24 July 2010

الاعتداء على صورتنا


,, صور التعذيب كانت في الغالب، أثار لكدمات، جلد محترق، جثث مشوهه. أو فيديوهات تقدم الوقائع لمشهد ضابط يضرب مواطنا على قفاه، أو يضع جسم ما في مؤخرته. مشاهد بشعة بالتأكيد لكن التكرار أضعف من أثرها. أصبحت صور معادة ومكررة مثل صور ضحايا التفجيرات في العراق، أو القصف الإسرائيلي لغزة.
أما حالة خالد سعيد فقد كانت استثناء لما سبق. لم يكن هناك فيديو، كما أن الأمر المؤثر أكثر لم تكن صورة جثة خالد بعد الضرب وتشريح الطبيب الشرعي الذي قال أنه قد مات نتيجة الاختناق. كانت الصورة الأكثر تأثيراً صورة خالد قبل الحادثة كشاب وسيم لا يزال في بداية حياته يبتسم متفائلاً. المسافة بين الصورتين كانت هي الأكثر تأثيراً. حالة خالد سعيد كان نقلة جديدة في عصر الصور الذي نعيش فيها، فالصورة هنا لا تلعب على مساحة الكشف بل على مساحة الخيال. تترك الصورتين المساحة للمشاهد ليتخيل بشاعة ما حدث، لهذا كان أثر حادثة خالد أقوى من أثر حالات التعذيب الأخرى. ولهذا كان اهتمام الإعلام بقضية خالد أقوى من اهتمامه ببقية قضايا التعذيب حتي تلك التي تكشفت بعد حادثة خالد،،

,, ليس استخفافا بالموت، ولكن وجه خالد سعيد الجذاب في الصورة أظهر جانبنا الأسوأ. استمر التعذيب المنهجي في مصر لعشرين عاما أو أكثر ولكنه كان دائما موجها ضد "هوامشنا". ضد هؤلاء الناس الذين لا نعتبرهم فعلا"ناس": فقراء العشوائيات، الجانحين، أطفال الشوارع، العاهرات والإسلاميين الجهاديين.
حالة خالد سعيد فقط هي التي أثبتت "أننا" يمكن أن ننزلق في أي لحظة لنواجه مصير "هوامشنا" ،،