمام !

(3)
" خطوة إلي الأمام " . يبدو لي هذا معيارا جيدا لقياس الأمور .
هل تقدمنا خطوة أم تقهقرنا لخطوات ؟
ربما لا يبالي محللو الانتصار بتلك الخطوات إلي الخلف مقابل اهتمامهم بخطوات يرونها : مثل أهمية تحدي أسطورة الجيش الذي لا يقهر , و كسر أنف الغطرسة الصهيونية , و ضرب العمق الإسرائيلي .
يبدو لي أننا بدأنا نستسلم لصورتنا كحشرات في هذا العالم/ المستنقع . فبدلا من محاولة تجاوزها فقط أجرينا تعديلا بسيطا : من الجيد أن نكون حشرات ضارة يمكن أن تلحق الأذي بالآخرين . و لا مانع أن تلفظ أنفاسها الأخيرة في هذه العملية .
فعندما تتحدث عن حساب الخسائر تجد من يردعك مؤكدا علي قيمة قتل الاسرائيلي الواحد في حين أننا كأمة مجاهدة لا ضير أن يموت منا المئات في مقابله أو أن يشرد مئات الآلاف .
أهي معركة أخري أن نتعلم تقدير أنفسنا و احترام قيمة الفرد ثم اعادة نظرتنا للحرب لنصابها : يحارب المقاومون من اجل اعادة حق الناس ,و من العبث أن نضحي بالناس بهذا الشكل السخي كخسائر طبيعية للمعركة .

(4)
ما هو أفضل ما يمكن أن يحدث من وجهة نظرك : ان تنسحب اسرائيل من الأراضي اللبنانية و تعود خلف خط الهدنة بلا شروط , مقابل نشر الجيش اللبناني او قوات دولية . ثم تقبل التفاوض مع حزب الله – او مفوضيهم – ثم تفرج عن الأسري اللبنانيين مقابل الافراج عن الاسيرين الاسرائيليين .
يا لها من رؤية متفائلة ... و لكن ألا تري انها قريبة جدا من نقطة الصفر . و ان جهود الافراج عن الاسري كانت من الاجدي ان تكون علي المسار القانوني و الديبلوماسي – و لنتحمل تبعات المستنقع الدولي – بدلا من كل هذه الخسائر . فلا ارواح الاسري اقدس من ارواح قتلي الشهر الماضي .و لا آلامهم اقدس من الام مليون من المشردين .
و اذا كان ما سيحدث وفق أكثر الرؤي تفاؤلا هو نظرك لقن اسرائيل درسا , فهو ايضا لقننا درسا قاسيا : ان تدمير تلك الاوطان مكشوفة الصدر هو ثمن أي محاولة لاحقة لرفع الرأس .
لا تنس أيضا ما يحمله المستقبل من مشكلات عدة : أين يذهب سلاح حزب الله , و هل سيعود حزبا سياسيا عاديا , و ما طييعة علاقته مع الجيش اللبناني او القوات الدولية , و ما انعكاس ذلك علي الوضع اللبناني الداخلي و استقراره . و ما احتمالات ان يستخدم هذ ا السلاح لصنع توازنات طائفية في ظل ضآلة نصيب الشيعة من الكعكة اللبنانية , و بعد أن حالت النهاية السعيدة بين المقاومة و بين اسرائيل بسد منيع .
و الآن هل لك أن تفيق من تلك الرؤية المتفائلة , و لندخرها لدعائنا و صلواتنا .
الآن هناك احتمالات حرق الجيش الاسرائيلي لمناطق واسعة من الجنوب ثم اعادة احتلالها و صنع شريط حدودي يحمي شمال اسرائيل نسبيا من صواريخ حزب الله .
و هناك احتمالات الاستنزاف الطويل لمقدرات لبنان و لصورايخ حزب الله حتي ينقطع الصبر و الإمدادات و يتوتر الداخل اللبناني و يصبح حزب الله وحيدا في الزاوية .
الي متي سيصمد حزب الله و ما قدرته علي ايقاف اجتياحات برية موسعة لا تجدي معها حرب العصابات .
لاتنس ايضا احتمالات زيادة الاسري اللبانيين في السجون الاسرائيلية .
أما عن مصير الوضع الانساني في لبنان فالاحتمالات , المأسوية بالتأكيد , لا أعلم عن مدي ترديها شيئا .

(5)
حدثني من فضلك عن انتصارنا و ادحض أكاذيبي و أراجيفي .
أفحمني و اقنعني باننا حقا ننتصر, فانا مثلك راغب في الإحساس بالكرامة .
حدثني عن تلك الجماهير المحتشدة امام شاشتي الجزيرة و المنار , يتحين أجرأهم الفرصة في لقاءات الشارع لسب الحكومات العميلة التي لم تنخرط في الحرب و لم تدعم المقاومة .
حدثني عن تلك الجماهير المهزومة يوميا . و التي تنتشي فخرا و تشفيا لازدياد أعداد قتلي صواريخ حزب الله علي المدن الاسرائيلية . ثم تستثني من تشفيها عدد القتلي العرب الفلسطينيين .
فلنتحدث عن تلك الجماهير , التي لم تخض معركتها الأولي بعد .. لم لا يفكرون في ما يمنعهم أن يكونوا أرقاما حقيقية في هذه المعركة إن كانت تخصهم .
و لم لا يؤلمهم و يهينهم ألا يبالي حكامهم بما يريدون , و كانهم قطعان من الماشية التي يعلم راعيها جيدا أين ينبغي أن تسير .
حدثني كيف نعيد فهم معني الكرامة : كرامة الفرد أم كرامة الجماعة رغم أنف الفرد وفوق جثته .
كرامة الانسان أم كرامة كيانات منتفخة من الخارج, و من الداخل هشة و مقرمشة أيضا في فم الأعداء .. هل نسيت كيف سقطت بغداد عاصمة أم المعارك في يد العلوج يا صديقي .
لطفا لا تحدثني عن حسن نصر الله أمير المؤمنين . ذكرني أولا متي سمعت آخر مرة سمعت عن نقيب المهندسين المصريين أو آخر مرة اكتحلت عيناك بأمين منتخب لاتحاد طلبة أو اتحاد عمال .
لم لا نتحدث عن خوض المعركة بشكل صحيح , عن تملك هذه الجماهير لأمرها , عن كسرها لأطواق الذل حول أعناقها .
لم لا نتحدث عما يمكن أن يخوضه كل منا من معارك من أجل تجفيف مستنقعنا لكي يمكن أن نمد أيدينا للدفاع عن أنفسنا مستقبلا , بدلا من العراك الآن حول صيغة بياننا التضامني مع المقاومة : تضامن مطلق أم مشروط و متحفظ ؟
حدثني عن الطريق لارض المعركة قبل ان تحدثني عن الانتصار !

لم لا نتحدث عن لبنان قوي يمكنه رد الاعتداء و الدفاع عن مواطنيه بدلا من حزب يمارس الصمود المحدود بكفاءة و جسارة , و لكنه لا يقدر سوي علي إيذاء العدو نسبيا و لا يستطيع دفع العدوان أو منع الاحتلال؟ ثم انه في النهاية يتوجه الي الداخل بانتصاره او هزيمته ليشارك في اللعبة الطائفية و يكرسها ؟
هل تعتقد أن " الله " يغضب إذا انتقدنا حزب " الله " , أم القداسة تحل علي من يرفعون راية المقاومة , فلا نقد و لا نقاش و لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ؟
أتري هذه دعوات للانكفاء علي الذات من أجل التنمية و الإصلاح و تجاهل لمخططات الامبريالية و الاستعمار و الصهيونية المتربصة ؟ أم أنها خوض للمعركة في الاتجاه الصحيح و بدء من النقطة المناسبة ؟
ألا تري أن خوض الناس معركتهم في الاتجاه الصحيح سيواجه الناس بكل مستغليهم في الداخل و الخارج؟
الا تري أن أوطان قوية بديمقراطية حقيقة و بفساد أقل و وحدة وطنية , أقدر علي مواجهة العدوان و خوض معارك إعادة الحقوق ؟
ألا تري أن الجهود العسكرية لابد لها من اهداف و مشروعات سياسية تخدمها بدلا أن من تتحول لعنف عبثي متبادل يدفع ثمنه الناس ,أصل القضية و هدفها ؟
ألا تري أن الخوض المتأني للمستنقع بعقلانية و هدوء و حسابات واقعية للمكاسب و الخسائر هو الأفضل لنا لكي نخرج من مستنقعنا , بدلا من أن نتطلع لأقصي الأفق متناسين أن سيقاننا عالقة هاهنا . ثم يكون مصيرنا إلي القاع حيث تقتل كثافة الأوحال كل براعم الزهور !