06 March 2013

نقابتي وفلوسي.. ومارس يا خلوصي

ونحن نقترب من عرس صندوقراطي آخر، في ظل دستور وإدارة غير ديمقراطيين، وبغض النظر عن الجدل حول المشاركة في الحرام الصندوقراطي من باب حب الحرام  أو من باب الرخصة وأقل الضررين، ففي كل الأحوال أعتقد أنه من الضروري والمفيد  - والمسلي أحيانا -  أن نتأمل قليلا في مشاهد من تطبيقات الفلسفة الصندوقراطية التي فرضها ويمارسها الإخوان وحلفاؤهم من السلطويين الإسلاميين. ولذلك أدعوك لأن تضغط على هذا الرابط لتشاهد مجانا  فقرة من أمتع فقرات السيرك الإخواني واقرأ الوصف التفصيلي لما حدث.
في الفقرة الرائعة السابقة قاد النقابي الإخواني العملية التصويتية بطريقة بارعة لكل يحول دون المزيد من الشفافية التي اقترحها «مرصد استقلال النقابة» بنشر محاضر كل اجتماعات مجلس النقابة على موقع الإنترنت الخاص بالنقابة.
هذا المجلس بقيادة الأمين العام الإخواني والنقيب الذي يدعي أنه «مش إخوان، لكن ترشح على رأس قائمتهم في انتخابات النقابة» ووراءهم الجموع المخلصة لرعاتها قاموا جميعا بفقرة صندوقراطية رائعة أخرى.
 
كان «المرصد» قد تقدم باقتراح آخر يرفض اتخاذ مجلس النقابة مواقف سياسية باسم كل المهندسين فيما لا يخص الشؤون النقابية. وانتقدوا قيام النقيب بنشر إعلان في عدة صحف باسم مهندسي مصر يهنئ فيه محمد مرسي بفوزه بالرئاسة، ووضع  صور له داخل النقابة، ونشره بيانا على موقع النقابة باسم «النقابات المهنية» يقول "نعم نعم للدستور"  بالإضافة لاشتراك النقابة في مؤتمر للنقابات المهنية لتأييد الإعلان الدستوري لقراقوش آخر الزمان محمد مرسي.
في البداية تجاهلت إدارة الجلسة إدراج الاقتراح، ولكن احتج مهندسو المرصد وهتفوا مطالبين بمناقشة الاقتراح وتعرض بعضهم  لتكميم الفم  - حرفيا - من قبل «لجان التنظيم» والاحتكاك بهم بخشونة.
ولكن في النهاية أمام إصرارهم استجابت المنصة لإدراج الاقتراح وادعت أنه سقط سهوا، وقرأت منسقة «المرصد» الاقتراح،  وعلق ماجد خلوصي، نقيب المهندسين، قائلا إن هذه المواقف التي انتقدوها مواقف وطنية وليست سياسية حزبية وأن إعلانات تأييد مرسي وصوره كانت على نفقته الخاصة وهو حر !
 صرخ معترض:
«مش باسم المهندسين ونقابة المهندسين» لكن وقف مؤيد وقال له: «انتخبناك ونحن نعلم أنك تمارس السياسة، مارس كما كنت تمارس». ثم مارس خلوصي وقام بتعديل الاقتراح لاقتراحين: اقتراح برفض اتخاذ النقابة مواقف حزبية وتمت الموافقة عليه، واقتراح بحق النقابة في اتخاذ «مواقف وطنية»، وتمت الموافقة عليه أيضا في جزء من الثانية كما يمكنك أن تشاهد في هذا الفيديو.
 
ورغم أنني «مش إخوان ولا باحترمهم» هذه الأيام إلا أنني لن أكون معاديا لموقف من يصوتون لصالح حجب معلومات عنهم ولا تأييدهم لقيام نقيب منتخب ببرنامج نقابي باستخدام اسم النقابة في تأييد مشروعات وقرارات سياسية بدعوى أنها مواقف وطنية، متجاهلا اختلاف رأي أعضاء النقابة. ولا سأندهش من تصويتهم باكتساح على تسمية مكتب حسابات بعينه لإدارة حسابات النقابة وتجاهل تقديم معلومات عن العروض الأخرى.
 أنا أعتقد بشكل عام أن
«الخرفانية» أو«حياة القطيع» حرية واختيار. ولا أطالب بأن نفرض على من اختاروها شعارا في الحياة أن يقبلوا طريقة حياة المنحلين الإباحيين الذين يطالبون بنشر عورات العمل النقابي على الإنترنت أو أن يكونوا قليلي الأدب لكي يراجعوا من انتخبوهم إن تجاوزوا حدود ما تم انتخابهم له. ولكن لماذا نفرض العكس أيضا؟ ولماذا نتصارع ليفرض طرف طريقة حياة على  الطرف الآخر بالصندوق؟
لماذا لا يكون  للإباحيين نقابات وللقطعان الخجولة نقابات لكي نحل من الأصل صراعهم على الصندوق.
هذا الاقتراح، أصلا، هو الأصل لو كنا نحترم حرية التجمع والتنظيم والحريات النقابية وحرية التعدد النقابي، ولكن هذا الاقتراح  ليس ممكنا عندنا لأن أعظم دستور عرفه الخرفان يقول «لا تنشأ لتنظيم المهنة إلا نقابة مهنية واحدة».
لماذا؟
هذا تراث سلطوي يبرر نفسه بضرورة الوحدة النقابية من أجل تنظيم شؤون المهنة الفنية بشكل مركزي. بينما يمكن الفصل بين هيئة لتنظيم الشؤون الفنية للمهنة وبين الحرية النقابية والتعدد النقابي الذي يتيح تشكيل نقابات تتبع فلسفات وتوجهات مختلفة للعمل النقابي، كما أنها تدافع عن مصالح مختلفة ومتنوعة ومتعارضة غالبا. كما أن احتكار النقابة لتنظيم شؤون المهنة يعني أن هذه النقابة هي تنظيم إجباري وليست نقابة ينشئها الناس وينضمون أو لا ينضمون بحرية.
 ولكن هناك ارتياحا سلطويا لتراث النقابة الواحدة الإجبارية الذي يمكن للتنظيم الأكبر السيطرة عليه واستغلاله في دعم النظام السياسي، الحزب الوطني سابقا والإخوان المسلمين حاليا.
 فالسيطرة
على نقابة واحدة لكل مهندسي مصر هي مهمة أسهل للجهة الأكثر تنظيما وتمويلا وحشدا في مواجهة أي تيارات جديدة أو مستقلين يريدون المنافسة ولديهم رؤى مختلفة للعمل النقابي.
ولذلك فإن النقيب ماجد خلوصي، عضو لجنة العار المسماة الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، ورغم اختياره في الجمعية لصفته النقابية، فإنه خان مبادئ الحريات النقابية – رغم أنه مش إخوان -  ودافع عن استمرار ذلك التراث السلطوي في العمل النقابي. وتم إقرار استمراره بالفعل ليخدم مصالح الجماعة، وليتوافق بشكل عام مع الرؤية المتكلسة السلطوية للإخوان التي تتوجس من الحريات ومن أي تغيير حقيقي في بنية «النظام» ومن أهمها التنظيم النقابي.
 
 هذا ببساطة ما يفعله الإخوان في معظم الساحات الأخرى، يدافعون عن استمرار الأدوات السلطوية للنظام مادامت كانت في مصلحتهم في المجمل ثم يتهمون معارضيهم بأنهم «فلول». وهو ما حدث أيضا بكل انحطاط في الجمعية العمومية لنقابة المهندسين مع المعارضين أو المعترضين الذين احتجوا على الأكروبات الإخواني في إدارة الجلسة هاتفين : «يسقط حكم المرشد»، فهتفت تجاههم حشود الإخوان : "الفلول برا".
 
المشاهد المماثلة لاشتباكات وصراعات أو تسابق على ملء القاعات بمؤيدين في اجتماعات النقابات المهنية الموحدة للأطباء والصحفيين ثم المهندسين هي المساخر الملائمة لعدم احترام حرية التعدد النقابي التي ينتهكها دستورهم غير الديمقراطي. وهي مساخر ملائمة لإقامة صندوقراطية على مقاس جماعة ضيقة الأفق والخيال تغض بصرها عن مطالب الإفساح لحرية التعدد والتنوع، وتدعي أن هذه المطالب قد سقطت سهوا، ثم تتلاعب بها عمدا.

No comments: